نكسة بيحان تُنهي «زواج المصلحة»: السعودية والإمارات إلى الاشتباك مجدّداً
السياسية- رصد:
غطّى دخان المعركة الأخيرة التي أطلقها التحالف السعودي – الإماراتي في مديريات شبوة الثلاث، على معركة جانبية كانت أبو ظبي تُحضّر لها، من أجل بسط سيطرتها على وادي محافظة حضرموت وصحرائها ومحافظة المهرة، وصولاً إلى حدود سلطنة عُمان. ولذا، لم تكد حملة «إعصار الجنوب» تتوقّف قسراً بفعل الضربات اليمنية ضدّ العمق الإماراتي، حتى عاد صراع النفوذ إلى الاحتدام بين أبو ظبي والرياض، التي اضطرّت إلى التدخّل بنفسها لوقف عمليات تجنيدٍ كانت «حليفتها» تنوي إطلاقها نحو المحافظات الشرقية، معلِنةً في مقابل الحراك الإماراتي بدء ما سمّتها «مرحلة اليمن السعيد».
تتصاعد، منذ أكثر من شهر، المؤشّرات إلى عودة صراع النفوذ بين السعودية والإمارات في اليمن، إلى الاحتدام من جديد، إلى حدّ أن الرياض باتت مضطرّة للتدخّل مباشرة من أجل إفشال أجندة «حليفتها» في محافظتَي حضرموت والمهرة اللتين ترتبطان مع المملكة بشريط حدودي برّي واسع. وتفجّرت الجولة الجديدة من الصراع في أعقاب إنهاء معركة بيحان التي بدأتها الإمارات في شبوة الشهر الفائت، واستخدمت فيها ميليشيات «العمالقة» المنقسمة الولاء بين الرياض وأبو ظبي، وتوقّفت عند حدود مديرية حريب جنوب محافظة مأرب، خلافاً لما كان مخطّطاً لها من أن تصل إلى حدود سلطنة عُمان، بعد السيطرة على وادي حضرموت وصحرائها، على الحدود مع شرورة السعودية. ومع تَوجّه الإمارات، منذ منتصف الشهر الفائت، نحو التحشيد لمعركة السيطرة على حضرموت، عبر عملية إعادة هيكلة للميليشيات التابعة لها تحت مسمّى «قوات دفاع شبوة»، وفتْح باب التجنيد في جبل حديد في مدينة عدن، استنفرت السعودية لمنْع نقل تلك الميليشيات من شبوة إلى حضرموت، متّكئةً في ذلك على ألوية تتبع «العمالقة» وتُواليها بدلاً من أبو ظبي، كاللواءَين الثاني والثالث. إذ بعثت المملكة، منتصف كانون الثاني، بالمتحدّث باسم «التحالف»، تركي المالكي، إلى مدينة عتق، مركز محافظة شبوة، حيث أعلن انتهاء معركة بيحان، وافتتاح مرحلة «اليمن السعيد». وفي أعقاب هذه الخطوة، عمدت الرياض إلى تغيير مسمّى عدد من ألوية المنطقة العسكرية الخامسة في الحدّ الجنوبي للمملكة إلى «قوات اليمن السعيد»، في ما عُدّ تشكيلاً مضادّاً لـ«قوات دفاع شبوة وحضرموت» الموالية للإمارات، فضلاً عن تشكيل ميليشيات جديدة باسم «قوات دفاع المهرة» التي كان دعا إلى إنشائها سلطان المهرة السابق، عبدالله بن عيسى آل عفرار، عضو الهيئة العليا لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» الموالي لأبو ظبي.
وجاء هذا التحرّك السعودي بعد أن تمكّنت الإمارات من اختراق «الهَبّة الحضرمية الثانية» (مؤتمر حرو)، واستمالة قائدها حسن الجابري إلى صفّها، ما تسبّب بخروج الهبّة عن مسارها الحقوقي وتحويلها إلى غطاء لتنفيذ أجندة أبو ظبي في حضرموت. وعلى إثر ذلك، أعلن «الانتقالي» فتْح معسكرات تدريب جديدة، بتمويل إماراتي، في منطقة قريبة من مديرية القطن، ملوّحاً بالتصعيد ضدّ قوات تابعة لمحافظ حضرموت، اللواء فرج البحسني، الذي رفض تشكيل أيّ ميليشيات في نطاق المحافظة. أيضاً، تمكّن تيار «مؤتمر حرو»، بقيادة الجابري، من تعطيل المصالح النفطية هناك، مجبِراً شركة «كاليفالي» النمساوية على إيقاف إنتاج النفط من «القطاع 14» النفطي في منطقة الخشعة، ومهدّداً باقتحام المنشآت النفطية في المسيلة، توازياً مع إقدامه على منْع تصدير النفط الخام من ميناء الضبة النفطي. كلّ هذه التطوّرات دفعت الرياض إلى التدخّل بنفسها، عبر إرسال قائد قوّاتها في حضرموت، العميد فواز بن شوية، يرافقه عدد من ضباط الاستخبارات السعودية، إلى وادي حضرموت، الأسبوع الفائت، للقاء الجابري. وبالفعل، تمكّن بن شوية، في غضون أيام، من إجبار زعيم «مؤتمر حرو» على إيقاف عمليات التجنيد التي كانت ستشمل 25 ألف شخص، ووقف التصعيد على الأرض، والسماح بتصدير النفط من «الضبة».
وعلى إثر هذا التدخّل السعودي الذي أثار سخط «الانتقالي»، حاول الأخير تجديد التصعيد في وادي حضرموت، عبر تحريك الشارع ضدّ المنطقة العسكرية الأولى التابعة لنائب الرئيس المنتهية ولايته الفار عبد ربه منصور هادي، علي محسن الأحمر، إلّا أنه فشل في إخراج تظاهرة حاشدة من الموالين له يوم السبت الماضي، بعدما تدخّلت قوات المنطقة الأولى، وشنّت حملة اعتقالات واسعة في مختلف مديريات الوادي، وصَفها «الانتقالي» بـ«الانتهاكات»؛ كون التظاهرة التي كان بصدد التحضير لها تطالب بإخلاء المحافظة من قوات تابعة لحزب «الإصلاح»، وفقاً لـ«اتفاق الرياض». كذلك، وفي ما يُعدّ رسالة سعودية إلى «الانتقالي»، عزّزت الرياض قيادة المنطقة بشحنة أسلحة حديثة مطلع الأسبوع الجاري، قدِمت عبر ميناء نشطون الخاضع لسيطرة قوّاتها في المهرة، في وقت تعرّضت أربع عربات نقل عسكرية محمّلة بالسلاح، لكمين مسلّح أثناء مرورها في وادي حضرموت، من قِبَل عناصر يُعتَقَد أنهم موالون لـ«الانتقالي». وفي سياق مواجهة النفوذ الإماراتي أيضاً، أعادت السعودية، مطلع الشهر الجاري، وزير داخلية هادي، إبراهيم حيدان، من مقرّ إقامته في مدينة سيئون في حضرموت إلى قصر المعاشيق الرئاسي في مدينة عدن، على متن طائرة عمودية سعودية، في تحدٍّ واضح لـ«الانتقالي» الذي عبّر عن تذمّره من التحرّكات السعودية الأخيرة، ولوّح بالتصعيد ضد ما يسمى حكومة هادي في عدن، كما رفض عدداً من القرارات الصادرة عن حيدان.
- المصدر: “الاخبار” اللبنانية
- المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع