من المطالبة بالاعتذار إلى التهديد بترحيل الجالية اللبنانية.. أبرز المحطات في أزمة تصريحات قرداحي
السياسية – رصد :
مر أسبوعان على تصاعد الأزمة بين السعودية ودول الخليج من جهة، ولبنان من جهة أخرى، وذلك إثر تصريحات اعتبرتها الرياض ودول الخليج مسيئة لها أطلقها وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، ضمن مقابلة مع برنامج “برلمان شعب” (من إنتاج قناة الجزيرة)، بثت يوم الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، دعا فيها إلى ضرورة توقف الحرب في اليمن لأنها “عبثية ومؤذية”.
وفيما يلي أبرز المحطات لأزمة تصريحات قرداحي التي وصلت حد تهديد السعودية بشكل غير رسمي، بترحيل الجالية اللبنانية لديها.
بداية الأزمة
كانت بداية الأزمة بين السعودية ولبنان، بعد انتشار مقابلة لقرداحي، ضمن برنامج “برلمان شعب” مساء يوم الإثنين 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، اعتبر خلالها أن “الحوثيين في اليمن يدافعون عن أنفسهم ضد ما قال إنها اعتداءات السعودية والإمارات”، داعياً إلى ضرورة وقف “الحرب العبثية والمؤذية” هناك.
وأثارت تلك التصريحات التي سجلت قبل تولي قرداحي الحكومة بنحو شهر موجة من الجدل والانتقاد لدى دول الخليج والسعودية التي أعاد سفيرها في لبنان مجموعة من التغريدات التي تتحدث عن أن تصريحات قرداحي ستتسبب بأزمة دبلوماسية بين دول الخليج وبيروت.
قرداحي يحاول التوضيح: لم أقصد الإساءة وما قُلته كان عن قناعة
“لم أقصد الإساءة للسعودية أو الإمارات”. هذا ما قاله وزير الإعلام اللبناني يوم الثلاثاء 26 أكتوبر/تشرين الأول 2021، بعد ساعات من إذاعة مقابلته مع “برلمان شعب” على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبراً أن حديثه عن ضرورة توقف حرب اليمن “العبثية والمؤذية” يعكس “محبة” للرياض وأبوظبي.
موضحاً أن “هذه المقابلة أجريت في 5 أغسطس/آب الماضي، أي قبل شهر من تعييني وزيراً في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي”. وأردف قرداحي: “ما قلته بأن حرب اليمن أصبحت حرباً عبثية يجب أن تتوقف، قلته عن قناعة ليس دفاعاً عن اليمن، ولكن أيضاً محبةً بالسعودية والإمارات وضناً بمصالحهما”. واستطرد: “عسى أن يكون كلامي، والضجة التي أثيرت حوله، سبباً بإيقاف هذه الحرب المؤذية لليمن ولكل من السعودية والإمارات”.
ميقاتي وعون يتبرَّآن
من جهته قال رئيس الحكومة اللبنانية، نجيب ميقاتي، في بيان نشر الثلاثاء 26 أكتوبر/تشرين الأول، إنه “والحكومة حريصون على نسج أفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية”، مع إدانة “أي تدخل في شؤونها الداخلية من أي جهة أو طرف”، مضيفاً أن حديث قرداحي “يندرج ضمن مقابلة أجريت معه قبل توليه منصبه الوزاري بعدة أسابيع، وهو كلام مرفوض ولا يعبر عن موقف الحكومة إطلاقاً، خاصة في ما يتعلق بالمسألة اليمنية وعلاقات لبنان مع أشقائه العرب، وتحديداً الأشقاء في السعودية وسائر دول مجلس التعاون الخليجي”.
وانضم الرئيس اللبناني ميشال عون إلى ميقاتي بالتأكيد على أن تصريحات قرداحي لا تمثل الدولة اللبنانية وأن بيروت “حريصة على أطيب العلاقات مع الدول العربية والخليجية”.
دول الخليج تطالب قرداحي بالاعتذار
في بيان لمجلس التعاون الخليجي، عبَّر نايف فلاح مبارك الحجرف، الأمين العام، الأربعاء 27 أكتوبر/تشرين الأول، عن رفضه التام لتصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي حول حرب اليمن، مطالباً إياه بالاعتذار.
وقال الحجرف إن “تصريحات قرداحي تعكس فهماً قاصراً وقراءة سطحية للأحداث في اليمن”، مستنكراً “دفاع وزير الإعلام اللبناني عن جماعة الحوثي الانقلابية في الوقت الذي يتجاهل فيه تعنت الحوثي ضد كل الجهود الدولية الرامية لإنهاء الأزمة اليمنية”.
حزب الله يدعم قرداحي.. ودول الخليج تستدعي السفراء اللبنانيين
في بيان نشر الخميس 28 أكتوبر/تشرين الأول، أشادت جماعة حزب الله اللبنانية بتصريحات قرداحي، بخصوص الحرب في اليمن، ونددت بما وصفتها بالحملة “الظالمة” التي تقودها السعودية والإمارات ومجلس التعاون الخليجي ضده.
وفيما دعا بعض السياسيين اللبنانيين بينهم نواب في البرلمان قرداحي للاستقالة، رفض حزب الله إقالة قرداحي أو دفعه للاستقالة، واصفاً موقفه بـ”المشرّف والشجاع”، وقال في بيان إن “قرداحي وصف العدوان (على اليمن) على حقيقته”.
فيما قررت كل من السعودية والإمارات والكويت والبحرين استدعاء السفراء اللبنانيين لدى كل منها، وأبلغتهم احتجاجها على تصريحات قرداحي.
السعودية تسحب سفيرها وتوقف الواردات اللبنانية ودول خليجية تنضم إليها
يوم الجمعة 29 أكتوبر/تشرين الأول، قررت السعودية سحب سفيرها من بيروت، وإمهال سفير الأولى لديها للمغادرة خلال 48 ساعة، ووقف كافة الواردات اللبنانية إلى المملكة.
تبعت السعودية في نفس اليوم وعلى مدار اليوم التالي السبت 30 أكتوبر/تشرين الأول، كل من الإمارات والكويت والبحرين، بسحب سفرائها من بيروت ومطالبة مواطنيها بمغادرة لبنان في أقرب وقت.
كما استنكرت قطر تصريحات قرداحي، ودعت لبنان إلى المسارعة بـ”إجراءات عاجلة وحاسمة” لرأب الصدع مع الأشقاء، فيما أعربت سلطنة عمان عن أسفها لتأزم العلاقات بين دول عربية ولبنان، داعية الجميع إلى ضبط النفس والحوار.
بيروت تطلب الوساطة من واشنطن
بعد طلب رسمي لبناني من واشنطن بالوساطة بين بيروت والرياض، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، الأحد 31 أكتوبر/تشرين الأول، إنه بحث مع نظيره السعودي فيصل بن فرحان، الوضع في لبنان، لكن تلك المحاولات لم تفلح بحل الأزمة.
قرداحي يتمسك بموقفه
يوم الأحد 31 أكتوبر/تشرين الأول أكد قرداحي تمسكه بموقفه الرافض للاستقالة من الحكومة اللبنانية بينما تسربت أحاديث عن نيته الاستقالة. وفي تصريح نقله “تلفزيون الجديد” اللبناني عن قرداحي، قال وزير الإعلام إن “استقالته من الحكومة غير واردة”، مؤكداً رفضه “الاعتذار” عن “آرائه الشخصية”. وقال: “أنا لم أخطئ في حق أحد، ولم أتهجم على أحد، فلِمَ أعتذر؟”.
قرداحي يهاجم الرياض مجدداً بمكالمة مسربة
يوم الأربعاء 3 نوفمبر/تشرين الثاني، تداول نشطاء على منصات مقطعاً من مكالمة مسجلة لوزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي، مع ناشطة سورية تدعى ميسون بيرقداد، تحدَّث فيه عن أزمته مع السعودية وهاجمها مجدداً.
الناشطة السورية ميسون بيرقدار خدعت قرداحي وقدمت نفسها له باعتبارها الإعلامية المصرية لميس الحديدي. وقال قرداحي في المكالمة المسربة: “نحن في إطار بحث بخطوة استقالتي؛ للنظر بمدى جدواها إذا ما كانت نافعة أم لا، خاصةً أن السبب ضعيف جداً والكلام الذي تسرب كرَّرته أكثر من مرة، إن الحرب على اليمن عبثية ويجب أن تتوقف، ولكنهم حوَّلوها إلى قصة كبيرة، لأن المستهدف ليس أنا وإنما الحكومة اللبنانية”.
أضاف قرداحي: “لا أحد يمكنه إجباري على الاستقالة، ولكنهم يبتزوننا بالرعايا اللبنانيين الموجودين في الخليج، وأنهم سيمنعونهم من إجراء تحويلات للأموال أو نطردهم من البلد، ولكنني ما زلت أدرس الموضوع، فالأمر لا يتعلق بي فقط، هناك رئيس جمهورية ورئيس حكومة، ولم تُحسم الأمور حتى الآن”.
ميقاتي يضغط على قرداحي للاستقالة
يوم الخميس 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، قال نجيب ميقاتي، رئيس الحكومة، إن على قرداحي تحكيم ضميره واتخاذ القرار المناسب، لكنَّ مقربين من وزير الإعلام قالوا إنه لن يستقيل، بينما قال آخرون إنه ربط استقالته بالحصول على ضمانات من السعودية.
فيما قال ميقاتي إن المواقف الشخصية لوزير الإعلام أدخلت لبنان في محظور المقاطعة من قِبَل دول الخليج، وأضاف: “مخطئ من يعتقد أنه يستطيع أن يأخذ لبنان بعيداً عن عمقه العربي”.
كما وجّه رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي رسائل إلى دول الخليج، فقال: “إننا جاهزون بقلب منفتح للحوار مع أشقائنا، وعازمون على معالجة ملف العلاقة مع السعودية ودول الخليج ضمن المسارات السليمة”.
“إقالة قرداحي وإلا ترحيل اللبنانيين”
يوم الإثنين 8 نوفمبر/تشرين الثاني، وصل إلى بيروت وفد من الجامعة العربية برئاسة حسام زكي، الأمين المساعد للجامعة العربية، في محاولة لتقريب وجهات النظر بين طرفي الأزمة، السعودية ولبنان.
وكشفت مصادر دبلوماسية لـ”عربي بوست” أن حسام زكي التقى كلاً من رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ورئيس البرلمان نبيه بري، ونقل لهم ضرورة استقالة جورج قرداحي؛ لتجاوز الأزمة مع دول الخليج.
وحسب المصدر، فإن ممثل الجامعة العربية “رفض تقديم أي ضمانات لتراجع الرياض عن خطواتها حيال لبنان بعد استقالة قرداحي، كما أنه أبلغ المسؤولين اللبنانيين بأن هناك تلميحات سعودية ببدء ترحيل جزئي للمواطنين اللبنانيين، من أراضيها إذا فشلت مهمته”.
وفيما تنطلق مواقف تدعو الرياض إلى التهدئة وإعادة النظر في إجراءاتها المتخذة ضدّ لبنان، تستمر الاتصالات داخلياً لبلورة مخرج من شأنه أن يقنع القيادة السعودية ومعها دول الخليج، بتغيير موقفها إيجاباً، فيما يصر قرداحي على تشبثه بالوزارة رافضاً دعوات رئيس الحكومة والرئيس اللبناني للاستقالة لكي تتاح للحكومة الفرصة لمعالجة الأزمة مع السعودية ودول الخليج الأخرى.
المادة الصحفية : تم نقلها من موقع عربي بوست