زيادة غير مسبوقة للميزانية العسكرية المغربية والجزائرية في عام 2022.. الأسباب والدوافع
السياسية – رصد :
في ظل التوتر المتصاعد بين المغرب والجزائر، شهدت ميزانية كل من البلدين ارتفاعا كبيرا في مخصصات الدفاع، وفق أرقام نشرها موقع متخصص في الشؤون العسكرية.
ويرى موقع “إنفو ديفينسا” المتخصص في الشؤون العسكرية الرقم المخطط له للدفاع العام المقبل هو الأعلى في تاريخ المغرب، والمرة الأولى يتجاوز حاجز 50،000 مليون درهم.
وتفيد بيانات وكالة التجارة الأميركية، تضاعفت المبيعات العسكرية من واشنطن إلى الرباط، وارتفعت من 4 مليارات دولار في عام 2020 إلى 8.5 مليار دولار هذا العام.
بالمقابل، أعلنت الجزائر، الأسبوع الماضي أيضا، عن زيادة ميزانيتها العسكرية بقيمة 700 مليون دولار لعام 2022. ويعادل هذا الرقم زيادة بنسبة 7.8٪ مقارنة بعام 2021، لتصل إلى 9700 مليون دولار.
ويتزامن إعلان المغرب عن هذه المخصصات الدفاعية مع لحظة توتر خاص مع جارتها الجزائر، التي منذ الأول من نوفمبر لن تزودها بالغاز، وهو ما تفعله حتى الآن، لا سيما الاستفادة من خط أنابيب الغاز الذي تم بناؤه لإيصاله إلى إسبانيا.
هذه التطورات كان لها تأثير على السياسات الاقتصادية لحكومة مدريد بشكل مباشر، امام الخلاف التي تراكمت لعدة أسابيع دون إقامة علاقات دبلوماسية بين البلدين العربيين.
في مواجهة التهديد المؤكد الآن بأن تنتهي الجزائر في نهاية المطاف بوقف امدادات الغاز عن جارتها، ظل المغرب يناقش مع إسبانيا لبعض الوقت إمكانية عكس تدفق الغاز عبر خط أنابيب الغاز المذكور أعلاه، بحيث تتزود بحاجياتها من الطاقة من اوروبا. وبهذه الطريقة ستكون الرباط قادرة على الاستمرار في توليد 10٪ من طاقتها الكهربائية وهو ما تنتجه بالغاز الجزائري.
في المقابل أشارت مصادر مغربية في تصريحات اعلامية إلى أن المملكة استعدت لمثل هذا القرار في حال قررت الجزائر وقف تدفق الغاز من خلال الخط المار عبر أراضيها.
وبحسب المصادر، فإن من بين الخيارات المطروحة، الإمداد العكسي من الغاز عبر نفس الأنبوب من الغاز، أو الاستيراد من بعض الدول الأخرى لحين الانتهاء من الخط القادم من نيجيريا.
و”يقود المغرب المفاوضات بواقعية ومستعد للدفاع عن مصالحه مهما كان الخيار الذي سيتم اتخاذه”، بحسب تصريحات رسمية. وفي حالة عدم تجديد العقد مع الجزائر، سيضطر المغرب إلى عكس اتجاه التدفق، حتى يتمكن من استيراد الغاز (ليس بالضرورة الجزائري) من الموانئ الإسبانية قبل توجيهه عبر نفس خط أنابيب الغاز إلى محطتي الكهرباء في عين بني مطهر وتهدارت. وهذان المصنعان اللذان يعملان حتى الآن بالغاز الجزائري يساهمان بنسبة 17 ٪ من الإنتاج الوطني للكهرباء.
وفقًا لبيانات وكالة التجارة الأمريكية التي جمعتها مجلة “لو نوفيل افريق”، فقد تضاعفت مبيعات واشنطن العسكرية للرباط في عام واحد، من ما يزيد قليلاً عن 4 مليارات دولار في عام 2020 إلى 8.5 مليار دولار هذا العام. بالإضافة إلى ذلك ، فإن المغرب منغمس في خطة لإنشاء صناعة دفاعية محلية، بحسب المصدر. كما تخطط الرباط لزيادة عدد جنودها الذي يبلغ حاليا 175 ألف جندي إلى 200 ألف.
بالإضافة إلى التهديد الجزائري، يظل المغرب يقظًا تحسبا لمواجهات جبهة البوليساريو، في المنطقة الصحراوية المتنازع عليها المستعمرة الإسبانية سابقًا. الجزائر هي أيضا المعقل الرئيسي لجبهة البوليساريو.
