هل ينتقم بايدن من “ابن سلمان”؟
المرور عبر منحنى انتخابات الكونجرس..
السياسية:
مع إعلان النتائج الأولية لانتخابات التجديد النصفي للكونغرس وضعف فوز الجمهوريين في مجلس النواب وفشلهم في الفوز بالأغلبية في مجلس الشيوخ، بدا الديمقراطيون وجو بايدن نفسه راضين عن تلك النتائج. وفي حين توقع الجمهوريون “موجة حمراء” على الرغم من تراجع شعبية بايدن في استطلاعات الرأي، وارتفاع أسعار الوقود، ووجود دونالد ترامب في الحملة الانتخابية للكونغرس، إلا أن هذا لم يحدث، وكان عمل الجمهوريين لتحدي سياسات البيت الابيض مرتبطًا بالانتخابات الرئاسية لعام 2024 المزمع عقدها في العامين المتبقيين.
الآن، وفي موقف يفكر فيه بايدن، بعد أن أمضى أسبوعًا صعبًا ومليئًا بالضغوطات، في مواصلة الرحلة التي استمرت عامين حتى نهاية فترته الرئاسية. والآن ينبغي علي بن سلمان أن يكون قلقا. وفي الشهر الماضي فقط قررت السعودية والإمارات خفض إنتاج النفط بمقدار مليوني برميل في تنسيق واضح مع المصالح الروسية في أوبك +.
وانتقد مسؤولو البيت الأبيض هذا القرار بشدة وأدى إلى توتر العلاقات الثنائية بين الرياض وواشنطن. وقرار محمد بن سلمان هذا، الذي اعتبر ضربة حتمية لبايدن والحزب الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي للكونغرس، جاء بعد أسابيع قليلة فقط من رحلة بايدن إلى السعودية واجتماعه مع ابن سلمان لإقناعه بزيادة مستوى انتاج النفط ولكن ابن سلمان رفض مطالب البيت الأبيض.
إشارة الانتقام
عندما أصبحت النتائج الأولية للكونغرس واضحة، فإن أسباب قلق ابن سلمان منذ عامين أظهرت نفسها في وقت أبكر بكثير مما كان متوقعًا. وتعليقات بايدن ومجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين بشأن الحاجة إلى التحقيق في شكوك السعوديين بمحاولات التسلل إلى تويتر بعد المساعدة في إنهاء عقد شراء هذه الشبكة الاجتماعية من قبل إيلون ماسك هي الشرارات الأولى المحتملة للبيت الأبيض للانتقام من بن سلمان.
ولقد أكمل ماسك عملية الاستحواذ على Twitter البالغة 44 مليار دولار الشهر الماضي، منهية بذلك معركة قانونية طويلة الأمد مع الشركة. وتم توفير المصدر المالي لهذه الصفقة من قبل ماسك ومجموعة من المستثمرين الآخرين.
وحسب ملف هيئة الرقابة المالية الأمريكية بشأن الصفقة، فإن الأمير وليد بن طلال وشركة المملكة القابضة هما ثاني أكبر مستثمرين في الشركة الخاصة الجديدة.
وحسب هذا التقرير، نقل الأمير السعودي الوليد بن طلال نحو 35 مليون سهم كان يملكها سابقًا في الشبكة الاجتماعية إلى تويتر مباشرة وعبر شركة المملكة القابضة، ما جعله ثاني أكبر مساهم في هذه الشبكة الاجتماعية.
وقال جو بايدن، الذي أعلن أنه لن يعقد لقاء ثنائي مع محمد بن سلمان في الاجتماع القادم لمجموعة العشرين في سنغافورة، في مؤتمر صحفي مساء الأربعاء الماضي: “أعتقد أن التعاون أو العلاقات الفنية بين مالك Twitter مع دول أخرى يمكن التحقيق فيها”.
وفي وقت سابق، غرد عضو ديمقراطي في مجلس الشيوخ: “يجب أن نشعر بالقلق من أن السعوديين، الذين لديهم مصلحة واضحة في قمع التعبير السياسي والتأثير على السياسة الأمريكية، أصبحوا الآن ثاني أكبر مالك لشبكة اجتماعية رئيسية”.
كما طلب كريس مورفي من لجنة الاستثمار الأجنبي في مجلس الشيوخ فتح تحقيق في تداعيات الأمن القومي لاستيلاء السعودية على تويتر.
كما أعرب السناتور الديمقراطي رون وايدن، الذي يرأس اللجنة المالية، عن مخاوفه بشأن الاستثمار السعودي على تويتر.
ودعا النظام السعودي إلى منع الوصول إلى معلومات حساب تويتر والرسائل المباشرة وغيرها من البيانات التي يمكن استخدامها لتحديد المعارضين السياسيين أو قمع انتقاد العائلة المالكة في السعودية.
ويخشى الكثير من أن السعوديين، المعروفين بسياساتهم القمعية، من استخدام هذه المنصة كأداة دعائية. وتحتل المملكة العربية السعودية المرتبة الثامنة من حيث عدد مستخدمي تويتر في العالم، ولكن يتم دائمًا قمع التغريدات التي تنتقد المملكة. وأصبح من دواعي القلق الشديد أنه من خلال شراء جزء مهم من أسهم تويتر، يمكن للمؤسسة الأمنية السعودية الوصول على نطاق أوسع إلى معلومات المستخدمين السعوديين والمعارضة. وفي الآونة الأخيرة، أدين موظف سابق في Twitter بالتجسس لصالح المملكة العربية السعودية. ونفذت السعودية عدة هجمات على مستخدمي تويتر، على سبيل المثال، حكمت مؤخرًا على المواطن الأمريكي سعد إبراهيم الماضي بالسجن 16 عامًا لنشره تغريدات تنتقد الحكومة.
كما سُجنت امرأة تبلغ من العمر 34 عامًا تُدعى سلمى الشهاب لامتلاكها حسابا على تويتر ومتابعة وإعادة نشر اخبار المعارضين والمنتقدين للحكومة.
لكن الانتخابات الأخيرة كان لها نتيجة غير مواتية لمقامرة ابن سلمان، وأدت إلى إضعاف موقف ترامب بين قادة الحزب الجمهوري. وقبل انتخاب ترامب، كان الزعيم بلا منازع للحزب الجمهوري، ولم يعارض قادة هذا الحزب دخوله السباق الرئاسي لعام 2024.
لكن الانتخابات النصفية أصبحت المعيار الفعلي لترامب، وتزايدت الشكوك حول ما إذا كان بإمكانه حقًا استعادة البيت الأبيض كما يدعي. ويُصنف ترامب الآن على أنه خاسر لأنه حقق سجلاً مخيباً للآمال في ثلاث انتخابات متتالية في انتخابات التجديد النصفي لعام 2018، والانتخابات الرئاسية لعام 2020، والانتخابات النصفية لعام 2022. وفي الوقت نفسه، تسببت مواقف ترامب المتطرفة في حدوث انقسام في صفوف الجمهوريين وساعدت الديمقراطيين على إخفاء نقاط ضعفهم.
وفي غضون ذلك، مع تعرض موقف ترامب في الانتخابات الرئاسية المقبلة، يتزايد قلق محمد بن سلمان من عواقب وضع كل بيضه في سلة عودة ترامب إلى البيت الأبيض. ويقوم ابن سلمان حاليًا بقمع المعارضة الداخلية بحرية، وطالما بقي والده الملك سلمان على قيد الحياة، فإنه يرى أن منصبه في خطر أقل.
ومع ذلك، فإن تحقيق حلم المملكة الصحراوية هو خطوة على الرمال النفسية، والتي في غياب داعم موثوق به في البيت الأبيض، يمكن أن تغوص قدميه في الرمال في أي لحظة.
ولقد نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريرا لماكس بوت، قالت فيه إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وبنيامين نتنياهو، هم أكبر الخاسرين من الخارج من نتائج انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس الأمريكي. وقالت الصحيفة في تقرير ترجمته “عربي21″، إن الديمقراطيين حققوا نتائج كبيرة لم يحصلوا عليها منذ القرن الماضي في انتخابات التجديد النصفي ولحزب في السلطة، أما المرشحون الذين صادق عليهم الرئيس السابق دونالد ترامب فخسروا.
ولم تهز الانتخابات السياسة المحلية، بل ظهرت تردداتها في الخارج. فالديكتاتوريون والشيعيون من اليمين المتطرف كانوا يأملون بعودة ترامب إلى السلطة من جديد، وقد خاب أملهم، أما حلفاء أمريكا الديمقراطيون فقد تنفسوا الصعداء.
وذكرت أن موسكو وكييف كانتا تراقبان الانتخابات النصفية عن كثب، وشعر الأوكرانيون بالخوف من منظور عودة الجمهوريين إلى السلطة، وقطعهم المساعدات عن الحرب. وكان هذا خوف حقيقي في ضوء تصريحات كيفن ماكارثي، النائب الجمهوري عن كاليفورنيا، الذي سيقود الغالبية الجمهورية حال فوز الحزب بمجلس النواب أثناء الحملات الانتخابية، من أنه لن تكون هناك شيكات مفتوحة لو فاز حزبه.
المصدر : الوقت التحليلي
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع