السياسية – رصد:

حالة من الترقب تسود داخل وخارج اليمن بعد تسلم المبعوث الأممي الجديد هانس غروندبرغ، مهام منصبه، كرابع مبعوث أممي خلفا للبريطاني مارتن غريفيث، حيث يرى كثيرون أن مهمة هانس لن تختلف كثيرا عمن سبقوه وإن لم تكن هناك إرادة دولية لإيقاف الحرب وإنهاء المأساة.

فما الذي يمكن أن يقدمه المبعوث الجديد وسط تلك الحالة من التصعيد والتعقيدات في المشهد على أرض الواقع؟

بداية يقول الخبير العسكري والاستراتيجي اليمني، العميد عزيز راشد، إن تبديل المنظمة الدولية لأسماء المبعوثين لن يقدم أو يؤخر إن لم تكن هناك نية واضحة للحلول السلمية بدلا من الحلول العسكرية وفرض واقع القوة والحصار الذي لا يجدي، ويدفع الشعب إلى التمترس خلف القوة العسكرية.

الدروس السابقة

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن لم تصدق نوايا من قاموا بالعدوان على اليمن ورضخوا للسلم، وقد قدم مفاوضنا في الخارج تنازلات أكثر مما رسمناه منذ البداية، ولن يستطيع المبعوث الجديد التقدم إلى الأمام إلا إذا كان قد أخذ الدرس من أفغانستان، وأن الشعوب لا يمكن إخضاعها بالقوة العسكرية، وأن التفاوض والحلول السلمية هى الأجدر بإنهاء الأزمات في ربوع العالم، وهناك مجاعات عالمية هى الأولى بكل تلك الأموال التي تنفق على حروب لا طائل من ورائها.

وطالب الخبير العسكري، حكماء العالم والأمم المتحدة أن يقرروا أن وفق المبادئ التي وقعت عليها دول العالم بأن تكاليف السلام أقل كثيرا من تكاليف الحروب، مشيرا إلى أن استقبال صنعاء للمبعوث الأممي الجديد أو عدم استقباله أمر غير مهم، لأن الوسيط العماني سوف يقوم بدعوة الأطراف إذا كانت هناك حلول أو جدية، وإن لم تكن هناك جدية فما هو جدوى تلك اللقاءات.

وحول دور شخصية المبعوث الأممي وقدرتها على وضع خارطة للسلام وجمع أطراف النزاع في اليمن قال راشد، مهما تكن شخصية المبعوث الجديد قوية، وهناك خلف الكواليس من يحرك الأمور فلن يستطيع فعل شىء، وفي هذا التوقيت عليه أن يغادر هذا المنصب إن كان منصفا كما فعلها مبعوث سابق عبر عن موقفه الإنساني ورفض البقاء لتمرير ما تريده القوى التي تفرض نفسها على الساحة.

ثمن الحرب

وحذر الخبير العسكري دول العدوان من الاستمرار في تلك العنجهية، لأن ثمنها سيكون غالي جدا ويقدر بعشرات المليارات من الدولارات، ومن يتحدث عن رغبتنا في استمرار الحرب لأن لنا مصلحة في ذلك، لا اعتقد أن مثل هؤلاء يحملون عدل أو منطق، فاليمن محاصر برا وبحرا وجوا، هل هذا الحصار لمصلحتنا، فقد قدمنا تنازلات ولكن خارج إطار السيادة، نحن نريد السيادة أولا ثم الحلول السلمية وهم يريدون عكس ذلك، نحن نرحب بأي مبادرة ولكنهم يصعدون يوميا ويتفاخرون بالتصعيد وبعدد الغارات في وسائل إعلامهم، عليهم أن يوقفوا عدوانهم ونحن جاهزون للحلول السلمية.

الرسالة الأولى

وفي أول رسائله لليمنيين بعد تسلمه مهام منصبه، الأحد، قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، هانس غروندبرغ، إنه سيبذل كل ما بوسعه للمساهمة في تحقيق سلام دائم وعادل في اليمن، وأقبل هذه المسؤولية بوعي كامل لحجم المهمة وتعقيدات الوضع والتحديات التي تنتظرنا، ومع ذلك، يمكنني أن أؤكد لكم أنني سأبذل كل ما في وسعي للمساهمة في تحقيق سلام دائم وعادل في اليمن.

واستطرد “أتطلع إلى تفاعلات تتسم بالصراحة، وتشمل الجميع، وتسودها الجدية في المقام الأول، مع النظراء اليمنيين والإقليميين والدوليين معا، يمكننا مساعدة اليمن لتغيير المسار نحو حل سلمي لهذا النزاع”.

توجيهات الأمين العام

وعلى الجانب الآخر يقول رئيس المكتب السياسي لمؤتمر عدن الجامع، الدكتور إيهاب عبد القادر، إن دور المبعوث الأممي يكون بحسب ما هو مرسوم له من قبل الأمين العام للأمم المتحدة، بأن يكون طرف محايد يسعى لفض النزاعات بين الطرفين المتصارعين “أنصار الله والشرعي اليمنية”، وإعادة الشرعية لحكم البلاد.

وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، أن الحوثيين يجيدون اللعب بما لديهم من أوراق كما فعلوا مع المبعوثين السابقين والذين لم يلتزموا بما حدده لهم الأمين العام، وبالتالي أعطوا مجالا للتلاعب وإطالة أمد الحرب واستمرار المعاناة، وكل ما كان بوسعنا أننا قمنا بتقديم مبادرة لإيقاف الحرب في العام 2017 ، وتم تسليمها لمكتب الأمين العام في عدن في ذلك الوقت، وبكل أسف لم نستدع حتى لدراستها.

الميثاق الإنساني

وأكد عبد القادر، أن المندوبين الثلاثة السابقين، المستفيد الأول منهم هم الحوثيين، علاوة على أن دولة المبعوث تريد دائما تحقيق أهدافها وفرض سياساتها على طرف من الأطراف وتقربه منها، لذا نطالب الأمين العام للمنظمة الدولية الالتزام بالميثاق الإنساني، مشيرا إلى أن لعب أي دور أممي في اليمن مرتبط بشخصية المبعوث الأممي والمهام الموكلة إليه.

يذكر أن المبعوث الأممي يمثل الأمين العام للأمم المتحدة في البلد الذي توكل إليه المهمَة فيه وهو حلقة الوصل الأقرب بين أطراف النزاع والأمم المتحدة.

وتندرج مهامه في سياق البحث عن حل متوافق عليه كما نصت قرارات مجلس الأمن وتحركات المبعوث الأممي تتم في إطار التسوية السلمية ومؤطرة بقرارات المجلس ذات الصلة.

وتقود السعودية، منذ مارس/ آذار 2015، تحالفا عسكريا من دول عربية وإسلامية، دعما للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، في سعيها لاستعادة العاصمة صنعاء ومناطق واسعة في شمال وغرب اليمن، سيطرت عليها الجماعة أواخر 2014.

وبالمقابل تنفذ جماعة “أنصار الله” هجمات بطائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية، وقوارب مفخخة؛ تستهدف قوات سعودية ويمنية داخل اليمن، وداخل أراضي المملكة.

واجتمعت أطراف النزاع في اليمن في ديسمبر/كانون الأول 2018، لأول مرة منذ عدة سنوات، على طاولة المفاوضات، التي نظمت تحت رعاية الأمم المتحدة في ستوكهولم. وتمكنوا من التوصل إلى عدد من الاتفاقيات المهمة، لا سيما بشأن تبادل الأسرى، ووقف إطلاق النار في مدينة الحديدة الاستراتيجية ووضعها تحت سيطرة الأمم المتحدة.

المصدر : سبوتنيك

* المادة الصحفية تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع