شعر : محمد حسن العلي*

يا أبي آدمَ قُلْ لي هلْ أنا بالأصلِ منكا؟
صرتُ في شكٍّ لما لاقيتُ من أهليَ ضَنكا؟
هل تُرى ما ذكرَ التَّاريخُ في الأنسابِ إفكا؟
ربَّ صوتٍ قد أتاني من بعيدٍ لستُ أدري
*
أم تُرى شذَّاذُ قومي أبعدوني اليومَ عنكا؟
و استباحوا دمَ أطفالي تمادوا فيه سفكا
وبنو جنسيَ تاهوا أبدلوا بالحقِّ شكّا؟
إن تسلْ يوماً حكيماً قالَ إنّي لستُ أدري
*
مُرةٌ أيامُنا لو عشتَها ثكلى بطيئةْ
قتلوا هابيلَ فينا قتلوا النَّفسَ البريئةْ
أتُرى قابيلُ قد أورثَنا تلكَ الخطيئةْ؟
يا أبي أرجو جواباً لا تقلْ لي لستُ أدري
*
ليتنا عشنا سلاماً مثلَ أصنافِ السَّوائمْ
نبتغي العيشَ غيارى لبني الجنسِ نسالمْ
كلَّ يومٍ يهزمُ الإنسانُ آلافَ الهزائمْ
كيفَ أبدلْنا ضياءَ العقلِ جهلاً لستَ أدري؟
*
لو تَخِذْنا من حياةِ النَّملِ في الدُّنيا مثالا
نعمُرُ الأرضَ بحبٍّ نملأُ البيتَ غلالا
ما تخاصمنا لدنيا عِزُّها كانَ زوالا
أترى هلْ نرعوي يوماً لهديٍ؟ لستُ أدري
*
حالماً أرسمُ طيفاً لكَ من مرَّ الغيابْ
وأداريهِ برمشي رغمَ ما بي من عذابْ
فيغارُ القلبُ من عينيَّ بل يُبدي العتابْ
كيف أرضي بين عينيَّ وقلبي؟ لستُ أدري
*
سنّةُ الكونِ الَّتي أهدت لنا ورداً وشوكا
نجتني الأرْيَ ولا نخشى لقَرصِ النَّحلِ فتكا
أنتَ منِّي وأنا واللهِ في الحالينِ منكا
يا أخي ياشطرَ قلبي لاتقلْ لي لستُ أدري
*
قلمي ينزفُ شعرٍاً باذخَ الحرفِ تمجَّدْ
سامقاً معنىً ومبنىً كلُّ طرسٍ فيهِ يسعدْ
شعري المسبوكُ طيباً في مدى الدَّهر تَخلَّدْ
لا تقلْ يا فارسَ الوجدانِ يوماً لستُ أدري
*
قلمي في الحربِ سيفٌ مشرعٌ يسمو اختيالا
يرتقي بالشِّعرِ زهواَ طرباً ماسَ ومالا
يسرجُ الحرفَ حنيناً حينَ يستافُ الخيالا
يشحذُ العزمَ فهيّا لا تقلْ لي لستُ أدري
*
إخوةٌ نحنُ ونبقى أينما كنَّا نسيرْ
أتعاديني ويلقى كلُّنا نفسَ المصيرْ؟
فاعتصمْ بالحبِّ كنْ لي دائماً نِعمَ النَّصيرْ
وانزعِ الحِقدَ وتدري لا تقلْ لي لستُ أدري

 

* نقلا عن :موقع ساحة التحرير