السياسية:

منذ تفكك الاتحاد السوفياتي، والعلاقة بين روسيا وأوكرانيا تشهد أزمات متتالية. وفي كل واحدة من تلك الأزمات توجد بصمات للغرب، وتحديداً الولايات المتحدة. فلماذا يستغل الغرب الساحة الأوكرانية؟ وكيف يؤجج الصراع بين روسيا وأوكرانيا؟

لم تتوقف الولايات المتحدة عن محاولات تطويق روسيا الاتحادية، وخصوصاً بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، لا بل لم تتوقف عن محاولاتها لتفكيك روسيا نفسها.

فخلافاً لكل التعهدات الأميركية للسوفيات، توسَّعَ حلف الناتو شرقاً وضمَ دولاً من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، بالإضافة إلى جمهوريات حلف وارسو السابقة.

وما يؤكد النيّة المبيته ضدّ روسيا، ما حصل في العام 2000، حين سأل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الرئيس الأميركي بيل كلينتون عن موقف أميركا إزاء طلب روسيا الانضمام إلى الناتو، “ولكن لم يأتِ الردّ”.

ولم يكن الإعلان عن خطة ضمّ أوكرانيا إلى الحلف الأطلسي، وإعلان كييف نيتها امتلاك سلاح نووي، سوى خطوات كبيرة باتجاه الهدف الأكبر، وهو محاصرة روسيا ولاحقاً الصين.

* الصراع بين روسيا وأوكرانيا

لا يمكن الحديث عن الصراع بين روسيا وأوكرانيا، بمعزل عن تناول مخططات حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي في أوكرانيا، واستخدامها كجبهة متقدمة للهجوم على روسيا. ويمكن الحديث عن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، على أنها معركة روسيا مع الأطلسي وليس مع أوكرانيا فحسب.

كما أنه لا يمكن الحديث عن روسيا وأوكرانيا اليوم، من دون تناول وضع إقليم دونباس، واستياء روسيا من قمع أوكرانيا للسكان الناطقين باللغة الروسية، وهم الأغلبية، والذي تصفه روسيا بالعنصري. هذا بالإضافة إلى استمرار أوكرانيا، منذ 8 سنوات، بقصف الإقليم واستهداف المدنيين فيه، وعدم التزامها باتفاقات مينسك.

* أسباب الصراع بين روسيا وأوكرانيا

يدور الصراع بين روسيا وأوكرانيا حول عدة ملفات، بعضها كان نتاجاً طبيعياً لتفكك الاتحاد السوفياتي وكانت تتم معالجته بين الدولتين. لكن بعضها الآخر، الأهم والأخطر، كان نتاج سعي غربي، وتحديداً أميركي، لاستخدام أوكرانيا ضدّ روسيا.

أبرز تلك الملفات التي يتم الحديث عنها حول الصراع بين روسيا وأوكرانيا اليوم هي، محاولة انضمام أوكرانيا إلى حلف الأطلسي (الناتو)، وكذلك محاولة انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي، وإعلان أوكرانيا نيّتها امتلاك سلاح نووي. بالإضافة إلى ذلك، هناك وضع إقليم الدونباس وإعلان جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك استقلالهما، واستعادة روسيا لشبه جزيرة القرم.

فالملفات الثلاثة الأساسية، وهي الانضمام إلى الناتو والشراكة مع الأوروبي وامتلاك النووي، كانت الأخطر والتي تم التمهيد لها بإجراءات أوكرانية كثيرة منذ العام 2014، إقتصادية وسياسية وعسكرية واجتماعية، وحتى دينية تتعلق بانفصال الكنيسة الأرثوذوكسية الأوكرانية عن مرجعيتها الروسية.

* روسيا وأوكرانيا قبل تفكك الاتحاد السوفياتي

لا تنفك روسيا عن التذكير بأن أوكرانيا ليست مجرد دولة مجاورة لها، فهي تعتبرها جزءاً لا يتجزأ من تاريخها وثقافتها وفضائها المعنوي. وتعطي أهمية كبيرة لصلات الدم والروابط العائلية بين الروس والأوكرانيين، قبل أن تتأسس جمهورية أوكرانيا على يدّ البلاشفة. فكيف ذلك؟

في كل خطاباته المتعلقة بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، يذّكر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن أوكرانيا تأسست على يد البلاشفة. فبعد انتصار الثورة البولشيفية عام 1917، “عمل فلاديمير لينين وأصدقاؤه ضد مصالح روسيا من خلال فصل جزء من أراضيها التاريخية وتمزيقها”.

وعشية الحرب الوطنية العظمى (الحرب العالمية الثانية) وبعدها، “وحّد جوزيف ستالين بالفعل اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، ونقل ملكية بعض الأراضي التي كانت في السابق تابعة لبولندا ورومانيا والمجر إلى أوكرانيا”.

في الوقت نفسه، وكنوع من التعويض، “أعطى ستالين بولندا جزءاً من الأراضي الألمانية. وفي العام 1954 اقتطع خروتشوف لسبب ما، شبه جزيرة القرم من روسيا ووهبها لأوكرانيا. في الواقع، بهذه الطريقة تشكّلت أراضي أوكرانيا السوفياتية”.

لماذا أقدم البلاشفة على هذه الخطوة؟ يرى بوتين أنه بعد الثورة، “كانت المهمة الرئيسية للبلاشفة هي البقاء في السلطة بأي ثمن. ورضخوا لجميع مطالب ورغبات القوميين في البلاد”.

لكن ستالين، بعد تسلمه السلطة، طبّق بالكامل أفكاره وعكسها على هيكل الدولة، ولم يتقيّد بأفكار لينين. ومع ذلك، “لم يدرج التغييرات ذات الصلة في الوثائق المكونة للنظام، في دستور البلاد. ولم يتم مراجعة المبادئ اللينينية المعلنة التي بُني عليها الاتحاد السوفياتي رسمياً”.

كما أن لينين وبعكس خطة ستالين “عرض تقديم تنازلات للقوميين، الذين أطلق عليهم لاحقاً اسم (الاستقلاليين)، ومنح الجمهوريات الحق في الانفصال عن الدولة الموحدة من دون أي شروط”.

إذن، ظهرت أوكرانيا السوفياتية نتيجة للسياسات البولشيفية، “وتحديداً سياسات لينين كما توضح الوثائق، بما في ذلك توجيهاته القاسية بشأن دونباس، والتي تم وضعها ضمن حدود أوكرانيا”.

يشار إلى أنه منذ الأمبراطورية الروسية، كان يُطلق على أوكرانيا اسم “مالا روسيا” أي روسيا الصغيرة، أما اسم أوكرانيا، فهو من أوكراينا Okraina (بالروسية) ويعني “الأرض الحدودية”. كما يقول المؤرخ والباحث الروسي في شؤون القوميات الدكتور بافل غوستيرين.

بعد تفكك الاتحاد السوفياتي، لم تتوقف روسيا عن تقديم المساعدة لرابطة الدول المستقلة وبينها أوكرانيا.

بحسب تقارير الخبراء، فإن إجمالي الدعم الذي قدمته روسيا للميزانية الأوكرانية، في الفترة الممتدة من العام 1991 حتى العام 2013، يبلغ نحو 250 مليار دولار.

بالإضافة إلى ذلك، فقد بلغت في نهاية العام 1991، ديون الاتحاد السوفياتي للدول الأجنبية والصناديق الدولية نحو 100 مليار دولار. في البداية، كان يجب تسديد هذه القروض بالتشارك بين جميع جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق، بما يتناسب مع إمكانياتها الاقتصادية.

* “كييف” تنقض الاتفاق

تعهدت روسيا بسداد جميع الديون السوفياتية ودفعتها بالكامل، مقابل تخلي الدول المستقلة حديثاً، عن حصتها من الأصول الأجنبية السوفياتية. وتم التوصل إلى اتفاقيات ثنائية في هذا الإطار مع أوكرانيا في كانون الأول/ديسمبر في العام 1994. واكتملت عملية سداد روسيا لديون الاتحاد السوفياتي في العام 2017.

كما أن كييف رفضت لاحقاً الامتثال لهذه الاتفاقيات. وبدأت بالمطالبة بصندوق الماس واحتياطيات الذهب، وكذلك الممتلكات والأصول الأخرى لاتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية السابق في الخارج.

* التعاون بين روسيا وأوكرانيا

حافظت روسيا على تعاون دائم مع أوكرانيا في مختلف المجالات، وتجاوز حجم التجارة بين البلدين 50 مليار دولار في العام 2011. علماً أن حجم تجارة أوكرانيا مع جميع دول الاتحاد الأوروبي في العام 2019، قبل وباء كورونا، كان أقل من هذا المؤشر.

تتهم موسكو السلطات الأوكرانية بأنها لا تتقيد بالتزاماتها تجاه روسيا. وتحاول استخدام الحوار مع روسيا كذريعة للمساومة مع الغرب، وتبتز الغرب من خلال التقارب مع موسكو، والتلويح بتزايد نفوذ روسيا في أوكرانيا.

* تفاقم القومية المتطرفة في أوكرانيا

بالنسبة للرئيس بوتين، فإن السلطات الأوكرانية ومنذ الخطوة الأولى في بناء دولتها، بدأت بإنكار كل ما يوحدها مع روسيا، وخاولت تشويه الوعي والذاكرة التاريخية لملايين الأشخاص الذين يعيشون في أوكرانيا، من جميع الأجيال”. وبالتالي “ليس من المستغرب أن المجتمع الأوكراني سرعان ما شهد صعود القومية المتطرفة، والتي اتخذت شكلاً عدائياً ضد روسيا مع نزعة نحو النازية الجديدة، بدعم من القوى الأجنبية”.

ويؤكد سيّد الكرملين أن الدعم المالي الذي قدمته السفارة الأميركية، لمعسكر الاحتجاجات في ميدان الاستقلال في كييف، “بلغ مليون دولار يومياً. بالإضافة إلى عشرات الملايين من الدولارات التي تم تحويلها إلى الحسابات المصرفية لقادة المعارضة”.

* كيف تصاعد الصراع بين روسيا وأوكرانيا؟

بدأ الصراع بين روسيا وأوكراتيا يتصاعد، مع بدء احتجاجات “الميدان الأوروبي” الذي جمع داعمي الاندماج مع الاتحاد الأوروبي والمعارضة الأوكرانية بجميع أطيافها.

– ففي الـ21 من تشرين الثاني/نوفمبر للعام 2013، بعد القرار الذي اتخذه يانوكوفيتش، بالتشاور مع بوتين، تعليق استعداداتها لتوقيع اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، بدأت الاضطرابات الشعبية في كييف بدعم من الغرب.

– في الـ24 تشرين الثاني/نوفمبر للعام 2013، تم تنظيم مسيرة معارضة جديدة في الساحة الأوروبية، دعت إليها حملة “من أجل أوكرانيا أوروبية”. وأعلنت التظاهر المفتوح لحمل قيادة البلاد على توقيع اتفاقية الشراكة مع “الأوروبي”.

أعرب مسؤولون في الاتحاد الأوروبي عن “خيبة أملهم العميقة” من قرار الحكومة الأوكرانية، وكانت أبرزهم رئيسة الدبلوماسية الأوروبية كاثرين أشتون، التي اعتبرت أنه “من الممكن للشراكة المساهمة في التوصل إلى اتفاقات مع صندوق النقد الدولي” بشأن إقراض كييف لتواجه أزمتها.

دخلت واشنطن على خط الأزمة بدعمها لموقف “الأوروبي”. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جين ساكي، بأن “الوزارة تعتقد أن غالبية الأوكرانيين مهتمون بالاندماج مع أوروبا”.

– في الـ17 من كانون الأول/ديسمبر للعام 2013، وخلال اجتماع للجنة الروسية الأوكرانية المشتركة في موسكو برئاسة الرئيسين، الروسي فلاديمير بوتين والأوكراني فيكتور يانوكوفيتش، تم الاتفاق على أن تشتري روسيا سندات أوروبية أوكرانية بقيمة 15 مليار دولار (495 مليار روبل) على حساب صندوق الرعاية الوطنية.

بحسب الاتفاقيات بين الرئيسين، كان من المقرر أن ينخفض ​​سعر الغاز الروسي للمستهلكين الأوكرانيين إلى 268.5 دولاراً لكل ألف متر مكعب، اعتباراً من الأول من كانون الثاني/يناير 2014، وكان سعره سابقاً أكثر من 400 دولار.

مع ذلك، وحتى بعد توقيع الاتفاقيات مع روسيا، صرحت القيادة الأوكرانية مراراً وتكراراً بأن مسار البلاد نحو التكامل الأوروبي “لم يتغير”.

– في الـ22 من كانون الأول/ديسمبر للعام 2013، تمّ تأسيس “جمعية ميدان” وضمّت أحزاباً سياسية معارضة ومنظمات عامة. وهدفها “تحقيق استقالة الحكومة وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة وتعديل الدستور”.

– في الـ21 من شباط/فبراير للعام 2014، وقع الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وزعماء المعارضة، بوساطة ممثلي الاتحاد الأوروبي وروسيا، اتفاقية “بشأن تسوية الأزمة السياسية في أوكرانيا “.

في مساء اليوم نفسه، تعهد الرئيس الأميركي باراك أوباما باتصال هاتفي مع الرئيس بوتين بالمساهمة في تنفيذ الاتفاقية الموقعة في كييف.

في الوقت نفسه، أبلغ يانوكوفيتش عبر الهاتف بوتين، بنيته مغادرة كييف لحضور مؤتمر خاركوف، لثقته بالوثيقة الموقعة مع المعارضة، بضمانة وزراء خارجية الدول الأوروبية. بمجرد مغادرة يانوكوفيتش كييف، خلافاً لنصيحة بوتين، تم الاستيلاء على إدارته ومبنى الحكومة بقوة السلاح.

– في الـ22 من شباط/فبراير للعام 2014، وخلافاً للدستور أنهى البرلمان الأوكراني صلاحيات الرئيس يانوكوفيتش. ووفقًا للدستور الأوكراني، لا يمكن إنهاء سلطات الرئيس إلا عند استقالته أو عدم قدرته على أداء واجباته لأسباب صحية، أوعزله من منصبه عن طريق المساءلة أو الوفاة.

– في آذار/مارس من العام 2014، بدأت التظاهرات المناهضة لنتائج ثورة “الميدان الأوروبي” في المناطق الشرقية من أوكرانيا، في دنيبروبيتروفسك ودونيتسك ولوغانسك وخاركوف وغيرها.

– طالب المشاركون بالاعتراف باللغة الروسية لغة رسمية ثانية في المناطق ذات الأغلبية الروسية، وإصلاح دستوري مع لامركزية الأقاليم تصل إلى حدّ الفيدرالية.

– في الـ6 من آذار/مارس للعام 2014، تمّ إعلان استقلال شبه جزيرة القرم بعد استفتاء حول وضعها.

– في الـ18 من آذار/مارس للعام 2014، ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم إلى الأراضي الروسية، في عملية وصفتها بـ”تصحيح خطأ تاريخي”.

– في الـ6 من نيسان/أبريل للعام 2014، سيطرت مجموعات من سكان جنوب شرق أوكرانيا، المناهضين لسياسات السلطة الجديدة في أوكرانيا بعد “انقلاب الميدان”، على العديد من المباني الإدارية في مناطق دونيتسك ولوغانسك وخاركيف.

– تم محاصرة مباني إدارية في ولاية دونيتسك ومبنى إدارة أمن أوكرانيا (المخابرات الأوكرانية) في لوغانسك.

– في الـ7 من نيسان/أبريل للعام 2014، أعلن القائم بأعمال رئيس الجمهورية الأوكرانية أولكسندر تورتشينوف، عن إنشاء مكتب لإدارة الأزمة وقال إن “إجراءات مكافحة الإرهاب ستُنفذ ضد كل من حمل السلاح في شرق أوكرانيا في وجه السلطة”.

* إعلان جمهورية دونيتسك

في اليوم نفسه، تم تشكيل مجلس الشعب الجمهوري في دونيتسك، والذي أعلن سيادة جمهورية دونيتسك الشعبية (DPR) وقرر إجراء استفتاء لتقرير مصير الجمهورية في 11 أيار/مايو من العام نفسه.

– في الـ12 من نيسان/أبريل للعام 2014، سيطرت مفرزة من القوى الشعبية المسلحة بقيادة إيغور ستريلكوف (وزير دفاع جمهورية دونيتسك الشعبية آنذاك) على المباني الإدارية في مدينة سلافيانسك بمنطقة دونيتسك. ثم تمت السيطرة على المباني الإدارية في كراماتورسك وجورلوفكا ومناطق أخرى.

– في الـ15 من نيسان/أبريل للعام 2014، أعلن أولكسندر تورتشينوف بدء “مرحلة القوة” (العسكرية) من العملية في شرق أوكرانيا. ثم بدأت أولى الاشتباكات المسلحة في دونباس بين وحدات القوى المسلحة من جهة، ووحدات الجيش الأوكراني والحرس الوطني من جهة أخرى.

إعلان جمهورية لوغانسك

– في الـ27 من نيسان/أبريل للعام 2014، وفي تجمع حاشد في لوغانسك، تم إعلان جمهورية لوغانسك الشعبية (LPR)، وتم اتخاذ قرار بإجراء استفتاء على تقرير المصير.

– في الـ11 من ايار/مايو للعام 2014، أجريت استفتاءات في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، حيث صوت 89.7% لصالح تقرير مصير المناطق في دونيتسك، و96.2% في لوغانسك.

– في الـ12 من أيار/مايو للعام 2014، تم إعلان سيادة الدولة لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك الشعبيتين.

– في الـ14 من أيار/مايو، تم اعتماد دستور جمهورية دونيتسك، وفي 18 من الشهر نفسه تم اعتماد دستور جمهورية لوغانسك.

– في الـ24 من أيار/مايو للعام 2014، وقع رئيس وزراء جمهورية دونيتسك الشعبية الكسندر بورودي ورئيس برلمان جمهورية لوغانسك الشعبية أليكسي كارياكين، اتفاقية لتوحيد المناطق في اتحاد الجمهوريات الشعبية – نوفوروسيا.

– في الـ25 من أيار/مايو للعام 2014 انتخابات رئاسية، فاز بها بترو بوروشينكو.

* الجيش الأوكراني يقصف “دونباس” مجدداً

– في الـ20 من حزيران/يونيو للعام 2014، وخلال زيارة إلى دونباس، أعلن رئيس أوكرانيا بيترو بوروشينكو خطة لتسوية سلمية للوضع في المناطق الشرقية. ولكن بعد 10 أيام، استؤنفت المواجهات العسكرية.

في هذه الفترة، ازدادت حدة النزاع العسكري في جنوب شرق أوكرانيا. انتقلت قوات الأمن الأوكرانية من عمليات الشرطة إلى عمليات عسكرية وقصف واسع النطاق، باستخدام المركبات المدرعة الثقيلة والطائرات.

– في الـ17 من تموز/يوليو للعام 2014، تم إسقاط طائرة ركاب تابعة للخطوط الجوية الماليزية من طراز بوينغ 777 فوق منطقة دونيتسك، ما أسفر عن مقتل 298 شخصاً. وقد تسبب ذلك في رد فعل دولي قوي. علماً أن التحقيقات لم تتوصل إلى أي نتائج حاسمة.

– في الـ21 من تموز/يوليو للعام 2014، تبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع قراراً يطالب بإجراء تحقيق شامل ومستقل في المأساة. تم اتهام دونيتسك، التي أكدت عدم ملكيتها لصواريخ “بووك” (الذي أصاب الطائرة)، وأنها موجودة لدى الجيش الأوكراني.

– بحلول منتصف آب/أغسطس للعام 2014، تمكن الجيش الأوكراني من بسط سيطرته على سلافيانسك وأرتيموفسك وكراماتورسك وماريوبول وساحل بحر آزوف، لتطويق لوغانسك ودونيتسك جزئياً.

شنت التشكيلات المسلحة من جمهوريتي لوغانسك ودونيتسك هجوماً مضاداً، وتمكنت من صد القوات الأوكرانية، التي تكبدت خسائر كبيرة.

* اتفاقية “مينسك” الأولى

– في الـ5 من أيلول/سبتمبر للعام 2014، تم التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار، في اجتماع لمجموعة الاتصال لحل الوضع في أوكرانيا عُقد في مينسك. وحضره ممثلو أوكرانيا وروسيا ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، فضلاً عن قادة من جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.

– في الـ7 من أيلول/سبتمبر للعام 2014، نشرت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا بروتوكولاً من 12 بنداً مشتركاً لحل الأزمة. وتم وضع بند منفصل بشأن التزام سلطات كييف بتطبيق اللامركزية في السلطة. بما في ذلك من خلال اعتماد قانون أوكرانيا “بشأن النظام المؤقت للحكومة الذاتية المحلية في مناطق معينة من مناطق دونيتسك ولوغانسك”، والمعروف فيما بعد باسم “قانون الوضع الخاص لدونباس”.

– في الـ5 من أيلول/سبتمبر دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.

– في الـ16 من أيلول/سبتمبر للعام 2014، أقرّ البرلمان الأوكراني قانوناً بشأن الوضع الخاص لدونباس (وقعه الرئيس بيترو بوروشينكو في الـ16 من تشرين الأول/أكتوبر للعام 2014).

وفقاً للوثيقة، تُمنح هذه الأراضي “وضعاً خاصاً” لمدة 3 سنوات، بما في ذلك الحق في الاستخدام الحرّ للغة الروسية وإنشاء مفارز قوى مسلحة.

كما تعهدت السلطات الأوكرانية، بمنع الملاحقة الجنائية والإدارية ومعاقبة الأشخاص المشاركين في النزاع في شرق البلاد. ونصت الوثيقة نفسها على إجراء انتخابات هيئات الحكم الذاتي المحلي في الـ7 من كانون الأول/ديسمبر للعام 2014.

لكن السلطات في الجمهوريتين، اعتبرت أن معظم بنود الوثيقة غير مقبولة وقررت إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية فى الـ2 من تشرين الثاني/نوفمبر.

بالرغم من اتفاقية مينسك الموقعة في الـ5 من أيلول/سبتمبر، تم انتهاك وقف إطلاق النار بشكل متكرر، واستمرت المناوشات على خط التماس بين القوى المتحاربة، بما في ذلك استخدام المدفعية.

* اتفاقية مينسك الثانية

– في كانون الثاني/يناير للعام 2015، وبعد عدة أشهر من الهدوء النسبي، تصاعد الموقف مرة أخرى بشكل كبير (معارك في مطار دونيتسك، وفي ماريوبول وغيرهما).

– في الـ12 شباط/فبراير للعام 2015، انعقد اجتماع لزعماء دول نورماندي الأربعة (روسيا وأوكرانيا وفرنسا وألمانيا) في مينسك مرة أخرى، بهدف التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار وتسوية الأزمة في جنوب شرق أوكرانيا. وتم اعتماد مجموعة من الإجراءات لتنفيذ اتفاقيات مينسك.

نصت الوثيقة على وقف إطلاق النار، وسحب الأسلحة الثقيلة من خط التماس، وتبادل الأسرى، وتسوية سياسية للوضع في دونباس، بما في ذلك تنفيذ الوضع الخاص المعتمد سابقاً لجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك.

– في الـ17 من آذار/مارس للعام 2015، وافق البرلمان الأوكراني على قائمة مناطق دونباس، التي تخضع لإجراءات خاصة للحكم الذاتي المحلي. واشترط البرلمان الأوكراني إجراء انتخابات في تلك المناطق وفقاً للدستور الأوكراني. وأن تتم مناقشة قانون نظام الحكم الذاتي المؤقت في مناطق محددة من مقاطعتي دونيستك ولوغانسك، وكذلك حول النظام المستقبلي لهذه المناطق وفق القانون المذكور.

* أميركا تؤجج الصراع بين روسيا وأوكرانيا

يعتبر محللون استراتيجيون أنه بعد “الثورة الأوكرانية” في العام 2014، وانتخاب فولوديمير زيلينسكي رئيساً، “تحوّل النظام الأوكراني إلى إرهاب صريح ضد المعارضة، بما يتضمنه ذلك من قتل للسياسيين والصحافيين المعارضين بمساعدة النازيين الجدد، ممن تم دمجهم في هياكل الأجهزة الأمنية ووزارة الداخلية”.

وباتت أوكرانيا طوع المخطط الأميركي لمحاصرة روسيا وتفتتيها. ولتحقيق هذا الهدف تستخدم الولايات المتحدة قفازي أوكرانيا وبولندا، وربما حلفاء آخرين لها لشنّ حروب على حدود روسيا.

* تطويق روسيا بالصراعات

ففي العام 2021 مثلاً، تم تسعير 3 صراعات حول روسيا بشكل مفاجئ ومتزامن، في كازاخستان وبيلاروسيا ودونباس. لكن الأميركي فشل باستدراج موسكو إلى أيّ منها.

لتسعير الموقف الأوكراني ضدّ روسيا، خصص صندوق النقد الدولي، وعلى وجه السرعة، 700 مليون دولار لأوكرانيا، بالرغم من فشل كييف بتأمين شروط الصندوق، بما في ذلك مكافحة الفساد.

ترافق ذلك، مع بروباغندا غربية وبث وسائل الإعلام الغربية تقارير تتحدث عن “هجوم روسي وشيك على أوكرانيا”.

لم تكن روسيا آنذاك مهتمة بالحرب. كما أن موسكو أرسلت حينها إشارات واضحة، بأن أي هجوم من أوكرانيا على إقليم دونباس سيعني بالتأكيد القضاء على أوكرانيا كدولة.

* “الأوروبي” من أسباب الصراع بين روسيا وأوكرانيا

في إحدى خطاباته، أوضح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن أزمة السلطة في أوكرانيا في العامين 2013 – 2014، والتي انتهت بإسقاط الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، وإعادة شبه جزيرة القرم إلى روسيا، والحرب الأهلية في شرق البلاد، “كلها نابعة من مشروع انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي”.

ويعتقد بوتين، أن “قرار توقيع اتفاقية الشراكة مع الأوروبي، والذي اتخذه يانوكوفيتش في العام 2013، كان قراراً غير عادل بالنسبة لروسيا، فمن نتائجه أن الأسواق الروسية، التي لا تتبع سياسة التعرفة الجمركية مع أوكرانيا، كانت ستُفتح على سلع الاتحاد الأوروبي، ما يهدد الشركات الروسية”.

بعد القرار الذي اتخذه يانوكوفيتش، بالتشاور مع بوتين، بتأجيل توقيع اتفاقية الشراكة، بدأت الاضطرابات الشعبية في كييف بدعم من الغرب.

يبقى الانضمام إلى “الناتو” وإعلان كييف نيتها امتلاك سلاح نووي، من أخطر الملفات على أمن روسيا الاستراتيجي والوجودي.

بداية، وفي موضوع الحلف الأطلسي، لا بدّ من الإشارة إلى أنه في مفاوضات توحيد الألمانيتين (الشرقية والغربية) بين الإتحاد السوفياتي (ميخائيل غورباتشيف) والغرب، تعهد الأميركيون (رونالد ريغن) رسمياً، بعدم التوسع شرقاً باتجاه جمهوريات الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو.

ولكن الغرب نكث بالاتفاق، وتوسعت البنية التحتية لحلف الناتو إلى أن وصل إلى الحدود الروسية. فقد ضمّ إليه 3 دول من جمهوريات الاتحاد السوفياتي (بعد تفككه)، وهي لاتفيا ولتوانيا واستونيا، بالإضافة إلى كل أعضاء حلف وارسو، ما عدا روسيا بالطبع.

علماً أنه بعد تفكك الاتحاد السوفياتي وبالتالي حلف وارسو، لم يعد هناك من مبرر لوجود حلف الناتو الذي أُنشىء لمواجهة حلف وارسو. ما اعتبره الروس نيّة مبيتة لدى الغرب لتطويق روسيا وتفتتيتها. خصوصاً بعد أن سأل الرئيس بوتين في العام 2000، الرئيس الأميركي بيل كلينتون عن موقف أميركا إزاء طلب روسيا الانضمام إلى الناتو، “ولكن لم يأتِ الردّ”.

* الناتو في أوكرانيا والالتفاف على الدستور

ترى موسكو أن كييف ومنذ وقت طويل تعتمد استراتيجية ونهج انضمام أوكرانيا إلى الناتو. بحسب التقارير الروسية، فإنه خلال السنوات الأخيرة وبزعم إجراء مناورات، تتواجد الوحدات العسكرية التابعة لحلف شمال الأطلسي (الناتو) دوماً في الأراضي الأوكرانية.

وفي العام 2022 تمت المصادقة على تشريع يسمح بدخول قوات البلدان الأخرى للأراضي الأوكرانية لإجراء مناورات مشتركة.

علماً أن المادة الـ17 من الدستور الأوكراني، تحظر نشر قواعد عسكرية لقوات بلدان أجنبية على أراضي البلاد. لكن كييف تلتف على هذه المادة الدستورية وتنشر ما يسمى بعثات عسكرية بدلاً من تسميتها قواعد عسكرية.

وبالاستناد إلى الوثائق الدولية والمبادئ الأساسية، التي تنص على أنه لا يمكن لدولة تعزيز أمنها على حساب أمن الدول الأخرى، تعتبر روسيا أن ضمّ أوكرانيا إلى الناتو يعد تهديداً مباشراً لروسيا.

* نيّة أوكرانيا امتلاك السلاح النووي

تُعتبر نيّة أوكرانيا امتلاك السلاح النووي، من أسباب الصراع بين روسيا وأوكرانيا. فقبيل بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، أعلن الرئيس زيلينسكي اعتزام أوكرانيا تصنيع سلاحها النووي.

تعتبر روسيا أن امتلاك اوكرانيا السلاح النووي “ليس سوى مسألة وقت، خصوصاً إذا ما تمَّ تقديم المساعدات الغربية لها”. فأوكرانيا “لا زالت تملك التكنولوجيات النووية من عهد الاتحاد السوفياتي، بما فيها وسائل نقل الأسلحة النووية وتقنيات الطيران”.

في هذا الإطار، قال الرئيس بوتين إنه في حال ظهرت أسلحة الدمار الشامل في أوكرانيا (..) لا يمكن ألّا نرد على هذا الخطر الحقيقي”.

يعتبر البعض أن انفصال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية عن الروسية، من محاولات استهداف الغرب لروسيا، خصوصاً أن التقارير تشير إلى أن الانفصال تمّ بدفع من واشنطن وحليفاتها الأوروبية بعد “انقلاب الميدان”.

فقد أعلن الرئيس الأوكراني بيترو بوروشينكو المدعوم أميركياً في الـ16 من كانون الأول/ديسمبر من العام 2018، إنشاء كنيسة أرثوذكسية أوكرانية مستقلة عن الكنيسة الروسية،بدفعٍ سياسي-استخباراتي من الولايات المتحدة، التي تستفيد من وجود «أدواتٍ» لها داخل الجسم الأرثوذكسي لتشتيت الكنيسة الأرثوذكسية وطمس هويتها، في سياق استهدافها لروسيا.

وقال بوروشينكو إن “الأمن الوطني الأوكراني يعتمد إلى حدٍ كبير على الاستقلال الديني عن روسيا”، معتبراً هذا القرار “انتصاراً للشعب المؤمن في أوكرانيا على شياطين موسكو”.

زيارة الأسقف المنتخب رئيساً للكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المستقلة، إيبيفاني، إلى إسطنبول في 5 كانون الثاني/ديسمبر من العام 2019، لاستلام كتاب الاعتماد الكنائسي (توموس) والذي تمنح بموجبه الكنيسة الأرثوذكسية في إسطنبول (القسطنطينية) كنيسة أوكرانيا الجديدة الاستقلال، زادت الطين بلة على صعيد العلاقة بين موسكو وكييف من جهة، وموسكو وإسطنبول من جهة أخرى.

وأدّى استقلال الكنيسة الأوكرانية، الذي اعتبرته الكنيسة الروسية “باطلاً وتعدّياً” عليها، إلى تعميق الانقسام على مستوى الكنائس الأرثوذكسية بعد إعلان الكنيسة الروسية انفصالها عن العائلة الأرثوذكسيّة الجامعة، احتجاجاً على دور برثلماوس الأول، بطريرك القسطنطينية المسكوني في إسطنبول، وهو معروف بعلاقاته الوطيدة مع واشنطن التي لا يملك من دونها أي دور أو تأثير، حتى في تركيا، وهو يراعي مصالحها من أجل ضمان تأييد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان له.

* العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا

إزاء ما تعتبره روسيا، تهديداً لأمنها الاستراتيجي، أعلن الرئيس بوتين فجر الـ24 من شباط/فبراير الماضي، في بيان بثه التلفزيون “اتخذت قراراً بتنفيذ عملية عسكرية خاصة” في أوكرانيا. وتولي موسكو “التطورات في أوكرانيا أهمية قصوى، فهي معركة من أجل مستقبل النظام العالمي”.

وكان بوتين وقّع في 21 شباط/فبراير، وثيقة الاعتراف الرسمي باستقلال جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك، وذلك في خطابٍ تلفزيوني وجهه إلى الشعب الروسي.

* روسيا وأوكرانيا اليوم ..المفاوضات

بالتوازي مع العملية العسكرية الروسية، تخوض روسيا وأوكرانيا اليوم مفاوضات حول الوضع في أوكرانيا في بيلاروسيا، يصفها الطرفان بالصعبة. فكلا الطرفين متمسك بمطالبه.

* مطالب الوفد الروسي
روسيا تطالب أوكرانيا بتقليص عديد القوات المسلحة الأوكرانية، وإعلان كييف حيادها وتخليها عن خططها للانضمام إلى الناتو. والتزامها بعدم وضع قواعد عسكرية أو أسلحة أجنبية على أراضيها.

وتشترط موسكو على كييف، تأمين حقوق السكان الناطقين بالروسية في أوكرانيا في لغتهم الأم، ورفض التمييز على أساس اللغة. بالإضافة إلى وجوب تمويل أوكرانيا لإعادة إعمار دونباس.

* مطالب الوفد الأوكراني

أما الجانب الأوكراني فيطالب بـ”وقف إطلاق النار وانسحاب القوات الروسية والحصول على ضمانات أمنية من عدد من الدول”. ويؤكد أن أوكرانيا “ستحتفظ بالتأكيد بجيشها”. ويرى أنه “يجب مناقشة المناطق المتنازع عليها بين روسيا وأوكرانيا بشكل منفصل عن اتفاقية السلام الرئيسية”.

* وكالات ـ الميادين