السياسية :

يتناول الكاتبان فنسنت مانانكورت ومارك سكوت في تقرير بصحيفة “بوليتيكو” الأميركية، المساعدات الخارجية التي تعتمد عليها أوروبا لمراقبة شعوبها. وفيما يلي نص التقرير المترجم إلى العربية.

بالنسبة لقارة تقول إنها لا تحتاج إلى مساعدة من الخارج، طوّرت الحكومات الأوروبية بشكل مؤكد ميلاً للاستعانة بمصادر خارجية لشركات التكنولوجيا الأجنبية لمراقبة شعوبها.

سواء كانت الشرطة أو الرعاية الصحية، فإن الهيئات العامة في جميع أنحاء أوروبا تكلّف بشكلٍ متزايد شركات تحليل البيانات الأميركية، أو شركات المراقبة بالفيديو الصينية لمواطنين أوروبيين.

انتعش هذا الاتجاه خلال العام الماضي، على خلفية أزمة كورونا، وفي الوقت الذي يروج فيه الاتحاد الأوروبي “لحكم الذاتي الاستراتيجي”، ويسعى إلى تقليل اعتماده على الشركات الأجنبية من خلال مبادرات لتقديم بنية أساسية لتخزين البيانات في أوروبا مركزيا.

دفع انتشار شركات مثل “بلانتير” الأميركية و “هيكفيجن” في الصين البعض إلى التساؤل عن مدى جودة حماية المعلومات الخاصة للأوروبيين، وكيف سيحاسب المنظمون الشركات الأجنبية إذا ساءت الأمور.

“لماذا نتحدث حقاً عن الاستقلال الاستراتيجي، عندما نوظف شركات غير أوروبية لمعالجة بياناتنا الأكثر حساسية؟” تقول صوفي فيلد، المشرعة في الاتحاد الأوروبي، التي تناضل ضد مصالح الشركات والمراقبة.

إحدى الشركات التي نجحت بشكل خاص في ربط نفسها بالإدارة العامة الأوروبية هي”بالانتيري”، وهي شركة لتحليل البيانات أسسها مؤسس بيتر ثيل مؤسس “باي بال”، هو من أوائل المؤيدين للرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

على الرغم من أن شركة التكنولوجيا الأميريية قد أثارت جدلاً بسبب احتضانها لعقود الجيش الأميركي ومراقبة الحدود، إلا أن ذلك لم يمنع المسؤولين الأوروبيين من اللجوء إليها أثناء تفشي جائحة كورونا فيروس المستجد.

فقد عرضت الشركة على الحكومات الأوروبية صفقات مجانية أو رخيصة جداً لمنصات تحليل البيانات عالية السعة لمساعدتها على مكافحة المرض الفتاك، والتي تشمل عروض “بالانتيري” المساعدة في تحليل انتشار المرض، فضلاً عن مراقبة كيفية استجابة السكان المحليين لطرح اللقاح ضد كورونا.

ووفقاً للسجلات العامة، تعد اليونان وهولندا والمملكة المتحدة من بين أولئك الذين أجروا تجارب على التكنولوجيا المتعلقة بالوباء.

أجهزة المخابرات الفرنسية لجأت إلى شركة “بلانتير” بعد الهجمات الإرهابية عام 2015، وتحدث ممثلو الشركات المحلية عن الدور الذي لعبوه في الدفاع عن فرنسا – وفي الواقع تعزيز سيادتها.

وقال فابريس بريغيير رئيس شركة “بالانتيري” الفرنسي في جلسة استماع برلمانية في وقت سابق من هذا العام “عندما نساعد دولة مثل فرنسا في محاربة الإرهاب، أعتقد أن هذا عمل سيادي، وجنسية الشركة ليست مهمة”.

“بالانتيري” ليست شركة التكنولوجيا الأميركية الوحيدة التي عززت وجودها في أوروبا من خلال تجارب مجانية، إذ توفر شركة “كلير فيو”، تقنية التعرف على الوجوه، المستخدمة من من مسؤولي رجال الأمن، لمسؤولي إنفاذ القانون الأفراد، الذين يستخدمونها غالباً دون موافقة الإدارة.

السويد من جانبها، فرضت عبر قانون حماية الخصوصية العام الماضي، غرامة قدرها 250 ألف يورو على سلطات الشرطة في البلاد، بعد أن استخدم عدد من الضباط بشكل غير قانوني نسخة تجريبية من تقنية “كلير فيو”، بينما اختبرت الشرطة الفنلندية البرنامج أيضاً في وقت سابق من هذا العام.

عندما تحتاج البرلمانات الأوروبية والحكومات المحلية إلى المساعدة في تعقب أولئك الذين ربما أصيبوا بفيروس كورونا، لجأوا مراراً وتكراراً إلى تقنيات شركة “هيكفيجن” الصينية، بصفتها أكبر مصنع في العالم لمعدات المراقبة بالفيديو. فقد سجلت الشركة عقوداً متعددة في جميع أنحاء الكتلة الأوروبية، على الرغم من التقارير التي تفيد باستخدام تقنيتها لقمع أقلية الأويغور المسلمة في الصين – وهي تهمة تنكرها الشركة.

وعلى الرغم من أن “هيكفيجن” تخضع لعقوبات من قبل الولايات المتحدة، بسبب علاقاتها مع الجيش الصيني، إلا أن “هيكفيجن” تظل واحدة من أكبر مزودي تقنيات المراقبة في أوروبا.

في بروكسل، استخدمت كل من المفوضية الأوروبية والبرلمان الأوروبي أنظمة الشركة للتحقق، مما إذا كان الأشخاص الذين يدخلون مباني مؤسسات الاتحاد الأوروبي لديهم أعراض فيروس كورونا.

هذا وبعد أن رفض بعض المسؤولين الأوروبيين استخدام ماسحات “هيكفيجن”، قام البرلمان بإزالتها وأصدر قراراً رسمياً الشهر الماضي لإبقائها خارج المبنى، وقررت اللجنة الاحتفاظ بالمعدات لأسباب تتعلق بالميزانية.

في المملكة المتحدة، دعا المشرعون مراراً وتكراراً إلى فرض قيود أكثر صرامة على كيفية عمل الشركة الصينية. ومع ذلك شكلت أزمة كورونا، نعمة لانتعاش الأعمال، فاشترت العديد من مطارات البلاد أجهزة الاستشعار الحرارية للشركة لتتبع الحالات بين المسافرين، من الشركة المذكورة. كما قام ما يقرب من 30 مجلساً محلياً في لندن بتركيب تقنية “هيكفيجن” للمراقبة، بما في ذلك الكاميرات وتسجيلات الفيديو الرقمية، وفقاً لطلبات حرية المعلومات- تقول المجالس إنهم لا يستخدمون المعدات الصينية للتعرف على الوجوه.

فيما يحذر نشطاء من أن العقود منحت “هيكفيجن” وغيرها من الشركات المرتبطة ببكين موطئ قدم سوف يسعون إلى التوسع فيه.

الإسرائيليون:

قدم يوسي كارميل، الرئيس التنفيذي لشركة الأمن السيبراني الإسرائيلية “سل برايت” ، عرضاً جريئاً للمستثمرين الشهر الماضي.

وقال كارميل: “نحن القائد بلا منازع في مجال الاستخبارات الرقمية “. وكشف أن شركته وقعت عقوداً مع ما يقرب من 7000 حكومة وجماعات خاصة بما في ذلك 25 من 27 (الشرطة الوطنية للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي).

ولطالما استخدمت وكالات الاستخبارات الأوروبية موفر برامج التجسس “ناسو غروب” لتتبع تحركات الأشخاص والرسائل النصية عبر هواتفهم الذكية. وهي وسيلة بحسب ما يقول نشطاء الخصوصية إنها قد تتعارض مع قواعد الخصوصية في أوروبا.

بالإضافة إلى الصحة العامة، انتقلت الشركات الإسرائيلية إلى البرامج الخاصة بالهجرة. ففي تشرين الأول/أكتوبر 2020، وقعت “فرونتكس”، وكالة حماية الحدود في الاتحاد الأوروبي، عقداً بقيمة 50 مليون يورو متعدد السنوات، لمراقبة الطائرات من دون طيار في البحر الأبيض المتوسط، وذلك ​​مع شركة “إيرباص” واثنين من المقاولين الإسرائيليين.

* المصدر : الميادين نت
* المادة تم نقلها حرفيا من المصدر ولا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع