العقيدة العسكرية لروسيا: تزايد قدرة الناتو يهدد أمننا القومي
السياسية- رصد:
العقيدة العسكرية هي منظومة المفاهيم المتبناة رسمياً في دولةٍ ما، وهي تشكل مجموع الترتيبات الموجهة لضمان الأمن ومنع الحروب والنزاعات المسلحة. وتشكل نظام الروئ المتطورة حول استخدام القوة العسكرية، ومهام القوى المسلحة، والقوى الحكومية الأخرى للدفاع عن الوطن.
تتمثل القيمة الفعلية للعقيدة العسكرية، أي عقيدة عسكرية، في كونها تقدم المفهوم الأساسي العام لأمن الدولة المعنية وصياغة أهداف السياسة العسكرية ومهامها للدولة عير تحديد أولوية مصالحها والتعبير عن مواقفها من قضايا الحرب والسلم. إنها أيضاً صياغة المهام القتالية الموكولة إلى القوات العسكرية في ظروف الصراع المسلح وإدارته دفاعاً عن كيان البلاد وسيادتها.
وتعمل العقيدة العسكرية على تشخيص التهديدات العسكرية الفعلية والمحتملة وطبيعة الحرب المستقبلية التي يمكن أن تنخرط فيها البلاد، علاوة على توصيف الأساليب التي يمكن من خلالها مواجهة العدوان بالوسائل العسكرية، فضلاً عن أنها تعكس الخطوط الأساسية للمفاهيم الاستراتيجية، وتوجيهات إعداد الدولة ككل لأغراض الدفاع عن أراضي الدولة وسلامتها.
العقيدة العسكرية هي في العمق إعلانٌ حول سياسة الدولة في الدفاع وينبغي تعريف الأمة والعالم أجمع بها.
العقيدة العسكرية الروسية
في 26 كانون الأول 2014 أصدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين المرسوم الرئاسي بالتصديق على وثيقة العقيدة العسكرية الجديدة لروسيا الاتحادية، وهي الوثيقة الرابعة منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، حيث سبق أن صدرت العقيدة العسكرية الأولى في 2 تشرين الثاني 1993 خلال حقبة الرئيس الأسبق بوريس يلتسين، ثم العقيدة العسكرية الثانية في 21 نيسان 2000 خلال الفترة الرئاسية الأولى للرئيس فلاديمير بوتين، ثم العقيدة العسكرية الثالثة في 5 شباط 2010 خلال الفترة الرئاسية للرئيس ديميتري ميدفدف.
جرت الموافقة على إدخال بعض التعديلات على الوثيقة الثالثة في اجتماع مجلس الأمن الروسي في 19 كانون الأول 2014 والذي انعقد بشكل طارئ بقيادة الرئيس فلاديمير بوتين. وتعتبر الوثيقة الرابعة امتداداً لما سبقها من وثائق مع تعديلات أساسية أضيفت إليها في ضوء المستجدات الإقليمية والدولية المحيطة بروسيا الاتحادية.
تزايد قدرة الناتو خطر يهدد روسيا
يشير نص العقيدة العسكرية لروسيا الاتحادية إلى أن تزايد القدرة العسكرية لحلف شمال الأطلسي يعد أحد الأخطار الرئيسية التي تهدد روسيا الإتحادية، إضافة إى منح حلف شمال الأطلسي مهمات ووظائف عالمية يتم تنفيذها مع انتهاك معايير القانون الدولي وكذلك اقتراب البنية التحتية العسكرية للدول الأعضاء في حلف الأطلسي من الحدود الروسية بما في ذلك عن طريق التوسع المستمر للحلف وقبول دول جديدة فيه.
ظلت الأحكام المهمة ذات الصلة بالعقيدة العسكرية الثالثة دون تغيير في الصيغة الرابعة وعلى وجه الخصوص جرى الاحتفاظ بالطبيعة الدفاعية للعقيدة العسكرية مع تركيز روسيا بجنوحها لعدم استخدام القوة العسكرية إلا بعد استنفاد إمكانيات الإجراءات غير العنفية، إذ أبقت على مبادئ استخدام القوات المسلحة لروسيا الاتحادية وإجراءات استخدام الأسلح النووية على حالها دون تغيير. وتأخذ العقيدة العسكرية الرابعة في الحسبان حقيقة ظهور تهديدات جديدة لروسيا الاتحادية نشأت نتيجة الوضع في أوكرانيا وحولها، وكذلك الأحداث التي في شمال أفريقيا وسوريا والعراق وأفغانستان.
عكست وثيقة العقيدة العسكرية الرابعة التوجهات العامة لمرحلة جديدة من السياسة الخارجية والدفاعية الروسية على نحو واضح، حيث تمثل الإطار العام الحاكم للسياسة المستقبلية على مدى السنوات القادمة. وخلافاً لوثيقة “أسس سياسة الدولة في مجال الردع النووي حتى عام 2030” التي لم يتم نشرها وتداولها، فإن نص العقيدة العسكرية الرابعة تم نشره بموجب مرسوم رئاسي صدر عن الكرملين بتاريخ كانون الأول 2014 ما يؤكد كونها “إعلاناً” عن سياسة الدولة خلال المرحلة المقبلة آنذاك. كما جاءت لتؤكد مكانتها كقوة كبرى على الصعيدين الدولي والإقليمي، وعزمها على توظيف قدراتها في الدفاع عن أمنها ومصالحها وعن مواطنيها داخل حدود الاتحاد الروسي وخارجها.
ذكر في نص العقيدة، أن من التهديدات العسكرية الرئيسية بالنسبة لروسيا الاتحادية، إنشاء ونشر منظومة الدفاع المضاد للصواريخ الاستراتيجية التي تقوض الاستقرار العالمي، وتخل بتوازن القوى في مجال الصواريخ النووي القائم حالياُ. كذلك، تنفيذ مفهوم الضربة العالمية الشاملة، والنية في نشر الأسلحة في الفضاء الكوني. كذلك نشر أنظمة الأسلحة عالية الدقة الاستراتيجية غير النووية.
عقيدة روسيا تسمح باستخدام السلاح النووي في حالات العدوان
إن وثيقة العقيدة العسكرية الرابعة، أكدت على احتفاظ روسيا الاتحادية بحقها في استخدام الأسلحة النووية رداً على أي استخدام للأسلحة النووية أو غيرها من أسلحة الدمار الشامل ضدها أو ضد حلفائها، وفي حالات العدوان على روسيا الاتحادية باستخدام أسلحة تقليدية تهدد وجود الدولة مشيراً إلى أن استخدام الأسلحة النووية يتم بقرار من الرئيس الروسي حصراً.
ويبدو أن القيصر الإسكندر الثالث صدق يوم قال ” ليس لروسيا ما تعتمد عليه سوى حليفين: جيشها وأسطولها”.
- المصدر: “الخنادق” اللبناني
- المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع