السياسية : مرزاح العسل

في ذكرى انطلاقتها الـ34 وتحت شعار “دِرْعُ القدسِ.. وطريقُ التحرير”.. شددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على أن المقاومة الشاملة، بكل أساليبها وأشكالها، وعلى رأسها المقاومة المسلّحة، هي السبيل الوحيد لانتزاع الحقوق وتحرير الأرض الفلسطينية المحتلة والمقدسات.

ففي مثل هذا اليوم من عام 1987م، كانت الجماهير الفلسطينية، والأمة العربية والإسلامية، على موعدٍ مع ميلادِ فجر جديد في سماء فلسطين المحتلة، متصلة خيوطه المباركة بالإعلان عن انطلاقة حركة (حماس)، من رحم المعاناة والظلم والعدوان، لتأخذ دورها في مسيرة النضال والكفاح الفلسطيني لتحرير الأرض والمقدسات، وتحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني في دولة مستقلة كاملة السيادة على كامل أرض فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس الشريف.

وكانت انطلاقة الحركة امتدادًا طبيعيًا لمسيرة نضال الشعب الفلسطيني ومقاومته المتواصلة، منذ الاحتلال البريطاني لفلسطين، مرورًا بثورة البراق، وثورة القسَّام، وإلى اليوم، وكانت علامة فارقة في تاريخه النّاصع وقضيته العادلة، لحفظ قضيته من التغييب والطمس والتصفية.

وعلى الرّغم من العدوان الصهيوني المستمر على الشعب الفلسطيني والأرض والمقدسات، والتضييق والملاحقة ضد أبنائها وأنصارها، والحصار الذي تتعرّض له من دول وقوى، عسكريًا وأمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا، إلا أن حركة (حماس) ثابتة الخُطى والأهداف، واضحة البوصلة، عصيّة على الانكسار، وفيّة لمبادئها وتاريخها وشعبها، تحقّق الإنجاز والانتصار، الذي يفخر به كلُّ أبناءِ فلسطين.

وبهذه المناسبة تستذكر الحركة بكل فخر واعتزاز مسيرة الشعب الفلسطيني في المقاومة والتضحية والاستشهاد، وتترحّم على أرواح الشهداء المؤسسين، وفي مقدّمتهم الشيخ المؤسّس الشهيد أحمد ياسين، وكلّ إخوانه القادة الشهداء الأبرار، كما تستذكر شهداء فلسطين من كل فصائل المقاومة، بما فيهم القائد الشهيد ياسر عرفات (أبو عمار)، والشهيد القائد فتحي الشقاقي، والشهيد أبو علي مصطفى، وغيرهم الذين تزدان بهم قافلة شهداء فلسطين.

وتعهدت حركة (حماس) في بيان صحفي اليوم الثلاثاء، بذكرى الانطلاقة الـ34 نشر على موقعها الإلكتروني، بأن تبقى ثابتة وحامية ووفيّة للثوابت والمقدسات ودماء الشهداء وتضحيات الشعب الفلسطيني، وأن تواصل طريق التحرير والعودة، حتى زوال الاحتلال.

وأكدت أن كل محاولات إحياء عمليات التفاوض مع العدو، واستجداء السلام المزعوم سعي وراء سراب، لم يجلب إلا الخيبة والتفريط بثوابت الشعب الفلسطيني.. مجددة تمسكها بالقدس والمسجد الأقصى المبارك قلب فلسطين النابض، وعنوان الصراع مع العدو، ولن تقبل المساس بهما.

وأكدت الحركة في بيانها أن كل محاولات الاحتلال الاستيطانية والتهويدية والتقسيم الزماني والمكاني والتهجير لن تفلح في طمس المعالم وتغيير الحقائق، وستبقى القدس عاصمة أبدية لفلسطين، والمسجد الأقصى المبارك إسلاميًا خالصًا، يحميهما المرابطون، ويدافعون عنهما بكل قوّة وإرادة، وخلفهم مقاومة باسلة ترفع سيفها في وجه كل عدوان.

ونوهت بأن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وبناء شراكة حقيقية قائمة على برنامج نضالي موحّد، بين أطياف الشعب الفلسطيني وفصائله كافة، هو صمَّام الأمان لحماية المشروع الوطني الفلسطيني من التحديات والمخاطر المحدقة به.

وقالت: إن إعادة ترتيب البيت الفلسطيني هو المدخل الصحيح لمواجهة مخططات الاحتلال الاستيطانية والتهويدية وعدوانه المتصاعد، مجددة موقفها بأنَّ الانتخابات الشاملة المتزامنة هي الحاجة الوطنية الملحّة، والأفضل للخروج من الأزمات السياسية القائمة.

وطالبت بالتحرك العاجل لإنهاء معاناة الفلسطينيين في قطاع غزة وكسر الحصار فورا عنهم.. مشيرة إلى أن الحصار على القطاع المتواصل لأكثر من 15 عامًا أدى إلى تفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية والصحية، لأكثر من مليوني مواطن من أبناء فلسطين، في ظل جائحة كورونا، ومع تأخّر إجراءات إعادة الإعمار بعد العدوان الأخير.

كما أكدت حماس تمسكها بحق العودة باعتباره حقًا أصيلًا، فرديًا وجماعيًا غير قابلٍ للتصرف، ورفضها لكل الحلول التي تسقط قضية اللاجئين وإنهاء حقّ العودة.. مرسلة التحية لجماهير فلسطين من اللاجئين في الداخل والشتات، ومثمنة دورهم في مقاومة الاحتلال والحفاظ على الهُوية الوطنية.

واعتبرت (حماس) تصنيف البرلمان البريطاني لها خطيئة تضاف إلى سلسلة أخطائه التاريخية بحق الشعب الفلسطيني، منذ وعد بلفور المشؤوم وهو استمرار الانحياز الفاضح للاحتلال العنصري ضدّ شعب أعزل يدافع عن حقوقه المشروعة.

وشددت الحركة في بيانها على أن تطبيع بعض الأنظمة العربية الرّسمية مع العدو الصهيوني، وإبرام اتفاقات في مختلف المجالات معه، هو جريمة بحقّ الشعب الفلسطيني والأمَّة الإسلامية، وانتهاك للإجماع العربي والإسلامي الرّافض للتطبيع مع هذا العدو المشترك للأمّة.

وأوضحت أن التطبيع يفتح الباب واسعًا للاختراق السياسي والأمني والاقتصادي والثقافي الذي يضرب أمن الأنظمة القومي واستقرارها في مقتل، داعية كل الدول التي انزلقت في هذا المنزلق الخطير إلى أن تصحّح مسارها.

وعبرت حماس عن اعتزازها بعمقها العربي والإسلامي، الرّسمي والشّعبي، باعتباره العمق الاستراتيجي، والحاضنة الأساسية للقضية ومشروع التحرير والعودة.

من جهته قال رئيس المكتب السياسي لحركة (حماس) إسماعيل هنية كلمة متلفزة بالمناسبة عبر قناة “الأقصى” اليوم: إن هناك 3 حقائق تمثل نقطةً فارقةً فيما أضافته الحركة منذ انطلاقتها ومقاومتها المجيدة للقضية الفلسطينية.

وأوضح أن الحقائق تمثلت في أن حماس أعادت الاعتبار للقضية، ودفعتها مجددًا إلى أعلى سُلم أولويات الشعوب العربية والإسلامية، وأعادت الاعتبار لقضية فلسطين أيضًا في بعدها العربي والإسلامي، بالإضافة إلى أنها شكّلت نقطة ارتقاءٍ هائلةٍ لخيار المقاومة كخيارٍ استراتيجيٍ للتحرير.

وشدّد على أن حماس انطلقت ووُلدت من رحم انتفاضة الحجارة المجيدة، وجاءت في ظل ظروف قاسية وصعبة.. مشيرًا إلى أنها شكّلت إضافةً نوعيةً إلى مسيرة الشعب الفلسطيني ومقاومته التي مضى عليها أكثر من 100 عام، وقدّمت فصولًا في المقاومة من الحجر إلى السكين إلى عمليات الدهس إلى العمليات الاستشهادية إلى بناء القوة ومراكمتها، والتصدي للعدوان الصهيوني.

ولفت إلى أن “الانطلاقة تأتي هذا العام ونحن نتفيأ ظلال معركة سيف القدس ونتائجها الاستراتيجية في المسارات كافة”.. مجددًا تأكيده على أنها شكّلت تحولًا مهمًا في مجرى الصراع مع المشروع الصهيوني الاحتلالي الاستيطاني لأرض فلسطين المباركة.

وشدّد بالقول: إن “سيف القدس الذي أشهرناه لن يُغمد بإذن الله إلا بتحرير قدسنا وأقصانا، هذا عهدنا مع أهلنا في القدس، وكلمة الفصل مع الاحتلال”.. موجهًا التحية للشعب الفلسطيني الذي شكّل الحاضنة المجيدة لكل حركات المقاومة والثورة.. ومستذكرًا الشهداء وعلى رأسهم الشيخ المؤسس أحمد ياسين، والأسرى الأبطال، وكل فصائل المقاومة، وفي مقدمتها كتائب الشهيد عز الدين القسام.

وذكر أنه “بعد 34 عاما من الانطلاقة ما زلنا نؤكد تمسكنا الكامل بحقوق شعبنا الفلسطيني وحماية ثوابته”، وأن “كل محاولات دفع الحركة سواء كان بالحصار أو بالحرب أو بالعدوان أو بالمؤامرات إلى التخلي عن أيٍ من ثوابت شعبنا فشلت ولم تنجح”.

ودعا السلطة الفلسطينية إلى وقف سياسة العدوان والاعتداء على أبناء فلسطين في العديد من مناطق الضفة، وإلى إنهاء كل ما يتعلق بالاعتقال السياسي هناك، وإلى وقف التعاون الأمني مع الاحتلال.. معتبرًا إياه خطًا ليس وطنيًا، ولا يمكن أن يُشكّل حماية لكل مَن يعمل فيه.

وفيما يتعلق بالأسرى، قال رئيس الحركة: إن “قضية الأسرى على رأس أولويات حركة حماس وفصائل المقاومة، وندعم المعارك التي يخوضها الأسرى ضد إدارة السجون لحماية الحدود المطلوبة لحياة كريمة”.

وأضاف: إن “كتائب القسام التي أنجزت صفقة وفاء الأحرار الأولى سوف تنجز صفقة جديدة، ولن نصبر طويلًا على بقاء أسرانا في سجون الاحتلال، وإن ما لدى القسام من الأسرى لن ينعموا برؤية الشمس إلا إذا تنعّم بها أسرانا ورأوا شمس الحرية”.

وشدّد على أن ما لم يُؤخذ من غزة بسيف الحصار والحروب لا يمكن أن يُؤخذ بسيف الإعمار أو سيف التبادل، وأنه لا مقايضة على رفع الحصار، ولا مقايضة من أجل إعادة الإعمار، ولا من أجل تبادل الأسرى.

ودعا أحرار العالم الذين وقفوا مع غزة ومع القدس ومع قضية فلسطين، إلى الاستمرار في هذه المواقف التي يحترمها الشعب الفلسطيني وأصحاب الضمائر.. مؤكدًا أن التطبيع لن يزيد العدو قوة، ولن يحمي أحدًا يعتقد بأن حمايته عبر علاقات استراتيجية مع الاحتلال.

وطالب بضرورة الاستمرار في مقاطعة الاحتلال ومحاصرته، وضرب الرواية “الإسرائيلية”، وحماية الشعب الفلسطيني وحقوقه في كل مكان.. مجددًا إدانته للقرار البريطاني باعتبار حماس حركة إرهابية، قائلًا: “هذه التصنيفات لن ترهبنا، بل هي وسام شرف جديد نضعه على صدورنا”.

بدورها تقدمت حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، اليوم الثلاثاء، بخالص التهاني والمباركات لحركة المقاومة الإسلامية “حماس” بمناسبة الذكرى الـ 34 لانطلاقتها.. كما هنأت بشكل خاص قيادة حماس وعلى رأسها إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي، وكافة أعضاء المكتب السياسي، وقيادة ومجاهدي كتائب الشهيد عز الدين القسام الأبطال.

واستذكرت حركة الجهاد الإسلامي المحطات الجهادية البارزة والمعارك الباسلة التي خاضتها المقاومة وفي مقدمتها كتائب القسام وسرايا القدس وبجانبهما الأذرع العسكرية للمقاومة الفلسطينية التي قدمت شلالاً من التضحيات، داعيةً بالرحمة لشهداء هذه المسيرة المباركة من الثبات والصمود والجهاد والمقاومة.

وأكدت الجهاد الإسلامي في بيانها، أن حركة (حماس) شكلت منذ انطلاقتها رافداً مهماً للعمل الوطني المقاوم في وجه الاحتلال الصهيوني، وسجلت حضوراً متميزاً في كافة المحطات، وحافظت على موقف ثابت في صراعنا الممتد والمفتوح مع الاحتلال الصهيوني أكدت من خلاله على استمرار الجهاد والمقاومة حتى تحرير كل فلسطين.

وشددت الحركة، على الشراكة والتحالف مع حركة “حماس” وكافة قوى المقاومة الفلسطينية لحماية الثوابت والدفاع عن الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته، ومواجهة العدو الصهيوني ومواصلة الاشتباك معه في كل الساحات وبكل الوسائل وفي مقدمتها العمل الفدائي المسلح.

كما أكدت حرصها على مواصلة العمل مع حركة حماس وكافة القوى الفلسطينية من أجل تحقيق الوحدة وتحشيد كل الطاقات الوطنية في مقاومة العدو وتحرير كامل تراب وطننا المقدس، وعودة اللاجئين إلى ديارهم وتحرير كافة الأسرى والأسيرات.

هذا وشكّلت حادثة “المقطورة” الشهيرة شرارة انطلاقة الانتفاضة الأولى التي أدت إلى إعلان انطلاقة حركة (حماس)، وهي وإن لم تكُن السبب الرئيس في إعلان الانطلاقة، إلا أنها مثلت نقطة التحول إلى المواجهة مع الاحتلال والاستفادة من حالة الهبّة الشعبية والغليان في الشارع الفلسطيني المشحون ضد الاحتلال.

وتُعد القدس “عاصمة الذاكرة والوجدان.. الماضي والحاضر والمستقبل”.. المدينة المقدسة التي لم تحِد عنها بوصلة المقاوم الفلسطيني، والقبلة التي تُصَوَّبُ البنادق لتحريرها وضمان انعتاقها من الاحتلال.

ولطالما شكلت القدس المادة الأساس في الخطاب السياسي الذي تقدمه حركة (حماس)، والمحرك الرئيس للهبات والانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة في وجه الاحتلال.. وتصدرت مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك عناوين المواجهة مع كيان الاحتلال.

ويعتبر المسجد الأقصى المبارك جزءا من عقيدة الأمة الإسلامية، وليس هناك قضية على وجه الأرض تحظى بالإجماع كقضية القدس، فهي من الثوابت التي لا ولن تتخلى عنها الأمة.

وعلى امتداد تاريخ الصراع والمواجهة مع الاحتلال، شكلت مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى المبارك، المكون الرئيس في الصراع، ومثلت مصدر إلهام للشباب الفلسطيني الثائر ومقاومته الباسلة، وبوصلتها التي لا تحيد عن تحرير كامل التراب الفلسطيني.

الجدير ذكره أن حركة (حماس) ما زالت تسير على النهج ذاته من التضحية وتقديم الشهداء واحداً تلو الآخر خلال مسيرتها النضالية.. لتثبت أنها الأشد حرصاً على الوطن الفلسطيني والأكثر صونا له وحفاظاً عليه، وأنها لم تألُ جهداً إلا وسخرته من أجل تعبيد طريق النصر والتحرير والعودة.