الجزء الثاني: السعوديون الذين يتقاسمون الحدود مع اليمن، أكثر استثمارا في هذا الصراع, ولهذا, لا يستطيعون الخروج منه بسهولة.
بقلم: لازار برمان
(صحيفة “تايم أوف إسرائيل- timesofisrael” الإسرائيلية – ترجمة: أسماء بجاش- الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
وعلاوة على ذلك، فإنهم يرون في الحركة الحوثية امتداداً لإيران، عدوهم اللدود، وبالتالي فإنهم مصممون جداً على أن يشهدوا هزيمتهم.
تعتبر دولة الإمارات, من جانبها, أكثر تورطاً في الحرب الأهلية الدائرة في ليبيا، نظراً لارتباطها المباشر بصعود جماعة الإخوان المسلمين.
وفي اليمن، تدعم أبو ظبي حركة انفصالية في جنوب البلد، حيث تتعارض هذه الحركة مع النظام السعودي الذي يدعم من جانبه الحكومة التي تنسجم مع جماعة الإخوان المسلمين.
ففي ليبيا، دعمت دولة الأمارات بشكلٍ نشط حكومة الجنرال خليفة حفتر ضد حكومة الوفاق الوطني المعترف بها من قبل الأمم المتحدة, وفي حين تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني بقوة, حيث تخشى الأولى أن يسيطر عليها الإسلاميون في نهاية المطاف.
مقاتلون من كتيبة عسكرية موالية للجنرال الليبي خليفة حفتر, أثناء قيامهم بدورية في شوارع بنغازي شرقي البلد، خلال حالة الطوارئ المعلنة لمواجهة فيروس كورونا في 21 مارس 2020/ تصوير: عبدالله دوما/ وكالة الصحافة الفرنسية
يبدو أن دولة الإمارات هي من تقف أيضا وراء قرار الحصار الذي اتخذه مجلس التعاون الخليجي ضد دولة قطر.
بيد أن القطريون والسعوديون سرعان ما تمكنوا من إصلاح علاقاتهم بسرعة بعد عقد مؤتمر قمة العلا الذي عُقد في يناير 2021 في المملكة العربية السعودية، الأمر الذي دفع الكثيرين إلى الاعتقاد بأن هذا القرار الذي تم اتخاذه ضد قطر قد تقرر إلى حد كبير من قبل النظام الإماراتي.
كما طلبت الإمارات- وليس السعودية- الحصول على مركز المراقب في منتدى غاز شرق المتوسط، وهي مبادرة لمواجهة الطموحات التركية في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
تنافس اقتصادي بدون فائز:
كما أن التنافس الاقتصادي بين الشريكين السابقين ما زال يزداد حدة, حيث قال فريدمان: “جزء من السبب هو أن صناع القرار السعوديين قد رفضوا بشكل علني للغاية الوضع الإقليمي للإمارات العربية المتحدة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي”.
يتنافس البلدان – الرياض وابو ظبي- من الناحية الاقتصادية، حيث يسعى كلاهما إلى تحقيق أهداف مماثلة والتي تتمثل في التغلب على اعتمادهما على صادرات النفط وإلى تنويع اقتصادات كل منهما بسرعة كبيرة.
ويبدو أن السعوديين ينظرون إلى هذا الوضع من زاوية المنافسة العقيمة، وبالتالي, يعتمدون على قوانين تهدف إلى الحد من الوضع الاقتصادي الإقليمي لدولة الإمارات.
ففي فبراير، أعلنت الرياض أنه بحلول العام 2024, لن تكون أي شركة متعددة الجنسيات لم تنقل مقرها الإقليمي إلى قلب المملكة – العاصمة الرياض- مؤهلة بعد الآن للحصول على عقود عامة مربحة، وهي مبادرة تهدف بوضوح إلى مهاجمة مكانة دبي التي تعتبر المركز الإقليمي في قطاع الأعمال.
وتشمل التدابير الأخرى التي تبنتها الرياض, حظر الطيران إلى دولة الإمارات ومحاولات من قبل شركة هيئة الموانئ السعودية محطة بوابة البحر الأحمر لتحدي شركة موانئ دبي العالمية ومقرها دبي.
وفي 12 يوليو, أعلن السعوديون أن المنتجات التي تحتوي على مكونات الصنع في إسرائيل لن تكون مؤهلة بعد الآن للحصول على تخفيض ضريبي على استيرادها.
كانت المنافسة الاقتصادية مفتوحة على مدى الأسبوعين الماضيين، حيث تنافس الجانبان علناً في اجتماع حاسم لمنظمة أوبك بلس.
وركزت المناقشات بين أعضاء الأوبك وروسيا على ترتيب محتمل لاحتمال زيادة إنتاج النفط مع تعافي العالم من التعثر الذي إصابة جراء انتشار جائحة الفيروس التاجي.
الإمارات، التي استثمرت بكثافة عالية في قدراتها الإنتاجية النفطية لتمويل التنمية الاقتصادية، طلبت أن يكون إنتاجها قادرا على التكيف مع الوسائل الجديدة التي وضعتها.
وفي المقابل, أعرب صناع القرار السعوديون عن معارضتهم الشديدة لذلك, واختتمت المفاوضات دون التوصل إلى اتفاق.
يرى فريدمان: “إن حقيقة أن كل شيء يتم القيام به بشكل علني هنا هو الشيء الأكثر إثارة للاهتمام”.
إسرائيل في قلب العاصفة:
أدت جهود التي بذلتها المملكة العربية السعودية لمواجهة الأجندة الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة إلى إغراق إسرائيل – التي سبق وأن وقعت في سبتمبر من العام المنصرم على اتفاقيات إبراهيم مع دولة الإمارات من جهة، ومع مملكة البحرين من جهة أخرى- في هذه الأزمة.
وبالنسبة للسعوديين، فإن كبح جماح دولة الإمارات قد يعني مهاجمة المناطق التي خطت فيها الإمارات أعظم خطواتها, بما في ذلك علاقاتها الجديدة مع الدولة العبرية.
ومن جانبه, يرى كراسنا “قد يكونوا غير راضين عن السرعة والسهولة التي تميز تطور الأشياء بيننا وبين دولة الإمارات”.
ويمكن للرياض أن تتحدى أو تحاول إبطاء الاتفاقيات التكنولوجية والتجارية الهامة بين تل أبيب وأبو ظبي، في حال كانت الأخيرة سوف تقدم لأبو ظبي ميزة لا مبرر لها.
وفي الوقت نفسه، إذا كانت احتياجاتهم الاقتصادية أو الأمنية تفوق خطر التطبيع في المملكة، فقد يبدأ السعوديون في كشف علاقاتهم بالدولة اليهودية.
ومع ذلك، من الواجب عليهم أن يتحركوا بحذر أكبر بكثير من جيرانهم.
لا يمكن إغفال المعارضة السلفية للتطبيع، والتي يتم التعبير عنها بقوة؛ ويساور آل سعود القلق إزاء تعريض بروتوكولات الاتفاقيات العديدة المبرمة مع المؤسسة الدينية للخطر، مما ساعد على إضفاء مشروعيته واستقراره على النظام.
كما يكافحون من أجل تقييم مشاعر الشباب السعودي، الذين لم يشهدوا الحروب الكبرى بين إسرائيل والدول العربية والذين يمثلون ثلثي السكان.
قالت زاغا “إنهم يحتاجون إلى إدارة هذا الخطر بعناية شديدة”.
ويبدو أن الأسرة المالكة ليست متحدة بشأن كيفية إدارة علاقاتها مع إسرائيل.
في أكتوبر، قال بندر بن سلطان، السفير السابق لدى الولايات المتحدة الأمريكية من على منبر قناة العربية السعودية: “إننا في مرحلة مهمة, حيث يتعين علينا أن نركز على أمننا ومصالحنا، بدلا من أن نقلق بشأن كيفية التصدي للتحديات مع إسرائيل من أجل خدمة القضية الفلسطينية”.
وبعد شهرين على الإدلاء بذلك التصريح، قام رئيس المخابرات السابق تركي بن فيصل بمهاجمة إسرائيل في مؤتمر عقد في البحرين.
والحاصل الآن, المسؤلان السعوديان منقسمان أيضا بشأن التطبيع, وفي حين التقى الأمير الشاب محمد بن سلمان برئيس الوزراء انذاك بنيامين نتنياهو في 2020, ويبدو أنه يؤيد التعاون المفتوح بين السعوديين والإسرائيليين.
في حين أن والده الملك سلمان البالغ من العمر 85 عاما يرى أن الدعم للقضية الفلسطينية والدفاع عن الأقصى بمثابة التزاما من الأسرة المالكة في المملكة العربية السعودية.
ومن المفارقات أن تغيير الحكومة في إسرائيل من شأنه أن يسمح للسعوديين بتطبيع علاقاتهم مع إسرائيل بسهولة أكبر، في حين تجبر الرياض على الضغط على المكابح.
يرى النظام أن التعاون مع القادة الذين لم يشاركوا في حملة مايو العسكرية ضد حماس في قطاع غزة أكثر مشروعية.
ومن ناحية أخرى، بحسب ما أشارت اليه زاغا “يتعين على قادتها الآن أن يعرفوا أنفسهم وأن يقيموا هذه القائمة الجديدة من القادة والوزراء في إسرائيل”, وفي الوقت نفسه، ينبغي أن يشتد التنافس مع الإمارات العربية المتحدة ” وهناك منافسة وهي من تدفع كلا الشريكين للبحث عن طرق لتصبح أقوى”.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع