السياسية:

على مدى العقود الماضية، استغلت السلطات اليمنية السابقة التباينات بين البلدين “السعودية واليمن” للترويج لعلاقات وسياسات تشوبها الخصومة وغالبًا ما تم الترويج للطرف السعودي أن اليمن يشكل خطراً على السعودية.

من جهةٍ أخرى فإن القلق السعودي تجاه اليمن لم ينطلق من منطلق حقيقي وإنما هي أوهام في مخيلة الجانب السعودي حيث إن الجانب السعودي يرى أن النظام الجمهوري القائم في اليمن يشكل خطراً على النظام الملكي الذي يحكم السعودية، وفي نفس السياق يمكن الإشارة أيضاً إلى أن اليمن الذي يعيش حالة فقر بسبب السياسيات الفاشلة للحكومات اليمنية السابقة يشكل أيضا قلقاً للدولة التي ترى نفسها غنية من خلال العائدات الهائلة التي تحصل عليها من النفط.

وفي هذا الصدد وبدلاً من لجوء السعودية إلى إقامة علاقات وثيقة بينها وبين الدولة اليمنية تقوم على المصالح المشتركة والأمن المشترك، اتخذت السعودية سياسة قذرة جعلت معظم اليمنيين مستائين من سياسة السعودية في اليمن، حيث كانت طبيعة السياسية السعودية في اليمن هي الحفاظ على شبكة واسعة من العملاء اليمنيين، معظمهم من شيوخ القبائل الذين تحدوا سلطة الدولة وقوّضوا مشروع بنائها.

ومن هنا انعدمت الثقة وطغت المفاهيم الخاطئة وكانت النتيجة هي القرارات السيئة في العلاقات اليمنية السعودية، وهذا دفع العلاقات اليمنية السعودية إلى الحالة المؤسفة التي هي عليها اليوم.

في هذا السياق أكد رئيس الوفد الوطني، محمد عبد السلام، أن مخاوف السعودية من نهوض اليمن القوي والمستقل، ليست منطقية ولا أحد يستطيع أن يضمن للرياض التخلص من هذه المخاوف؛ لأن ذلك يعني بقاء اليمن مستباحاً، مشيراً إلى أن المرتزقة يعملون على تضخيم هذه المخاوف لاستثمارها على حساب أمن ومصلحة البلد.

هواجس ومخاوف وقلق سعودي

لطالما شكل الموقع الجغرافي الاستراتيجي لليمن والثروات الطبيعية التي يملكها؛ هاجساً مرعباً لدى النظام السعودي، عززت سياسته العدائية ضد اليمن واليمنيين، والذي ينتهجها باستمرار منذ نشأته.. الهواجس والمخاوف والقلق سعودي في الحقيقة هو نابع من التوهمات السعودية والتي لا تستند على أُسس منطقية.

وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى حديث نشره منتدى (مجال) ضمن ورقة حملت عنوان (هل يمثل اليمن الجديد تهديدا للسعودية؟ حيث صرح القيادي البارز في حركة أنصار الله محمد عبد السلام بقولة إن: “مخاوف السعودية من وجود دولة يمنية قوية مستقلة هي مخاوف غير واقعية وغير منطقية؛ لأنه من المفترض أن تكون هناك رؤية لدى الجانب السعودي لأن يكون اليمن دولة قوية”.

من جهةٍ أخرى أضاف: “نحن نعتقد أن مخاوف الجانب السعودي؛ باعتبار أنها أمر واقع تعود للموقع الاستراتيجي لليمن والكثافة البشرية الهائلة والموارد الكبيرة التي ما زالت بكراً، وأيـضاً العلاقات التاريخية التي كانت تصاب بكثير من التذبذب والإشكالات”.

محمد عبدالسلام في السياق نفسه أشار إلى أنه حتى في السياق التاريخي كان الجانب السعودي هو من يعتدي على اليمن ومن يتجاوز الحدود التاريخية، وقد شن الكثير من الحروب على اليمن الذي كان في موقف المدافع.

في هذا الصدد أوضح أيضاً الناطق الرسمي بقوله إن “النظام السعودي يخشى حتى من دول في مجلس التعاون الخليجي وغيرها من الدول في المنطقة أن تكون مستقلة وقوية فكيف باليمن الرقعة الأكبر بعد المملكة في شبه الجزيرة، من حيث المساحة والكثافة البشرية والإمكانات والموقع الاستراتيجي”.

وتابع: إن وجود دولة قوية مستقرة في اليمن معناه الاستغناء عن وصاية أو حاجة لأي دولة أخرى، وأن اعتبار هذا الأمر مصدر قلق يعبر عن قراءة غير صحيحة؛ لأن “المصلحة الحقيقية للسعودية هي أن يكون في اليمن دولة مستقلة ومستقرة ومزدهرة أيضاً”.

المخاوف السعودية ليست واقعية… ولا أحد يستطيع أن يقدم ضمانات

أكد رئيس الوفد الوطني، ناطق أنصار الله، محمد عبد السلام  أنه “لا يوجد أي طرف يستطيع أن يقدم ضمانات لمخاوف المملكة من وجود دولة مستقلة وذات سيادة في اليمن؛ لأن معنى هذا أن يبقى اليمن مستباح السيادة والاستقلال، وهذا من العوامل الرئيسية لانهيار أو لعدم وجود دولة حقيقية؛ لأن الدولة إذا لم تكن تدار من الداخل وفقاً لمصالحها الاستراتيجية والتزاماتها أمام شعبها، فهي بذلك ستجعل من حاجة أو مطالب الخارج مصلحة أكبر من مصالح الداخل، وهذه كانت مشكلة الأنظمة الأخيرة التي كانت ترتهن للخارج؛ لكونها لم تستطع أن تحقق لليمن أي مصالح استراتيجية”.

وأردف بقوله: “لذلك من الصعب تقديم ضمانات لمثل هذه المخاوف التي تمس السيادة والاستقلال، لكن إذا كان هناك مخاوف أخرى متعلقة بالحدود والجوار والأمن فمن الطبيعي أن يكون هناك التفاتة لنقاش مثل هذه القضايا بين البلدين كما يحصل بين أية بلدان أخرى”.

المخاوف السعودية في اليمن تزايدت بسبب المرتزقة

في سياق الحديث عن المخاوف السعودية أيـضاً، أوضح رئيس الوفد الوطني أنه “إلى جانب الرؤية غير الواضحة من الجانب السعودي تجاه اليمن، هناك دور لبعض المرتزقة الذين يقفون إلى جانب السعودية في تضخيم الكثير من المخاوف واستجرار الكثير من الصراعات الإقليمية للساحة اليمنية”.

وأوضح أن هذا الدور الذي يقوم به المرتزقة “يجعل السعودية لا تنظر إلى فرص السلام”. هذا ما تؤكده بوضوح أيـضاً مساعي المرتزقة لتفجير الأوضاع منذ بدء الهــدنة وخطابهم المعبر بشكل واضح عن قلقهم من صرف المرتبات ورفع الحصار.

الوضع الإنساني في اليمن سيء … الكرة في ملعب الرياض

قال رئيس الوفد الوطني، ناطق أنصار الله، محمد عبد السلام حول ملف التهدئة،” إن انتهاء الهــدنة جاء كنتيجة لنهاية الاتفاقات السابقة التي تمت برعاية الأمم المتحدة؛ باعتبار أنها استكملت أو استنفدت خياراتها، وأصبح صرف المرتبات مطلباً أساسياً.

وفي هذا السياق أشار إلى أن الكرة في ملعب النظام السعودي؛ لأن “العلاقات بين صنعاء والرياض ترتبط في الأساس بموقف الأخيرة وطريقة تعاطيها، فصنعاء في موقف الدفاع وهذا أمر واضح”.

من خلال ما سبق يتبين أن تصريحات رئيس الوفد الوطني، ناطق أنصار الله، محمد عبد السلام تحمل تأكيدًا جليا على ثبات الموقف الوطني واستحالة تغيير استحقاقات تجديد الهــدنة المتمثلة بصرف المرتبات ورفع الحصار، وهي الأمور التي تحاول دول العدوان ورعاتها الدوليون الضغط على صنعاء للتخلي عنها أو لتجزئتها وفقا لرغباتهم.

ولتعزيز هذا التأكيد، أوضح رئيس الوفد الوطني أن “الرياض هي من تقود تحالفاً دولياً كبيراً، وهي من تعمل في الأروقة الدولية لاستمرار الحصار على اليمن، واستمرار الضغط الدبلوماسي، ومن خلفها الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا”

في النهاية لكي تتفادى السعودية تكرار أخطاء الماضي، عليها أن تتعامل بجدية مع بعض الحقائق البيّنة. بالنسبة لليمنيين.

ويجب على صناع القرار السعوديين ألا صروا ولا يجازفوا بالتضحية بمصالح البلدين.  حيث يتعيّن على السعودية العمل بأقصى جهدها في علاقاتها مع اليمن لتنعم بالاستقرار والأمن على المدى الطويل على طول حدودها الجنوبية.

مشكلة السعوديين أنهم ينظرون إلى اليمنيين إما كوكلاء أو كأعداء، وهذا ما لا يقبله الشعب اليمني، فالشعب اليمني وإن كان متواضعًا، له كبرياؤه ولن يقبل أبدًا بمثل هذه المكانة.

المصدر: موقع الوقت التحليلي

المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع