لمن تعود صلاحية إصدار القوانين في غزة؟
السياسية:
أصدر المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في قطاع غزة، في سابقة، نحو 20 تعميماً قضائياً جديداً بخصوص قضايا النساء في المحاكم الشرعية. وتعد هذه التعميمات بمثابة قرارات وقوانين سارية المفعول وعلى جهات الاختصاص البدء في تنفيذها.
ومن بين القرارات الجديدة التي اتخذها مجلس القضاء الشرعي أن المرأة المطلقة قبل الدخول والخلوة ولا تزال بكراً، تسجل في الهوية الفلسطينية (البطاقة القومية)، أنها عزباء، فيما كانت تسجل سابقاً أنها مطلقة.
كذلك تحصل الزوجة التي طلقها زوجها تعسفاً على تعويض مالي لمدة أدناها سنة وأقصاها ثلاث سنوات، كما يمكن تسمية المهر في عقد الزواج، بأي عملة ترضاها المرأة، فيما كان المهر يسجل بعملة الدينار الأردني فقط في الأراضي الفلسطينية.
وعلى الرغم من أن هذه القرارات أو القوانين، رآها الحقوقيون أنها جيدة ولصالح المرأة وتخدم حقوقها، فإنها صدرت مباشرة عن رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي، وهو غير مخول بذلك، إذ لم يتم مناقشتها أو إقرارها في المجلس التشريعي، ويعد ذلك الأمر مخالفاً للقوانين الفلسطينية.
ووفق النظام الفلسطيني، فإن اتخاذ أي قوانين جديدة، أو إجراء تعديلات على النصوص الحالية، يكون فقط من خلال المجلس التشريعي، وهو الجهة الوحيدة المخولة إقرار أي قرارات بمثابة تشريعات.
لكن رئيس السلطة محمود عباس، عطل المجلس التشريعي في عام 2018 على جميع الأراضي الفلسطينية، وبهذه الحالة باتت القوانين والتشريعات تصدر من خلاله فقط، بقوة القانون الذي أعطاه الصلاحية. وعادة ما تنشر هذه القوانين في الصحيفة الرسمية للدولة، لتأخذ طابعها القانوني والرسمي.
لكن في غزة الوضع مختلف، إذ لم تلتزم حركة حماس بقرار عباس بشأن تعطيل المجلس التشريعي، فبقي يعمل في القطاع فقط، ويسن القوانين والتشريعات من دون موافقة رئيس السلطة ومن دون إجماع من الكتل البرلمانية فيه.
على أي حال، وباعتبار أن المجلس التشريعي يعمل بشكل طبيعي في غزة، باعتباره سلطة الأمر الواقع، فإنه الجهة الوحيدة المخولة إقرار القوانين والتشريعات واللوائح، وليس من حق أي جهة أخرى إجراء ذلك.
مباشرةً، اعتبر المجلس التشريعي أن القرارات الجديدة التي صدرت عن الجهاز القضائي في غزة، باطلة ولا يمكن تطبيقها لأنها لم تصدر عنه ولم يتم مناقشتها خلاله، باعتباره الجهة الوحيدة التي تصدر قوانين.
فتيات غزة “ينحتن” رموز القضايا الفلسطينية
“سام-7” يستهدف الطائرات الإسرائيلية في سماء غزة
وقال رئيس اللجنة القانونية في المجلس التشريعي محمد الغول إنه “بعد القراءة المتفحصة لمضمون تعميمات مجلس القضاء الشرعي الأعلى، فإنها تعد جديدة، وفيها مخالفات للقانون، وتعدٍّ على الصلاحية الدستورية والقانونية الحصرية للمجلس التشريعي الفلسطيني، لذلك تعد لاغية وتنفيذها متوقف بشكل كامل”، لافتاً إلى أن “المجلس التشريعي رفض إصدار مثل هذه التعميمات المخالفة للقانون من أي جهة كانت”.
وحسب الغول فإن “اتخاذ أي قرارات أو قوانين، يجب أن يخضع لإجراءات وقراءات مطولة داخل المجلس قبل إقرارها ونشرها، لتكون متوافقة مع القوانين ومحققة لصالح المجتمع الفلسطيني”.
إلا أن رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي في غزة حسن الجوجو قال إن “هذه التعميمات قضائية، وجاءت لترسخ حقوق الإنسان وتقترب تدريجاً من ترسيخ فكرة المجتمع المدني داخل المجتمع الفلسطيني، ولم تصدر كرد فعل على أي ضغوطات من مؤسسات حقوق المرأة”.
وتطالب المؤسسات النسوية العاملة في قطاع غزة منذ فترة، بضرورة منح المرأة حقوقاً إضافية بخاصة في تلك القضايا المتعلقة بالطلاق، أو الخلافات العائلية، التي عادة ما تقع ضمن اختصاص المحاكم الشرعية وهي المسؤولة عن هذه الملفات وفق النظام الساري في الأراضي الفلسطينية.
وبغض النظر، عن شرعية القوانين الجديدة وعن وقف تنفيذها من قبل المجلس التشريعي، فإن قرارات المجلس الأعلى للقضاء الشرعي لقيت استحسان المؤسسات النسوية الحقوقية.
ورأت مديرة مركز الأبحاث والاستشارات القانونية في غزة زينب الغنيمي أن “هذه التعميمات تعد خطوة إيجابية، وجاءت بعد جلسات حوار طويلة مع القضاء الشرعي حول أن المصلحة المجتمعية تتمثل في الدفاع عن النساء الذي يعد دفاعاً عن الأسرة بشكل عام”.
وحسب الغنيمي “عانت النساء تنفيذ أحكام الطلاق، ولكنهن أصبحن الآن غير مضطرات إلى رفع دعاوى للحصول على حقوقهن المشروعة، إذ بات بإمكانها أن تلجأ إلى صندوق النفقة التابع لمجلس القضاء الشرعي، للحصول على حقوقها القانونية”.
ولا تخفي الغنيمي تخوفها من إمكانية تنفيذ هذه التعميمات، إذ تقول إن “تطبيق قرارات لها علاقة بالمرأة في مجتمع محافظ وذكوري كما في قطاع غزة قد يواجه بعض العقبات، بخاصة في ظل الظروف الصعبة التي يعيشها السكان، ولكن المهم أن المرأة حصلت على حقها، ونتمنى تطبيق ذلك”.
اندبندنت العربية