السياسية – رصد:

 

يأتي يوم القدس العالمي بعد سنتين من استشهاد قائد قوة القدس في حرس الجمهورية الإسلامية قاسم سليماني الذي عمل في كل أطراف محور المقاومة لأجل قضيته المركزية القدس وتحريريها ومواجهة المشروع الأمريكي والإسرائيلي في المنطقة. ففي مطلع العام 2020 اتخذت الإدارة الأمريكية والى جانبها الكيان المؤقت قرار اغتيال القائد سليماني بهدف وقف مسار تصاعد قوة محور القدس وقدراته.

إلا أن هاتين السنتين كشفتا الفشل الأمريكي – الاسرائيلي من تحقيق “الهدف”، فبدل أن يتوقف المسار التصاعدي لمحور المقاومة، تراجعت الهيمنة الأمريكية في ساحات عدّة في مناطق غرب آسيا والعالم، بالتزامن مع تصاعد انجازات وقوة المحور، وهذا ما يعترف به جيك سوليفان مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي قال “إيران أصبحت أقوى بعد اغتيال قاسم سليماني”.

فما هي أبرز الإنجازات الاستراتيجية التي حققتها دول محور القدس بعد شهادة القائد سليماني؟ وما هي انعكاساتها؟

فلسطين المحتلة

  1. معركة سيف القدس

شكلّت معركة “سيف القدس” محطة تحوّل كبرى ومفصلية في تاريخ محور المقاومة وتاريخ الثورة الفلسطينية في صراعها مع الكيان المؤقت، وفي تاريخ الصراع بين الأمة الإسلامية وهذا الكيان. وخلال هذه المعركة تواصَلت قيادة المقاومة في لبنان مع قيادة المقاومة الفلسطينية، واستمعت إلى تقييمها للأوضاع. أَبلغت المقاومة الفلسطينية “الإخوة في لبنان، بأن التقدير هو أن رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، لن يلغي مسيرة المستوطنين في القدس، وأن المقاومة ستنفّذ تهديدها وهو قصف العمق الإسرائيلي”. كذلك، أَبلغت قيادة “حماس”، المعنيّين في لبنان، بأن المقاومة الفلسطينية تتوقّع ردًّا إسرائيليًا عنيفًا وتصعيدًا يستمرّ لقرابة أسبوعين. في تلك الجلسة، وَضعت القيادتان خطَّين أحمرَين يُمنع تجاوزهما ويستدعيان تدخُّل محور المقاومة: الأول أن تستمرّ المعركة لما يقارب 50 يوماً كما جرى خلال حرب 2014، والثاني استهداف المخزون الصاروخي للمقاومة الفلسطينية واضطرارها لـ “الاقتصاد” في عملية إطلاق الصواريخ تجاه كيان الاحتلال، كما مع بدء المعركة رفعت المقاومة في لبنان درجة استنفارها خاصة لوحدتها الصاروخية.

يمكن اعتبار هذا المشهد مناورة لحرب تتوحّد فيها الجبهات، ولِما سيعيشه العدو في “حرب التحرير الكبرى”، وكلّ ما جرى في هذه المعركة من تنسيق بين فصائل محور المقاومة كان جزءاً من المناورة لمعركة إزالة الكيان المؤقت.

الآثار والتداعيات:

سجّل الفلسطينيون من خلال معركة سيف القدس سلّة من الإنجازات على صعيد القضية الفلسطينية:

_ دخول سلاح المقاومة في غزة على خط التأثير على الاحتلال في القدس، وقد يتطور ذلك في مشاهد أخرى ليشمل الاعتداءات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وربما بحق فلسطينيي الداخل المحتل.

_ هذه المعادلة تمثل تحولًا إستراتيجيًا تبنته المقاومة، وقد يعد بمثابة مسار نضالي جديد يعيد القضية الفلسطينية -التي حاولت صفقة القرن واتفاقيات أبراهام تصفيتها- إلى مربعها الأول، وتثبيت رواية الشعب الفلسطيني التاريخية المتمثلة بأحقيته في هذه الأرض، وأن دولة الاحتلال هي مشروع إحلال لمجاميع سكانية مكان شعب له هويته وأرضه.

_ شكلت الوحدة الفلسطينية النضالية في مواجهة الاحتلال في القدس والضفة الغربية وقطاع غزة والداخل المحتل، بديلًا عمليًا لمسار “المصالحة” أو مسار “الانتخابات الفلسطينية” الذي تبنته السلطة الفلسطينية والفصائل، ومضت سنوات دون إحداث اختراق حقيقي فيه. بل إن مسار الانتخابات قد فوت على الفلسطينيين فرصة الانتفاضة في وجه صفقة القرن وخطط الضم والتطبيع، وجاءت هذه الجولة من المواجهات لتعيد للفلسطينيين اعتبارهم.

_ استطاعت هذه الجولة بشموليتها في القدس وغزة والضفة والداخل، تثبيت الحق الفلسطيني في القدس، وتفنيد رواية الاحتلال بأحقيته في تهويد القدس وأحيائها.

_ قدّمت المقاومة في غزة نموذجًا قتاليًا محترفًا، وقدرة عالية على مواجهة العدوان الإسرائيلي والتعامل مع خطط الاحتلال، بما يحد من قدرته على إطالة أمد عدوانه ضد الفلسطينيين.

_ هبّة فلسطينيي الداخل المحتل برهنت -بما لا يدع مجالا للشك- أن الكيان المؤقت أضعف مما يحاول تقديم نفسه به، وأن لديه خاصرة رخوة وحساسة لم تعد بمعزل عن الفعل الفلسطيني المقاوم.

_ أثبتت هذه الجولة قدرة الفلسطينيين على إسقاط مشاريع “الأسرلة” الثقافية والديمغرافية في هذه المواجهة.

_ أن المقاومة الفلسطينية أفقدت الاحتلال عنصري المفاجأة والمبادرة، كما أحدثت هزة كبيرة في نظريته الأمنية، فتداعيات هذه الجولة شملت معظم عناصر النظرية الأمنية الإسرائيلية، كالردع، والحرب الاستباقية، والقتال في أرض “العدو”، والتنبؤ الإستراتيجي، وتماسك الجبهة الداخلية.

_ استطاعت المقاومة الفلسطينية أن تثبت للاحتلال ألا وجود لمعادلة الردع الإستراتيجي أو التكتيكي.

_ استطاع الفلسطينيون تقديم نموذج لحالة الاستنزاف التي قد يخضع لها الاحتلال بتعدد ساحات المواجهة معه في كل فلسطين المحتلة.

_ السردية السياسية التي قامت عليها “معركة سيف القدس” الأخيرة في قطاع غزة، تعد تغييرًا جوهريًا لقواعد الاشتباك بين الاحتلال والمقاومة الفلسطينية. حيث قامت هذه السردية على أساس أن المقاومة المسلحة في غزة قررت -بشكل واضح- أن يأتي ردها على اعتداءات الاحتلال في القدس والضفة الغربية، والاستجابة لهتافات المقدسيين وأهالي الضفة لقيادة المقاومة في غزة بضرورة التدخل.

_ أظهرت هذه الجولة أن هناك تحولات بنيوية وفكرية لدى الفلسطينيين، وتأثير ذلك على الشباب الفلسطيني في القدس والضفة الغربية على وجه الخصوص، يتجاوز تقديرات أجهز الاحتلال الأمنية.

_ أدى تماسك الرواية الفلسطينية في قضية القدس وحي الشيخ جراح والعدوان على غزة لتنامي المساندة والتعاطف على مستوى الفعاليات الشعبية والنقابية الدولية، وأظهرت الاحتجاجات الواسعة في عواصم عالمية حجم تنامي التعاطف مع الفلسطينيين وتجاوز رواية الاحتلال.

العراق

  1. قصف عين الأسد:

في 8 كانون الثاني / يناير 2020، أطلق حرس الثورة الإسلامية، في عملية عسكرية سميت باسم “عملية الشهيد سليماني”، العديد من الصواريخ الباليستية على قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار، غرب العراق، فضلاً عن قاعدة جوية أخرى في أربيل، كردستان العراق. وجاء هذا الهجوم ردًا على اغتيال اللواء قاسم سليماني من قبل الولايات المتحدة الأمريكية في 3 يناير 2020. كما استهدفت هذه القاعدة للمرة الثانية بـ 14 صاروخًا نهار الأربعاء 3 اذار 2021، وذلك في الساعة 7:30 صباحاً.

القيم الرقمية:

الاستهداف الأول:

أدعى الجيش الأمريكي والرئيس دونالد ترامب في البداية أنه لم تقع خسائر في صفوف القوات الأمريكية، لكن التلفزيون الإيراني أعلن عن سقوط 80 جنديًا أمريكيًا – في إحصاء أولي – وأكد أن أضرار جسيمة لحقت بالطائرات الهليكوبتر الأمريكية والعديد من المعدات العسكرية، رغم محاولة الأمريكيين إخفاء الحقائق.

وفي وقت لاحق أعلن ترامب أن الأضرار كانت “ضئيلة”. لكن وفقًا لصحيفة ذي ميليتن تايمز، قال كوماندوز أمريكي إن قاعدة عين الأسد الجوية تضررت بشدة. وأظهرت الصور التي التقطتها الأقمار الصناعية من قِبل شركة “بلانيت لابز” أضرارًا جسيمة لقاعدة الأسد الجوية. تعرضت 5 مبان على الأقل لأضرار في الهجوم الذي بدا دقيقًا بما يكفي لضرب المباني الفردية. وقال ديفيد شمرر، المحلل في معهد “ميدلبري” للدراسات الدولية في مونتيري الذي قام بتقييم الصور، “يبدو أن الهجمات أصابت مبان تخزن الطائرات، في حين لم تُضرب المباني المستخدمة لموظفي الإسكان”. وقال اثنان من مسؤولي الدفاع لنيوزويك إن 18 صاروخًا، سقطوا في قاعدة عين الأسد الجوية، وثلاثة منها على المدرج، في حين سقط صاروخ آخر على برج المراقبة الجوي. دمرت طائرة مروحية من طراز بلاك هوك وطائرة استطلاعية بدون طيار من طراز MQ-1. وشملت الهياكل التالفة أيضًا مجمع للقوات الخاصة، واثنين من حظائر الطائرات، بالإضافة إلى الغرف السكنية لمشغّلي الطائرات المسيرة.

الإصابات

أعلن العقيد غارلاند أنه كان هناك جنديان في أبراج حراسة في قاعدة عين الأسد الجوية، وخلال الهجمات الصاروخية دفعهما الضغط خارج مواقعهما، لكنهما عانيا ارتجاجاً فقط. في 16 يناير، أي بعد أكثر من أسبوع من الهجوم، أكد العديد من مسؤولي الدفاع الأمريكيين أنه “بدافع الحذر”، تم نقل 11 جنديًا أمريكيًا إلى المستشفيات العسكرية، ثلاثة منهم إلى معسكر عريفجان في قاعدة أحمد الجابر الجوية في الكويت وثمانية إلى مركز لاندستول الطبي الإقليمي في ألمانيا لعلاج الإصابات الدماغية واجراء المزيد من التقييمات. تم نقل أول جندي جواً من العراق في 10 يناير، بينما تم إجلاء الآخرين في 15 يناير. وفقًا لمسؤول دفاعي رفيع المستوى، “بعد حوالي أسبوع من الهجوم، ما زال بعض الأفراد العسكريين يعانون من بعض أعراض الارتجاج”. مشيرًا إلى أنَّ “هذا أصبح معروفًا فقط خلال الـ 24 ساعة الماضية”. وعلى النقيض من التقارير الأمريكية، زعمت صحيفة القبس الكويتية في 18 يناير أن 16، وليس 11، من أعضاء خدمة الولايات المتحدة نقلوا إلى معسكر عريفجان للعلاج، وهم أصيبوا بحروق شديدة وجروح من الشظايا بالأضافة إلى ارتجاج في الدماغ.

