السياسية: عبد العزيز الحزي

كالعادة، جاءت ردة فعل الغرب عموما والولايات المتحدة خصوصا إزاء العدوان الصهيوني الأخير على قطاع غزة كنوع من أنواع التبرير والدعم لـ”حق العدو الصهيوني بالدفاع عن نفسه”.

ويتضح ذلك بإدانة الإدارة الأمريكية للهجمات الصاروخية التي شنّتها حركة الجهاد وتبرير عمليات الاغتيال والقصف الصهيوني للأحياء المدنية والمدنيين في غزة قطاع غزة.

لكن ما أخفق فيه المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي هو في توضيحه ما إذا كان الفلسطينيون العزل بالنسبة للعدو الصهيوني -الذي يملك ترسانة عسكرية- أيضاً لهم حق الحماية والدفاع عن النفس– وماهي الجهة التي تتوقّعها واشنطن أن تؤمن هذه الحماية.

فلو كان للعدو الصهيوني حق الدفاع عن نفسه من خلال شن غارات جوية دمرت المنازل والمدارس الفلسطينية، فلا شكّ أن للفلسطينيين الحق بحماية أنفسهم من العنف الصهيوني الوحشي المتصاعد الذي أدى إلى قتل الكثير في الأيام القليلة الماضية فقط، بالإضافة إلى إصابة مئات المدنيين.

كما أكد المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي بيتر ستانو في بيان أن العدو الصهيوني” له الحق في حماية سكانه المدنيين ولكن يجب القيام بكل ما يمكن لمنع نشوب نزاع أوسع من شأنه أن يؤثر في المقام الأول على السكان المدنيين من كلا الجانبين ويؤدي إلى ضحايا جدد ومزيد من المعاناة”.

ويعتمد العدو الصهيوني تكتيكات غير قانونية لممارسة عقاب جماعي في غزة، فارضةً حصاراً على مساحة يقطنها اكثر من 1,9 مليون شخص بينما تقصف المنازل والمدارس من وقت لآخر، هذا من دون أن نأتي على ذكر الممارسات الصهيونية في الضفة الغربية.

وبرهن الاعتداء الوحشي أنّ العدو الصهيوني لا يدافع عن نفسه، بل تراه يحمي مشروعها الاستعماري في فلسطين حيث اختار بناء المزيد من المستعمرات في فلسطين بالتالي، إذا كان هذا العدو يدافع عن شيء واحد، فهو مشروعه الاستعماري.

وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية أن بلادها “تدين إطلاق الصواريخ على الأراضي الفلسطينية المحتلة وتكرر تمسكها غير المشروط بأمن العدو الصهيوني”.

في بريطانيا أعلنت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس السبت الماضي أنها تدعم حق العدو الصهيوني في “الدفاع عن نفسه”.

وأضافت تراس التي تسعى لخلافة بوريس جونسون على رأس الحكومة البريطانية “ندين المجموعات التي تطلق النار على مدنيين والعنف الذي أسفر عن ضحايا من الجانبين”.. داعية في نفس الوقت إلى “نهاية سريعة للعنف”.

وبهذا يدرك الجميع تماماً أنه لا يعول على الغرب وخاصة الدول الكبرى (الولايات المتحدة، بريطانيا، فرنسا) في تحقيق سلام وإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة أو أي شيء من هذا القبيل وأن خيار المقاومة خيار لا رجعة عنه من أجل تحرير الأرض المغتصبة في فلسطين.

ويتعين على واشنطن وأخواتها من الدول الغربية اتخاذ إجراءات فورية لتجنب نفاق تشريع العنف الصهيوني ضد المدنيين الفلسطينيين تحت ستار “الدفاع عن النفس” وأن تمتنع تلك الدول عن استخدام اللغة التي تنزع شرعية حق الفلسطينيين بالأمن والحماية وعد توفير غطاء لتصعيد العقاب الجماعي غير القانوني الذي يفرضه العدو الصهيوني على الفلسطينيين.

ويجب ألا تكون واشنطن في موقف يبرر فيه قتل المدنيين الفلسطينيين العزل وإعطاء الضوء الأخضر للعدو الصهيوني لقصف المدن والمدنيين تحت شعار “حقّ كيان إسرائيل في الدفاع عن النفس”.

وكان العدو الصهيوني قد أعلن أن العملية التي شنها الجمعة الماضية ضد قطاع غزة “استباقية” وقتل خلالها اثنين من قادة حركة الجهاد فيها وهما تيسير الجعبري وخالد منصور بالإضافة إلى عدد من عناصر الحركة.

واستشهد خلال العدوان الصهيوني على غزة 45 فلسطينيا بينهم 16 طفلا وأصيب 360 بجروح وفق وزارة الصحة في غزة.

وتجنبا لتصعيد العنف وسقوط مزيد من الضحايا والمعاناة، دعا المجتمع الدولي العدو الصهيوني وحركة الجهاد الإسلامي إلى التحلي بضبط النفس وتهدئة الوضع من أجل نهاية سريعة لدوامة العنف القائمة بين الطرفين.

وأعربت روسيا عن “قلقها البالغ” ودعت الجانبين إلى إبداء “أقصى درجات ضبط النفس”.

وجاء في بيان للمتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا: “نراقب بقلق بالغ تطور الأحداث التي يمكن أن تؤدي إلى استئناف المواجهة العسكرية على نطاق واسع وتفاقم تدهور الأوضاع الإنسانية المتردية أصلا في غزة”.

ودعت زاخاروفا “كل الأطراف المعنيين إلى إبداء أقصى درجات ضبط النفس ومنع تصعيد العمليات المسلحة وإعادة تفعيل وقف مستدام لإطلاق النار فورا”.

في السياق ذاته أكد القائد العام للحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي أن الفلسطينيين “ليسوا وحدهم” في مواجهة العدو الصهيوني.

وفي بيان له قال سلامي: “اليوم.. كل القدرات الجهادية المعادية للصهاينة تقف صفا واحدا في الميدان وتعمل على تحرير القدس الشريف واستعادة حقوق الشعب الفلسطيني”.

كما أعلن الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في بيان أيضاً أن “الجرائم التي ارتكبها كيان الاحتلال في قطاع غزة الليلة الماضية تكشف عن طبيعته العدوانية”.

من جهتها أعربت الأمم المتحدة على لسان مبعوثها للسلام في الشرق الأوسط، تور وينيسلاند، عن “قلق عميق”.. محذرا من أن التصعيد “خطير جدا”.

ودخلت الهدنة حيز التنفيذ الأحد عند الساعة 23,30 بالتوقيت المحلي لفلسطين وتمت بفضل وساطة مصرية.

سبأ