هذا التصعيد في التسلح والتوتر بين المغرب والجزائر دفع الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إلى المطالبة بإجراء وحوار بين البلدين الواقعين في شمال إفريقيا.
وفي وقت كان الجميع سواء في البلدين أو على المستوى الدولي يصف ما يجري بين الجارين بـ “سباق تسلح”، يظهر أن الأمر يتعلق بـ “الاستعداد للحرب”، على اعتبار أن الزيادات الأخيرة جاءت في ظل التوتر “العنيف” الحاصل بين الجانبين، خاصة أن الوضع في الصحراء الغربية التي تعتبر السبب الرئيسي للخلاف بين البلدين، يتجه نحو المواجهات المسلحة التي انطلقت بشكل متقطع منذ أحداث ما يعرف بـ “معبر الكركرات”.
ويرى مدير مختبر الدراسات الدستورية وتحليل الأزمات والسياسات، المغربي إدريس لكريني، أن هذه الارقام هي نتاج طبيعي للأزمة التي وصلت إليها العلاقة بين الجزائر والمغرب، ومن دون شك فإن حالات الشك والحذر والقلق بين الجانبين ستكون لها تبعات غير محمودة.
وقال إن هذه الأموال كان يمكن تخصيصها في مجالات التنمية والبنى التحتية وتعزيز التعاون في مختلف القطاعات، مشدداً أن الكثير من الدول الإقليمية والدولية الكبرى ستستثمر في هذا التصعيد والتوتر بين البلدين، لترفع من مبيعاتها العسكرية من الأسلحة والمعدات الحربية بالصورة التي يتطور معها الصراع والأزمة ليطال المنطقة برمتها.
ويواصل لكريني، أنه حان الوقت لتتدخل النخب العاقلة في البلدين سواء على المستوى السياسي والأكاديمي أو المجتمع المدني، من أجل الشعور بحالة الهدر للإمكانيات والفرص، والتنبيه إلى أن هناك معارك حقيقية يفترض أن تستثمر فيها هذه المبالغ الضخمة لصالح الشعوب بدل مواصلة سباق التسلح الذي ظن الجميع أنه طوي مع انتهاء الحرب الباردة.
ويعتبر أستاذ القانون الاقتصادي، الجزائري محمد عدنان، أنه بالنسبة إلى الجزائر، ليس الأمر بجديد على اعتبار أن استراتيجياتها ورؤيتها في تحديث وعصرنة جيشها لمواكبة التطور الحاصل في مجال تسليح الجيوش، بهدف الوصول به إلى مصف الجيوش العالمية، مضيفاً أنه يمكن تفسير القضية من باب خذوا حذركم، حيث تستدعي التطورات الحاصلة في المنطقة الانتباه واليقظة، وهو ما يدفع إلى زيادة الانفاق العسكري، خاصة مع استقرار اسرائيل على الحدود الغربية، إضافة إلى أن هشاشة الوضع في ليبيا وتخبطه بين السلم والحرب والتدخلات الأجنبية، وكذا الوضع المتأزم في مالي، يجعل الاستعداد للمجهول أمر ضروري.
ويواصل عدنان، أنه بالنسبة إلى المغرب، فإن زيادة الإنفاق العسكري إنما يأتي لمواجهه المقاومة في الأراضي الصحراوية المحتلة، وربح الوقت وعرقلة تاريخ تقرير مصير الصحراويين، كما أن التوتر الحاصل مع الجزائر يشعل حالة “لا طمأنينة”، مشدداً أن هذا الإنفاق العسكري المتزايد ينتج عنه حمى سباق التسلح الذي يؤثر بشكل كبير على المستوى المعيشي في كلا البلدين، وحري بالبلدين استغلال ميزانيتهما في الوصول بالشعوب الى الرخاء والرفاهية.
وبحسب أحدث تصنيف لقوة الجيوش لمؤسسة “غلوبال فاير باور” الخاص بـ 2021، يحتل الجيش الجزائري المرتبة الثانية بين أقوى الجيوش في القارة الأفريقية بعد الجيش المصري، فيما يحتل الجيش المغربي المرتبة الخامسة، بينما يحتل الجيش الجزائري المرتبة 27 بين أقوى 140 جيشا في العالم، في حين يتواجد نظيره المغربي في المرتبة 53 عالمياً.
المادة الصحفية : تم نقلها حرفيا من موقع الوقت التحليلي الاخباري