اقبال دول الخليج الفارسي على ايران وفرص النهوض بالمنطقة
السياسية:
لم تهدر أي منطقة من العالم طاقاتها وامكانياتها وثرواتها وقرارها وكنوزها الانسانية مثل منطقة الخليج خلال العقود الماضية، ولولا هذا التفريط لكانت هذه المنطقة الآن القلب النابض للعالم وأنموذجا للتطور والرقي امتدت اعناق الأمم الاخرى اليها.
حروب وغزوات واراقة أنهر من الدماء واصطفافات وشراء مئات المليارات من الدولارات من الاسلحة بل الآلاف، وتكديسها والاستعانة بقوى اجنبية كبرى ضد الشقيق والصديق والجار، شهدتها هذه المنطقة منذ ان قرر النظام البعثي العراقي المجرم ان يلطخ يده بيد الشرفاء والاحرار من ابناء الشعب العراقي ومن ثم الشعب الايراني مدعوما بمن دعمه، والحبل على الجرار الى يومنا هذا حيث ارتوت ارض هذه المنطقة بدماء الكويتيين والبحرانيين واليمنيين و…
هاجرت عقول هذه المنطقة للخارج وأصبحت مليئة بالقواعد العسكرية الاجنبية وهؤلاء الاسياد الاطلسيون فعلوا كل شيء لمنع تطور دول هذه المنطقة علميا واقتصاديا وسياسيا وتنمية بشرية فقط لكي تبقى دولها تحت السيطرة وسهلة الحلب لثرواتها التي أسمنت بنوك اميركا وبريطانيا والدول الغربية فيما تحتضن المنطقة افقر دولة عربية وافقر شعب واسوأ مجاعة ومأساة انسانية و…
ما نذكره ليس نبشا للماضي، لكن من الضروري ادراك حجم وعمق هذه الكارثة لكي يشتد العزم على طي صفحة الماضي وعدم العودة اليها بعد المتغيرات العالمية التي حتمت على دول المنطقة ان تبحث عن مصالحها الحقيقية على وجه السرعة قبل ان يفوتها القطار في زمن، لا يدري أحد ما تخبئه المرحلة القادمة.
خلال الايام الماضية صدرت اشارات لا يمكن وصفها الا بالايجابية من قبل دول عربية في الخليج ومنها السعودية والامارات والكويت تجاه الجمهورية الاسلامية الايرانية حيث ابلغ السعوديون الحكومة العراقية برغبتهم في الحوار السياسي العلني مع ايران وطلبوا من العراق استضافة وترتيب لقاء مباشر بين وزيري الخارجية الايراني والسعودي في بغداد وذلك بعد 5 جولات من المفاوضات غير العلنية والتي عقدت على المستوى الامني.
ويوم امس الثلاثاء أكد وزير الخارجية الكويتي احمد ناصر الصباح ، أن القيادة السياسية في الكويت تريد طي صفحة الماضي وتعزيز العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية. واعرب الوزير الكويتي في اتصال هاتفي مع نظيره الايراني عن تقديره لمبادرة ايران لتطوير العلاقات مع دول المنطقة، مفندا التكهنات التي اُطلقت قبيل القمة والزاعمة أنها موجهة ضد إيران، مشددا على أن تصريحات زعماء المنطقة أكدت دوما على ضرورة إقامة العلاقات الجيدة مع إيران والحفاظ عليها.
وفي الامارات أعرب وزير الخارجية يوم أمس الثلاثاء ايضا، عن الامل باتخاذ خطوات كبرى لتنمية العلاقات مع ايران.
وفي محادثات هاتفية مع نظيره الايراني، أشار الشيخ عبدالله بن زايد وزير الخارجية الإماراتي إلى المصالح المشتركة لدى البلدين في تنمية العلاقات بينهما، معتبرا رفع مستوى التمثيل السياسي بأنه يأتي في إطار أهمية تطوير العلاقات بين البلدين الجارين ورغبة الشعبين الشقيقين وإرادة كبار .
وأردف الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان: إن سلام إيران واستقرارها وخيرها وشرفها باعتبارها جارة وشقيقة لنا، هو أمر مهم للغاية بالنسبة لنا، لأنه كذلك يترك أثرا إيجابيا على بلادنا، معربا عن أمله باتخاذ خطوات كبرى في المستقبل لتنمية العلاقات بين الجانبين.
اما سلطنة عمان فقد سعت منذ أمد بعيد الى التوسط لحل الخلافات والازمات، كما ان دولة قطر تلعب ايضا دورا ايجابيا للتوسط لحل الخلافات والأزمات، والعراق ايضا ورغم مشاكله الداخلية يسعى الى القيام بالوساطات للتقريب وتجاوز الازمات، وقد شكر وزير الخارجية الايراني المساعي الحميدة هذه.
لقد بات واضحا ان قادة دول المنطقة ادركوا اهمية دور ايران واهمية بناء علاقات ايجابية معها بسبب عدة عوامل ومنها تطور ايران في مختلف المجالات السياسية والاستراتيجية والعلمية والعسكرية واستحالة احتوائها كما كان يريد الاميركيون.
ولا نظن بأن اعادة الامور الى مجاريها ستحدث بين ليلة وضحاها ولكن ان تأتي متأخرة أفضل من لا تأتي ابدا، وحرصا على نجاح الخطوات التقاربية الايجابية ينبغي الوقوف عند النقاط التالية:
– الشؤون الثنائية بين ايران وبين كل دولة من الدول التي تريد التقارب معها شأن يخص أصحاب الشأن، لكن بقاء اليمن نازفا و سوريا مدمرة ولبنان محاصرا والشعب البحريني مهضوما والعراق غارقا في مشاكل سياسية تغذيها التدخلات الاجنبية، هي عقد ينبغي حلها لانها شئنا ام أبينا ستمنع الحل الحقيقي في المنطقة.
– لقد سبقتنا تل أبيب وقامت بتفخيخ مسار التقارب الايراني الخليجي، بمد خيوط التعاون الامني التطبيعي مع بعض الدول في المنطقة وزرع مكاتب امنية، لتفجر الازمات بين هذه الدول وايران حينما شاءت وبكبسة زر من بعيد، وقد قالها وزير الامن الايراني يوم أمس الثلاثاء بأن “اية دولة تحوي وكرا يعمل ضد امننا لن يكون بمأمن عن الرد الايراني”.
– لن يصمت الكيان الصهيوني ولا اميركا حيال هذا التقارب، وهم الذين جاؤوا الى جدة السعودية من اجل خطة تباعد ونسج احلاف عسكرية وامنية، وسيقوم هؤلاء بهجمة عكسية، وما الاجتماع العسكري الاميركي القطري قبل أيام في الدوحة واعلان الاميركيين من هناك بأنهم درسوا مع القطريين الطائرات المسيرة الايرانية وان مهمتم هي التصدي لقوة الطائرات المسيرة الايرانية الا خطوة من خطوات الهجوم العكسي هذا لاعادة عقارب الساعة الى الوراء.
– اعتبار التعاون الاقتصادي والتجاري والمالي بين دول المنطقة هو رمز نجاح خطة التقارب السياسي، وقيام المعنيين بأخذ هذه النقطة بعين الاعتبار ، خاصة وسط التطورات على الساحة الدولية التي اظهرت بان منطقة الخليج هي مفتاح الفوز في المواجهة العالمية المحتدمة، فمهما قيل فان مجيء قادة قطبي المواجهة العالمية في آن واحد الى هذه المنطقة له معنى واضح.
– ضرورة اعتبار القضية الفلسطينية والاقصى الشريف القضية الاولى والاهم لكافة المسلمين والتوجه نحو اسناد الشعب الفلسطيني في مقاومته وصموده، لأن شرف الامة رهن بهذه القضية ومن دون الشرف لا معنى للاقتصاد والرقي والتطور ورغد العيش و ما شابه، ولايقيم الآخرون شأنا لأمة لاتصون شرفها.
واخيرا نقول ان سياسة الحكومة الايرانية الجديدة لتعزيز العلاقات مع الجوار يبدو انها تسجل نجاحا ملحوظا، واليد الايرانية الممدوة نحو دول المنطقة يمكن اعتبارها حبل انقاذ لمصلحة الجميع، وخير البرّ عاجله.
بقلم: فريد عبدالله
المادة الصحفية نقلت حرفيا من موقع وكالة انباء فارس الدولية وتعبر عن راي الكاتب