السياسية:

في وقت تتهافت فيه الدول على شراء الطائرة الأمريكية الشبحية إف 35 رغم عيوبها وسط تمنُّع أمريكي أحياناً، يواجه تصدير الطائرات الصينية مشكلات كبيرة، فسواء الطائرات الصينية من الجيل الرابع والنصف أو الطائرات الشبحية فإنها لا تجد من يشتريها.

في المقابل تسوق روسيا طائراتها سوخوي وميغ من الجيل الرابع بنجاح، أما الطائرة الروسية الشهيرة، سوخوي 57، فهناك اهتمام جدي بشرائها من عدة دولة حتى لو لم يتحول بعد إلى واقع، خاصة في ضوء نجاح جداتها من طرازات سوخوي 27/30/35.

مؤخراً أفادت تقارير بأن روسيا تجري محادثات مع خمسة مشترين محتملين لمقاتلتها الجديدة من طراز Su-57 الشبحية من الجيل الخامس.

على الرغم من عدم معرفة الكثير عن الدول الخمس، فإن هناك شائعات بأن الجزائر والصين ومصر وفيتنام وتركيا وميانمار قد أعربت عن اهتمامها بالطائرات الروسية، حسبما ورد في تقرير لموقع The EurAsian Times.

والتنافس بين الطائرات الأمريكية والروسية والصينية لن يؤثر فقط بشكل كبير على سوق التصدير العالمي، بل إنه قد تكون له تأثيرات كبيرة في التوازنات والتحالفات الدولية، فالأسلحة مثلها مثل الاقتصاد كانت سبباً لتغييرات كبيرة في التحالفات الدولية، ويكفي ذكر أن صفقة الأسلحة التشيكية الشهيرة لمصر بمعرفة الاتحاد السوفييتي كانت وراء منع أمريكا قيام البنك الدولي بتمويل بناء السد العالي، وردّ مصر بتأميم قناة السويس الذي أدى للعدوان الثلاثي على مصر، لتؤدي سلسلة الأزمات هذه إلى تحوُّل مصر بدورها المركزي في العالم العربي وإفريقيا إلى دولة حليفة للاتحاد السوفييتي، معززة موجة من التحالف بين الأخير والدول العربية ذات التوجهات القومية.

هل تريد الصين  تصدير طائرتها J-20 الشبحية؟

عكس الطائرات المقاتلة الأمريكية F-35 و Su-57 الروسية، تتعامل الصين بحذر مع طائراتها الشبحية من الجيل الخامس من طراز J-20، وتحظر تصديرها إلى دول أخرى تماماً مثل الولايات المتحدة التي ترفض بيع طائرات F-22 Raptors الأقوى في ترسانتها.

وبعد تطوير J-20، كانت هناك تكهنات بأن الصين ستبيع الطائرة المقاتلة، على الأقل لحلفائها المقربين وأقربهم تقليدياً هي باكستان، لكن لم يحدث شيء من هذا النوع حتى الآن، حسب موقع The EurAsian Times.

في عام 2014، قال سونغ تشونغ بينغ، الضابط السابق في القوة الصاروخية الاستراتيجية الصينية، إن تصدير التكنولوجيا العسكرية المتقدمة للبلاد محظور؛ “من أجل إبقاء تكنولوجيا الجيل الخامس من J-20 بعيدة عن أيدٍ معادية”.

وهذه الطائرة برادار مزود بمصفوفة نشطة ممسوحة ضوئياً إلكترونياً (AESA)، ومدفع داخلي، ويمكنها حمل صواريخ جو-جو بعيدة المدى PL-12C / D و PL-21 (AAM).

ويقال إن هناك مشروعاً لتطوير الطائرة لإضافة مقعد لطيار ثانٍ يكون مسؤولاً عن نشر أنظمة أسلحة متطورة، والتنسيق مع تقنيات الحرب الإلكترونية المتقدمة إلى جانب إدارة سرب الطائرات بدون طيار.

وكان تطوير المقاتلة الشبحية J-20 غارقاً في الجدل، حيث كانت هناك مزاعم بأن قراصنة صينيين سرقوا مكونات وبيانات تصميم مهمة من برنامج F-22 Raptor الأمريكي.

وأفادت شبكة إن بي سي نيوز بأن الولايات المتحدة اتهمت الجيش الصيني بسرقة معلومات مهمة حول تصميمات مقاتلاتها الشبحية. سلط العديد من الخبراء الضوء على أوجه التشابه بين المقاتلة الصينية J-20 و F-35 وF-22 للجيش الأمريكي.

وصرح جاستن برونك، زميل باحث بمؤسسة الأبحاث Royal United Services ومقرها لندن، بأن الصين كانت تسرق معلومات التصميم، وهي “استراتيجية صينية معروفة لسرقة ما في وسعها وعكس هندستها”.

تم الرد على هذه المزاعم من قِبل وزارة الدفاع الصينية، من خلال وصف J-20 بأنها طائرة مقاتلة من الجيل الجديد، طورتها الصين محلياً.

وبصرف النظر عن مقدار ما نقلته الصين من الطائرات الأمريكية خلال تطويرها الـJ-20، فإنها بالتأكيد لا تريد أن تعرف الولايات المتحدة مقدار التطور الصيني في هذا المجال، لأن أي تسرب للمعلومات قد يكشف مميزات وعيوب الطائرة للأمريكيين، وهي عكس طائرات الجيل الرابع والنصف من طراز J-11 وJ 16 المشتقتين من السوخوي 27 و30 الروسية، فإن J-20 مازالت معلومات واشنطن عنها قليلة.

وبما أن بكين أصبحت دولة ثرية، فإن المال لايمثل دافعاً كبيراً لديها للتخلي عن درّتها التكنولوجية وفضح أسرارها، عكس روسيا الأفقر والتي تمثل صادرات السلاح مصدراً مهماً لاقتصادها ولبقاء صناعة الأسلحة الروسية نفسها، ولذا لا تمانع بل تحبذ بيع طائراتها الشبحية سوخوي 57 حتى قبل أن يكتمل تطويرها.

المقاتلة الشبحية FC-31، هل تكون خيار الصين التصديري؟

في حين أن الطائرة الشبح الصينية J-20 ليست معروضة للبيع، طورت بكين مقاتلة شبح أخرى، كانت تدعى Shenyang J-31، والتي تسمى الآن FC 31، ويعتقد أنها يمكن أن تكون معروضة للبيع.

هذه الطائرة مقاتلة شبح من الجيل الخامس ومتعددة المهام وذات محركين. يتم تصنيعها من قِبل شركة Shenyang Aircraft Corporation، وهي شريك في شركة صناعة الطيران الصينية (AVIC).

وهي مشروع خاص للشركة لم تتبنَّه القوات الجوية الصينية، وبحسب التقارير، فإن الطائرة قادرة على تقديم دور متقدم في إجراء الدعم الجوي القريب، وعمليات القصف الجوي والاعتراض الجوي، وفقاً لموقع The EurAsian Times.

يبلغ متوسط ​​سرعة الطائرة نحو 2200 كم/الساعة، ويبلغ أقصى مدى لها أكثر من 2000 كم في حالة تركيبها بخزانات وقود خارجية. يبلغ سقف الخدمة للطائرة نحو 20000 متر.

على الرغم من توافرها المحتمل للتصدير، يبدو أن الطائرة لم تتمكن من العثور على مشترٍ ولو محتمل حتى الآن، وقد يكون أحد أسباب ذلك أن المشروع لم ينضج، كما أن عدم تبنيه من قِبل الجيش الصيني قد يقلق المشترين المحتملين.

طائرات الجيل الرابع ونصف الصينية لا تجد من يشتريها

ولا تقتصر أزمة تصدير الطائرات الصينية، على الطائرات الشبحية، فحتى طائرات الجيل الرابع والنصف الصينية لم تجد لها بائعاً واحداً مثل طرازي J-11 وJ 16 المستنسخين مع بعض التطوير من السوخوي 27 و30 الروسيتين وJ-10 التي ينظر لها كشبيه صيني للـ”إف 16″ الأمريكية ومنافس للـ”ميغ 29″ الروسية.

ويبدو أن سوق الطائرات الصينية قد اقتصر على عدد قليل من البلدان. منذ التسعينيات، اقتصر السوق الأساسي للطائرات المقاتلة الصينية على دول مثل باكستان وبنغلادش وميانمار وكوريا الشمالية وبعض الدول الأفريقية.

ونقلاً عن تقرير صادر عن مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أفاد ويون بأنه في السنوات العشر الماضية، تم تصدير 63.4% من الأسلحة الصينية إلى باكستان وبنغلادش وميانمار.

وفي الأعوام العشرين الماضية، بلغت قيمة الصادرات العسكرية للصين نحو 7.2 مليار دولار، بينما بلغت صادرات الولايات المتحدة 99.6 مليار دولار مع احتلال روسيا المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة بـ61.5 مليار دولار.

والملاحظ أنه مقابل فشل تصدير الطائرات الصينية المقاتلة، حظيت بكين بنجاح أفضل في بيع طائرات التدريب، والأكثر الطائرات المسيرة.

ورغم النجاحات التصديرية الصينية تحديداً في مجال الطائرات المسيرة، فإنه في مجال الطائرات والدبابات لم تحقق نجاحاً مماثلاً، رغم التطورات الكبيرة التي حدثت فيها.

لماذا لم يتم تصدير الطائرات الصينية المقاتلة رغم كل التطور الذي حدث لها؟

يرجع فشل تصدير الطائرات الصينية لأسباب عدة؛ منها أنه رغم التقدم الذي حدث في مجال طائرات الجيل الرابع والنصف الصينية، فلا يبدو أنها تقدم ميزات جديدة مقارنة بالمنافسين تستحق المخاطرة من قبل الزبائن.

فبعض هذه المقاتلات نسخ من طائرات سوخوي الروسية، وبالتالي فالأفضل للزبائن الشراء من الأصل، خاصةً أن الروس أسلحتهم ليست مرتفعة الثمن، كما أن مشاكلها أقل، وحتى حالة الطائرة الصينية J-10 التي يُنظر لها كتطوير صيني خاص حتى لو تأثر بطائرة لافي الإسرائيلية، فإنها تظل في النهاية مماثلة لقدرات النسخ الجديدة للـ”إف 16″ الأمريكية، وهو ما جعل دولة صديقة للصين كباكستان لا تقْدم على شرائها، لأن لديها الـ”إف 16″ بالفعل، وهي طائرة متاحة في الأسواق لمروحة كبيرة من الدول، من ضمنها النامية.

كما أن الطائرة الروسية ميغ 29 تعد منافساً لـJ-10، حتى لو كانت أكبر حجماً، وقد تكون بديلاً لمن لا يستطيع أو لايريد شراء الـ”إف 16″ الأمريكية.

مشكلة المشاكل في الطائرات الصينية

وإحدى أبرز العراقيل أمام تصدير الطائرات الصينية هي المحركات، فأغلب الطائرات الصينية كانت تعتمد على محركات روسية، وهو ما يجعل أي صفقة مرهونة بموافقة موسكو، وهو أمر قد يمثل مشكلة في حالات معينة مثل باكستان، حيث تمارس الهند عادة ضغوطاً على روسيا باعتبارها أكبر مشترٍ للسلاح منها، لعرقلة أي صفقة لإسلام آباد.

ولكن حتى بعد أن بدأ الصينيون إنتاج محركاتهم الخاصة، مازالت أقل من نظيراتها الروسية في مجال الاعتمادية وساعات الصيانة لعدد ساعات الطيران، علماً بأن المحركات الروسية أقل كفاءة أصلاً في هذه المجالات من المحركات الغربية.

ميزة رئيسية تتفوق فيها على المقاتلات الروسية

ولكن تظل هناك ميزة للطائرات الصينية على الروسية باعتبار أن الأخيرة هي منافستها الأبرز، وهي ميزة لا تلقى التقدير الكافي في سوق التصدير، وهي التطور الصيني في مجال تكنولوجيا الرادارات وإلكترونيات الطيران، من جرّاء نجاحات بكين بهذا المجال في النطاق المدني.

إذ سبقت الصين روسيا في مجال إنتاج الرادارات “إيسا”، وهي رادارات أكفأ من الرادارات الروسية التي مازالت متوقفة عند مرحلة رادارات “بيسا” وتجاهد بصعوبة للحاق بالغرب والصين على السواء في هذا المجال، كما حققت الصين تطوراً كبيراً في مجال الصواريخ الجو – جو يضاهي الغرب والروس إن لم يتفوق عليهم.

ويعتقد بعض المحللين أن هاتين هما نقطتا تفوق للطائرات الصينية على الطائرات الروسية، وأن ما يعوق استغلال بكين لهما، إضافة إلى المشكلات السابقة، سمعة الصين كمقلد سيئ للمنتجات الروسية والغربية.

ويتوقع جوستن برونك، كاتب دراسةٍ نشرها معهد Royal United Service Institute البريطاني حول الطائرات الحربية الصينية، أن يتغير هذا الوضع بالنسبة لعملية تصدير الطائرات الصينية في مواجهة المنافسة مع روسيا والغرب.

إذ يقول: “نظراً إلى أنَّ تفوق أنظمة الأسلحة الصينية وقدرات تصنيع هياكل الطائرات على نظيراتها الروسية أصبح واضحاً بشكل متزايد، فإن الدول التي لديها تحالفات سياسية أو ميزانيات تمنع الاعتماد على الطائرات الغربية سوف تتطلع بشكل متزايد إلى بكين بدلاً من موسكو للحصول على الطائرات الحربية”.

عربي بوست