وفي 24 يناير، قال متحدث باسم البنتاغون إن 34 من أفراد الخدمة أصيبوا بارتجاج في الدماغ جراء الهجوم. وتم نقل 18 منهم إلى مركز لاندستول الطبي الإقليمي في ألمانيا، وتم نقل ثمانية منهم لاحقًا إلى الولايات المتحدة لتلقي العلاج في مركز والتر ريد الطبي العسكري. فيما تم نقل الباقي إلى الكويت. كما تم معالجة 16 من أفراد الخدمة في العراق وهم عادوا إلى الخدمة.

في 28 يناير، وفقًا لعدد من مسؤولي البنتاغون، تم فحص ما يقرب من 200 شخص كانوا في منطقة الانفجار وقت الهجوم بحثًا عن أعراض. ونتيجة لذلك، “تم تشخيص إصابة 50 من أفراد الخدمة الأميركيين بإصابات في الدماغ”. وقيل أن الأرقام قد تتغير. وقد عولج 31 منهم في العراق، بينما عولج 18 منهم في ألمانيا. وفي 30 يناير اعلنت وزارة الدفاع الأمريكية إن 64 جندياً أميركيا اصيبوا بارتجاج في الدماغ جراء الضربات الإيرانية.

وفي 10 فبراير، أكد البنتاغون في بيان له، أنه “حتى اليوم، تم تشخيص إصابة 109 من أفراد الخدمة العسكرية الأمريكية بإصابات خفيفة في الدماغ”.

الاستهداف الثاني:

أصيب 3 عسكريين أمريكيين في الهجوم الصاروخي الذي استهدف قاعدة عين الأسد الجوية العراقية، بالإضافة الى مجموعة من الخسائر المادية التي لم يعترف بها الأمريكي.

الآثار والتداعيات:

هذه الاستهدافات لقاعدة عين الأسد حملت رسائل عدّة أهمها:

_ أيّ عدوان أميركي سيُواجَه بردٍّ مواز، وفصائل المقاومة جاهزة لذلك.

_ المسافة الفاصلة بين منصّة الإطلاق والقاعدة تؤكّد قدرة الفصائل على المناورة، ومعرفتها الدقيقة بميدان المواجهة، الأمر الذي يمنحها تفوُّقاً عملاتياً ضدّ قوات الاحتلال.

_ إصابة الأهداف بدقّة ترجمة لبدء استخدام أسلحةً دقيقة، سبق أن لمح عدد من قادة الفصائل إلى دخولها الخدمة.

_ لن تقبل فصائل المقاومة بأيّ صيغة جديدة لاحتلال البلاد؛ فلا “الناتو” ولا “التحالف الدولي” سيكون مقبول انتشارهما، والمسمّيات الجديدة لن تكون مطيّة لتمرير بعض الأجندات المشبوهة.

  1. عمليات فصائل المقاومة العراقية

 

بعد اغتيال الحاج قاسم سليماني والشهيد ابو مهدي المهندس تعززت عزيمة الحشد الشعبي وواصلت قواته تنفيذ عمليات التطهير والتأمين أو المشاركة بها مع القوات الأمنية بـ 12 قاطعًا للعمليات.

أهداف العمليات:

_ تعزيز الأمن والاستقرار

_ ملاحقة داعش وإبادتهم.

_ القبض على المطلوبين وتسليمهم للعدالة.

القيم الرقمية لعام 2020:

_ 825 عملية أمنية وعسكري

_ 65 كمينًا

_ 15 عملية نوعية

_ 11 عملية استطلاع

نتائج العمليات لعام 2020،

تطهير، 315 منطقة، 261 عجلة، 101 منزلًا، 44 طريقًا رئيسية وفرعية

تدمير، 130 مضافة، 30 نفقًا، 6 مخازن

رصد وملاحقة، 210 عنصرًا، 46 طائرة مسيرة، 40 عجلة، 27 دراجة، 13 زورقًا

الآثار والتداعيات:

إن تراكم الإنجازات للفصائل العراقية يجعلها تشكل تهديدًا واضحًا للتمركز العسكري الأمريكي داخل العراق، وبفضل هذه الانجازات تتزايد أهمية دور وحدات الحشد الشعبي العراقية على المستويين التكتيكي والاستراتيجي.

وفي الآونة الأخيرة أصبح الحشد الشعبي يمثّل طرفًا أساسيًّا من أطراف محور المقاومة مما يجعله مستهدفًا من قبل الوحدات الأمريكية بشكل أكبر خشية من دوره المهم والكبير في العراق.

ولعب الحشد الشعبي العراقي دورًا أساسيًا في محاربة “داعش” وتحرير العراق، وكانت مساهمته حاسمة في تحقيق هذا الإنجاز التاريخي، ليس فقط لأن التنظيم الإرهابي كان يملك من الإمكانيات العسكرية والأمنية واللوجستية الكثير، أو من الامكانيات التسليحية والتنظيمية ما هو كاف لكي يقاتل ويتمدد بقدرات جيش قوي، بل لأن التنظيم واستنادًا إلى مسار نشأته وتمدده وطريقة قتاله وأجندة عملياته ومخططاته، كان يمثل وبامتياز، واجهة رئيسية للاحتلال الأمريكي، والذي استغل هذا التنظيم لتنفيذ مخططاته، ليس فقط داخل العراق أو داخل سوريا، بل في منطقة الشرق الأوسط على الأقل، لذلك كان من الطبيعي أن يعمد الأميركيون إلى ملاحقة الحشد الشعبي عسكريًا وسياسيًا، والعمل بكافة الوسائل على ازاحته عن الساحة العراقية، بهدف إبعاده عن مواجهتهم، وإفساح المجال لإكمال مخططاتهم في العراق والمنطقة، ولكن تبيّن لنا بعد كل هذه السنين من المحاولات أن الاستراتيجية الأمريكية في مواجهة الحشد الشعبي قد فشلت فشلًا ذريعًا لا بل ساهمت في تقدّم وتطور القدرات العسكرية والقتالية للحشد الشعبي وزيادة بنسبة المؤيدين له على الساحة العراقية والدولية.

في الواقع، ما مثله الحشد الشعبي العراقي لناحية البعد الوطني والقومي، أو لناحية الموقع والقدرة العسكرية، تخطى العراق إلى المنطقة، فقد ساهم أيضًا في إضعاف “داعش” في سوريا، بطريقة مباشرة من خلال ثباته في المعركة بداية وإضعاف داعش على الأراضي العراقية، وبطريقة غير مباشرة من خلال تشتيت جهود داعش في غرب الأنبار وامتداد إلى البوكمال والأرياف الشرقية لدير الزور وللحسكة، على الحدود العراقية – السورية، الأمر الذي قضى على المخطط الأميركي الهادف إلى تمكين داعش من السيطرة على سوريا والعراق وتشتيت تماسك محور المقاومة .

لبنان

  1. كسر الحصار النفطي

أعلن الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في  آب 2021 عن انطلاق سفن ايرانية محملة بالمشتقات النفطية نحو لبنان بسبب الحصار الاقتصادي الصعب الذي فرضه الامريكي على لبنان.

إجراءات المحور:

منذ فترة يطرح حزب الله فرضية التوجّه نحو إيران أو غيرها من الدول للاستفادة من العلاقات الدولية القائمة بين الجمهورية اللبنانية والدول الصديقة لرفع الأزمة الخانقة عن الشعب اللبناني، وما تتبعه من أزمات مرتبطة بمسألة المازوت والبنزين.

بداية أخذت السفارة الأميركية هذه الفرضية على نحو الاستهزاء، وكذلك تبعها عملاؤها في لبنان، ولم يعيروا المسألة اهتماماً جدياً بسبب قصر نظرهم وإمعانهم باحتكار السوق والسلع النفطية وإحكام الخناق على الشعب بمزيد من الحصار الاقتصادي والانهيار المالي، ولم يدرك هؤلاء أنه بإمكان فريق وازن كحزب الله أن يكسر الحصار النفطي.

عندما اشتدت الأزمة النفطية وتبعها احتكار كبير لتجار السوق السوداء واستفحل الغضب الشعبي، عمد حزب الله إلى التواصل مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية التي أبدت موافقتها السريعة، ثم حاور الأفرقاء اللبنانيين بجدية القرار واستمزج آراءهم في محاولة إدخال النفط مباشرة إلى لبنان، ثم دخل مرحلة إنجاز المسائل اللوجستية حتى أتمّها، فكانت كلمة الأمين العام الشهيرة بأن وضع الأمر في عهدة الدولة اللبنانية بادئ الأمر لمعالجة مسألة الاستيراد، سواء من إيران أو العراق أو حتى الدول المعادية لمحور المقاومة، وإن تقاعست وهو حالها الدائم، فسيضطر إلى تأمين النفط بنفسه، وقد بدأت فعلاً رحلة تأمين المازوت والبنزين، وأبحرت السفن إلى السوق المحلية اللبنانية.

الآثار والتداعيات:

في البعد المحلي

_ شعر اللبنانيون، على اختلاف مناطقهم وطوائفهم، وحتى انتماءاتهم الحزبية المناوئة لحزب الله التي تبعدهم عن التلاحم الوطني، بارتياح عام وأملوا بمزيد من الحلول تطال المواد الغذائية والدواء والوضع الاقتصادي برمّته.

_ اعتبر الشعب اللبناني السيد حسن نصر الله أنه مخلّصًا فعلياً لكل لبنان واللبنانيين، وأنه الوحيد الذي يحمل همّهم بجدّ ويعمل على ايجاد الحلول، في مقابل جلاء صورة الزعماء السياسيين اللبنانيين الموغلين في الحصار وخلق الفتن والأزمات.

_ كسر احتكار الشركات الكبرى الدائرة في فلك الأميركي ومن ورائها الزعماء اللبنانيون، الذين يحتكرون السوق اللبنانية وإخضاعها لمزاجهم والتحكم بأسعار السلع دون رأفة بالشعب، ما يدفعهم إلى إعادة حساباتهم لوجود منافس جديد لهم قد تأتي مفاعيله بتدني الأسعار وعدم حصرية الاستيراد.

_ استطاع حزب الله ليس كسر حصرية التعامل مع الدول التابعة للإدارة الأميركية فحسب، إنما فرض معادلة جديدة تقوم على مبدأ التوجّه شرقاً وكان قد طالب الدولة اللبنانية العمل بها منذ أمد بعيد، على رأس قائمتها التوجّه نحو إيران، ما يعطي لبنان حرية تجارية واقتصادية تبتعد شيئاً فشيئاً عن التحكّم الأميركي.

_ كشف قرار استيراد النفط الوجه الحقيقي للعاملين على حصار الشعب اللبناني، سواء كان من الخارج عبر السفارة الأميركية في عوكر أو الكيان المؤقت أو بعض الدول العربية الخليجية، وقد بدا واضحاً سرعة الاتصالات التي أجرتها دوروثي شيا على مختلف الصعد واستعجالها بتفادي المأزق الذي سببه قرار الاستيراد لإدارتها، أو كان من الداخل ممّن ارتفعت أصواتهم مزعوجة من قدرة حزب الله على مد يد العون لهذا الشعب، وبمن يُفترض بهم أن يعملوا على حلّ الأزمات، كسمير جعجع المرتمي بأحضان شيا ومحمد بن سلمان، وسامي الجميّل وابن عمه نديم بعد فشل حزب الكتائب بالتأثير على مقومات صمود اللبنانيين من خلال اعتماد وجه المنظمات والجمعيات غير الحكومية المدعومة اميركياً وسعودياً باعترافهم، وكذلك فؤاد مخزومي الذي عاجل لتقديم أوراق اعتماده لدى الأميركيين طمعاً في ترشيحه لمنصب رئيس حكومة في يوم من الأيام، وغيرهم الكثيرين ممن ارتفعت أصواتهم.

_ كسر الحصار الأميركي على لبنان بما يتعلق بالمشتقات النفطية، وقد يشرّع الباب واسعاً أمام حركة تجارة المواد الغذائية والأدوية والآلات والتقنية الإيرانية بشكل رسمي، وقد بدأت طلائع هذه الحركة التجارية منذ فترة بافتتاح صالات “نور” لتخفيف الضغط الاقتصادي عن كاهل الشعب.

_ أخذ أصل القرار مواجهة جديدة مباشرة بين حزب الله بالتحديد ومعه فئة من الشعب اللبناني في مقابل السفارة الأميركية في عوكر ومن خلفها إدارتها في واشنطن، ومعها أتباعها من وكلاء وعملاء محليّين، في وقت يشهد الأميركي انكساراً إقليمياً ودولياً.

_ دخول حزب الله إلى الساحة الدولية كقوّة فاعلة في المياه الدولية والإقليمية، وهو ما تعجز عنه الدول العربية وغيرها، بعد فرض معادلة اعتبار ناقلة النفط أرضاً لبنانية يتوجب عليه الدفاع عنها حتى وإن تقاعست الدولة لوجود أغلب زعمائها ضمن فريق السفارة الأميركية الفارضة للحصار على الشعب اللبناني، ما يُعتبر بسط ذراعه إلى البحار بقوة توازي قوة بعض الدول الكبرى لحماية مصالح الشعب اللبناني، وهو أمر بالغ الخطورة على الإدارة الأميركية ومن خلفه الكيان الاسرائيلي.

في البعد الاستراتيجي

_ يؤكد استيراد النفط من إيران كسر الحصار المفروض على لبنان، فبات بإمكان دول الشرق أن تخترق السد الأميركي، وعليها الاستفادة من المعادلة الجديدة للاستثمار الاقتصادي، سواء من الصين أو روسيا أو بتفعيل المزيد من العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران.

_ كذلك فإن استيراد النفط من إيران، هو كسر هيبة الأميركي على وجهين، الأول فتح المزيد من الأسواق للاستثمار الإيراني، الذي بلغ سواحل فنزويلا وها هو اليوم يصل إلى السوق اللبنانية، أما الوجه الآخر لكسر الهيبة الأميركية هو اختراق حزب الله للحصار الأميركي المفروض على إيران.

_ استطاع الأمين العام لحزب الله من رفع أعباء حماية السفينة النفطية عن كاهل إيران بصفتها الحليف والداعم، وأدخلها ضمن الأراضي اللبنانية التي يتحمّل مسؤولية الدفاع عنها.

_ استطاع حزب الله أن يضع الكيان المؤقت في حالة حيرة من أمره، فإن أقدم على تنفيذ تهديده فإنه سيواجه رداً حاسماً حازما بمقتضى المعادلات التي رسمها حزب الله، وهذه المرة سيكون أغلب الشعب اللبناني مؤيداً له بعد مرور فترة زمنية شاقة للحصار النفطي التي يتعرض له. أما بحال لم يرد العدو على إدخال السفينة النفطية فإنه سيظهر مرة جديدة في موقع العاجز عن تنفيذ تهديداته، وقدرة حزب الله مرة أخرى على العمل بواقع قوّته المتصاعدة. وإن كلا الأمرين يسبب حرجاً سياسياً وعسكرياً لقيادة الاحتلال بمختلف مستوياتها.

  1. تثبيت المعادلة مع كيان الاحتلال

فجر الخميس 5 آب 2021، أغارت طائرات العدوّ على مساحة مفتوحة غير مأهولة، قرب بلدة المحمودية (بين أقضية جزين ومرجعيون والنبطية)، وهو ما قالت تل أبيب إنه ردّ على إطلاق صواريخ من جنوب لبنان نحو شمال فلسطين المحتلة. بتلك الغارة، تجاوز العدو خطوطاً حمراء وخرق قواعد اشتباك مرسّخة منذ عام 2006. كانت إسرائيل تعوّل على عدم رد المقاومة على الغارة، على اعتبار أنها أتت بعد خمس صليات صاروخية أطلِقَت من لبنان نحو الأراضي المحتلة، منذ اندلاع معركة سيف القدس في أيار 2021. وكان التقدير الإسرائيلي مبنياً على نظرية “ارتداع حزب الله نتيجة عوامل شتى، أبرزها الأزمة الاقتصادية الخانقة في لبنان، والظروف السياسية والشعبية الداخلية”. بعدها بيومين، فاجأت المقاومة العدوّ، رغم تهديده ووعيده، وأطلقت عشرات الصواريخ باتجاه “أراضٍ مفتوحة” في محيط مواقع العدو في مزارع شبعا، مصدرة بياناً بذلك. انكفأ الكيان المؤقت عن الرد على الرد. المعادلة الشديدة التعقيد، هي شديدة البساطة في آن معاً، ونتيجتها أن المقاومة أعادت تثبيت خطوطها الحمراء: يُمنع على جيش الاحتلال الاعتداء على الأراضي اللبنانية، وعلى الاحتلال ألّا يراهن على انشغال المقاومة في الداخل.

الآثار والتداعيات:

لم تقبل المقاومة المساومة على أمن المناطق المفتوحة، فكان وجوب حتمية الرد، مع مراعاة مبدأ عامل الزمن الجوهري الذي تحدث عنه السيد نصر الله، فهناك أحداث توجب الرد المباشر، وتأخيره يفقده معناه. وبالتالي، كان يجب لجم عدوان الطيران المعادي، بقصف مباشر يفقده معادلة القوة التي يظن أنه سيملكها، والتي كان من الممكن أن تتدحرج لتتطور إلى غارات جوية على أماكن مأهولة وبنى تحتية. وعليه، فإن ما حدث في آب 2021، “كان كبيراً جداً” بحسب توصيف السيد نصر الله. ولكن في الوقت نفسه فإن تصدي المقاومة حمل رسائل أكبر بكثير، مع أنها لم تلجأ إلى القوة المطلقة كما فعل الكيان المؤقت، التي ابتدأت العدوان الجوي، بل استخدمت صواريخ الكاتيوشا، والجميع يعلم ما للكاتيوشا من رمزية تثبيت المعادلات في نيسان 1996 وبعده.

والأمران الآخران اللذان ثبتهما السيد نصر الله:

أولاً، خطأ رهان “الإسرائيلي” على أن الانقسام الداخلي والأزمة الداخلية في لبنان، سيجعلان المقاومة مترددة في الرّد على أيّ اعتداء على لبنان. أراد الاسرائيلي قياس مدى استعداد المقاومة للرد، وخاصة في ظل الأزمات التي يعيشها لبنان، وفي ذلك مراهنة على الانقسام الداخلي.

الأمر الثاني الجديد الذي ثبته السيد، هو أن الرد لن يكون محصورًا بعد اليوم في مزارع شبعا، بل قد يطال أية منطقة في شمال فلسطين وحتى في الجولان المحتل. وهذا تطور كبير قد يرتبط بالرّد القادم على اغتيالات رجال المقاومة في سوريا باستهدافهم بالطيران الحربي.

  1. إطلاق طائرة حسان فوق فلسطين المحتلة

أعلن حزب الله يوم الجمعة 18-02-2022 عن إطلاق طائرة “حسان” في اتجاه الأراضي المحتلة، حيث حلّقت في الأجواء الفلسطينية مدة 40 دقيقة، وقطعت مسافة طولها 70 كلم، في مهمة استطلاعية، نفّذتها ثم عادت إلى قواعدها بسلام.

الآثار والتداعيات:

_ أثبتت طائرة حسان أن جميع المؤامرات التي تحاك لكسر المقاومة داخل لبنان، هي فاشلة والمقاومة لاتزال مستمرة وكل يوم تحقق انتصارات تلو الانتصارات.

_ أكدت أن انجازات المقاومة فاقت الانتصارات علی الارض، واليوم تحقق انتصاراتها في الجو.

_ وضعت طائرة حسان جميع منظومات الدفاع الاسرائيلية أمام التحدي والفشل.

اليمن

صنعاء جزء حيوي لا ينفكّ عن محور المقاومة وقضاياه، ويتجسّد ذلك من خلال حضورها العسكري والسياسي، حيث بات الجيش واللجان الشعبية قوةً حاضرة إلى جانب محور المقاومة، ورقماً صعباً في حسابات وخطط الولايات المتحدة والكيان الإسرائيلي وكلائهما في المنطقة. فاليمن اليوم في امتداده لمحور المقاومة، انتقل إلى مرحلة جديدة تتّسم بالقُدرة المتنامية على الردع الاستراتيجي، وصولاً لمرحلة الحسم وكسب المعركة، فالعدو الإسرائيلي الذي قصف مفاعل تموز النووي العراقي عام 1981، ويُخطط لقصف مفاعلات إيران النووية لمنعها من حق امتلاك التكنولوجيا والسلاح النووي، بات يُدرك أنّ مفاعلاته النووية أيضاً عُرضةٌ للقصف اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى من قبل اليمنيين الأحرار.

  1. استكمال تحرير محافظة البيضاء

لعل أبرزَ انتصار أنجزته قوات صنعاء خلال العام 2021، هو استكمال تحريرُ محافظة البيضاء، في سلسلة عمليات عسكرية كبرى، شكلت ضربة قاصمة للتحالف ، وتنظيمي “القاعدة” و”داعش” لا تزال تداعياتُها مُستمرّة إلى يومنا هذا، إذ أن محافظةَ البيضاء التي تتوسط اليمن، وتقعُ على حدود 8 محافظات يمنية، كانت بالنسبة للولايات المتحدة، وقوى التحالف السعودي التي ينطلقون منها لزعزعة الأمن والاستقرار في بقية محافظات اليمنية. كما أنها كانت الموطنَ الأولَ للتنظيمات والعناصر الإرهابية، وكانت بتضاريسها الوعرة والمرتفعات الشاهقة تمثل أهمَّ العقبات أمام قوات صنعاء لتحريرها.

وبمجرد تحرير محافظة البيضاء تهاوت جبهات قوات التحالف، الأمر الذي سهّل لقوات صنعاء التقدم نحو شبوة، والسيطرةَ على مديريات بيحان وعين وعسيلان. كما أتاح لهم التقدّم في النواحي الجنوبية لمحافظة مأرب، والسيطرة بعد ذلك على مديريات حريب والعبدية وجبل مراد والجوبة، وهي مديريات استراتيجية كانت تمثل حاضنةً ومنطلقاً لقوات الرئيس عبد ربه منصور هادي، وحزب الإصلاح، و”القاعدة”، وفي هجماتهم العسكرية نحو المدن اليمنية.

  1. عمليات توازن الردع

افتتحت القوات المسلحة اليمنية العام 2021، بتنفيذ عدد من عمليات توازن الردع، بهدف إجبار العدوان الأميركي السعودي على إيقاف غطرسته وتماديه وتوحشه ضد المدنيين الأبرياء. ونفذّت قوات صنعاء عملية توازن الردع الخامسة في 28 شباط/ فبراير 2021 والتي استهدفت العمقَ السعوديّ بـ 15 طائرة مُسَيَّرة وصاروخ بالستي من نوع “ذو الفقار” بعيد المدى، منها 9 طائراتٍ نوع “صمَّـاد 3″، واستهدفت مواقعَ حَسَّـاسةً في الرياض. كما استهدفت 6 طائرات مُسَيَّرة نوع “قاصف 2” مواقعَ عسكريةً في مناطقِ أبها وخميس مشيط، وكانت الإصابة دقيقة، واستمرت العملية ليلة كاملة. إضافة إلى عملية “توازن الردع السادسة” بعد أسبوع تقريبا من العملية السابقة. وأعلنت القوات المسلحة اليمنية في بيان تلاه المتحدث العميد يحيى سريع، يوم الأحد، في 7 آذار/ مارس 2020 أنّ هذه العملية نفذت بـ 14 طائرة مسيرة و8 صواريخ باليستية، في عملية هي الأوسع والأكبر منذ بدء العدوان (10 طائرات مُسَيَّرة من نوع صمَّـاد 3 وصاروخ ذو الفقار الباليستية بعيد المدى)، حيث استهدفت العمليةُ شركة أرامكو في ميناء رأس التنورة وأهدافاً عسكرية أُخرى بمنطقة الدمَّام لأول مرة منذ بداية العدوان.

كما تمّ استهداف مواقع عسكرية أُخرى في عسير وجيزان بـ 4 طائرات مسَيَّرة من نوع “قاصف 2” و7 صواريخ من نوع “بدر” محقّقة إصابة دقيقة، ولم يتمكّن السعوديّون من إخفاءِ هذه العملية أَو إنكارها، فمواقع التواصل الاجتماعي كانت تضجّ بالأنباء التي تتحدث عن هذا الهجوم، مؤكّـدين سماعَهم لانفجارات متتالية.

وكالعادة، ادَّعى التحالف أنه اعترض طائرةً مسيَّرة وصاروخاً بالستياً استهدفَا خزانات بترولية في ميناء رأس تنورة، ومرافق مجموعة أرامكو النفطية، في حين أكّـدت وزارة الطاقة السعوديّة أنّ “إحدى ساحات الخزانات البترولية في ميناء رأس تنورة في المنطقة الشرقية، قد تعرّضت لهجوم بطائرة مسيَّرة دون طيار قادمة من جهة البحر”.

وجاءت هذه “عملية السادس من شعبان” بعد أقلَّ من أسبوعين على تنفيذ عملية “توازن الردع السادسة” الكبرى. وأعلنت القواتُ المسلحةُ في 19 آذار/مارس 2021، عن تنفيذ “عملية السادس من شعبان” النوعية التي استهدفت شركة “أرامكو” في الرياض، بطائرات مُسَيَّرة لم يُكشَفْ عن نوعها، وقد اعترف العدوّ بنجاح هذه العملية التي تأتي في ظل تصعيد عسكري كبير.

وبحسب ناطق القوات المسلحة، العميد يحيى سريع، فقد نُفذت العملية بست طائرات مُسَيَّرة، ضربت أرامكو، وأصابت أهدافَها بدقة عالية. وعقبَ الإعلان عن العملية، أقرّ التحالف بنجاحها، وقال إعلامه الرسمي إنّ مصفاة تكرير البترول في الرياض تعرضت لما أسماه “اعتداء بطائرات مُسَيَّرة”، وأنّ الهجومَ أسفر عن “حريق”، زاعماً أنه تمت السيطرةُ عليه، في محاولة للتقليل من شأن العملية بعد العجز عن إنكارها، أَو الادِّعاء باعتراض الطائرات.

وَنفذت القوات المسلحة اليمنية عملية توازن الردع السابعة في 5 أيلول/سبتمبر 2021، بـ 10 طائرات مسيَّرة نوع “صمَّـاد 3” شديدة الانفجار، و6 صواريخ بالستية، أحدها من نوع “ذي الفقار” طويل المدى، والبقية من نوع “بدر”، استهدفت جميعها منشآت تابعة لشركة “أرامكو” السعوديّة، عصب اقتصاد المملكة، في كُـلٍّ من رأس تنورة بالدمام (أقصى الشرق) وجدة (أقصى الغرب) وجيزان ونجران جنوباً.

  1. عمليةُ جيزان الكبرى في 30 أيار/مايو 2021

كشفت القوات المسلحة، السبت، 30 أيار/ مايو 2021 عن تفاصيل إحدى أوسع وأكبر العمليات العسكرية التي نفذتها قوات الجيش واللجان الشعبيّة في جبهة الحدود، وفي محور جيزان بالتحديد. وأزاح الإعلام الحربي الستار عن جانب من مشاهد العملية التي تضاف إلى رصيد الملاحم البطولية الاستثنائية للمجاهدين اليمنيين، بما تتضمنه وتظهره من احترافية قتالية منعدمة النظير، وحنكة عالية في الرصد والتخطيط والتنفيذ والانتشار والتوثيق.

وتكللت العملية بتحرير أكثر من 40 موقعاً عسكريّاً ضمن مساحة تزيد عن 150 كيلو متراً مربعاً، حَيثُ كانت تتمركز تشكيلات عسكرية متنوعة من قوات الجيش السعوديّ والمرتزقة السودانيين ومرتزقة ما يسمى “لواء المغاوير” المحليين، وقد كشفت مشاهد الإعلام الحربي بشكلٍ واضح عن تلك الاحترافية التي تجلّت في مظاهر عدة، أبرزها الاشتباك المباشر والشجاع من مسافة صفر مع قوات العدوّ التي لجأت في معظم الحالات إلى الفرار عاجزة عن الاستفادة من العتاد الحربي المتطور والكبير التي تمتلكه، والتي تحول إلى غنائم لقوات الجيش واللجان.

وتضمنّت استراتيجية الهجوم أَيْـضاً وتنفيذ عمليات قنص احترافية وكمائنَ نوعية واستهداف دقيق لتحصينات العدوّ، الأمر الذي كشف عن تميّز كبير في التخطيط والتنسيق، بما يحقّقُ كثافةً ناريةً متنوعة ومركزة تعجّل من حسم المواجهة المباشرة؛ لأَنَّها تجعل العدوّ إضافة إلى هزيمته النفسية، عاجزاً عن التصرف بشكلٍ تام، وخياراته الوحيدة هي التعرُّضُ للقتل أَو الأسر أَو الفرار، وهذا الأخير بالذات بدا في هذه العملية خياراً بائساً، فجغرافيا المعركة كانت وعرةً كما أن قوات الجيش واللجان انتشرت فيها بشكل استثنائي، حَيثُ أحاطت بمعظم المواقع من أكثر من جهة، الأمر الذي أوقع جنود ومرتزِقته العدوّ الفارين في مأزق كبير.

وقد أظهرت مشاهدُ الإعلام الحربي لحظاتٍ لسقوط ضباط وجنود سعوديّين من منحدرات جبلية أثناءَ الفرار وكانت قوات الجيش واللجان قد التفت إلى الجهة التي يريدون الفرار إليها، ما أَدَّى إلى مقتل وإصابة عدد منهم.

ايران

  1. انتصار في حرب دبلوماسية شاقة تجلى في انعقاد قمة عدم الانحياز في طهران، حيث تمكنت ايران من اجهاض محاولات التطويق والعزل التي جهد الغرب على ممارستها طيلة عقود ثلاثة.
  2. انجاز ميداني في الحرب على الارهاب الغربي تجلى في ما حققته سوريا من ملاحقة الارهاببين الذين نشأهم الغرب وصدرهم اليها، ثم تمكنها من تطهير مناطق واسعة منهم، و محاصرتهم في أخرى ودفع اخرين منهم الى الاستسلام او الهرب.
  3. انتاج أسلحة جديدة نوعية وتطويرها محليًّا أبرزها: نسخة أرضية لصاروخ “ألماس” الموجه والمضاد للدبابات، الطراز الأحدث من صاروخ ضد الدروع “دهلاوية”، كما استطاع جيش الحرس الثوري من تأمين منظومة دفاعية شاملة ومتكاملة.
  4. سجلت ايران نقلة هامة على صعيد حرب الناقلات وحرب السايبر.

في النتيجة، تمكَّن محور القدس  من تسجيل انتصارات عديدة منذ اغتيال الشهيد قاسم سليماني، ولم تتأثر قدراته الدفاعية في مقارعة العدو، سواء من خلال استمرار المقاومة اللبنانية بفرض معادلاتها مع الكيان أو من خلال قدرة الجيش السوري على التصدي للاعتداءات الإسرائيلية عليه، أو عبر التكنولوجيا والقدرات الصناعية التي امتلكتها إيران ومكَّنتها من كسر هيبة أميركا في قصف قاعدة “عين الأسد”، في انتقامها لاغتيال اللواء قاسم سليماني، أو من خلال ما سطَّرته المقاومة اليمنية من إنجازات بالدفاع عن اليمن وكشف دول العدوان على حقيقتهما، أو ما قدمته المقاومة العراقية من ولاء وعدم انجرار إلى حرب أهلية في محاربتها تنظيم “داعش” الإرهابي، وصولاً إلى النصر العظيم الذي حقّقته المقاومة الفلسطينية في معركة “سيف القدس”.

وبناء عليه يمكن القول:

  1. إنَّ ما يربط محور المقاومة هو القضية المركزية التي تعتبر القضيّة الأسمى بالنسبة إليه، والتي تتمثّل في تحرير القدس، وليس الرابط الطائفي، كما يتّهم به. والدليل على ذلك أنَّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية ذات الأغلبية الشيعية تدعم فصائل المقاومة السنية في فلسطين، وأنَّ الخلافات التي حصلت لم تؤثر في القرار الاستراتيجي، وهو ما تمثل في معركة “سيف القدس” التي استخدمت فيها كتائب القسام، أسلحة سورية أو روسية تم شراؤها بأموال سورية، رغم خلاف دمشق مع “حماس”. وتعدّ تحيّة الرئيس الأسد لكلّ فصائل المقاومة خير دليل على إعلاء الأمور الاستراتيجية على باقي الأمور.
  2. المقاومة الَّتي طُرحت كشعار، ومن ثم مشروع، أضحت تمثل اليوم محوراً. وقد تزايدت أطرافه، وما زال قادراً على استيعاب المزيد، وتطوَّر من تعاون إلى تداخل في الجبهات وتوحّد في الوجود والمصير.
  3. بات محور المقاومة اليوم يمتلك القدرة على فرض معادلات جديدة في طبيعة الاشتباك مع الكيان المؤقت، نتيجة الخبرات التراكمية القتالية والتقدم الصناعي التكنولوجي والعسكري الذي امتلكه، وهو ما ساهم في عدم خضوعه لابتزاز من الدول الأخرى أو وضع شروط استخدام الأسلحة.
  4. لولا محور المقاومة ووجوده وتأثيره، لكانت الولايات المتحدة الأميركية تمكَّنت من تصفية القضية الفلسطينية عبر “صفقة القرن”، وسط تخاذل بعض الدول العربية التي قدمت المليارات لإسقاط المحور، لصالح بقائها والحفاظ على علاقاتها مع “إسرائيل”.

المصدر: الخنادق