بقلم: توماس كيشارد

( صحيفة “لا كروا- “La Croix الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ” )

وبعد موافقة المرشد الأعلى في إيران، تم تنصيب الرئيس الإيراني الجديد أمام البرلمانيين يوم الخميس 5 أغسطس الجاري, والتي حرص فيها الرئيس الإيراني الجديد “إبراهيم رئيسي” على إرسال بطاقات الدعوة التي شملت قائمة متنوعة من الدبلوماسيين والشخصيات الأجنبية من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط, حيث يقدم من خلال ذلك التصرف لمحة عامة عن أولويات إيران على مدى السنوات الأربع المقبلة.

في الصف الأمامي، مجموعة من الجماعات المتنازع عليها، والمختومة بختم “الإرهابيين” في الدول الغربية، حيث وصفهم الخبراء بأنهم “جهات فاعلة غير حكومية” أو “وكلاء”: إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، نائب الأمين العام، نعيم القاسم ، نائب الأمين العام لحزب الله اللبناني، وممثلي عن حركة الجهاد الإسلامي في غزة، والشيعة العراقيين.

جميعهم اجتمعوا تحت راية “جبهة المقاومة” في الغرب، التي أثارتها إيران منذ التصعيد العسكري في غزة في مايو الماضي.

ثقة واستفزازات:

في العام 2017, في حفل تنصيب الرئيس حسن روحاني، سلف أبراهيم رئيسي، كان الممثل السامي للاتحاد للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية ، فيديريكا موغيريني من بين الحضور.

وهذا العام، لم يمثل الاتحاد الأوروبي سوى منسق المفاوضات بشأن الاتفاقية النووية الإيرانية إنريكي مورا والذي كان جالساً خلف رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ونائب الأمين العام لحزب الله مباشرة، متراجعاً بذلك إلى المرتبة الثانية.

يرى الباحث  في مجلة العلوم, مهناز شيرالي, أن ذلك التصرف كان “إذلال للغربيين”، كما أشار إلى أن الجمهورية الإسلامية تريد أن تبين أنها لم تعد تخشى رأي البلدان الأخرى، وأنها على يقين من تعاونها مع الصين”.

ومن جانبها, أرسلت بيكين أيضا وفدا لحضور مراسيم التنصيب, وذلك استنادا إلى علاقاتها المعززة مع إيران منذ التوقيع في مارس على اتفاق تجاري واستراتيجي على مدى خمسة وعشرين عاما، وهو نطاق لم يسبق له مثيل.

كان للجنبية اليمنية – حزام وخنجر من أهم مواريث الزي اليمني التقليدي في اليمن- حضور لافتاً, مع وصول وفد من الحركة الحوثية على السجادة الحمراء.

حتى قبل بضع سنوات، لطالما نفت طهران، على الرغم من إمدادات الأسلحة الواضحة، الصلات التي تربطها مع الحوثيين في الحرب الجارية في اليمن منذ أواخر مارس من العام 2015.

أشار جوناثان بيرون، الخبير المختص في الشأن الإيراني, أن حضور الوفد الحوثي إضفاء الطابع الرسمي على قنوات المناقشة القائمة بين الجانبين، كما إنه يعطي صورة للحوثيين لم تكن موجودة من قبل”.

ونظراً للانتصارات التي حققتها الحركة على التحالف الذي قادته المملكة العربية السعودية في اليمن، فقد قامت إيران بالفعل بتنقيح موقفها، والآن تتولى هذا التحالف، وذلك بحسب ما أشار إليه الباحث توماس جونو في دراسة صدرت مؤخراً,  تحت عنوان “كيف حولت الحرب في الدائرة في اليمن إلى شراكة بين إيران والحركة الحوثية”، دراسات في إرهاب الصراع ، 30 يوليو 2021.

إشاعة سعودية:

وخلال مواكب سيارات المرسيدس السوداء التي سبقت الاحتفال، لم يتم مشاهدة أي وفد سعودي، وذلك خلافا للشائعات التي انتشرت في وسائل الإعلام الإيرانية منذ أيام.

وذلك نتيجة لعدة أسباب: وجود الوفد الحوثي؟ التوترات التي شهدتها الأيام الأخيرة في بحر العرب ؟ وتتباين آراء المراقبين.

تقول آن جديل، الاستشارية والمتخصصة في شؤون منطقة الشرق الأوسط، إن مجرد الحديث عن احتمال وجود وفد سعودي في وسائل الإعلام الإيرانية أمر جديد وذو أهمية بالغة, وهذا يوضح رغبة المملكة العربية السعودية، منذ وصول ولي العهد الأمير محمد بن سلمان إلى السلطة، في خلق قنوات تواصل مع إيران, حيث وقد فهم البلدان اهتمامهما بالحفاظ على توازن القوى في المنطقة”.

ولم يكن حضور الوفد الرسمي لإقليم كردستان العراق، بقيادة رئيس السلطة التنفيذية الإقليمية, نيتشيرفان بارزاني، مفاجئ لأحد, بيد أن البروتوكول الذي انتهجه حمل في طياته الكثير من الأسئلة.

ففي مطار طهران، وأثناء نزول الوفد الكردستاني من الطائرة, برز وجود العلم الكردي، دون العلم العراقي المعتاد وجودة جنبا إلى جنب, حيث أرسل هذا التصرف رسالة سياسية من أربيل التي تسعى إلى فرض الحكم الذاتي تجاه بغداد.

يصف جوناثان بيرون بأن إيران تريد الحفاظ على علاقة مع جارتها الكردية، التي تستضيف الميليشيات الكردية الإيرانية في أراضيها والتي تعارض مع السلطة المركزية لطهران، حيث تهاجم بانتظام الباسداريين (الحرس الثوري الإيراني), وفي هذا السياق التقى بارزاني بالرئيس الايراني الجديد في اليوم التالي للاحتفال.

*    المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع