“أردوغان” في السعودية.. الأسباب والنتائج
السياسية :
يمر ما يقارب أربع سنوات على اغتيال الصحفي السعودية المعارض “جمال خاشقجي” في قنصلية السعودية في إسطنبول، ونرى اليوم بان العلاقات السعودية التركية تعود إلى طبيعتها، وفي أهم خطوة تدل على هذه المرحلة قام رجب أردوغان بزيارة السعودية وقد التقى بولي العهد السعودية محمد بن سلمان.
يأتي هذا اللقاء بعدما كانت علاقات الجانبين قد شهدت توترات كثيرة طيلة السنوات الأربعة الماضية، إذ عد أردوغان محمد بن سلمان بأنه من أصدر أوامر قتل خاشقجي كما صرحت الكثير من المؤسسات الأمنية الغربية ومنها السي أي ايه بهذه الفرضية، مع ان أردوغان لم يكن يريد إجراء أي حوار مع ولي العهد السعودي وطالب بمحاكمته، لكن تغيير توجهات أردوغان في التعامل مع السعودية وحلفاءها بسبب الحاجة الاقتصادية، شكّل وضعا مختلفا.
هذا وقد أعلن مسئولون في تركيا أوائل الشهر الجاري بان الملف القانوني لاغتيال خاشقجي قد تم نقله إلى السعودية، وان أنقرة لا تتابع هذا الملف، وبهذا قد وضعت ملف المقتول بيد القاتل، هذا الأمر عد خطوة مهمة في سبيل إزالة التوتر في العلاقات التركية السعودية، وقد أشارت وكالة رويترز إلى زيارة أردوغان التي تكتسب أهمية خاصة إلى السعودية وشددت على ان هذه الزيارة تتم في خضم الأزمة الاقتصادية التي تعاني منها تركيا، إذ تواجه تضخما قل مثيله في العقود المنصرمة.
ان ارتفاع أسعار الطاقة بعد الهجوم الروسي على أوكرانيا زاد من حدة التضخم والمشاكل الاقتصادية في تركيا، وفي بداية عام 2022 قال الرئيس التركي بعد العودة من الإمارات متحدثا عن علاقات بلاده بالرياض: ان حواراتنا الإيجابية مع السعودية مستمرة، وننتظر تحقيق تطورات عبر الخطوات الملموسة في الفترة القادمة إننا نريد ان نسير على مسار إيجابي في علاقتنا بالسعودية. يبدو ان القضايا الاقتصادية كانت إحدى المحاور الرئيسية للحوارات التي أجراها أردوغان مع قادة السعودية، كما قد حاول سابقا أردوغان بان يحسن علاقات أنقرة بكل من الإمارات ومصر وقد حقق نجاحات في هذا المجال. وغني عن القول بان أردوغان يواجه تحديات كثيرة داخليا ومنها المشاكل الاقتصادية وخفض سعر العملة التركية والتضخم وعلى هذا يبحث عن تحسين علاقات بلاده بدول المنطقة.
هذا وفي الزيارة التي قام بها أردوغان إلى الإمارات ابرم البلدان 13 اتفاقية تعاون في مختلف المجالات ومنها القضايا التجارية والدفاعية، كما طالب أردوغان من الشركات الإماراتية بان تقوم بالاستثمار في تركيا، وقد أعلن سابقا بان حجم التبادل التجاري بين البلدين يبلغ 8 مليارات دولار، وقد أكد أردوغان على ان الاتفاقيات تلك تعزز علاقات البلدين، وان بلاده تدعم الأمن والاستقرار في الإمارات وان امن الخليج جزء من امن بلاده، واليوم يحاول أردوغان ان يطبق نموذج تحسين العلاقات بالإمارات؛ مع السعودية.
ان تركيا وفي إطار تحسين ظروفها الاقتصادية السيئة، وبغية الاستفادة من إمكانيات السلطة ومكانتها كونها حلقة وصل بين الغرب والشرق الأوسط والعالم المسيحي والإسلامي والغرب والناتو مع روسيا وكذلك بهدف تحسين مكانتها في المعادلات والتحالفات الإقليمية بعد خروج أمريكا من المنطقة، توجهت إلى تبني مقاربة تحسين العلاقات مع كل دول المنطقة، بدءا من إسرائيل حتى السعودية واليونان إلى حد ما، وفيما يتعلق بالسعودية وتركيا وقبل ظهور الأزمة في العلاقات الثنائية بعام 2018 كانت تبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين إلى 6 مليار دولار وكانت تتركز على تصدير السلع التركية للسعودية.
لكن هذا الحجم قد تقلص إلى 290 مليون دولار، كما ان إحلال السائحين السعوديين ودول الخليج محل السياح الروس بعد الحرب الأوكرانية يحظى بأهمية قصوى لاقتصاد تركيا، فان مجموع هذه العوامل والأسباب تزيد من أهمية زيارة رجب طيب أردوغان إلى السعودية.
* المصدر : وكالة شفقنا العربي
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع