أنبوب الغاز من نيجيريا عبر الجزائر والمغرب.. أسباب عدم الاهتمام الأوروبي
السياسية – رصد :
أعلن وزير الطاقة النيجيري تيمبري سيلفا، خلال مؤتمر صحفي في أبوجا، أن بلاده بدأت مدَّ خط أنابيب الغاز العابر للصحراء نحو الجزائر، بهدف توصيل الغاز إلى أوروبا.
ونقلت قناة الجزائر الدولية، في تقرير لها، عن سيلفا قوله، إن الجدوى الاقتصادية والمردود المالي لخطّ الأنابيب الذي سيحمل الغاز النيجيري عبر للجزائر نحو أوروبا، أعلى بكثير من المشروع الموازي المقترح من جانب المغرب.
وأضاف سيلفا: “إذا تمكّنّا من توصيل الغاز النيجيري إلى الجزائر فهذا يعني توصيله إلى أوروبا، فالجزائر تمتلك بنية تحتية وخطوط نقل جاهزة نحو أوروبا”.
ولم ينخرط الاتحاد الأوروبي في دعم أنبوب الغاز من نيجيريا الى الجزائر ثم أوروبا ولا عبر الأراضي المغربية، رغم حاجته الماسة الى هذه الطاقة للقطع مع الغاز الروسي مستقبلا، حيث تراهن نيجيريا على كل من المغرب والجزائر لبيع غازها الى الأوروبيين خلال السنوات المقبلة.
وتخوض نيجيريا مفاوضات مع كل من الجزائر والمغرب لبناء أنبوبي غاز، وتجتهد في هذا الشأن لأنها تدرك أنها أمام الفرصة الذهبية التي لا تعوض، لكن مشروعي أنبوبي الغاز لم يحظ حتى الآن باهتمام كبير من طرف الاتحاد الأوروبي، فقد أحجم الاتحاد الأوروبي عن التعهد بتمويل أنبوب الغاز والمساهمة على الأقل في الدراسات، ولم تبد أي دولة على حدة مثل المانيا الاهتمام بأنبوبي الغاز، ولا توجد توصيات رئيسية وإصرار أوروبي على الأنبوبين.
ولم تعرف الأسباب التي تجعل الاتحاد الأوروبي غير متحمس للأنبوبين رغم حاجته الى الغاز كبديل للغاز الروسي، ويبدي حتى الآن اهتمامه بتطوير واردات الغاز من الجزائر، وقد كانت إيطاليا سباقة الى هذا باتفاق مع هذا البلد، وقد تليها المانيا خلال الشهور المقبلة.
وتصدر نيجيريا أكثر من 12 مليار متر مكعب من الغاز الى أوروبا وبالخصوص الى اسبانيا، وهي كمية محدودة نظرا للقدرة الإنتاجية للبلاد.
وبدوره، يهتم الحلف الأطلسي بالغاز الجزائر ومصادر أخرى دون إبداء اهتمام كبير بأنبوبي نيجيريا عبر كل من الجزائر والمغرب، وكان الاتحاد الأوروبي قد وضع قبل الحرب خريطة طريق للغاز للدول الأوروبية شملت تعزيز نقل الغاز المسال عبر السفن العملاقة، ثم الرفع من القدرة التصديرية لأنابيب الغاز الجزائرية نحو أوروبا سواء عبر اسبانيا أو إيطاليا دون تخصيص حيز يذكر لأنبوبي نيجيريا حتى الآن.
وفي ظل اللامبالاة الأوروبية، يحظى أنبوبا الغاز من نيجيريا باهتمام من طرف المغاربة والجزائريين، وتتسابق صحافة البلدين على إظهار أفضلية وأسبقية الأنبوب الذي يمر عبر بلدها.
وفي البحث عن الأسباب، كشف وزير النفط النيجيري تيمبري سيلفا أن بلاده تتوفر على أكثر من 206 تريليونات قدم مكعبة من احتياطي الغاز الطبيعي. واحتياطي غير مؤكّد يبلغ 600 تريليون قدم مكعبة تريد نقله إلى أوروبا عبر شمال إفريقيا.
وقال المتحدث إن بلاده والمغرب ما زالا يسعيان للحصول على أموال لتمويل مشروع خط أنابيب ضخم لنقل الغاز النيجيري. إلى شمال إفريقيا ثم إلى أوروبا، بما أن نيجيريا هي الأولى في إفريقيا في هذا المجال والسابعة في العالم.
الوزير النيجيري قال إن الروس زاروا مكتبه الأسبوع الأخير من شهر أبريل 2022 وقدموا له عرض تمويل أنبوب الغاز. وهناك مقترحات. أخرى عالمية إلا أن نيجيريا التي تعتبر بديلاً في منظمة الأوبك لم تحسم بعد قضية التمويل.
وأمام التحدي المالي، فأمام المستثمرين المحتملين للمشروع القبول بالوضع الأمني في المنطقة. فنيجيريا التي سينطلق منها الغاز. تنشط فيها مجموعة بوكوحرام الإرهابية، كما أن الصحراء الغربية في نظر القانون الدولي منطقة متنازع عنها.
إضافة إلى أن العديد من الدول التي يعبر عليها خط الغاز على غرار ساحل العاج وتوغو وغانا وغينيا بيساو، لديها توترات أمنية متواترة في الكثير من الأحيان.
ويرى البعض ان المسار المغربي يتضمّن الأراضي الصحراوية المحتلّة والمتنازع عليها والتي يعتبرها القانون الدولي اقليما مستقلا عن المغرب. هو ما يجعل من تنفيذ المشروع مستحيلا، بالنظر إلى عدم سماح الشعب الصحراوي ممثلا في جبهة البوليساريو بمرور الأنبوب على أراضيه. ربما هذه هي أبرز الأسباب لعدم اهتمام أوروبا بهذا الخط.
ودخلت الجزائر في سباق محموم مع المغرب للظفر بغاز نيجيريا عبر أنبوبين متنافسين: الأول عابر للصحراء يمر بالنيجر والجزائر، وتعود فكرة إنشائه لسبعينيات القرن الماضي، قبل أن توثق رسميًا بين البلدين في 2002. غير أن التنفيذ ظل يتعثر إلى يومنا هذا لأسباب مختلفة. أما مشروع الأنبوب الثاني فينطلق من نيجيريا أيضا ليعبر12 بلدًا في غرب إفريقيا قبل أن يصل إلى المغرب ثم أوروبا.
ورغم أن الجزائر والمغرب يتنافسان بشدة من أجل الفوز بعبور أنبوب الغاز النيجيري نحو أوروبا الذي سيعبر أحدهما، إلا أن نيجيريا لا تنظر إلى المشروعين من زاوية المنافسة، ولكنها ترى فيهما وسيلتين متكاملتين لإيصال غازها إلى الأسواق الأوروبية.
ويبدو أن المشروع المغربي آيل للفشل مقارنة بالمشروع الجزائري، بعدما أعلن وزير النفط النيجيري أن بلاده والمغرب يعملان لاستكمال البحث عن رأسمال لتمويل مشروع خط الأنابيب العملاق بين البلدين.
وأوردت تقارير نيجيرية أن أعضاء في البرلمان وجهوا طلبًا إلى مؤسسة النفط الوطنية النيجيرية من أجل تقديم معلومات تتعلق بالتنفيذ واستخدام الأموال وحالة المشروع، مع مطالبة الشركة بمراجعة الخطة الوطنية للغاز الرئيسية المتعلقة بالمشروع “لتتوافق مع متغيرات الاقتصاد العالمي اليوم”.
كما كلّف مجلس النواب النيجيري لجنته المعنية بموارد الغاز بضمان الامتثال للقرارات وتقديم تقرير في غضون أربعة أسابيع لاتخاذ مزيد من الإجراءات التشريعية.
وأكد مسؤول نيجيري أن حكومة بلاده تعمل في الوقت الحالي على بناء خطوط أنابيب لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا، لكنها ما زالت تفاضل بين إمكان تصديره عبر الجزائر أم المغرب.
واعتبر العضو المنتدب لشركة النفط الوطنية النيجيرية، ميلي كياري، أمام منتدى الطاقة العالمي للمجلس الأطلسي،أن أبوجا تعول على الغاز الطبيعي للقيام بدور رئيس في إستراتيجيها للتحول بعيدًا عن الوقود الأكثر تلوثًا إلى طاقة أنظف.
المسؤول النيجيري أكد، في تصريحات صحفية، على وجود مفاوضات مع الجزائر والمغرب في آن واحد للوقوف على الصيغة الأمثل لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا.
وقال، في هذا الصدد، “نعمل على بناء البنية التحتية الهائلة للغاز، اللازمة لضمان وجود إمدادات كافية من الغاز النيجيري في السوق المحلية، وتوفير جزء من غاز نيجيريا للأسواق العالمية، كما نحاول أن نرى كيف يمكننا بناء شبكة من البنية التحتية لخطوط الأنابيب التي ستوصل الغاز النيجيري إلى أوروبا، عبر الجزائر أو المغرب”.
وأعلنت نيجيريا انطلاق العمل في مشروع خط أنابيب نقل الغاز “إيه كيه كيه” -الذي يرتبط بمشروعات خطوط أنابيب الغاز في الجزائر- وبدء تشغيله في الربع الأول من 2023، بدلًا من العام الجاري 2022.
ويتضمن المشروع إنجاز خط أنابيب للغاز يزيد طوله على 4 آلاف كيلومتر، ويمتد من نيجيريا وصولًا إلى أوروبا، عبر الجزائر والنيجر، لنقل كمية كبيرة من الغاز النيجيري نحو القارّة العجوز.
ويستهدف المشروع نقل 30 مليار متر مكعب من الغاز النيجيري سنويًا إلى أوروبا، إذ تُقدَّر تكلفة المشروع بنحو 20 مليار دولار أمريكي.
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من موقع الوقت التحليلي