(موقع قناة ” يورونيوز –” euronews  متعددة اللغات, النسخة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

في شهر مايو المنصرم، اندلع الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مرة أخرى: فعلى مدى أحد عشر يوماً، عملت دولة إسرائيل على تنفيذ ضربات جوية وبرية وبحرية بما يقرب من 1500 غارة على قطاع غزة، في حين أطلق الفلسطينيون قرابة 4000 صاروخ على الأراضي الإسرائيلية.

وفي جزء آخر من منطقة الشرق الأوسط, دخل اليمن عامه السابع وهو لا يزال يحكي فصول حرب مدمرة, وكنتيجة حتمية لذلك, اختارت المجاعة الاستقرار في هذا الجزء من العالم, مهددة بذلك السواد الأعظم من سكان البلد.

الولايات المتحدة الأمريكية، كندا، المملكة المتحدة واسبانيا، وأيضا فرنسا, جميعها تقدم السلاح بصورة علنية لدول التحالف العربي العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية الذي يقود منذ أواخر مارس من العام 2015 عمليات التدخل العسكري في اليمن, وذلك بعد أن تمكنت الحركة الحوثية من بسط سيطرتها على أجزاء شاسعة من المناطق الشمالية من البلد, بما في ذلك السلطة المركزية في العاصمة صنعاء أواخر سبتمبر من العام 2014.

هاتان المنطقتان ( فلسطين واليمن) اللتان تعيشان حاله حرب, هما مجرد مثالين لعشرات الصراعات النشطة في جميع أنحاء العالم.

ولكن هل يمكننا القول بأن عدم الاستقرار هذا الذي يشهده العالم تغذيه أوروبا؟

ومن جانبهم, لطالما انتقد الصحفيون والمنظمات غير الحكومية الصادرات الأوروبية من الأسلحة إلى الدول التي تعيش في خضم الحروب والصراعات.

يؤكد لودو هيكمان، مدير منظمة الصحافة الاستقصائية ” لايت هاوس ريبورتس- Light house Reports”، أنه “عندما تنظر عن كثب للوضع الحاصل في هذه البلدان، تجد آثارا للأسلحة المصنوعة في أوروبا في كل صراع محتدم في العالم”.

وأضاف فرانشيسكو فيجناركا ممثل المنظمة الإيطالية غير الحكومية “ريتي بيس أنديجو- Rete Pace e Disarmo”: “بصفتنا أوروبيين، نشعر بالصدمة عندما نرى أن البلدان لا تستطيع استعادة السلام, لكن من يزودهم بالوسائل لشن الحرب؟ إنه نحن! “إن الخطر هو أننا – إيطاليا- قدمنا الطائرات المستخدمة لمهاجمة الفلسطينيين”.

وقد اخترنا أن نحقق في الصناعة في إيطاليا، التي تعتبر رابع أكبر مصدر للأسلحة في الاتحاد الأوروبي.

ماذا تبيع ولمن تبيع صناعتها الدفاعية؟ بيد أنهم رفضوا الإجابة علينا. ولم يتحدث إلينا سوى المناهضون العسكريين.

يأخذنا فرانشيسكو فيجناركا لرؤية الخارجية للشركة المصنعة لـ”إيرماتشي- Aermacchi” والتي تنتمي اليوم لقسم الملاحة الجوية والفضائية في مجموعة ليوناردو.

حيث قال لنا “في الموقع، يوجد موقع التصنيع والمطار الذي يستخدم بصفة خاصة لاختبار الطائرات العسكرية”, فهذه المنطقة في شمال إيطاليا هي قلب الإنتاج الدفاعي الجوي الوطني.

وفي فينيغونو، قد تجد نفسك أمام حاجز مشابه لحاجز عبور المستوى، إلا أنه على الفور، ينخفض عندما تقلع طائرة عسكرية, بالإضافة إلى وجود ” إلينيا إرماتشي إم-346 ماستر” وهي طائرة تدريب عسكرية متعددة الاستخدامات- تستخدم لتدريب الطيارين وشن الهجمات.

ومن جانبه, أشار الناشط في منظمة ريت بيس أي ديرمو إلى أنه “من المؤسف أننا نجد “ايرماتشي M346 ماستر” في واحدة من أقدم الصراعات التي لا تزال قائمة: الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.

“منذ البداية، نددنا باستخدام هذه الطائرات المستخدمة في تدريب الطيارين الذين قد يتدخلون بعد ذلك في التفجيرات في الضفة الغربية وقطاع غزة، ولكن أيضا لأن هذه الطائرات يمكن أن تكون مسلحة”.

ويضيف فرانشيسكو فيجناركا: “منذ سنوات، كانت الشركة المنتجة تخبرنا بأن هذا زائف وغير صحيح، ولكن اليوم، أصبحت الأدلة موجودة ولا شك أن هناك نسخة من “الطائرات المقاتلة”، وهي عبارة عن مقاتلات قاذفة للقنابل, لذا فإن الخطر هو أننا، إيطاليا، لم نقم بتزويد القوات الجوية الإسرائيلية بطائرات لتدريب طياريها على الهجوم على الفلسطينيين فحسب، بل عملنا أيضا على تزويدهم بالطائرات المستخدمة في ذلك”.

الأسلحة الإيطالية المستخدمة في القصف على اليمن:

مجموعة “ليوناردو” هي أكبر صانع أسلحة في إيطاليا, كما تحتل المرتبة 12 على مستوى العالم, تمتلك  فيها الدولة الإيطالية، المساهم الرئيسي فيها 30%.

رفضت المجموعة إعطائنا نسخة من استخدام معداتها, كما لم يستجب رئيس اتحاد شركات الفضاء الجوي والدفاع والأمن الإيطالية لطلباتنا العديدة بإجراء مقابلات أو الرد على سؤالنا.

ويقول فرانشيسكو فيجناركا: “في السنوات الأخيرة، قامت الحكومة الإيطالية بتصدير أكثر من 50% من منظومات أسلحتها إلى بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وهي البلدان التي تعتبر الأكثر توتراً في العالم.

تصدر بلادنا مركبات مدرعة، وطائرات، وسفن وطائرات هليكوبتر, ففي السنوات الأخيرة كنا نصدر أكثر من ثلاثة مليارات يورو سنويا من معدات الأسلحة، والتراخيص كل عام، وهو مبلغ يتجاوز خمسة مليارات يورو”.

يظهر فيلم وثائقي أنتج في إيطاليا بالتعاون مع منظمة “مواطنة” اليمنية غير الحكومية لحقوق الإنسان, استخدام الأسلحة الإيطالية, حيث يتناول التقرير الأضرار الناجمة عن غارة جوية تم شنها في العام 2016 من قبل التحالف العربي العسكري بقيادة السعودية على شمال اليمن.

يشير التقرير إلى أحد الناجين من الهجوم والذي فقد ستة من أفراد أسرته، بمن فيهم ابنه وحفيده، في تلك الغارة.

يثير الفيلم أيضا ما اكتشفه ممثل للمنظمة غير الحكومية اليمنية في منطقة الهجوم بعد أن قام بتفتيش الحطام المتفجر.

ووفقا للأرقام المتسلسلة، قامت شركة “أر دبليو أم- RWM” الإيطالية، وهي شركة تابعة لشركة ” راينميتال –Rheinmetall” الألمانية، بتصنيع عناصر من هذه القنابل.

كانت السعودية ثالث أكبر عميل لصناعة الأسلحة الإيطالية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في العام الماضي, ولكن النظام السعودي وبسبب مشاركتها في الحرب في اليمن، أصبحت أكبر مستورد للأسلحة في العالم, حيث زادت من وارداتها بنسبة 61% بين عامي 2016 و2020.

تأطير مبيعات الأسلحة الأوروبية بالمعاهدات:

لم تكن الأسلحة الإيطالية فقط هي الحاضرة في هذا الصراع, حيث تقدم منظمة “لايت هاوس ريبورتس” أدلة على وجود أسلحة أوروبية في الموقع.

أسبانيا وألمانيا وبلجيكا وفرنسا من بين البلدان الأوروبية الأخرى التي أذنت بصادرات المعدات العسكرية إلى الرياض.

وفي الآونة الأخيرة، أوقفت ألمانيا وإيطاليا وبلجيكا والدانمارك وفنلندا واليونان وهولندا بعد أن تعرضت لضغوطات كبيرة من قبل نشطاء السلام، صادراتها من الأسلحة أو حدّت منها، بيد أن قصر الاليزية الفرنسي -الذي يعتبر من أكبر مصدري الاسلحة الأوروبية وثالث أكبر دولة في العالم- لم يحذو حذو تلك البلدان.

تزعم منظمة العفو الدولية أن لديها أدلة تكشف بيع فرنسا لمعدات عسكرية لدول التحالف العربي الذي تقوده الرياض, من المدفعية أو الذخيرة أو المركبات القتالية.

هل يُسمح بمبيعات الأسلحة الأوروبية بغض النظر عن المتلقي والحالة في بلد ما؟

في الواقع، لا.

إن الصراعات وانتهاكات حقوق الإنسان هي من بين المعايير التي ينبغي، من الناحية النظرية، أن تمنع الصادرات بموجب عدة معاهدات دولية.

تتمثل أهمها في معاهدة الأمم المتحدة للتجار بالأسلحة والموقف المشترك لمجلس الاتحاد الأوروبي, وكلاهما ينظمان بدقة تصدير الأسلحة ويتبعان نفس المبادئ.

الأول ينص على أنه يجب على أي بلد ألا يأذن بنقل الأسلحة إذا كان على علم بإمكانية استخدامها في ارتكاب الإبادة الجماعية، أو الجرائم ضد الإنسانية، أو الانتهاكات الجسيمة لاتفاقيات جنيف أو استخدامها ضد المدنيين.

ووفقاً للحالة الثانية، يجب أن تحترم “بلدان المقصد النهائي” حقوق الإنسان ويجب على الدول الأعضاء أن ترفض أي ترخيص لتصدير التكنولوجيا أو المعدات العسكرية التي من شأنها أن تسبب أو تأجج صراعا مسلحا أو تطيل من أمده.

*     المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع