السياسية :

موازاة الكارثة الصحية في الهند حيث حصد وباء كورونا مئات آلاف الأرواح خلال الأسابيع الماضية، انتشرت في عدد من المدن مزارات خاصة لتكريم “إلهة كورونا”.

يؤمن أتباع الديانة الهندوسية أن الله حاضر في كل مكان، وأنه موجود في كلّ شيء، ويمكن أن نجده في كل المخلوقات، حتى في الفيروس غير المرئي.

وفي المعتقدات الهندوسية، فإنّ الحروب والأوبئة والكوارث، دليل على غضب الآلهة التي تحتاج إلى استرضاء، لذلك عرفت الهند في السابق ظواهر مشابهة، عند انتشار أوبئة مثل الحصبة، والطاعون، والجدري، والكوليرا.

“الأم كورونا”

وفقاً لـ”خدمة الأخبار الدينية” الأمريكية، فإنّ عدداً من الأشخاص، في مناطق مختلفة من الهند، راودتهم بشكل متزامن فكرة إنشاء مزارات لتكريم إلهة كورونا وطلب شفاعتها لردّ أضرار الوباء.

وسُجِّل ظهور نصب لأشكال إلهية مؤنثة، تمثل فيروس كورونا، تلقب بـ”كورونا ديفي” أو “كورونا ماتا” (الأم كورونا)، على امتداد المناطق الهندية من الشمال إلى الجنوب.

ودخلت وسائل إعلام إلى معبد كاماتشبوري أدينام في مدينة كويمباتور، في مقاطعة تاميل نادو جنوب الهند، حيث التقطت صور لتمثالين أحدهما متوسط الحجم من الخرسانة، والآخر صغير من الخشب، نصبهما المشرف على المعبد لتكريم “إلهة كورونا”.

ويظهر المشرف على المعبد الكاهن أناند بهاراثي وهو يؤدي طقوس التكريم وحده، أو بحضور عدد قليل من الأشخاص، تفادياً للتجمعات. وكان بهاراثي قد قرر تخصيص طقوس عبادة كاملة لإلهة كورونا، تمتد لمدة 48 يوماً، يتخللها إضاءة الشموع وسكب الحليب والزعفران على النصبين، لطلب الرحمة من أذى الوباء.

صلاة للإلهة الهندوسية كالي في كالكوتا

في محاربة الخذلان

وفي جنوب الهند أيضاً، وفي مقاطعة كيرالا تحديداً، رتب أنيلان نامبوثوري مزاراً في منزله، ونصب فيه مجسماً مستديراً يشبه الصور الشائعة عن فيروس كورونا المستجدّ، وتبرز منه رؤوس شوكيّة حمراء.

تحدثت “خدمة الأخبار الدينية” مع نامبوثوري، فشرح سبب نصبه لمزار يكرم الفيروس قائلاً: “في العصور القديمة، كانت الأوبئة تنسب إلى غضب الآلهة، وحاجتها للاسترضاء. أردت أن أقول للناس يمكننا البقاء في المنزل وعبادة الله، فالله موجود في كل مكان”.

وفي تقرير حول طقوس عبادة “كورونا ديفي” في معبد كاماتشبوري أدينام، يقول أنكيت تياغي، مراسل تلفزيون “إنديا توداي”: “في وقت يفقد فيه الناس الإيمان بالمنظومة، ويشعرون بالخذلان، تنتشر هذه الطقوس والمعتقدات كنوع من التعبير عن الحاجة للحماية في أوقات اليأس”.

الحاجة “لعناية أمومية”

يقول أستاذ الدراسات الهندية بانجاك جاين، لـ”خدمة الأخبار الدينية”: “لا توجد في الهندوسية سلطة مركزية تحدد متى وكيف تضاف آلهة جديدة إلى مجموعة الآلهة، يمكن أن يحصل ذلك في أي وقت، عندما يشعر المجتمع بحاجة إلى ذلك. الأمر شائع في عدد من الديانات التقليدية مثل الهندوسية في الهند، والشينتو في اليابان، حين يشعر الناس بحاجة إلى حب وعناية أمومية، فهم يلتفتون إلى آلهة يعبدونها”.

حصد شريط حول نصب “كورونا ديفي” على صفحة “تايمز أوف إنديا” تعليقات ساخرة، إذ رأى بعضهم أن اللجوء إلى هذه الطقوس دليل على فقدان الأمل لا أكثر. في المقابل، دافع أحد المعلقين عن الفكرة وكتب: “نحن الهندوس نعبد قوة الطاقة ما المشكلة إن أراد أحدهم عبادة فيروسات على شكل آلهة؟ لم يؤذ أحداً ولم يجبر أحداً على شيء”.

من جهته، يقول أنيلان نامبوثوري صاحب مزار مجسم كورونا المستدير، إنه خصص النصب من أجل الصلاة للمكافحين ضد مكافحة كورونا، وللعاملين في المجال الصحي والعلماء وفرق الإنقاذ والشرطة والصحافيين العاملين في الخطوط الأمامية.

وتواجه الهند مأزقاً صحياً حصد أرواح أكثر من 390 ألف شخص، مع بلوغ الإصابات بفيروس كورونا في البلاد رقماً قياسياً فاق 30 مليون إصابة. كذلك تخطت الهند عتبة 7 آلاف إصابة بعدوى الفطر الأسود التي سجلت لدى عدد ممن أصيبوا بكوفيد – 19.