السياسية:

أصبحت ديون الولايات المتحدة الآن 6 أضعاف ما كانت عليه في بداية القرن الـ 21. وهو المعدل الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية. ويبدي الخبراء الاقتصاديون الأميركيون قلقهم من ان هذا المعدل سيرتفع بالفعل خلال العقد المقبل، وبشكل مستمر، خاصة وان السياسيات المالية والانفاق غير المتوازن والاستراتيجيات المتبعة التي أوصلت الديون إلى حجمها الحالي، لم تتم معالجتها إلى حد اليوم.

في 4 تشرين الأول/ أكتوبر عام 2022، تجاوزت الولايات المتحدة الحد القانوني للاقتراض وهو 31.4 تريليون دولار، الأمر الذي وضعها أمام مواجهة مالية ستشتد وتيرتها في ظل الخلافات السياسية بين قطبي السياسة الأميركية، الحزبين الجمهوري والديموقراطي.

لم يوفر كلا الحزبين طيلة السنوات الماضية، أي فرصة لتخفيض الضرائب، خاصة في الأوقات التي يحتاجون فيها إلى أصوات الناخبين، ولاقتراض المليارات لتمويل الحروب. فيما تشير رئيسة لجنة الميزانية الفيدرالية المسؤولة، مايا ماكجينيس، إلى انه “كانت هناك تخفيضات ضريبية من الحزبين وزيادات في الإنفاق من الحزبين… إنها ليست القصة البسيطة للجمهوريين الذين خفضوا الضرائب وزاد الديمقراطيون الإنفاق. في الواقع، كلهم يحبون القيام بكل ذلك”. فمنذ عام 2000، اعتاد السياسيون من كلا الحزبين على اقتراض الأموال لتمويل الحروب، والتخفيضات الضريبية، وتوسيع الإنفاق الفيدرالي، ورعاية جيل طفرة المواليد، والضمان الاجتماعي واتخاذ تدابير طارئة لمساعدة الأميركيين على تحمل فترتين من الركود المنهك.

ويشير كبير الاقتصاديين الأميركيين في جي بي مورجان، مايكل فيرولي، إلى إنه بالنظر إلى الحالة المتقلبة بشكل خاص للهيئة التشريعية، فإن التوصل إلى اتفاق لمنع أكبر اقتصاد في العالم من التخلف عن سداد ديونه قد يكون أكثر صعوبة هذه المرة. وأضاف أن “تداعيات التخلف عن السداد كان من الصعب التنبؤ بها، لكنها قد تؤدي بشكل معقول إلى ركود حاد…حتى أفضل الحالات ستشهد على الأرجح نوعًا من سياسة حافة الهاوية التي حدثت في أزمة سقف الديون لعام 2011”.

خلال عقدين فقط، راكمت الولايات المتحدة ديوناً بحوالي 25 تريليون دولار. ويعود معظمها للاستراتيجيات السياسية التي اتبعتها واشنطن نهاية الحرب الباردة، والتي اكتشفت لاحقاً، بأنها ناتجة عن “سوء تقدير”. فكيف بدأت القصة؟

مع بداية التسعينيات، جنت الولايات المتحدة ما يسمى بـ “عائد السلام”. وقامت بخفض الإنفاق العسكري بشكل كبير، نتيجة اعتقادها بأنها لن تضطر أبدًا إلى الاستثمار في الأمن القومي بقدر ما كانت عليه عندما كان الاتحاد السوفيتي يمثل تهديدًا مباشراً. في الوقت نفسه، حقق ازدهار الإنترنت أعلى إيرادات ضريبية اتحادية، منذ عدة عقود.

مع نهاية القرن العشرين، كانت الخزائن الأميركية مليئة بالإيرادات الضريبية توازياً مع التزامات الانفاق العسكري، وهو ما اعتقد العديد من رجال السياسة والأمن أنه سيصمد لوقت طويل. لكنه لم يصمد إلا لسنة واحدة.

في 11 أيلول/ سبتمبر عام 2001، كانت الإجراءات العسكرية التي اتخذتها واشنطن هائلة، كانت في طليعتها غزو كل من أفغانستان والعراق، إضافة لزيادة بناء وتجهيز القواعد العسكرية في مختلف الأماكن في العالم، خاصة في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من الانفاق الضخم، لم يرفع الرئيس جورج دبليو بوش، -الجمهوري- الضرائب أو يصدر سندات حرب -تكون فيها الفائدة أقل من السندات الحكومية الأخرى- لسد الفجوة بين الانفاق (الذي تجاوز 6 تريليون دولار) والايرادات. تماماً، كما لم يفعل باراك أوباما، -الديموقراطي- الذي ورث تلك الأزمات أيضاً، عن سلفه. وبحسب تقديرات مركز “أولويات الميزانية والسياسة”، أنه من عام 2001 حتى عام 2018، أضافت التخفيضات الضريبية وتكاليف الفائدة الإضافية للاقتراض لتمويلها ما يصل إلى 5.6 تريليون دولار، أو حوالي ثلث المبلغ الإضافي. الديون التي تكبدتها الحكومة في ذلك الوقت.

وتشير صحيفة نيويورك تايمز الأميركية في تقرير أعده الصحفي جيم تانكرسلي، إلى انه في عام 2018، بدأت جولة جديدة من التخفيضات الضريبية للجمهوريين التي وقعها الرئيس دونالد ترامب، -والتي لم تتضمن تخفيضات في الإنفاق لتعويض التكلفة- وقد تم تمريرها من قبل بعض نفس المشرعين الذين يجادلون الآن بأن الحكومة يجب ألا ترفع حد الاقتراض دون اتخاذ الخطوات الأولى لكبح الديون.

ويضيف تانكرسلي في تقريره، أنه وفقًا لأحد المقاييس، كان الدين بمثابة مسعى من الحزبين: فقد نما بمقدار 12.7 تريليون دولار عندما كان بوش وترامب، كلاهما جمهوريان، في المنصب، وبمقدار 13 تريليون دولار في ظل الإدارات الديمقراطية لأوباما و بايدن.

المصدر: الخنادق اللبناني
المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع