الجيش الروسي يستكمل إجراءات التعبئة الجزئية.. ماذا بعد؟
السياسية- متابعات:
عمر معربوني*
بعد مرور حوالي شهر على إصدار الرئيس فلاديمير بوتين مرسوم التعبئة الجزئية، تبلغ من وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو استكمال الإجراءات واقفال باب الاستدعاء بوصول عدد المجندين الى العدد المقرّر وهو 300 الف، التحق 82 الف منهم بالجبهات بعد استكمال تدريباتهم ويستمر 218 الف آخرين بإتمام برامج التدريب المقرّرة لهم، علماً بأن معدل العمر الوسطي للذين تمّ استدعاءهم هو سن الثلاثين، وفي ذلك دلالة على ان الذين التحقوا هم من أصحاب الخبرات السابقة، ومن كافة الإختصاصات المرتبطة بالأعمال القتالية على الحدّين الأول والثاني لخطوط القتال.
إنّ اعلان استكمال إجراءات التعبئة الجزئية يحمل في طيّاته رسائل عديدة:
1ـ عسكرية:
ما يعني انّ العدد بات كافياً لتنفيذ المهام المطلوبة وتحقيق كامل الأهداف المعلنة سابقاً مع بدء العملية العسكرية الروسية الخاصّة في أوكرانيا، إضافة الى ترافق ذلك مع تغييرات ضرورية في شكل ومضمون العملية في المرحلة القادمة من ضمن الخطة الرئيسية التي لم تتغيّر مساراتها بشكل جوهري.
عسكرياً ايضاً، ستتمكن وحدات الجيش الروسي بوصول عدد القوات العاملة على الجبهات الى 400 الف عسكري من تغطية الحدّ الأمامي للجبهات والبالغ حوالي 1000 كلم من العمل، بمرونة اكبر سواء كانت في وضعية الدفاع او في وضعية الهجوم، وستحقق بالتأكيد إنجازات بحجم اكبر عن تلك التي حققتها في المراحل السابقة.
نقطة أخرى في الجانب العسكري ترتبط بحجم قوات الدعم للقوات من خلال زج مئات الدبابات والآف العربات القتالية المدرعة ومئات المدافع والراجمات ووسائط الدفاع الجوي والحرب الإلكترونية ما سيضيف للوحدات الروسية قدرات نارية اكبر بثلاث مرات من القدرات الحالية.
غير ذلك من المتوقع ان يتم استخدام حوالي 100 الف من وحدات التعبئة في مهام التثبيت والأمن والحراسة في المواقع الخلفية ضمن المناطق الأربعة، وإعادة زج الوحدات النظامية التي تتولى هذه المهام في عمليات الحدّ الأمامي، وهي بالمناسبة وحدات تمتلك خبرات قتالية عالية تتجاوز خبرات وحدات التعبئة وهذا سيمنح الجيش الروسي قدرة الدفاع المرن والهجوم بقوة عند الضرورة.
واستطراداً، وهي مسألة شديدة الأهمية في النظرة الى آفاق العملية الروسية، وكان جواب الرئيس بوتين على سؤال أحد المشاركين في منتدى فالداي اذا ما كان يرغب في زيارة مدينة اوديسا، بأن اوديسا من أجمل المدن الروسية إشارة الى نيّة الرئيس بوتين باستكمال العملية حتى الوصول الى اوديسا مروراً بالطبع بتحرير مقاطعة نيكولاييف واللتين تُعتبران جزءاً لا يتجزأ من نوفا روسيا او روسيا الجديدة، واللتين ستعودان الى روسيا بعد تحريرهما على ان تصدر بشأنهما مراسيم العودة كما حصل مع جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك ومقاطعتي زاباروجيا وخيرسون.
لكن يبقى ان المهمة الأساسية الآن ولاحقاً هي استكمال ما تبقى من مقاطعتي زاباروجيا وخيرسون وايضاً جمهورية دونيتسك.
ومن المتوقع مع دخول فصل الشتاء ان تلتزم الوحدات الروسية استراتيجية الدفاع المرن مع بعض العمليات الهجومية الضرورية حتى انتهاء فصل الشتاء، لكن هذا التدبير غير ثابت ويمكن ان نشاهد مشهداً مختلفاً تماماً انطلاقاً من حجم المتغيرات في الوحدات الروسية، وايضاً لعدم اتاحة الفرصة للجيش الأوكراني بتنظيم صفوفه واكتساب عامل الوقت.
2- اجتماعية
من الواضح انّ وزير الدفاع الروسي كان حازماً عندما قال انه لن يكون هناك أي استدعاء لمجندين جدد وهذا يحمل في طياته رسالة مزدوجة:
ــ للداخل الروسي بأن وتيرة الحياة ستستمر بشكل طبيعي وان الأمور ستكون على ما يرام وان 300 الف وهو عدد المجندين لن يؤثر على سير الحياة الاجتماعية وايضاً الاقتصادية وهذا ما يمكن اعتباره رسالة طمأنة للمجتمع الروسي.
ــ للخارج وهي بمثابة رسالة تحدي ان روسيا ستحقق أهداف العملية بعدد محدود من القوات لن يتجاوز ال 500 الف ضابط وجندي بمواجهة مليون جندي اوكراني مدعومين من اميركا والغرب تسليحياً ومالياً.
ختاماً: مع وجود هذا العدد من القوات واكتساب خبرات هائلة للجنود الذين شاركوا في العمليات السابقة يمكن القول ان المرحلة القادمة ستكون مختلفة تماماً، سواء بالنسبة لأداء الوحدات الروسية او بالنسبة لحجم الدعم الأميركي والغربي والذي سيتصاعد بشكل جنوني اذا ما بدأت الوحدات الروسية بتحقيق منجزات منظورة بعد انكفائها من بعض المناطق والتموضع في حالة الدفاع لأسباب مختلفة على رأسها النقص في عدد القوات الذي كان يشارك في مهام العملية.
- باحث في الشؤون السياسية والعسكرية
- المصدر: موقع العهد الاخباري
- المادة الصحفية تم نقلها المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع