السياسية:

قبل وقوع الهجمات الدامية بمطار كابول مساء الخميس 26 أغسطس/آب 2021 والتي أدت لمقتل وإصابة العشرات من المدنيين الأفغان إلى جانب الجنود الأمريكيين، ارتفعت التحذيرات الأمريكية والغربية من وجود تهديد وشيك من جانب تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”- ولاية خراسان، باستهدف مطار كابول المحتشد به عشرات الآلاف.

وفيما يلي بعض الحقائق عن الفرع الأفغاني لتنظيم الدولة الإسلامية (ولاية خراسان) الذي يعتقد مسؤولون أمريكيون أنه وراء هجمات مطار كابول الدامية.

ما هو تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” – ولاية خراسان؟

“تنظيم الدولة الإسلامية- ولاية خراسان”، سُمي هذا التنظيم على اسم قديم كان يطلق على المنطقة الممتدة من شمال غرب أفغانستان وأجزاء من جنوب تركمانستان، إضافة لمقاطعة خراسان الحالية في إيران. 

وظهر هذا التنظيم المتطرف لأول مرة في شرق أفغانستان أواخر عام 2014 وذاع صيته سريعاً بفضل عملياته “المروعة”، كما يقول تقرير لوكالة رويترز.

فبعد أشهر من إعلان الدولة الإسلامية الخلافة في العراق وسوريا عام 2014، انضم مقاتلون منشقون عن طالبان الباكستانية إلى المسلحين في أفغانستان لتشكيل فصل إقليمي بعد فرارهم من ملاحقات الأجهزة الأمنية الباكستانية، وتعهدوا بالولاء لزعيم داعش أبوبكر البغدادي.

ومنذ البداية دخلت الجماعة المتشددة، التي عرفت عموماً باسم “داعش”، في مواجهات مع حركة طالبان للسيطرة على مناطق رئيسية على الحدود مع باكستان مرتبطة بتهريب المخدرات وسلع أخرى.

في نفس الوقت، نفذت الجماعة أيضاً سلسلة من التفجيرات الانتحارية في كابول ومدن أخرى ضد الحكومة وأهداف عسكرية أجنبية؛ سعياً منها فيما يبدو لترسيخ صورتها كحركة أشد عنفاً وتطرفاً.

على مدار السنوات الماضية، تنوعت هجمات “داعش-خراسان” ما بين عمليات إعدام بشعة لوجهاء القرى وقتل موظفي الصليب الأحمر وشن هجمات انتحارية وسط الحشود بما في ذلك تنفيذ سلسلة من العمليات الانتحارية الدموية ضد أهداف مرتبطة بالأقلية الشيعية.

مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية “داعش”- ولاية خراسان يعلنون تبني هجوم مزدوج في كابول أودى بحياة 26 شخصًا في أبريل 2018، أرشيفية/ مواقع التواصلما المناطق التي ينتشر فيها داعش- خراسان وما أصول أعضائه؟

بعد أن كان وجود “ولاية خراسان” يقتصر في بادئ الأمر على عدد محدود من المناطق على الحدود مع باكستان، أنشئت جبهة ثانية رئيسية في الأقاليم الشمالية بما في ذلك جاوزجان وفارياب، ومناطق شمال شرق أفغانستان، ولا سيما مقاطعات كونار وننكرهار ونورستان.

كما تمكن التنظيم من إنشاء خلايا نائمة في أجزاء أخرى من باكستان وأفغانستان، بما في ذلك كابول، وفقاً لمراقبي الأمم المتحدة.

وقال “مركز مكافحة الإرهاب” في أكاديمية ويست بوينت الأمريكية لرويترز، إن تنظيم الدولة الإسلامية – ولاية خراسان، يضم باكستانيين من جماعات متشددة أخرى ومتطرفين أوزبك إضافة إلى أفغان.

لا توجد إحصائيات دقيقة لأعداد أفراد هذا التنظيم، لكن أحدث التقديرات أن عدة آلاف من المقاتلين النشطين يقاتلون تحت راية “ولاية خراسان”، وفقاً لتقرير صادر عن مجلس الأمن الدولي الشهر الماضي.

من أعداء هذا التنظيم وما أهدافه؟

قاتل تنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان الحكومة المدعومة من الغرب وطالبان، على حد سواء، لكن الارتباط العملياتي على وجه الدقة مع تنظيم الدولة الإسلامية الرئيسي في العراق وسوريا ما زال غير مؤكد.

وفي أبريل/نيسان 2017 ألقت طائرة شحن أمريكية قنبلة تزن 20 ألف رطل وهي القنبلة المعروفة بأم القنابل على مجمع كهوف مرتبط بتنظيم الدولة الإسلامية-ولاية خراسان بشرق أفغانستان. وكانت هذه أضخم قنبلة تقليدية (غير نووية) في الترسانة الأمريكية.

ويعتقد مسؤولو مخابرات أمريكيون أن الحركة تستغل الاضطرابات التي أدت إلى انهيار الحكومة المدعومة من الغرب هذا الشهر لتوسيع قاعدتها وتكثيف عمليات التجنيد بين الشباب الساخطين وشن هجمات ضد طالبان.

ومن بين أهداف الجماعة في الآونة الأخيرة مساجد صوفية وأبراج كهرباء وشاحنات لنقل الوقود وركاب حافلات من الشيعة في كابول. إضافة إلى ذلك يعتقد مسؤولون أمريكيون أن الجماعة مسؤولة عن هجوم على مدرسة للفتيات تابعة في الأساس لأقلية الهزارة الشيعية.

لماذا هاجم التنظيم مطار كابول؟

مع اقتراب نهاية المهلة الممنوحة من طالبان لأمريكا وحلفائها لمغادرة أفغانستان ارتفعت التحذيرات من وجود تهديد وشيك من جانب داعش، يستهدف مطار كابول المحتشد به عشرات الآلاف.

ويوم الخميس قُتل ما لا يقل عن 72 مدنياً أفغانياً بالإضافة إلى 13 جندياً أمريكياً وأصيب 18 آخرون، بانفجاري مطار كابول؛ وذلك في إحدى أشد الهجمات دموية على الجنود الأمريكيين في العقدين الماضيين من الصراع في أفغانستان وأول قتلى عسكريين أمريكيين هناك منذ فبراير/شباط 2020.

وقبل يومين من الهجمات، تحدّث الرئيس الأمريكي جو بايدن عن وجود تقارير استخباراتية تشير إلى استعداد تنظيم الدولة في خراسان لتنفيذ هجوم إرهابي يستهدف المطار، في معرض تفسير الرئيس لالتزامه بمهلة 31 أغسطس/آب لإنهاء عمليات الإجلاء، حسبما أرادت طالبان.

ويوم الخميس 26 أغسطس/آب، حثّت الولايات المتحدة وحلفاؤها المواطنين الأفغان على الابتعاد عن مطار كابول، بسبب تهديد محتمل بأن يشن تنظيم داعش هجوماً إرهابياً، في الوقت الذي تُسابق فيه قوات الدول الغربية الزمن لإجلاء أكبر عدد ممكن من الأشخاص قبل انقضاء المهلة المحددة.

بالإضافة إلى ذلك، قالت حركة طالبان قبل ساعات من وقوع الهجمات، إن مقاتليها الذين يقومون بحراسة محيط المطار معرضون للخطر أيضاً، في ظل العداوة بينهم وبين تنظيم الدولة الإسلامية- ولاية خراسان.

ويمثل مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة الأفغانية الآن عنق زجاجة بكل ما تحمله الكلمة من معانٍ، في ظل عمليات الإجلاء التي تتم على عَجَل، بعد أن حُسم أمر الموعد النهائي لبقاء أي قوات أمريكية وغربية في المطار، وهو 31 أغسطس/آب الجاري.

وحالياً يقع المطار تحت سيطرة القوات الأمريكية وحلفائها، بينما يسيطر مقاتلو طالبان على محيط المطار والشوارع المؤدية إليه، بينما يحتشد عشرات الآلاف من الأفغان الراغبين في مغادرة البلاد انتظاراً لدورهم في الرحيل على متن إحدى الطائرات المغادرة.

عربي بوست