ما هي الأسلحة الكيميائية وهل من المحتمل أن تستخدمها روسيا؟
السياسية:
دعت روسيا إلى عقد اجتماع طارئ خاص لمجلس الأمن الدولي يوم الجمعة، لمناقشة مزاعمها بأن أوكرانيا تخطط لتطوير أسلحة بيولوجية.
وقد رفضت كل من أوكرانيا والولايات المتحدة هذا الادعاء بوصفه ذريعة مزيفة قد تهدف إلى تبرير احتمال استخدام روسيا نفسها لسلاح كيميائي ضد مدن في أوكرانيا.
وتقول الحكومة الأوكرانية إن لديها مختبرات تعمل بشكل شرعي، ويستخدمها العلماء لأبحاث تهدف إلى حماية السكان من أمراض مثل كوفيد. ونظرا لأن أوكرانيا في حالة حرب الآن، فقد طلبت منظمة الصحة العالمية منها تدمير أي عوامل مسببة لأمراض خطيرة في مختبراتها.
وهذا يقودنا للحديث عن: ما هي الأسلحة الكيميائية بالضبط وكيف تختلف عن الأسلحة البيولوجية؟
الأسلحة الكيميائية هي أي نوع من الذخائر التي تحمل سموما أو مواد كيميائية تهاجم أجهزة الجسم.
هناك فئات مختلفة من الأسلحة الكيميائية. تهاجم عوامل الاختناق مثل الفوسجين، الرئتين والجهاز التنفسي، مما يتسبب في اختناق الضحية في إفرازات رئتيها. وهناك فئة عوامل المنفطات (وهي مواد كيميائية تتسبب بحروق وبثور عند ملامستها للجلد)، مثل غاز الخردل، الذي يحرق الجلد ويصيب بالعمى.
ثم هناك أكثر الفئات فتكا وهي: عوامل الأعصاب، التي يتداخل تأثيرها مع رسائل الدماغ إلى عضلات الجسم. وقطرة صغيرة من أي من هذه العوامل يمكن أن تكون قاتلة. على سبيل المثال، أقل من 0.5 ملغ من عامل الأعصاب “في إكس” VX، ، يكفي لقتل شخص بالغ.
ويمكن استخدام كل هذه الأسلحة الكيميائية في الحرب في قذائف المدفعية والقنابل والصواريخ.
لكنها جميعا محظورة تماما بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية لعام 1997، التي وقعتها الغالبية العظمى من الدول، بما في ذلك روسيا.
وثمة هيئة عالمية للرقابة على الأسلحة الكيميائية ومقرها في لاهاي بهولندا، وتسمى “منظمة حظر الأسلحة الكيميائية” التي تراقب الاستخدام غير القانوني لهذه الأسلحة وتحاول منع انتشارها.
وقد استخدمت هذه الأسلحة خلال الحروب في الماضي، كما هي الحال في الحرب العالمية الأولى، وفي الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات ومؤخراً من قبل الحكومة السورية ضد قوات المتمردين.
وتقول روسيا إنها دمرت آخر مخزوناتها من الأسلحة الكيميائية في 2017، لكن منذ ذلك الحين وقع هجومان كيميائيان على الأقل ألقي باللوم فيهما على موسكو.
الأول كان هجوم سولزبري في مارس/آذار 2018 عندما تم تسميم ضابط المخابرات السوفياتية السابق والمنشق سيرغي سكريبال مع ابنته بعامل الأعصاب نوفيتشوك. ونفت روسيا مسؤوليتها عن الحادث وقدمت أكثر من 20 تفسيرا مختلفا لمن كان بإمكانه فعل ذلك.
لكن المحققين خلصوا إلى أن ذلك كان من عمل ضابطين من المخابرات العسكرية الروسية، ونتيجة لذلك جرى طرد 128 جاسوسا ودبلوماسيا روسيا من عدة دول.
ووقع الهجوم الثاني في أغسطس/آب 2020، حيث تم تسميم الناشط المعارض الروسي البارز أليكسي نافالني بعامل الأعصاب نوفيتشوك أيضا ونجا بصعوبة من الموت.
فهل ستستخدم روسيا الأسلحة الكيميائية في أوكرانيا؟
إذا كانت روسيا ستستخدم أسلحة مثل الغازات السامة في حربها، فسيُنظر إلى ذلك على أنه تجاوز للخط الأحمر الرئيسي، ومن المرجح أن يدفع الغرب إلى اتخاذ إجراءات حاسمة.
ولا يوجد دليل على أن روسيا استخدمت هذه الأسلحة أثناء مساعدة حليفها على هزيمة المتمردين في سوريا، لكنها قدمت دعماً عسكرياً هائلاً لنظام بشار الأسد الذي يُزعم أنه نفذ عشرات الهجمات الكيميائية على شعبه.
والحقيقة هي أنه إذا كانت لديك حرب طويلة حيث يحاول الجيش المهاجم كسر إرادة القوات الدفاعية، فإن الأسلحة الكيميئوية هي، للأسف، طريقة فعالة للغاية لتحقيق ذلك. هذا ما فعلته الحكومة السورية في حلب.
وتختلف الأسلحة البيولوجية عن الأسلحة الكيميائية. إذ انها عبارة تستخدم لوصف استخدام مسببات الأمراض الخطيرة مثل الإيبولا كسلاح.
وتكمن المشكلة هنا في وجود منطقة رمادية محتملة بين العمل على طرق لحماية السكان من مسببات الأمراض الضارة والعمل سرا على كيفية استخدام هذه المسببات كسلاح.
ولم تقدم روسيا أي دليل فوري على وجود مخالفات أوكرانية في هذا المجال. لكنها دعت إلى اجتماع طارئ لمجلس الأمن يوم الجمعة لمناقشة مزاعمها.
وعندما كانت روسيا جزءا من الاتحاد السوفياتي، كان لديها برنامج أسلحة بيولوجية ضخم جدا، وكانت تديره وكالة تدعى بيوبريبارات ويعمل فيها 70 ألف شخص.
وبعد نهاية الحرب الباردة، ذهب العلماء لتفكيكه. ووجدوا أن السوفيات قد أنتجوا وحوَلوا أمراض مثل الجمرة الخبيثة والجدري وغيرها إلى أسلحة على نطاق واسع، بعد اختبارها على قرود حية في جزيرة في جنوب روسيا. وقد قاموا حتى بتحميل أبواغ (سبورات) الجمرة الخبيثة في الرؤوس الحربية للصواريخ بعيدة المدى العابرة للقارات التي تستهدف المدن الغربية.
أخيرا، في هذه المراجعة القاتمة لاستخدام الأسلحة غير التقليدية، هناك “القنبلة القذرة” – وهي مادة متفجرة عادية تحيط بها عناصر مشعة. وهي تعرف على أنها جهاز تشتيت إشعاعي. كما يمكن أن تكون عبارة عن مادة متفجرة تقليدية، تحمل نظيرا مشعا مثل السيزيوم 60 أو السترونتيوم 90.
ولن تقتل هذه القنبلة بالضرورة عددا أكبر من الأشخاصا مقارنة مع القنبلة العادية، في البداية على الأقل. لكنها يمكن أن تجعل منطقة شاسعة، يحتمل أن تكون بحجم حي كامل في لندن، غير صالحة للسكن لأسابيع، حتى يتم تطهيرها بالكامل.
وتشبه القنبلة القذرة إلى حد كبير سلاحا نفسيا مصمما لنشر الذعر بين السكان وتقويض الروح المعنوية للمجتمع. ولم نر أنها استخدمت كثيرا في الحرب. ويعود ذلك جزئيا إلى خطورته وصعوبة التعامل معه، مما قد يعرض مستخدمه نفسه للخطر.
*المصدر: بي بي سي