السياسية:
تقرير.. نجيب هبة

حرب اقتصادية شعواء يشنها العدوان على اليمن تبدو آثارها أكثر تدميراً على الشعب اليمني من الحرب العسكرية ، حيث يزداد تدهور الوضع الاقتصادي نتيجة لهذا العدوان يوماً بعد يوم ويكتوي المواطن اليمني بنيرانه..

هذا العدوان الاقتصادي أدى إلى حالة من الشلل خصوصا في الجنوب ، فقد خرجت مظاهرات احتجاجية في المناطق الجنوبية المحتلة تنديدا بانهيار العملة المحلية وارتفاع الأسعار وانعدام الخدمات الأساسية وتردي الوضع المعيشي..

وتستمر قوى العدوان ومرتزقتهم في تنفيذ آليات الحرب الاقتصادية وأهمها نهب الثروات النفطية والغازية ونهب الإيرادات المختلفة وطباعة وتزوير العملة المحلية ومحاولة إغراق السوق بها.. كما شملت تلك الحرب اجراءات بدأت بنقل وظائف البنك المركزي والحصار البحري ومنع دخول سفن المشتقات النفطية وصولاً الى رفع سعر التعرفة الجمركية، وتمكين فرع البنك المركزي بعدن من حقوق السحب الخاصة.

وفي آخر اجراءات الحرب الاقتصادية ، استنكر البنك المركزي اليمني في صنعاء تحويل البنك المركزي البريطاني جزءاً من الأرصدة المجمدة لديه إلى فرع البنك المركزي في عدن، وطالبه بالالتزام بالقوانين والمعايير الدولية والمصرفية.

وأعرب البنك المركزي اليمني في صنعاء عن رفضه لقرار “بنك أوف إنجلترا” بالإفراج عن أرصدة الجمهورية اليمنية المجمدة لديه منذ العام 2016، والبالغة نحو 82 مليون جنيه إسترليني، ومنح صلاحية التصرف فيها لفرع البنك المركزي في عدن.

وأضاف البنك في بيان أنّه قام بمخاطبة “بنك أوف إنجلترا” للاعتراض على هذا الإجراء في حال صحته، موضحاً في الاعتراض أنّ البنك المركزي البريطاني “جمّد أموال الجمهورية اليمنية المودعة لديه كإجراء احترازي بهدف حفظ أصول الشعب اليمني إلى حين انتهاء الحرب أو جلوس الأطراف على طاولة الحوار للخروج بحل”، والأسباب التي أدت إلى تجميد الأموال “ما تزال قائمة”.

وأكّد أنّ “إفراج بنك أوف إنجلترا عن تلك الأموال ومنح صلاحية التصرف فيها لفرع البنك المركزي في عدن غير مبرر”، وسيؤدي إلى “أضرار كبيرة بحقوق الشعب اليمني عامةً، والبنوك العاملة في اليمن والمودعين لديها خاصة”.

وأشار إلى أنّ تنفيذ “بنك أوف إنجلترا” أي اتفاقيات مع أشخاص غير ذي صفة قانونية في تمثيل الشعب اليمني “يخالف الدستور اليمني”، خاصةً وأنّ البنك المركزي في عدن “يمثّل أحد أدوات الحرب الاقتصادية بيد دول العدوان لتنفيذ مخططاته تجاه اليمن”.

كما طالب البنك المركزي اليمني “بنك أوف إنجلترا” بالالتزام بالقوانين والمعايير الدولية والمصرفية “المرتبطة بالشفافية والحيادية والمساءلة وسيادة القانون”.

نهب منظم للنفط والغاز اليمني

وفي إطار النهب المنظم للنفط والغاز اليمني، أكدت شركة النفط اليمنية، إن السفينة العملاقة “كاليديا” غادرت ميناء النشيمة في محافظة شبوة محملة بمليون برميل من النفط الخام بقيمة 72 مليون دولار.. هذه السفينة ليست الأولى فعملية النهب المنظمة مستمرة منذ بداية العدوان على اليمن، وبمعدل يتجاوز 3 مليون برميل شهرياً من شبوة وحضرموت وحدها إلى جانب النفط المنهوب من محافظة مأرب.

وقد أكدت مصادر رسمية إن حجم المنهوب من النفط منذ بداية العدوان إلى العام 2020 تجاوز أكثر من 120 مليون برميل نفط بقيمة اجمالية تصل إلى 12 ترليون ريال وهذا المبلغ يمكن أن يغطي مرتبات الموظفين في الجمهورية لما يصل إلى 12 عام، ما يعني أن المنهوب تجاوز حتى اليوم عتبة ال 150 مليون برميل، وبما يصل 17 ترليون ريال يمني تغطي مرتبات الموظفين لقرابة عقد ونصف.

وتتهم حكومة الإنقاذ الوطني دولتي العدوان السعودية والإمارات ومرتزقتهما بنهب الثروات النفطية والغازية للبلاد، وتذهب مصادر غير رسمية إلى اتهام شركتي “كلفالي القبرصية” وشركة “omv النمساوية” المرتبطتين بالسعودية والإمارات عن طريق مصافي أدنوك وأرامكو، وتتهم تجاراً يمنيين بالضلوع في عملية النهب المنظم، مقابل ذلك فإن وزارة النفط في صنعاء لم تسم هذه الشركات لكنها ألمحت إلى أن بعض التجار يتم التنسيق معهم من المرتزقة والتحالف ليتم من خلالهم نهب الثروة النفطية.

وتضيف شركة النفط أن جزءاً كبيرا من عائدات النفط المنهوب تذهب إلى البنوك السعودية بينما شعبنا يعاني من أزمة في المشتقات، في ظل استمرار تحالف العدوان باحتجاز سفن المازوت والبنزين والغاز المنزلي وبما يتعارض كلياً مع اتفاق السويد.

من جانبها قالت صحيفة القدس العربي أن احتياطي اليمن من النفط الخام يبلغ حوالي 6 مليارات برميل، وهو ما يكفي الاستهلاك المحلي لمدة 37 عاما. كما يقدر الاحتياطي من الغاز الطبيعي بنحو 17 تريليون قدم مكعب، ويضع اليمن في الترتيب 31 على مستوى العالم.

ونقلت الصحيفة عن إدارة معلومات الطاقة الأمريكية ، أنه بسبب الحرب انخفض إنتاج اليمن إلى 18 ألف برميل يوميا، ثم أخذ يتعافى في السنوات الأخيرة ليصل إلى 61 ألف برميل يوميا عام 2019 وهو أقل من نصف ما كان عليه عام 2014 وحوالي 15 في المئة فقط من أعلى مستويات الإنتاج التي كانت قد بلغت حوالي 430 ألف برميل يوميا. أما إنتاج الغاز الطبيعي فقد سجل هبوطا حادا إلى 3 مليارات قدم مكعب عام 2018 مقابل 328 مليار قدم مكعب عام 2014 أي أنه الآن يعادل أقل من 1 في المئة مما كان عليه قبل تدخل تحالف العدوان.

أرامكو تنهب نفط اليمن 40 عاما

وأضافت القدس العربي أن اقتراحاً قدم لحكومة المرتزقة لعقد اتفاقية تمنح شركة “أرامكو” السعودية كافة حقوق النفط والغاز في المثلث النفطي لمدة 40 عاما، مع استعداد الشركة لدفع تعويضات للأطراف الأخرى. وأشارت إلى أنه “رغم أن حكومة المستقيل هادي نفت أن يكون هناك مثل هذا الاتفاق، فقد تمت إقالة وزير النفط أوس العود الذي حملت الوثيقة توقيعه، وتم تعيين وزير النفط الحالي عبد السلام باعبود محله”.

وفيما يخص مناطق حقول النفط والغاز القابلة للتشغيل في المثلث النفطي، خصوصا حقول مسيلة التي تحتوي على حوالي 80 % من إنتاج النفط ، فتتولى قوات علي محسن الأحمر وأبناؤه احتكار عمليات توزيع المنتجات النفطية وتهريب النفط الخام من اليمن في الداخل وإلى الخارج.

وبعد توقف خط أنابيب رأس عيسى الذي كانت الصادرات تتدفق منه إلى ميناء الحديدة، استطاعت قوات الاحتلال السعودية وقوات الأحمر السيطرة على ميناء تصدير النفط في منطقة بئر علي، واستخدامه في تصدير كميات محدودة تبلغ حوالي 16 ألف برميل يوميا. كذلك سعت السعودية إلى تطوير ميناء جديد لتصدير النفط في مدينة نشطون الساحلية على البحر العربي بالقرب من حدود سلطنة عمان.

وأكدت القدس العربي أنه “نظرا لرغبة الإمارات في أن تكون شريكا في ثروة النفط والغاز في اليمن، فانها سيطرت على معامل تسييل الغاز في ميناء بلحاف وأرصفة استقبال وتحميل ناقلات الغاز المسال التابعة لها، وحولت بلحاف إلى قاعدة عسكرية ومركز لتدريب المنتسبين إلى القوات الموالية لها من عدن والنخب القبلية في الجنوب”.. مضيفةً أنه “يتم استخدام بلحاف الآن كورقة ضغط، من أجل عقد صفقة مقايضة تحصل بمقتضاها الإمارات على جزء من الغاز والنفط، مقابل السماح بإعادة استخدام معامل بلحاف في الغرض الذي أنشئت من أجله وهو تصدير الغاز الطبيعي المسال”.

وبالتالي فإن ما نشهده الآن من اضطرابات شعبية في الجنوب يمثل انذاراً مبكراً عن موجة جديدة من الاضطرابات والتدهور قد يتعرض لها اليمن، مع استمرار الحرب الاقتصادية المتكالبة عليه.

كل هذا التدمير الممنهج للاقتصاد اليمني يتم وفق خطة مدروسة من قبل تحالف العدوان الذي أغلق الموانئ والمطارات والمنشآت الغازية وقام بتجفيف الموارد المالية للدولة اليمنية وسلم فرع البنك المركزي لمليشيا الانتقالي المسلحة المتمردة بعدن وأنشأ الكثير من المليشيا المتمردة التي تعيق عمل الحكومة.

وفيما تحذر المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة من إنهيار وشيك للإقتصاد اليمني، الأمر الذي سيسهم في تفاقم الكارثة الإنسانية التي تهدد ملايين السكان .. إلا أنها تقف موقف المتفرج العاجز عن وضع حد لانتهاكات تحالف العدوان وحكومة المرتزقة.