إستراتيجية لاحتواء نظام الملالي في إيران
بقلم: بقلم كريم س. ريبيز- (صحيفة ” لوريون لوجور- lorientlejour” اللبنانية, الناطقة باللغة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
تعلم الولايات المتحدة تماما أنه ليس من السهل إدارة الملف الإيراني, نظراً لكون إيران أكبر من أن تغزوها؛ ناهيك عن كون نظام الملالي مترسخ داخل البلد, بحيث لا يمكن الإطاحة به من الخارج.
وفي المقابل فإن الطموحات التوسعية لنظام الملالي خطيرة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها.
كما تعي الولايات المتحدة أيضا أن الملالي ينمون ويحتفلون بالصراع مع أمريكا وإسرائيل, وهذا يسمح لهم بتربع على عرش السلطة إلى أجل غير مسمى.
في 18 يونيو الجاري, شهدت إيران إجراء الانتخابات الرئاسية, وبالنسبة للصحافة الغربية، فإن هذا الإجراء هو تزييف للديمقراطية.
في حين يرى الشعب الإيرانيين في ذلك حرية التصويت لصالح أي من المرشحين, بشرط موافقة نظام الملالي مسبقا على هؤلاء المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية.
لطالما تحدثت الصحافة المحلية والدولية حول الاتفاقية النووية بين الولايات المتحدة وإيران، مع احتمال تخفيف العقوبات الأميركية ضد الجمهورية الإسلامية.
ويعتقد العديد من المراقبين أن رفع العقوبات الأميركية ضد الجمهورية الإسلامية سيكون أمرا خطيرا للغاية.
وذلك نظراً لما حدث في سبق, فعندما تم رفع العقوبات الأميركية عن إيران في ظل إدارة الرئيس أوباما في العام 2015, عمل النظام الإيراني على اغتنام الفرصة ليس لتحسين بنيتها التحتية الوطنية فحسب، بل عمل أيضا وقبل كل شيء على تعزيز وتمويل وتسليح ما يسمى محور المقاومة في العراق ولبنان وسوريا واليمن.
ينظر إلى مدى قدرة نظام الملالي على الإزعاج هائلة جداً, ففي المقال الذي نشرته الصحيفة في العدد الصادر في 14 من يونيو الجاري، كتب توفيق هندي: إن أولئك الذين يعرفون طبيعة النظام الإيراني، وصموده، وترسيخه الشعبي، ومرونته، لا ينبغي لهم أن يفاجئوا بما قد يسببه من أضرار, ألا يحرك الإيمان الجبال؟
وفيما يتعلق ببلد الأرز اللبناني على وجه التحديد، فإن النظام الإيراني يريد إضعاف لبنان الشرعي، وبالتالي أن يكون لها هامش مناورة أوسع ضد عدوها اللدود والأبدي, إسرائيل في هذه الحالة.
إن الصواريخ الذكية الموجهة بدقة والتي يرسلها النظام الإيراني بانتظام إلى حزب الله في لبنان يشكل تهديداً مباشراً للدولة العبرية.
ومن غير المرجح أن تنام تل ابيب بهدوء على أمجادها ليلا وهي تعلم أن بنيتها الأساسية الحيوية يمكن أن يتم تدميرها تماما بين عشية وضحاها بأسلحة ذكية متطورة للغاية.
وفي المقابل, ينبغي أيضا على بيروت أن لا يخلد إلى النوم لأن الحرب الجديدة ضد إسرائيل ستكون مرادفا لمأساة جديدة.
وما زال بوسع إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن أن تُطمئن إسرائيل من خلال وعدها بوقف التهديد بالصواريخ الذكية في أعقاب الصفقة النووية الإيرانية, ومن المرجح جدا أن يظل الإسرائيليون يشككون في فعالية هذا الوعد.
وبمجرد رفع العقوبات، لن يمنع شيء نظام الملالي في إيران من الاستمرار في التصرف بحرية دون أن يشعروا بالقلق الشديد إزاء الاعتداءات الأميركية.
بعبارة أخرى، من المستحيل التفكير مع الملالي ومهما فعلنا، لن يتغير شيء في إيران ما دام الملالي في السلطة.
وبحسب الكاتب والصحفي الأمريكي توماس فريدمان، فإن الوسيلة الفعالة لإضعاف نظام الملالي هي كسر الجسر البري السوري الذي تستخدمه إيران لتزويد حزب الله بالصواريخ والموارد الحيوية الأخرى.
وبالتالي, فإن القضاء على الوجود الإيراني على الأراضي السورية من شأنه أن يغير الموقف إلى حد كبير (ما نطلق عليه في اللغة الإنجليزية “تغيير اللعبة”).
تخضع الأراضي السورية في الواقع وبصورة كاملة لسيطرة ثلاث قوى غير عربية: روسيا وتركيا وإيران, ولكن روسيا هي التي تلعب دوراً رائداً في سوريا قبل كل شيء, كما أنها تستوعب الوجود الإيراني في سوريا دون أن تشمئز من الوضع.
وبالتالي فإن الاستراتيجية سوف تكون على النحو التالي: فقد تتمكن إدارة بايدن وحكام دول الخليج العرب من التفاوض مع فلاديمير بوتن وبشار الأسد على الأساس التالي: طرد القوات الإيرانية من سوريا.
وفي المقابل، سوف نقدم مساعدة مالية كبيرة, وبالإضافة إلى ذلك، سوف نسمح ضمانا لبشار لأسد بالبقاء في السلطة، على الأقل في الأمد القريب.
كما سوف يكون هذا الاقتراح مواتياً لسياسة الولايات المتحدة وروسيا وبلدان الخليج وسوريا، ولكن أيضا خاصة إسرائيل ولبنان, حيث سوف يكون الخاسر الأكبر هم المتحمسين للتوسع الشيعي في المنطقة.
يتعين علينا أن نواجه الحقائق: فلا يوجد حل مثالي للقضية الإيرانية, نظراً لكون الكمال غير موجود, لذا, علينا أن نعيش مع الحل الأمثل.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع