السياسية- متابعات:

تعتبر شبكات التواصل الاجتماعي من الأدوات الحديثة في الحروب الهجينة التي تشن على البلدان. وقد بدأت اميركا وحلفائها باشعال فتنة كبيرة تترافق مع حملة إعلامية شرسة (محورها شبكات التواصل الاجتماعي) في اطار حرب هجينة ضد ايران.

أعداء ايران استغلوا ذريعة لخلق فتنة كبيرة تترافق مع هجمة إعلامية عنيفة ضد البلاد والثورة الإسلامية . هذه الفتنة تترافق مع حرب اقتصادية غربية ضد ايران وحرب خشنة وحرب فكرية وحرب ثقافية وحرب بمختلف أنواع الأسلحة وحرب معرفية وغيرها من الحروب. المقال التالي يسعى الى تناول ابعاد وزوايا وأساليب وأدوات الحرب الهجينة الأميركية والغربية ضد ايران وخاصة في المجال الإعلامي.

 

ما هي الحرب الهجينة ؟

الحرب الهجينة وردت لاول مرة على لسان فرانك هوفمان في مقال “معركة القرن 21 ، ظهور الحروب الهجينة”.

يقول هوفمان ( من كبار القادة العسكريين لمشاة البحرية الاميركية) في مقاله “اننا ندخل عصرا يتم فيه شن عدة أنواع من الحروب وفي وقت واحد على يد عدو يتمتع بالانعطاف وأسلوب معقد، بمعنى ان المعركة الناجحة تعني مجموعة مختلفة من أساليب القتال صممت لبلوغ هدف معين وفي زمن محدد”.

وقد أورد كبير محللي الحروب الهجينة “اندرو كوريبكو” في كتابه “ان الثورة الملونة والحرب غير المتعارفة والمتعارفة هما ما يشكلان الحرب الهجينة” ، ويضيف كوريبكو ان هذه الحرب هي أسلوب جديد للحرب غير المباشرة التي تشنها اميركا على اعدائها.

 

الاضطرابات الاجتماعية ، أداة في خدمة الحرب الهجينة

يقول البروفسور الأميركي والاستاذ في الجامعة الأميركية في باريس “غاردنر” في تعريفه للحرب الهجينة “ان استخدام الفوضى والاضطرابات الاجتماعية كعامل من عوامل ضرب الاستقرار ، يلعب دورا هاما في الحروب الهجينة. ومن ابداعات الحروب الهجينة هي ان القوة المنظمة والقوى غير المنظمة يمكنها خوض اشتباك اجتماعي فعال مفتعل او اجباري. وفي نفس الوقت يمكن استخدام أنواع الخطوات مثل تغيير النظام تحت ستار شعار السلام لتحقيق اهداف اجتماعية وسياسية ، ومن هذا المنطلق فان الحرب الهجينة عادة ما تستخدم الأساليب القانونية وغير القانونية، والهجمات العسكرية وغير العسكرية في آن معا لترك تأثير مباشر على السكان المستهدفين.

 

الحرب السيبرانية، والحرب النفسية والدعائية ، ذراعين هامين للحرب الهجينة

يورد أستاذ جامعة الدفاع الوطني في فنلندا “بتري هوفينن” في كتابه : هذا النوع من الحروب هو مزيج من القدرات العسكرية المتداولة والمتعارفة، مع إمكانيات الفوضى والشغب، والإرهاب والتطرف، والحروب غير المنظمة وغير المتكافئة او المحدودة، والدبلوماسية، والحروب السيبرانية والتكنولوجيات العسكرية المتطورة ، والحروب النفسية والدعائية.

 

دور شبكات التواصل الاجتماعي في الحروب الهجينة

ان وسائل الاعلام (والشبكات الاجتماعية على وجه الخصوص) وعبر نقل الصور والمعطيات ، تعتبر أداة لشن الحروب الهجينة وتحظى بدور هام . هناك العديد من المقالات التي اشارت الى أهمية وقدرات الوسيلة الإعلامية في الحروب الاستخبارية وهندسة الراي العام وان جهات حكومية وغير حكومية تستخدم هذه الأداة منذ وقت طويل لتحقيق اهدافها السياسية وحتى العسكرية.

تقوم شبكات التواصل الاجتماعي بتغيير اساليبنا الفكرية ، وكيفية حصولنا على المعلومات وكيفية ادراكنا لما يدور حولنا وقد اوجدت “ساحة حرب عالمية”.

وقد كتبت أستاذة جامعة ريودوجانيرو “ايزابيل غاما” في مقال لها تحت عنوان “المعرفة الإعلامية ودورها في مواجهة الحروب الهجينة” ، انه يجب الاخذ بعين الاعتبار ان إمكانية الحصول على الانترنيت والحواسيب والهواتف الذكية وشبكات التواصل الاجتماعي ، تشهد نموا مضطردا وان حرب المعلومات تصنف في المجال غير العسكري ، وفي هذه الحالة فان التحكم بالمعلومات يصبح اكثر تعقيدا.

 

الشبكات الاجتماعية ، ساحة التحكم بالادراك والمعرفة وبث الروايات

لقد تغيرت حروب اليوم بسبب قضية نقل المشاهد، فبامكان الوسيلة الاعلامية ان تستغل الصور والمشاهد وتحقيق الاهداف السياسية من دون استخدام اساليب عسكرية تقليدية. ان الدول التي تستخدم الصورة لتقديم قراءة عن رواية حكومية، هي اكثر نجاحا من الدول التي لا تتبع مثل هذه الاستراتيجية لتحقيق اهداف سياسية في ساحة حرب المعلومات.

تترك الوسيلة الإعلامية تأثيرها على الرأي العام والمشاعر وسلوك المجتمعات ، بشكل يعود بالنفع على اصحاب تلك الوسيلة الإعلامية. ان الوسيلة الإعلامية تؤثر على رؤية المواطنين ، ويمكن استخدام الوسيلة الإعلامية في اطار بروباغاندا للتأثير على نمط تفكير المواطنين وتلقينهم . ان الحرب النفسية يمكن ان تبدأ قبل الحرب الاصلية بكثير . وعلى غرار الكثير من الأدوات فان الوسيلة الإعلامية تخدم تحقيق اهداف الحكومات.

لقد جاء في تقرير لمكتب العلاقات الاستراتيجية لحلف الناتو حول دور الشبكات الاجتماعية في الحروب الهجينة “ان شبكات التواصل الاجتماعي تم استخدامها مرات عديدة وبصورة استراتيجية على يد نشطاء حكوميين وغير حكوميين لترك تأثير على الساحات الافتراضية والحقيقية ، وبعض نماذجها هي :

الحملات ضد اعمال الشغب في افغانستان والعراق، حرب “اسرائيل” على قطاع غزة وحزب الله في لبنان، احداث الربيع العربي وعدد آخر من الثورات الملونة، تأثير الشبكات الاجتماعية في هجمات الناتو في ليبيا وحرب سوريا الداخلية ومؤخرا في أوكرانيا.

وحسب تركيبة بناء الدولة المستهدفة يمكن لأميركا وضع سيناريوهات مختلفة للحروب الهجينة من اجل خلق الازمات وعسكرة الاضطرابات وتسليحها لتطبيق حلول تم هندستها لإظهار التغييرات المنظمة وكأنها امر اعتيادي.

ما قاله مؤلف كتاب الحروب الهجينة “اندرو كوريبكو” في حوار مع وكالة انباء فارس :

ان شبكات التواصل الاجتماعي استخدمت في الاضطرابات الأخيرة في ايران لنشر اخبار مفبركة حول ما يسمى “آلية الزناد” ، ان هذه الاخبار المفبركة هي أداة لبلوغ هدف قديم وهو “الثورة الملونة”.

كما ان شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت أيضا أداة في يد مثيري الشغب للتنسيق بشأن جرائمها المزعزعة للحكم ، بواسطة المحتجين الذين يتواطئون بعلم مع الجهات الأجنبية وكذلك معظم الاشخاص الذين خدعوا على يد مواطنيهم الخونة .

ان جميع احداث الشغب الأخيرة في ايران مؤشر على السعي لأحداث ثورة تقليدية ملونة، وهي ثورة تسعى لزيادة التوترات السياسية والاجتماعية الموجودة عبر بث اخبار مفبركة. في هذا الأسلوب يتم الاستفادة من الاحتجاجات الناجمة عن التوتر الموجود ضد حكومة ما . لقد تمت مهاجمة ايران بأدوات هجينة مرة أخرى بسبب امتناعها عن تسليم مصالحها الوطنية المتعلقة بالمفاوضات النووية وتعاظم دور ايران في الحركة نحو عالم متعدد الأقطاب .

ويضيف كوريبكو ان شبكات التواصل الاجتماعي تقوم بربط الأشخاص المناوئين للحكم ببعضهم البعض ومن ثم تصنع منهم متطرفين عبر بث الاخبار المفبركة وتهيئ الأرضية لجرائم منسقة بينهم، ومن دون شبكات التواصل الاجتماعي تندثر خطة الثورة الملونة.

ان حرب المعلومات تهدف الى زيادة الشرخ في المجتمع وضرب استقرار البلاد وما يحدث في ايران يظهر بأن حرب المعلومات تركت اثرا في ايران لكنها عجزت عن سوق البلاد بالكامل نحو الفوضى الشاملة ، وستبقى تحديات هذه الحرب موجودة لكنها ليست عصية على الحل ، خاصة اذا اتحد المجتمع حول حب الوطن ومناهضة التدخلات الخارجية.

يجب على المواطنين التزود بادراك وفهم اعمق حول الاعلام لتشخيص الفرق بين الاخبار المفبركة والاخبار الحقيقية وتعلّم السيطرة على مشاعرهم بصورة افضل.

 

اميركا تسعى لتغيير النظام في ايران

فيما يتعلق بالخطوات الأميركية ضد ايران يقول كوريبكو ، ان علماء العلوم الانسانية والثقافة في اميركا وكذلك الايرانيين المناوئين في المهجر واجهزة المخابرات والخبراء الاقليميين وعلماء العلوم الاجتماعية ، قد درسوا لسنوات المسار السياسي والاجتماعي والامني في ايران عن كثب ولذلك يعلمون بالاخطاء الموجودة وبثوا الاخبار المفبركة التي تستخدم كسلاح ومن المتوقع انتشارها بشكل اكبر ، ومن ثم يقوم هؤلاء بتطبيق سياسة فرق تسد عبر شبكات التواصل الاجتماعي وعملائهم.

ان الهدف الاستراتيجي الأميركي الكبير هو تغيير النظام في ايران ومن ثم بلقنة ايران، هذا البلد التاريخي، بصورة رسمية او غير رسمية عبر سيناريو البوسنة المسماة “فيدرالية الهوية” ، ان ايران تعاقب الان بسبب وقوفها الدائم مع العدالة امام المؤامرات الأميركية و”الاسرائيلية” والسعودية في المنطقة.

 

الحل ليس حذف شبكات التواصل الاجتماعي

يقترح كوريبكو فرض رقابة على شبكات التواصل الاجتماعي في ايران للتعرف على التهديدات الامنية السرية واحباطها بشكل احترازي ، فهذه الشبكات سيف ذو حدين فاما تسخدم لسياسة “فرق تسد” او تستخدم “لتوحيد المجتمع” حسب مستخدميها واهدافهم فلذلك يجب على الحكومة الايرانية والمجتمع المدني الوطني اتخاذ تدابير عميقة لاستخدام ايجابي لوسائل التواصل الاجتماعي.

 

المعايير المزدوجة لشبكات التواصل الاجتماعي في القلاقل الأخيرة في ايران

لم تراعي وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات مثل تويتر وانستاغرام حتى قوانينها الذاتية وكذلك القوانين الدولية فيما يتعلق بمنع بث العنف والتعليمات المتطرفة فيما يخص القلاقل في ايران، بل في المقابل منعت نشر الروايات التي تدعم الوحدة والوئام الاجتماعي.

حسب بيان أجهزة الامن الايرانية، قامت تويتر خلال شهر واحد (بين 11 سبتمبر و 12 اكتوبر) بايجاد 50 الف متتبع فارسي جديد بهويات مزورة للعمل ضد الحكومة الايرانية ، في وقت كانت تويتر تشهد زيادة 4 الاف حساب للايرانيين شهريا فقط في السابق . كما قامت تويتر بمضاعفة قدرة نشر الرسائل لكل متتبع بمعدل 10 اضعاف في الساعة الواحدة والغاء الكثير من القيود الاخرى، وبذلت كل ما في وسعها للمساهمة في تضخيم الاخبار المفبركة وتشديد الحرب الهجينة ضد المتكلمين باللغة الفارسية في جميع انحاء العالم.

وحسب هذا البيان فان شركة ميتا المالكة لانستغرام وواتساب قامت على غرار تويتر بنقض جميع القوانين الدولية والرسمية اثناء الاضطرابات في ايران واتخذت تدابير كالتغيير العمدي لمعايير الذكاء الاصطناعي لديها لبث الكراهية والعنف بصورة اكبر بكثير في اوساط المجتمع الايراني وبصورة هادفة.

  • المصدر: وكالة انباء فارس
  • المادة الصحفية تم نقلها من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع