بقلم: باتريك شابوديز
ترجمة: أسماء بجاش، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”

 

في إثيوبيا، يجري تنفيذ اتفاق السلام ببطء بين الجماعات في منطقة تيغراي والحكومة.

ويجب أن تضع الاتفاقية التي وقعت في نوفمبر الماضي حدا لهذا الصراع الذي يعتبر “واحدا من أكثر الصراعات دموية” في القرن الحادي والعشرين.

التقى رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد مع زعماء تيغراي للمرة الأولى يوم الجمعة، وفي الوقت نفسه، أعلنت الحكومة أنها بدأت في إرسال ما يعادل حوالي 90 مليون دولار، أي ما يعادل 83 مليون فرنك إلى عاصمة تيغراي لإعادة تشغيل الخدمات المصرفية.

وفي أوائل يناير، استأنفت الخطوط الجوية الإثيوبية رحلاتها التجارية بين أديس أبابا وميكيلي، عاصمة تيغراي، للمرة الأولى منذ ثمانية عشر شهرا.

 

ما يصل إلى 600 ألف قتيل:

قال مبعوث الاتحاد الأفريقي إلى منطقة القرن الأفريقي، الرئيس النيجيري السابق أولوسيجون أوباسانجو، في مقابلة أجرتها معه صحيفة فاينانشال تايمز في منتصف يناير المنصرم، إن ما يصل إلى 600 ألف شخص قتلوا.

ومن جانبها، وصفت مجموعة الأزمات الدولية ومنظمة العفو الدولية بأن الصراع الدائر في اقليم تيغراي يعتبر “واحد من أكثر الصراعات دموية في العالم”.

تشير التقارير الصادر عن الأمم المتحدة إلى أن الحرب ادت إلى نزوح أكثر من مليوني شخص وغرق مئات الآلاف في ظروف شبه مجاعة.

وقالت شارلوت تواتي، المحاضرة في جامعة لوزان والمتخصصة في إثيوبيا، من على منبر برنامج “Tout un monde” المذاع على موقع الإذاعة والتلفزيون السويسري”rts”: تشير التقارير الصادرة عن الأمم المتحدة بالإضافة إلى التقارير الصادرة عن مستشفى آيدر في ميكيلي “إلى أن هناك 120 امرأة تعرضت للاغتصاب”.

جنود إثيوبيون في شارع في أمهرة، تيغراي، ديسمبر 2021/ تصوير: ميناسي ونديمو هايلو/ وكالة الأناضول/وكالة الصحافة الفرنسية

“يمكن تفسير هذا الرقم المذهل جزئيا بعنف القتال، منذ الأيام الأولى للصراع، كان هناك هجوم بري ودعم جوي وحصار لما يقرب من عامين في تيغراي”.

“تم تدمير الاحتياطيات الغذائية وحرق المحاصيل وقتل الماشية وتحويلها إلى إريتريا”، كما تقول شارلوت تواتي.

“وجد سكان اقليم تيغراي أنفسهم محبوسين في منازلهم – نوع من السجن في الهواء الطلق – دون أن يتمكنوا من التواصل مع الخارج، بدون كهرباء، بدون نظام مصرفي، لدرجة أن الأشخاص الذين لديهم المال لم يعد بمقدورهم الوصول إليه”.

 

أصول الصراع:

التوترات المتصاعدة بين رئيس الوزراء أبي أحمد الذي وصل إلى السلطة في العام 2018 وجبهة تحرير شعب تيغراي التي هيمنت على الحياة السياسية في إثيوبيا منذ العام 1991 هي أصل الصراع.

رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد (وسط)/ صورة من أسوشيتد برس

كلا الجانبين يصف بعضهما البعض بأنه “غير شرعي”، تجري الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي انتخابات إقليمية في الإقليم، ضد إرادة الحكومة المركزية.

وهي دوامة بمشاركة جهة فاعلة ثالثة، هي إريتريا المجاورة وهي تدعم القوات الاتحادية وتتدخل عسكريا في تيغراي.

ومن جانبها، تتحدث منظمة العفو الدولية عن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في الإقليم.

وتضيف المحاضرة في جامعة لوزان “لقد تضرر المدنيون بشدة في هذا الصراع”.

ومن جانبها، وصفت الحكومة المركزية الإثيوبية الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي كجماعة إرهابية.

ووفقا لحاجتها، وجدت الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي الدعم في كل مكان بين السكان.

ووفقا لشارلوت تواتي، تم تنفيذ “تطهير عرقي في الإقليم، حيث تم مطاردة الرجال واغتصاب النساء أو تشويههن حتى لا يتمكن من الإنجاب”.

سمح إنشاء “حالة الطوارئ” اعتبارا من نوفمبر 2021 لأصحاب العقارات أو أصحاب العمل بالتنديد بالمستأجرين أو موظفي تيغراي وتم نقلهم إلى معسكرات اعتقال حقيقية، ليست بعيدة عن أديس أبابا”.

 

المساعدات الإنسانية:

ينص اتفاق السلام الموقع في 2 نوفمبر في بريتوريا، جنوب إفريقيا، على نزع سلاح قوات الجماعات واستعادة السلطة الفيدرالية في تيغراي وإعادة فتح الطرق والوصول إلى شبكات الاتصالات هذه المنطقة، التي تم عزلها عن العالم منذ منتصف العام 2021.

قالت تواتي: “لا نعرف ماذا سوف يحدث للقوات الإريترية التي ارتكبت بعضا من أفظع الجرائم”.

يشعر الباحث بالقلق “بشكل عام” من أن المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية أصبحت نقطة تفاوض في اتفاق السلام “يمكن لأي شخص الآن أن يأخذ السكان رهينة”.

قال باتريك يوسف، المدير الإقليمي لمنطقة أفريقيا في اللجنة الدولية للصليب الأحمر – الذي ظل هناك طوال فترة الصراع – إن التطورات كانت مشجعة إلى حد ما منذ توقيع المعاهدة.

“كنا أول منظمة، بعد الحصار، قادرة على تقديم المساعدة: تستمر طائرتنا في الطيران وتواصل قوافلنا دخول المنطقة لضمان عودة الخدمات الأساسية إلى العمل مرة أخرى”.

وتواصل اللجنة الدولية العمل “كوسيط محايد” بين أطراف هذا الاتفاق وتيسر على وجه الخصوص نقل الوسطاء.

 

“صراع منسي”

أعرب عن أمله في أن يولي المجتمع الدولي اهتماما لتنفيذ اتفاق السلام وقد اندلع هذا الصراع، المميت جدا، خلف أبواب مغلقة تقريبا وفي شكل من أشكال اللامبالاة العامة، حتى من جانب الاتحاد الأفريقي، الذي يقع مقره في أديس أبابا، العاصمة الإثيوبية.

وبالنسبة لتوني بورغنر، رئيس مؤسسة هيرونديل، والمدير السابق لمنظمة التضامن السويسري والمندوب السابق للجنة الدولية، فإن هذا “صراع منسي” بين القوى العظمى.

يتم تركيز الاهتمام في أماكن أخرى من أفريقيا: في منطقة الساحل أو مالي أو بوركينا فاسو، وهي بلدان “يكون فيها التدخل الدولي أقوى بكثير”، لا سيما فيما يتعلق بقوات فاغنر الروسية ووجود الصين.

ومع ذلك، فإن التوازن بين المناطق والأعراق المختلفة في إثيوبيا هش، ولا تستبعد شارلوت تواتي خطر “بلقنة” البلد، مع عواقب تتجاوز الحدود الإثيوبية.

  • موقع “rts- الإذاعة والتلفزيون السويسري” الناطقة بالفرنسية
  • المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر و بالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع