السياسية: مرزاح العسل

في عدوان غير مسبوق على مدينة ومخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة.. اقتحمت قوات العدو الصهيوني صباح اليوم الخميس، وحاصرت مخيم جنين واندلعت اشتباكات كبيرة بين مقاومين فلسطينيين وقوات العدو ما أسفر عن سقوط عدد من الشهداء والجرحى برصاص قوات العدو في المخيم.

وبحسب ما أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، اليوم، فقد ارتقى عشرة شهداء فلسطينيين على الأقل بينهم سيدة مسنة، وسقط أكثر من 20 إصابة بينها أربع حالات خطرة، جرّاء هذا العدوان الغاشم على مخيم جنين، في حصيلةٍ غير نهائية.

وتحدثت الوزارة بحسب ما نقلته وكالات الأنباء الفلسطينية، عن إصابات بالاختناق في صفوف المرضى بينهم أطفال داخل مستشفى جنين الحكومي نتيجة إطلاق قوات العدو الصهيوني قنابل الغاز في تجاه المستشفى، وكذلك، استهدافها لسيارة إسعاف بشكل مباشر في مخيم جنين.

وانتشرت مشاهد فيديو تظهر جرافات العدو الصهيوني وهي تعبث بالمخيم وتحطّم سيارات المواطنين وتدمر أي عائق أمام الآليات العسكرية خلال اقتحامها للمخيم.

وفي تصريح لها نقلته وكالة “فلسطين الآن” أكدت وزيرة الصحة الفلسطينية، مي الكيلة، أنّ “الوضع في مخيم جنين حرج”.. لافتة إلى أنّ “الاحتلال يمنع إسعاف المصابين”.

وقالت الكيلة: إنّ الوزارة تبلغت من الهلال الأحمر بوجود إصابات عديدة يصعب إنقاذها وإخلاؤها حتى الآن، مؤكّدةً أنّ “قوات الاحتلال تمنع دخول مركبات الإسعاف إلى داخل مخيم جنين”.

وأضافت الوزيرة الفلسطينية بالقول: إنّ “قوات الاحتلال الإسرائيلي اعتدت على مشفى جنين وأطلقت قنابل غاز في اتجاه المرضى”.

ويؤكد شهود عيان أن هذا العدوان الصهيوني يأتي بعد مرور 21 عاماً على ما عُرف “إسرائيلياً” بعملية “السور الواقي”، وأن جنين عادت اليوم مجدداً إلى الواجهة بعملية عسكرية وهجمة شرسة أشد قسوة من تلك العملية، مدعومة بالأسلحة الثقيلة والآليات العسكرية، أسفرت إلى ارتقاء عدد من الشهداء وإصابة آخرين بجروح مختلفة، وسط مشاهد دموية وصمت عربي ودولي.

وفي تصريح صحفي له نقلته وكالة “فلسطين اليوم” أكد رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” اليوم الخميس، أن المقاومة في الضفة الغربية في صعود مستمر وتمثل ساحة الصراع المركزي مع المشروع الصهيوني.

وقال هنية: “إن ما هو قادم في الضفة الغربية من مقاومة أكبر مما نراه وهذا قرار واستراتيجية لدى فصائل المقاومة”.. مشيراً إلى أن الصراع مع العدو الصهيوني سيصل إلى حالة انفجار واسعة سواء في الضفة الغربية والقدس أو قطاع غزة.

بدوره اعتبر عضو قيادة “حماس” في إقليم الخارج هشام قاسم، في تصريح نقلته وكالة “فلسطين الآن” أن المجزرة الدامية التي ارتكبتها قوات الاحتلال صباح اليوم في مخيم جنين، تأتي تطبيقًا لتوجهات الحكومة اليمينية الفاشية الجديدة، من خلال تعليماتها لجنودها وضباطها باستخدام مزيد من النيران الحية ضد أبناء الشعب الفلسطيني بزعم مواجهة المقاومة المتصاعدة في أراضينا المحتلة.

وقال قاسم: “إن المقاومة الباسلة التي تصدت منذ ساعات الصباح لقوات الاحتلال المقتحمة للمخيم تؤكد أن إرادة المقاومة باقية وقوية، ولن ترهبها القوة الفتاكة الهمجية التي اقتحمت المخيم، تحت ذرائع واهية”.. مضيفاً: إن “مقاومتنا الباسلة لن ترهبها تصريحات الاحتلال، ولا تهديداته وتوعداته، لأنها مصممة على بلوغ طريق التحرير، مهما كلف من أثمان”.

من جانبه.. أكد الناطق باسم حركة الجهاد الإسلامي طارق سلمي في تصريح صحفي لوكالة “فلسطين اليوم” الإخبارية، اليوم، أن صمود وبسالة المقاومة في مخيم جنين دلالة واضحة على التمسك بالحق والدفاع عنه مهما بلغت التضحيات.. مشيداً بالوحدة الميدانية التي تشهدها ساحة المواجهة والاشتباك في مخيم جنين.

وشدد سلمي على أن المقاومة في كل مكان وجاهزة ومستعدة للمواجهة القادمة في حال استمرت الحكومة الفاشية وجيشها المجرم في العدوان على الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.

وتابع قائلاً: “لن ندخر جهداً في إسناد جنين، وكل الشعب الفلسطيني اليوم كالجسد الواحد في معركة الصمود التي تتصدرها جنين وكتيبتها الباسلة ومقاومتها الشجاعة”.

كما أكد القيادي في حركة الجهاد داوود شهاب في تصريح لوكالة “فلسطين اليوم”، أن جنين ومخيمها وكتيبتها الباسلة وفرسانها الشجعان عنوان للمواجهة والتحدي الذي تجسده الإرادة الوطنية على امتداد فلسطين وفي مناطق اللجوء والشتات.

وقال:” مهما تعاظمت التضحيات، ومهما بلغت غطرسة المعتدين وإرهابهم، فإن الحق ساطع ومنتصر لا محالة”.. مضيفاً: “طوبى لجنين العظيمة وهي تستقبل صباح يوم جديد بعزة وبسالة وشجاعة، وعطاء لا ينضب”.

وتابع قائلاً: “المجد للكتيبة السمراء التي تُلهم كل الأحرار وتشعل روح المقاومة”.

الرئاسة الفلسطينية وفي تصريح صحفي لها على لسان ناطقها نبيل أبو ردينة، وصفت ما يجري اليوم في جنين ومخيمها بالضفة الغربية المحتلة “مجزرة” تنفذها حكومة العدو الصهيوني، في ظل صمت دولي مريب.

وقال أبو ردينة بحسب وكالة “فلسطين اليوم”: إن العجز والصمت الدولي هو ما يشجع حكومة العدو على ارتكاب المجازر ضد شبعنا على مرأى العالم، وما يزال يستخف بحياة أبناء شعبنا، ويعبث بالأمن والاستقرار عبر مواصلته لسياسة التصعيد.

وشدد على أن الشعب الفلسطيني صامد، ولن يتنازل عن القدس والمقدسات، مهما ارتكبت قوات العدو من جرائم ومجازر.. داعيا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لحماية الشعب الفلسطيني.

وأعلنت فصائل المقاومة الفلسطينية، صباح اليوم، عن تصديها لقوات العدو الصهيوني التي اقتحمت مخيم جنين شمال الضفة الغربية المحتلة.

وقالت كتائب القسام الذراع العسكري لحركة “حماس”، في تصريح لوكالة “صفا” الفلسطينية: إن مقاوميها إلى جانب فصائل المقاومة خاضوا اشتباكًا عنيفًا مع القوات الخاصة، واستهدفوها بوابل كثيف من الرصاص والعبوات المتفجرة.. مؤكدة أن الاشتباكات تدور من نقطة صفر.

بدورها، ذكرت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي أنها تمكنت من استهداف قوات العدو في المخيم بصليات كثيفة من الرصاص والعبوات المتفجرة وحققت إصابات مباشرة.. لافتة إلى أن المقاومين فجروا عدة عبوات ناسفة بآليات العدو الصهيوني بشكل مباشر.

كما أعلنت كتائب شهداء الأقصى استهداف القوة الخاصة الصهيونية بإطلاق النار وتفجير العبوات الناسفة محلية الصنع.. مؤكدةً وقوع إصابات في صفوف جيش الاحتلال.

وأعلنت كتيبة جنين أيضاً اليوم، أنها تمكنت من استهداف قوات العدو الصهيوني المقتحمة لمخيم جنين بصليات كثيفة من الرصاص والعبوات المتفجرة وتحقق إصابات مباشرة.

وأوضحت خلال بيانات مختلفة، أن المجاهدين استهدفوا بصليات كثيفة ومتتالية من الرصاص آلية لقوات الاحتلال وإصابتها بشكل مباشر.

وكشفت سرايا القدس كتيبة جنين عن تمكن مجاهديها من استهداف منزل تجمع به عدد من جنود الاحتلال بصليات من الرصاص محققين إصابات مباشرة في صفوفهم.

وتصاعدت الدعوات الشبابية في الضفة الغربية المحتلة، اليوم الخميس، للإضراب الشامل والخروج نحو نقاط التماس نصرة لمخيم جنين.

وبالتزامن مع هذه العملية، رصد مركز المعلومات الفلسطيني، تنفيذ 25 عملاً مقاوماً في الضفة الغربية والقدس المحتلتين خلال الساعات الـ24 الماضية، بينها خمس عمليات إطلاق نار، وتفجير عبوات ناسفة وإلقاء زجاجات حارقة ومحاولة طعن.

وأوضح المركز أنّ أعمال المقاومة تتواصل في الضفة الغربية والقدس المحتلة ضد قوات العدو الصهيوني ومستوطنيه، حيث تصدى الشبان لاعتداءات المستوطنين أصيب خلالها اثنان من جنود الاحتلال.

كذلك، استهدف مقاومون حاجز قلنديا العسكري بالرصاص، وأطلقوا النار وألقوا العبوات الناسفة والزجاجات الحارقة في اتجاه قوات الاحتلال خلال اقتحامها مخيم شعفاط في القدس المحتلة.

في المقابل.. عزز جيش العدو الصهيوني من قواته ودفع بعشرات الجيبات والآليات العسكرية للمدينة ومخيمها، فيما تمكن مقاومون من إسقاط طائرة استطلاع “درون” تابعة للقوة المتوغلة من سماء المخيم.

وتحدثت وسائل إعلام العدو الصهيوني، عن بدء قوات الاحتلال بالانسحاب التدريجي من مخيم جنين، وعن رفع جيش العدو حالة التأهب على حدود قطاع غزة في أعقاب العملية بمخيم جنين، وعن مصرع جندي صهيوني برصاص مقاومين فلسطينيين.. مبينة أن العملية في وضح النهار بجنين وبهذا الحجم يشير إلى أهميتها والحاحها.

وزعمت وسائل إعلام العدو، أن الهدف من العملية في جنين كان هو اعتقال مطلوب كبير، وهو مسؤول خلية في الجهاد الإسلامي خططت لعملية كبيرة، وأن قوات الاحتلال أحبطت هجوما كبيرا كان سيحدث ضد الجنود الصهاينة والمستوطنين.

وأفاد إعلام العدو بأن جيش العدو الصهيوني يستعد لاحتمالية إطلاق صواريخ من قطاع غزة، في أعقاب الأحداث الجارية في جنين.. مشيراً إلى إمكانية اندلاع تصعيد بعد أحداث جنين اليوم.

الجدير ذكره.. أن مخيم جنين، هو مخيم للاجئين الفلسطينيين يقع في مدينة جنين، شمال الضفة الغربية المحتلة، تأسس عام 1953 بمساحة 0.42 كم²، وأثرت الانتفاضة الفلسطينية الثانية على المخيم بشكل كبير، بعد أن قام جيش العدو الصهيوني باحتلال المخيم عام 2002 بعد معركة جنين، ودمرت قوات العدو أكثر من 400 منزل، وخربت المئات غيرها، وأصبح أكثر من ربع سكان المخيم بلا مأوى.

وأُقيم المخيم عام 1953، ويقع إلى الجانب الغربي لمدينة جنين، وفي أطراف مرج بن عامر، ويعد ثاني أكبر مخيم في الضفة الغربية بعد مخيم بلاطة ويسكنه ما يقارب 27 ألف نسمة.

وأصبح المخيم خاضعاً لسيطرة السلطة الفلسطينية في منتصف التسعينيات، إلا أنه كان عرضة لحوادث عنف كثيفة خلال الإنتفاضة الثانية.. وقد دخل جيش العدو الصهيوني المدينة والمخيم في أبريل 2002 وأعلن عنهما منطقة عسكرية مغلقة ومنع الجميع من الوصول وفرض حظراً مستمراً على التجول.

واستمر الإجرام الصهيوني داخل المخيم لمدة عشرة أيام قام خلالها جيش العدو الصهيوني بمنع دخول سيارات الإسعاف والعاملين في القطاع الطبي والإنساني من دخول المخيم، وأدت المصادمات آنذاك إلى استشهاد ما لا يقل عن 52 فلسطينيا نصفهم مدنيين بالإضافة إلى مصرع 23 جنديا صهيونياً على يد المقاومة الباسلة.

سبأ