تحت راية المقاومة.. مخيم جنين سيبقى شوكة في حلق العدو الصهيوني
السياسية:
هناك عند سفح الجبل حصن يدعى (جنين) والذي تقف دولة الاحتلال اليوم عاجزة أمامه.
مخيم جنين النموذج النضالي والذي يلهم الشباب الفلسطيني حيث تشكل المقاومة الفلسطينية في مخيم جنين بالضفة المحتلة، مصدر إلهام وقوة، واستنهاض للفعل الفلسطيني المقاوم في مختلف مناطق الضفة المحتلة.
مقاومة أصلب عودا وأشد عزيمة وأقوى، تتحطم على صخرة صمودها وبسالتها، كل المخططات والمخاطر المحدقة بالقضية الفلسطينية.
وتميز المخيم بتوحد جميع مقاتليه تحت راية المقاومة، وحتى أشّد الصهاينة تطرفًا وعنصريّةً يجِدون أنفسهم صاغرين أمام قوّة المقاومة وثباتها في مخيّم جنين، الذي سطّر أروع ملاحم البطولة في مواجهة الاحتلال الغاشِم الذي أكّد جبنه ووهنه في الحرب المفتوحة ضدّ الشعب العربيّ الفلسطينيّ الرازِح تحت نير الاحتلال، إضافة إلى مطالبات الأجهزة الأمنيّة التابِعة لسلطة رام الله باتخاذ خطواتٍ لإلغاء “الحكم الذاتيّ” في المخيّم، وفي الوقت عينه يُقّر أقطاب دولة الاحتلال أنّ “الجيش الأقوى في العالم” (!) يخشى من دخول المخيّم.
وتشكل مخيمات اللاجئين منذ إقامتها مصدر قلق لإسرائيل، وخاصة مخيم جنين الذي تحوّل بالنسبة للفلسطينيين إلى رمز للمقاومة.
ووصفت صحيفة يديعوت احرونوت مخيم جنين بأنه “قنبلة موقوتة” و”غزة جديدة”، بعد أن فهم المسلحون فيه آليات العمل الإسرائيلية واستنسخوا تجارب القطاع المحاصر.
مخيم جنين، واحد من 19 مخيما للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، تديره وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”.
تأسس عام 1953 ضمن حدود بلدية جنين، وينحدر أغلب سكانه من منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل، داخل الأراضي المحتلة عام 1948.
تبلغ مساحته 473 دونمًا، ويقطنه 12 ألف لاجئ فلسطيني، معظمهم (8500) تحت سن 40، أي من فئة الشباب، في حين أن معدل البطالة بين شبان المخيم مرتفع فقد بلغ 35 بالمئة.
ولم يكُن مفاجئًا أنْ يقوم الكاتب والمُحلِّل الإسرائيليّ التقدّمي، غدعون ليفي، بنقل صورةٍ حديثةٍ ودقيقةٍ لما يجري في المُخيّم، حيثُ أكّد في مقالٍ بصحيفة (هآرتس) العبريّة أنّه “في مخيم جنين للاجئين هناك الكثير من الأشياء الجميلة التي رأتها عيوني، ليست أغاني رحيل ونجوم في الخارج، مثلما كانت الحال قبل سنوات الألفين في القرى التعاونيّة (الكيبوتس)، بل مخيما شجاعا وحازما ومنظما ومشبعا بروح النضال، وربما مثلما لم يكن من قبل”، على حدّ وصفه.
المُحلّل ليفي تابع: “لقد مرّت أربع سنوات على زيارتي للمخيم، ومنذ سنةٍ، لا يتجرّأ الجيش الإسرائيليّ على اقتحام المخيم، بل لا يكاد يصل إلى مداخله، والسلطة الفلسطينيّة لا يمكنها الدخول إليه منذ سنوات، ولا يوجد مراسل إسرائيليّ مرغوب فيه، باستثناء عميره هاس، من صحيفة (هآرتس)، بعد كلّ خيبات الأمل التي تسبب بها المراسلون الإسرائيليون لسكان المخيم، وفي هذا الأسبوع، ذهبت مع المُصوِّر اليكس ليبك، كانت هذه زيارةً عاطفيّةً جدًا، وشخصية وصاخبة وممتعة أيضًا”، مثلما قال.
ليفي أوضح أنّ “60 قتيلاً في جنين في السنة الماضية فقط، 38 منهم من سكان المخيم، وهو المكان الأكثر قربًا لغزة في روحه ومعاناته، الدفء الإنسانيّ نفسه، والشجاعة نفسها في هذا المخيم الموجود في جنين“.
وشدّدّ على أنّ “القسم الثالث من مقبرة الشهداء امتلأ، ويجب العثور على قطعٍ أخرى من أجل القتلى القادمين، وإذا اقتحم الجيش الإسرائيليّ المخيم، يقولون هنا، ستكون هناك مذبحة، هم يقولون ذلك دون أيّ ذرّةٍ خوفٍ أوْ تبجح”.
وأردف: “صاحب مطعم الحمص على مدخل المخيم، خضع لعمليةٍ جراحيّةٍ، وزوجة زعيم حماس في المخيم، المسجونة في إسرائيل، أصيبت بالعمى، ومستشفى جديد افتتح قرب المخيم، وجمال الزبيدي، الأكثر نبلاً وشجاعة، فقد في السنة الماضية ابنه نعيم وصهره داود، الذي هو ابن شقيقه وشقيق زكريا الزبيدي”.
ومضى ليفي قائلاً: “جئنا إلى المخيم في اليوم الأربعين لعزاء نعيم، جلس جمال وحده في الصالون في المكان الذي دمرّ فيه الجيش الإسرائيليّ البيت مرتيْن، وهو محاط بصوَر القتلى الستة من أبناء عائلته”، مُشيرًا إلى أنّ بعثة (ناطوري كارتا)، وهم من اليهود المتزمتين الرافضين للصهيونيّة وصنيعتها إسرائيل، التي زارت جنين، وصلت أيضًا إلى هنا من أجل المشاركة في العزاء، ولكن المسلحين في المخيم جعلوهم يهربون بسبب إطلاق النار”.
إضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، لفت إلى أنّ “آخر أولاد جمال، حمودة، الذي تعرفنا عليه وهو طفل صغير وشقي، هو الآن المطلوب رقم واحد في المخيم، وهو من أعضاء الجهاد، وأطفال من مقاتلي الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين العلمانيّة باتوا الآن من جنود الجهاد الإسلامي، المنظمة الأقوى في المخيم”.
وساق ليفي قائلاً: “إليكم القصة باختصار، هناك رقم سريّ في هواتف المسلحين المحمولة، الذي يتصلون عليه كلّما لاحظوا أيّ حركةٍ لقوات الجيش في الطريق إلى المدينة أو المخيم، وهذا الرقم يشغل صفارة إنذار في المخيم على نحو آلي. هذا يحدث بشكل عام في الليل، كل المخيم يستيقظ وعشرات المسلحين يخرجون من البيوت ويذهبون بسرعة إلى مدخل المخيم وإلى جنين، وهكذا قتل 38 من أبناء المخيم”.
وأشار إلى أنّ “التمييز بين التنظيمات مطموس هنا، يتعاونون فيما بينهم أكثر من أيّ مكانٍ آخر في المناطق، وشبكات التمويه تغطي عددًا من الأزقة لمنع حوامات، الطائرات دون طيّارٍ، الجيش الإسرائيليّ من متابعة ما يحدث”.
وقال ليفي: “سحب أحد الشباب صورةً جويّةً للمخيم، التي كما يبدو تركها الجنود خلفهم في المدينة، وحسب الأساطير المحلية، فإنّ هذه الصورة سرقت من جيب أحد الجنود، الصورة من فترة المونديال. أطلق الجيش الإسرائيليّ على عددٍ من أزقة المخيم أسماء المنتخبات مثل زقاق البرتغال وزقاق فرنسا وزقاق البرازيل”.
و”كُتِبَ على أحد البيوت في الصورة (ارتباط)، واعتقد الشباب أنّ القصد هو بيت (صديق)، عميل، وأنّ السيارة الأكثر شعبيةً في المخيم هي جيب تويوتا سي.اتش.آر الهجين، وشاهدنا بعضها يسير بسرعة في الأزقة، وهذه السيارات سرقت من إسرائيل وكأنها جديدة جدًا، فبعد كلّ ما تسرقه إسرائيل من الفلسطينيين، بقايا أراضيهم وبقايا كرامتهم، هناك أحقية كبيرة في أخذ سيارات (التويوتا) هذه والتي يتفاخر الشباب بها”.
وخلُص المُحلِّل الإسرائيليّ ليفي إلى القول” “لا يوجد هنا بيت غير ثاكل، ولا توجد عائلة دون ابنٍ معاقٍ أوْ سجينٍ”.
أخيراً كان ومازال مخيم جنين واثقا أن العدو سيفشل في مساعيه، ولن يحقق أهدافه تجاه جنين، لأن مسارات المقاومة والمواجهة معه تأخذ منحىَ متصاعداً، ولأن نموذج المقاومة في جنين أكثر رسوخاً وقدرة على مواجهة التحديات والتهديدات.
* المصدر: موقع الوقت التحليلي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع