كيف تحضر الصين في سوريا على المستويين السياسي والأمني؟
السياسية:
أهمية الجغرافيا السورية بالنسبة للصين يجعل بكين معنية باستقرار سوريا بشكل مباشر. وعدا عن كون جزء من طريق الحرير سيعبر الأراضي السورية، فإن معظمه سيكون ضمن محيطها الجيوسياسي.
وبحكم الوزن الاقتصادي الثقيل الذي يعتبر رقم صعب في معادلة توازن القوى العالمي، فإن قيام دولة كالصين بلعب دور سياسي، على المستوى الدولي، سوف يجعل إدارة الأزمات وتجنب الصراعات مسألة أكثر صعوبة.
لذلك كان لا بد للصين من التحديث الاقتصادي بالشكل الذي يفتح لها آفاق جديدة تجنبها اشتباك المحاور الدولية، والتوجه نحو تمتين البنية التحتية للدولة، ومن ثمّ الانطلاق إلى الخارج حتى لو أدى ذلك إلى تصادم محدود بالمصالح.
الصين في سوريا على المستوى السياسي
عام 2015 وفي 16 كانون الأول يناير، صرّح الرئيس بشار الأسد لقناة فينيكس الصينية أن سوريا باتت جاهزة لتكون جاهزة للبدء بإعادة الإعمار، بعد استعادة السيطرة عل معظم أراضيها. الموقف الصيني تجاه الأزمة السورية اتسم على مدى سنوات العشر الأخيرة بالدعم الصيني للحكومة السورية والرافض لأي هيمنة أمريكية وغربية على المشهد هناك. وهو ما انسحب على زيارة وزير الخارجية الصيني الأخيرة إلى دمشق حمل معه مقترح من أربع نقاط:
– احترام السيادة الوطنية
– تعجيل عملية إعادة الإعمار، ورفع جميع العقوبات عن سوريا بشكل فوري.
– مكافحة المنظمات الإرهابية.
– دعم حل سياسي شامل للتصالح.
الزيارة بداية مثلت بداية تحول جديد تجاه سوريا بعد فرض السيطرة على الأراضي السورية. خاصة أن الصين تسعى إلى دور أكبر في المنطقة وهي تمتلك القدرات لفعل ذلك. وكانت في السابق بعيدة عن مسائل السياسة المتعلقة بمكافحة الإرهاب ودعم دمشق في ظل الحصار والعقوبات. لكنها اليوم حاضرة أكثر لأن هناك بيئة إقليمية مساعدة أكثر وهي تحتاج أن تكون موجودة للحد من التوتر المتزايد لحماية مصالحها والتحضير لمشروعها العالمي. ومن الطبيعي أن تكون حاضرة في مناطق التوتر حتى في تلك التي يتواجد فيها خصومها.
استخدمت بكين سلاح الفيتو في مجلس الأمن لوقف مشاريع قرارات تتعلق بسوريا:
– عام 2012 فيتو روسي صيني حول سحب القوات العسكرية الأجنبية من سوريا.
– عام 2017 فيتو على فرض عقوبات على الحكومة السورية.
– عام 2020 اعترضت بكين على تمديد إرسال المساعدات عبر تركيا للجماعات المسلحة.
وهكذا تبدو بكين أكثر اندفاعًا من السابق لمواجهة الولايات المتحدة، خاصة أن في خرائط النفوذ، فإنّ أمريكا ليست حاضرة في سوريا كما تحضر في دول الشرق الأوسط الأخرى.
الصين في سوريا على المستوى الأمني
ثمة مستويين من السياسة الصينية خلال الحرب على سوريا:
– تدخل في مجلس الأمن ودعم اقتصادي وسياسي.
– المستوى الأمني والاستخباري، نعلم ونقرأ أنّ ثمة خبراء صينيين كانوا مهتمين جدًا بظاهرة الحزب التركستاني الإيغور، فالصين لديها مخاوف من الجهاد الصيني على غرار الجهاد الأفغاني وهي تشعر بمؤشرات متزايدة حول ضرورة مواجهة الولايات المتحدة التي تدعم هؤلاء وأحضرتهم إلى سوريا، وما يمكن لهذا الأمر من أن يؤدي إلى خبرة عسكرية تواجه بها السلطات الصينية.
لطالما انطلقت السياسة الخارجية الصينية في استثماراتها إلى الدول التي تشهد الاستقرار الأمني والسياسي، وهو السبب الذي يتمّ سوقه لتفسير الحضور الصيني الضعيف نسبيًا في سوريا، إلا أن المشاريع الضخمة التي يقوم بها الصينيون على الأراضي الأفغانية على الرغم من عدم الاستقرار السياسي والأمني هناك وكذلك الأمر في نيجيريا، يؤكد أن الصين قد دخلت في مرحلة جديدة من السياسة الخارجية تجعل من حضورها في مناطق الصراع أمرًا لا بدّ منه خاصّة أنّ طريق الحرير يمرّ عبر أكثر المناطق السّاخنة في الشّرق الأوسط. فماذا يمكن أن تكون التّعقيدات الّتي ما زالت تُبقي الحضور الصيني في سوريا خجولًا؟
* المصدر: موقع الخنادق اللبناني
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع