أبرز الصراعات المحتملة بمنطقتنا في 2022، وأي الأزمات المرشحة للتهدئة5
السياسية:
ودَّع الشرق الأوسط عام 2021، بازدياد التوتر في بعض أزماته، وتراجع حدة بعضها، ولكن بعض الأزمات المحتملة في عام 2022 قد تكون أخطر مما شهدناه في العام المنقضي.
فرغم ظهور مؤشرات قوية على رغبة القوى الإقليمية والدولية في التهدئة والبحث عن تسويات في عام 2021، خاصة بعد رحيل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي كان بمثابة عامل محفز على الصراعات بالمنطقة، إلا أن بعض الصراعات في المنطقة إن لم تحل فإنها مرشحة لتفاقم شديد، وقد تدخل المنطقة في صراعات أو حروب أكثر مما شهدته خلال السنوات الماضية.
بعض الأزمات المحتملة في عام 2022 الشرق الأوسط يعود ساحة لصراع القوى العظمى
من الأزمات المحتملة في عام 2022 عود الصراع بين القوى العظمى حول الشرق الأوسط مثلما كان الأمر في عصر الاستعمار والحرب الباردة.
فهناك مؤشرات عودة مشاركة القوى العظمى في المنطقة، تنبئ بتفاقم محتمل لصراعات وتوترات الإقليم، حسبما ورد في تقرير لمركز “أسباب”.
وهو ما ظهر في توجه الصين وقوى آسيوية أخرى لبناء وجود أمني لها في المنطقة وحولها، ضمن ما يعتبرونه جزءاً من استراتيجياتهم الأمنية الأوسع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ. ويتوقع أن يدفع التحرك الصيني من حدة مخاطر المنافسة العسكرية في المنطقة، بعيداً عن التركيز الدولي السابق على قضايا الأمن البحري والقرصنة والتهريب.
وضمن هذا السياق، أقدمت بكين على توقيع اتفاقية استراتيجية مع طهران، والتي إذا تم تنفيذها فستمثل تحولاً بالنسبة للحضور الصيني في المنطقة، وكذلك للنظام الإيراني الذي لطالما تجنّب توقيع هذا النوع من الاتفاقيات. وكان لافتاً أن الصين أقدمت على هذه الخطوة دون تعريض علاقاتها مع السعودية للخطر، بل على العكس شهدت العلاقة التجارية بين الطرفين توسعاً ملحوظاً وجرى الحديث مؤخراً عن التعاون النووي بينهما.
في المقابل، ستواصل الولايات المتحدة، تحت رئاسة “بايدن”، الضغط على حلفائها في الشرق الأوسط لتقليل تعرضهم الاقتصادي للصين. ومع ذلك، ستكون المشاركة الصينية كبيرة في البنية التحتية والصناعة الأساسية والبناء في العديد من دول الإقليم، بما في ذلك مصر المتحالفة بشكل وثيق مع الولايات المتحدة، وكذلك في الأسواق الأكثر انغلاقاً أو تلك التي هي بأي شكل من الأشكال معادية للولايات المتحدة، مثل الجزائر أو إيران.
كما تفيد المؤشرات بمساعٍ روسية لتوسيع نطاق نفوذها وتواجدها في المنطقة، لتطال مناطق جغرافية جديدة ومساحات تعاون واستثمار اقتصادي وعسكري متعددة، وإنشاء قواعد بحرية جديدة، وسيقابل النفوذ الروسي هذه المرة بموقف أكثر حدة من الإدارة الأمريكية الجديدة.
الأزمة بين الجزائر والمغرب مهيأة للعسكرة
ما زالت الأزمة بين الجزائر والمغرب، في أطوار الخلافات الدبلوماسية والسياسية والإعلامية، ولكنها شهدت تصعيداً لافتاً في عام 2021 بلغ ذروته في قطع الجزائر لعلاقتها مع المغرب، ووقف ضخ الغاز في خط أنابيب يذهب لإسبانيا عبر المغرب، حيث كانت الأخيرة تنال نصيباً من الغاز عبره.
في المقابل، وثقت الرباط علاقتها مع إسرائيل وسط حديث عن تعاون عسكري صناعي واستخباراتي تتحدث بعض المصادر أنه قد يستهدف الجزائر.
الخطير أن البلدين يواصلان التسلح بشكل كبير، وسط تقارير تفيد برغبة المغرب عبر وساطة إسرائيلية لشراء طائرات إف 35 الأمريكية الشبحية من الجيل الخامس، وحديث عن احتمال شراء الجزائر لطائرات سوخوي 35 الروسية التي تعد واحدة من أقوى طائرات الجيل الرابع والنصف وأنها قد تكون أول زبون دولي لطائرات سوخوي 57 الروسية الشبحية.
أزمة البرنامج النووي الإيراني.. سلام أو حرب شبه عالمية؟
لا خيار ثالث في عام 2021، إما قد يكون هناك حل نهائي وشبه نهائي لأزمة البرنامج النووي الإيراني عبر تسوية ترضي الجميع أو على الأقل ترضي أمريكا وإيران جزئياً، وتقبلها إسرائيل على مضض، أو ترفضها بغير شطط أو تكون هناك مواجهة بسبب هذا البرنامج في 2021.
الحل قد يكون في صيغة مقبولة من إيران ترفع بموجبها إدارة بايدن العقوبات الأمريكية، وهي مسألة تواجهها عراقيل عدة، من بينها إصرار إيران على تعهد أمريكي بعدم الانسحاب من الاتفاق مجدداً إذا فاز الجمهوريون بالانتخابات الرئاسية القادمة، وهو تعهد لا يستطيع بايدن تقديمه.
في المقابل، قد يكون الحل في اتفاق مرحلي بين الطرفين، لا يعيد الاتفاق النووي برمته، ولكن يكون بمثابة محاولة لوقف تطور البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع جزئي للعقوبات، إلى حين الوصول لصفقة بديلة خاصة أن الاتفاق الحالي الذي يجرى التفاوض حول إحيائه اقتربت نهاية أجله.
أما خيار المواجهة، فقد يشمل تعزيز العقوبات الأمريكية بطريقة أكثر إيلاماً لإيران، رغم أنه يمكن القول إن طهران اكتسبت مناعة نسبية ضد العقوبات، وقد ترد بمزيد من توتير أجواء المنطقة.
وقد يؤدي سيناريو المواجهة إلى ضربة عسكرية إسرائيلية للبرنامج الإيراني، وما قد يتبع ذلك من ردود فعل من قبل طهران واتباعها في المنطقة ضد تل أبيب سواء انطلاقاً من سوريا أو لبنان أو حتى العراق، وهو ما قد يؤدي إلى حرب إقليمية بين إسرائيل وبين إيران وحلفائها.
السيناريو الأكثر تطرفاً ضمن احتمال المواجهة هو توجيه أمريكا نفسها ضربة عسكرية للبرنامج النووي الإيراني.
قد تسعى طهران لامتصاص الضربة وعدم الرد، وقد ترد بضرب القواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، ولكن الأرجح أنها لن تفعل ذلك ولكن قد ترد بضرب حلفاء أمريكا في الخليج واستهداف الممرات الملاحية التي تنقل نفط منطقة الخليج للعالم، وقد ترد بضرب إسرائيل أو جعل حلفائها يقومون بهذه المهمة، وقد توجه حلفاءها في العراق تحديداً لتوجيه بعض الضربات العسكرية المحدودة للأمريكيين في العراق.
خيار المواجهة بصفة عامة قد يخرج عن السيطرة، وبصرف النظر عن مبالغات الإيرانيين بشأن قدراتهم العسكرية، فإن هذا الخيار قد يتصاعد رغم أنف الجميع، إلى حرب واسعة النطاق، ومع امتلاك إيران لصواريخ يصل مداها إلى معظم أنحاء منطقة الشرق الأوسط ومشارف أوروبا إلى جانب علاقتها بجماعات شيعية في كافة أنحاء العالم، وقدراتها على تنفيذ عمليات رمادية، ضد القطع البحرية في مناطق عدة، فإن مدى الحرب قد يجعلها حرباً أوسع من إقليمية، بل يمكن وصفها بحرب شبه عالمية من حيث المدى العملياتي.
ولكن لا يعني ذلك أنها ستكون حرباً عالمية، أو أن أحداً سيقف مع إيران غير التنظيمات الشيعية الموالية لها، أو أنها ستدمر إسرائيل أو أمريكا وحلفاءها، كما تقول في دعاياتها وخطاب قادتها الحماسية.
في الأغلب قدرات إيران العسكرية، الحالية قدرات إيذاء بعيدة المدى وليس قدرات تدمير.
قدرات قد توقف نسبة مؤثرة من إنتاج نفط دول الخليج العربية وتوقف السياحة في مدنها وسواحلها المزدهرة، وقد يترتب على ذلك أزمة في أسعار النفط، وقد تستطيع طهران وحلفاؤها ضرب بعض الأهداف العسكرية الإسرائيلية وإجبار سكان المدن الإسرائيلية على الهروب للملاجئ كما فعلت المقاومة الفلسطينية مؤخراً.
ولكن في المقابل، أي مواجهة واسعة النطاق مع أمريكا معناها تدمير القوة العسكرية الإيرانية كما حدث للعراق، في عهد صدام حسين، بالنسبة لأمريكا المشكلة ليست في هزيمة إيران بل فيما بعد الهزيمة، هل تبقي النظام الإيراني المهزوم كالنمر الجريح على أعتاب مضيق هرمز تشكل رغبته في الثأر تهديداً لأمن الطاقة أم تكرر تجربة الاحتلال الفاشلة التي فعلتها في العراق وأفغانستان، والتي أدت إلى تدمير البلدين، وإلحاق خسائر دون أي مقابل بالقوات الأمريكية، مع العلم بأن إيران بلد عدد سكانه يفوق العراق مرتين ونصف ويقارب أفغانستان في الوعورة، بينما تعادل مساحة تركيا مرتين، وهو بلد شعبه معروف عنه انتماؤه القومي الشديد، إلى جانب الارتباط بين القومية الفارسية والمذهب الشيعي، كل ذلك يجعل أي محاولة لاحتلال إيران وتغيير النظام حماقة كبرى.
الخيار الثالث وهو غير مرجح إلى حد كبير، ويعني استمرار الأزمة تراوح مكانها، مع مفاوضات متباطئة ومتعثرة دون انهيارها، ومواصلة إيران تقدمها الحذر، ولكن المطرد في البرنامج النووي، واستمرار هذا الخيار مستبعد بالنظر إلى أن مضي إيران قدماً في تطوير برنامجها عام 2021، بنفس وتيرة العام الماضي، يعني أنها قد تقترب فعلاً من العتبة النووية.
أزمة داخلية فلسطينية
اختتم عام 2021 للفلسطينيين، بحدث يبدو سخيفاً، زيارة قام بها رئيس دولتهم محمود عباس لوزير الدفاع الإسرائيلي في منزله، زيارة سخرت منها حتى وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وتبدو السلطة الفلسطينية مقبلة على أزمة كبيرة، مع تزايد الإحساس أنها مجرد سلطة إدارة للأراضي الفلسطينية لصالح الاحتلال الإسرائيلي، وهو أمر ظهر في غياب دورها تقريباً في أزمة المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح، التي اندلعت في النصف الأول لعام 2021، والتي تبعها رد فعل من قبل حركة حماس عبر إطلاق الصواريخ من غزة على القدس رداً على الاستفزازات الإسرائيلية بالمدينة المقدسة، مما أدى إلى اندلاع حرب في غزة التي ظهر فيها أداء مفاجئ للمقاومة الفلسطينية التي تفاوضت عبر الوسيط المصري مع إسرائيل دون أي دور للسلطة الفلسطينية لا في الحرب ولا السلام.
في المقابل، فإن المظاهرات في القدس والضفة الغربية لم تبدُ فقط موجهة فقط ضد الاحتلال الإسرائيلي، بل أيضاً ضد ما يعتبره كثير من الفلسطينيين تخاذلاً من قبل السلطة الفلسطينية.
في المقابل، هتف المتظاهرون في القدس الخاضعة للاحتلال الإسرائيلي لقائد كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري محمد الضيف.
وقد تكون الساحة الفلسطينية مقبلة على تغييرات قيادية لدى كل من حركة فتح (في حال وفاة محمود عباس) وحركة حماس (انتخابات قد تعيد خالد مشعل للواجهة).
جبهة إسرائيل القادمة قد تكون في الضفة
هناك قلق إسرائيلي من انفجار وشيك بالضفة الغربية، وذلك بسبب تزايد الانتهاكات الإسرائيلية، وارتفاع هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد المدنيين الفلسطينيين، في ظل حملة تكميم أفواه تشنها السلطة الفلسطينية ضد معارضيها، حسب الكاتب والصحفي الإسرائيلي المتخصص في الشؤون العسكرية يوسي ميلمان.
يقول ميلمان: كان هناك أمل في أن تعمل الحكومة الجديدة، بقيادة نفتالي بينيت مع وجود كبير من اليمينيين المعتدلين والوسطيين والسياسيين اليساريين في حكومته، على ترويض المستوطنين الإسرائيليين القوميين المتطرفين، لكن العكس هو ما حدث.
ازدادت هجمات المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة خلال الشهرين الماضيين ضد الفلسطينيين الأبرياء. فقد قطعوا أشجار الزيتون ودخل المستوطنون المسلحون إلى القرى لاستفزاز السكان الفلسطينيين والاعتداء عليهم. وفي حالات عديدة، تضررت السيارات وتعرض أشخاص للاعتداء والمنازل كذلك. وكل هذه الحوادث تحدث تحت أنوف قوات الأمن الإسرائيلية التي تغض الطرف وتسمح للجماهير المتطرفة بممارسة هجماتهم العنيفة.
يقول الكاتب الإسرائيلي: “بالتأكيد يساهم هذا السلوك الإسرائيلي في ارتفاع عدد الحالات التي استخدم فيها الفلسطينيون الأسلحة النارية لمهاجمة المستوطنين وقوات الاحتلال الإسرائيلي. وبغض النظر عن ذلك، يُعتقَد أنَّ حماس وراء بعض هذه الأحداث التي تعتبرها إسرائيل محاولة لإحداث شرخ بينها والسلطة الفلسطينية ووقف التعاون الأمني بين الجانبين”.
كما تتخوف الأوساط العسكرية الإسرائيلية من عودة مدينة جنين ومخيمها كمعقل للمقاومة الفلسطينية المسلحة.
هل تنزوي حرب تيغراي لتمرد إقليمي، أم تتحول لثورة شاملة؟ الإجابة لدى مصر
رغم أن الحرب في إثيوبيا بلغت حداً غير متوقع بالفعل في عام 2021، عندما اقترب المتمردون التيغراي، من العاصمة أديس أبابا إلا أن العام المنتقضي انتهى بتراجع التيغراي عن هجومهم الجريء بفضل هجوم الجيش الإثيوبي المضاد الذي نفذ بالأساس بواسطة الطائرات المسيرة الإماراتية والصينية وقبلها التركية.
إلا أن الحرب يمكن أن تشهد سيناريوهين متناقضين خلال 2021، الأول هو نجاح القوات الإثيوبية في تحجيم تمرد التيغراي، وصولاً إلى فرض الحصار على الإقليم ومحاولة وأد التمرد تماماً.
أما السيناريو الأكثر راديكالية والأقل احتمالاً، هو انضمام قوميات أخرى من الشعب الإثيوبي للتمرد، ونجاح التيغراي وحلفائهم المحتملين، في التقدم صوب أديس أبابا، وتكرار ما فعلته جبهة تيغراي في مطلع التسعينات عندما أطاحت بنظام الرئيس الشيوعي منغستو هيلا مريام.
حتى الآن لم تظهر أي قومية أخرى حماساً للانضمام للتيغراي، حتى الأورومو أكبر قوميات البلاد، فمن الواضح أن السخط الواسع لديهم لم يترجم إلى عمل ميداني، وجبهة تحرير أورومو أظهرت أن كفاءتها المحدودة في الدعاية تفوق كفاءتها في القتال.
وحتى منطقة عفار ذات الغالبية المسلمة الذين يعدون امتداداً لشعب جيبوتي، وقفت الميليشيات فيها المحلية بقوة مع الحكومة المركزية.
سيناريو تصعيد التمرد في إثيوبيا شديد الارتباط باحتمال ومقدار تدخل مصر والسودان لدعمه، حتى الآن لا يبدو أن هناك دعماً كبيراً من البلدين للتمرد، (إذا كان هناك دعم أصلاً).
ولو كان هناك دعم ذو مغزى لركزت عليه الدعاية الحكومية الإثيوبية لوصم المتمردين بالخيانة، ولكن عادة تشير الدعاية الإثيوبية للدور الخارجي في مشكلات إقليم بني شنقول الصغير، أكثر من تيغراي.
ومنذ بداية أزمة تيغراي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كانت الأوامر الصادرة للجيش السوداني هي الوقوف على الحياد، حسبما ذكرت مصادر سودانية لمجلة Foreign Policy الأمريكية، وليس هناك دليل على حدوث تغير في هذا التوجه.
تونس.. تصعيد من جانب واحد
قد يكون عام 2022، أقسى على تونس من 2021، فمن الناحية الاقتصادية تؤخر المساعدات الدولية وربطها بالديمقراطية يضغط على الاقتصاد، وسوف يواصل الرئيس قيس سعيد توسيع سلطاته وابتلاع مزيد من الحريات في ظل عجز النخبة السياسة عن ردعه.
وفي الأغلب قد ينظم الرجل انتخابات برلمانية على الطراز العربي التقليدي، وسيؤدي خليط من القمع والأساليب الشعبوية وكراهية الشعب للأحزاب السياسية والنظام الانتخابي الغريب إلى قدرته على تشكيل برلمان موال له تماماً، يمكنه من صياغة نظام على طريقته بما يضمن تشريع سلطة مطلقة للرئيس، خالية حتى من القيود الدستورية والبرلمانية الشكلية التي تعرفها الجمهوريات العربية، وقد تؤدي هذه الانتخابات شبه الصورية إلى انسياب جزئي أو كلي للمساعدات الدولية لتونس، بما يمنع انهيار اقتصاد البلاد.
ولكن إذا أراد قيس سعيد تنفيذ إصلاحات اقتصادية حقيقية فسيصطدم مع الاتحاد التونسي للشغل، الذي نظر له أحياناً أنه متواطئ مع إجراءات الرئيس لأن قادة الاتحاد اليساريين سعداء بالإطاحة بالنهضة.
في الأغلب ستواصل تركيا العمل على تسوية خلافاتها الخارجية كما حدث في 2021 بعد أن أوصلت رسالة لكافة خصومها في عامي 2019، و2020 بضرورة مراعاة مصالحها، وأنه يستحيل استبعادها، كما حدث في ساحات الصراعات في إدلب بسوريا وليبيا والقوقاز، وبصورة أقل شرق المتوسط.
وفي مواجهة تباطؤ التسوية مع مصر، فإن التهدئة مع الإمارات التي كانت معترضة على الحوار المصري التركي انتقلت فجأة إلى تسوية ومصالحة علنية على الأقل عبر زيارة ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد لتركيا، وألمح أردوغان بعد الزيارة إلى أن أنقرة ستتخذ خطوات إيجابية تجاه مصر وإسرائيل.
وشهدت العلاقات التركية السعودية تهدئة لافتة أيضاً وتوقفت الضربات تحت الحزام بين البلدين، كما شهدت العلاقات التركية الأوروبية والتركية الأمريكية والتركية الروسية تهدئة وتحسناً بطيئاً، فيما يبدو أن أنقرة تستعد لرفع سقف مواقفها في أزمة البوسنة؛ حيث بدأت ترسل لصديقتها الجديدة صربيا وصرب البوسنة، رسائل حازمة، لم تتخلَّ فيها عن الخطاب الانفتاحي تجاه الصرب مع التأكيد على أن مسلمي البوسنة خط أحمر لأنقرة.
دول الخليج.. المصالحة سوف تستمر، وشكل التنافس سيتغير
أسهم رحيل ترامب ومجيء “بايدن” في تخفيف حدة صراعات دول الخليج الداخلية، وإطلاق المصالحة الخليجية في قمة العلا 2021، دون أن يعني ذلك توقفاً لحالة التنافس بين الأطراف المختلفة في المنطقة الغنية بالنفط.
ولكن ديناميات التنافس واتجاهاتها تغيرت قليلاً مثل صعود تنافس الحليفين السعودي والإماراتي، وقد ظهر مضمار هذا التنافس في الخلاف على حصص أوبك والذي وصل لتهديد الإمارات بالانسحاب من التكتل الدولي وكذلك سعي الرياض لمنافسة دبي عبر فرض شرط أن أي شركة عالمية لكي تعمل في السعودية يجب أن يكون مقر الإقليمي في المملكة. كما أن الحكومة الشرعية اليمنية هي أكثر من يدفع ثمن التنافس السعودي الإماراتي الخفي، ولكن المرير كما ظهر في انسحاب “القوات المشتركة” يقودها طارق محمد عبد الله صالح، نجل شقيق الرئيس السابق علي عبد الله صالح، المدعومة من الإمارات من ميناء الحديدة الاستراتيجي لتتركه يسقط لقمة سائغة في يد الحوثيين؛ مما أثار تساؤلات حول وجود صفقة إماراتية إيرانية أفضت إلى هذا الانسحاب الذي أدى لهزائم متلاحقة بعد ذلك لقوات الحكومة الشرعية في جبهات عدة.
ولكن ستظل المنافسة السعودية الإماراتية في 2022 على نفس وتيرتها شبه الخفية، والتي تؤدي للحفاظ على أساس علاقات البلدين ومنها منع التحالف من التفكك تماماً، حتى لو تراجع متانته بشكل كبير.
الأزمة السورية
سيشهد عام 2022 محاولة جديدة للتطبيع العربي مع الأسد يقودها خليط من الدول العربية لا يجمعها شيء إلا الميل لتأييد الاستبداد، المثال على ذلك الجزائر والإمارات لا يجمعهما شيء إلا تأييد عودة الأسد للجامعة العربية، وأصبحت البحرين آخر المنضمين لقطار التطبيع، في حين يبدو أن السعودية مترددة وعلى الأرجح سبب ترددها تبعية الأسد لإيران وحزب الله وليس قتله لشعبه، وقطر هي الدولة العربية الوحيدة حالياً التي ما زالت ترفض بشكل قاطع عودة دمشق للجامعة العربية، مع استمرار دور نشط لها في الأزمة السورية خاصة على الصعيد الإنساني بالتعاون مع تركيا وروسيا.
في المقابل، فإن الولايات المتحدة هي أكبر مانع للتطبيع العربي مع الأسد رغم رعايتها لصفقة نقل الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا، ولكنها حذرت حلفاءها من التطبيع مع الأسد، وفي هذا الإطار فرض مشروع قانون الإنفاق الدفاعي الأمريكي الذي وقع عليه بايدن بعد أن أقره الكونغرس الإبلاغ عن الجهود الدبلوماسية الأمريكية لمنع الدول العربية من تطبيع العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مثلما أفاد موقع Al-Monitor.
عربي بوست