“ذا ناشونال انترست”: هل ستقود الصين نهاية العولمة؟
بينما ينظر قادة الصين إلى تلبية احتياجات الداخل الصيني، قد يدرك قادتها أن العولمة قد تكون غير متوافقة مع أهدافهم.
السياسية- متابعات:
كتب سكوت فريدمان مقالة في موقع “ذا ناشونال انترست” الأميركي تناول فيه مستقبل العولمة. وقال إن العولمة كانت سمة مميزة لعصرنا. فعلى مدى عقود، مع تحول الولايات المتحدة إلى اقتصاد الخدمات والمعلومات، ملأت البضائع منخفضة التكلفة من الصين عربات متاجر وولمارت في الولايات المتحدة الأميركية، وملأت في وقت لاحق صناديق شركة أمازون Amazon الأميركية.
وأوضح الكاتب أنه مع انخفاض أسعار الشحن وتضخم القدرة التصنيعية في الخارج، استبدل الأميركيون وظائف المصانع في الداخل الأميركي بالسلع الاستهلاكية المستوردة. كان من المفترض أن يكون هذا هو الترتيب الطبيعي للأشياء.
وأضاف: بدأ القلق من “صقور الصين” الذين قرعوا أجراس الإنذار بشأن مخاطر انتقال الإنتاج إلى الخارج، وقد جعلت جائحة فيروس كورونا العالمية هذا الأمر في مركز الصدارة حيث كشف الوباء حقيقة أن المنافسة بين القوى العظمى هي الآن في الصدارة ليس فقط في السياسة ولكن في الأعمال كذلك. لقد أجبر الوباء مجالس إدارة الشركات على إدراك أن هذه المنافسة ستلعب في الأسواق التجارية بطريقة غير مسبوقة. وقد تم سحب دعائم اقتصادنا الاستهلاكي إلى المعركة حيث أوضح القادة السياسيون الأميركيون من كلا الحزبين الحاجة المتزايدة إلى “فصل” اقتصادنا عن اقتصاد الصين.
وأشار الكاتب إلى أن الرأي السائد في الشارع، وفي العديد من العواصم حول العالم، هو أن الولايات المتحدة تقود عملية تفكيك تجربة استمرت عشرين عاماً في ربط العالم ببعضه البعض من خلال روابط اقتصادية غير مقيدة.
وتساءل الكاتب: ماذا لو بدأت نهاية العولمة بالفعل في الصين؟
فمع ارتفاع معدلات التضخم على مستوى العالم، لا تزال الاقتصادات غير المستقرة تترنح من فيروس كورونا، وانحدار ديموغرافي قادم، يبدو من المعقول أن تتخذ الحكومة الصينية خطوات لدعم اقتصادها المحلي من خلال إقامة جدران حوله. نرى بالفعل مؤشرات على ذلك في قطاعات معينة. حالياً، أصبح العالم حكيماً فيما يتعلق بممارسات الحزب الشيوعي الصيني المتمثلة في دعوة الشركات الأجنبية إلى الصين مع وعد بفرص سوق ضخمة، وإرغامها على الدخول في مشاريع مشتركة والحد فجأة من حصة الشركة الأجنبية في السوق بينما يناصر الحزب الشيوعي المنتجين والمصنعين المحليين الذين ليسوا فقط لخدمة احتياجاتهم المحلية ولكن كذلك للتصدير والمنافسة على الصعيد العالمي.
ورأى الكاتب أنه بينما تنظر الصين إلى الداخل، قد يدرك قادتها أن الاقتصاد العالمي قد يكون غير متوافق مع أهدافهم. إن سياسات مثل “التداول المزدوج”، التي تسرّع الاستقلال المحلي من خلال اشتراط الاكتفاء الذاتي أولاً والصادرات ثانياً، توفر نافذة على الشكل الذي قد تبدو عليه النهاية التدريجية للتجارة العالمية كما نعرفها. فعلى الرغم من أنه من غير المحتمل أن تسقط الحمائية الشاملة بين عشية وضحاها، يمكننا أن ننظر إلى متطلبات الصين الجديدة في الصناعة الطبية لتوقع كيف يمكن أن يحدث هذا الفصل البطيء.
وأضاف: على مدار العام الماضي، طلبت السلطات الإقليمية الصينية من الشركات الطبية الصينية الشراء من الموردين المحليين والحد من توفير المكوّنات في المعدات الطبية للاستخدام النهائي للشركات الصينية المحلية.
وأشار الكاتب إلى أن هذا يعد تغييراً حاسماً لسوق تهيمن عليه شركات التكنولوجيا الغربية ويُعتقد أنه أحد أكثر القطاعات ربحية في الاقتصاد العالمي مع تقدم السكان في السن. فإذا تم تطبيق هذه اللوائح، فستكون الشركات الأجنبية في الجزء الخلفي من الخط من المصدر من الصين بينما يتم استبعادها أيضاً من المشاركة الفعالة في السوق الصينية.
وقال فريدمان إنه في حين أنه من غير المرجح أن تبني هذه الخطوات “سوراً عظيماً” حول ثاني أكبر اقتصاد في العالم، إلا أنها قد تنذر بتحول أكبر في النظام الاقتصادي العالمي، والذي يعطي الأولوية للوظائف المحلية والاكتفاء الذاتي على السلع الاستهلاكية الأرخص ثمناً. قد يكون أولئك الذين تنبأوا بتراجع العولمة محقين، لكنهم أخطأوا في تقدير المكان الذي سيبدأ فيه هذا التراجع.
وخلص الكاتب إلى أنه يجب على الولايات المتحدة والدول ذات التفكير المماثل في جميع أنحاء العالم أن تأخذ في الاعتبار حقيقة زوال العولمة، ويجب أن تتصالح مع وجهة النظر القائلة بأن الصين قد تكون في الواقع المحفز الرئيسي لذلك.
سكوت فريدمان هو باحث زائر في معهد كراتش لدبلوماسية التكنولوجيا بجامعة بوردو ومستشار سياسي أول سابق في لجنة مجلس النواب الأميركي للأمن الداخلي.
- نقله إلى العربية بتصرف: هيثم مزاحم
- المصدر: الميادين نت
- المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع