هذه الأزمات المنسية لوسائل الإعلام
بقلم: مهدي خلفة
(موقع” راديو وتلفزيون بلجيكا- rtbf” الناطق بالفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
خلال الأسبوع الماضي، تركز الاهتمام على الحالة الحاصلة في منطقة الشرق الأوسط, حيث كانت الصورة التي نتلقاها من المنطقة, مأساوية تعكس المعاناة التي نعاني منها على أرض الواقع.
لم يحظى الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني باهتمام وسائل الإعلام شيء فشيء, وكأن الحل جاء من تلقاء نفسه, بل إن بعض وسائل الإعلام أغلقت مكاتبها في المنطقة، ربما لم تكن مربحة بالقدر الكافي, ولكن على أرض الواقع، لم يتغير شيء حقا.
الصراع الإسرائيلي – الفلسطيني، لم يحظى بتغطية إعلامية كافية:
لم يشهد المواطنون الفلسطينيون منذ أكثر من 10 سنوات سوى تدهور الحالة وتفاقم الصعوبات في حياتهم اليومية, حيث لم يتمكنوا من إظهار أنفسهم.
كل هذا يحدث لهم بعيدا عن عيون الكاميرات, ولفترة طويلة، لطالما حُجبت القضية الفلسطينية عن أعين الجميع, ومع ذلك، لم تختفي كما نرى اليوم.
هذه ليست الأزمة الوحيدة المنسية:
يمكننا أن نتحدث عن الحرب التي لا نهاية لها في اليمن، والوضع الدائر في سوريا التي مزقتها الحرب، والفوضى التي تعصف بالأراضي الليبية، ومحنة الويغور، أو مسألة الصحراء الغربية والعديد من اللاجئين الصحراويين الذين ما زالوا بدون حل.
لم تعد وسائل الإعلام تنظر إليها أو تهتم بها, نظراً لأن الجمهور لم يعد مهتما بها أو بسبب الإرهاق وكذلك لأن المرء منا لا يحب في العالم الحالي أن يقرأ بالضرورة هذا النوع من المعلومات أو الأخبار المقلقة والبعيدة.
الأزمات الأقل إشهارا:
تجيب منظمة “كير- “CARE الأمريكية على هذا السؤال كل عام بفضل ترتيب تم الكشف عنه منذ 5 سنوات.
ومن أجل وضع قائمتها، اكتفت المنظمة غير الحكومية بحصر الاستشهاد في وسائل الإعلام الفرنسية والإنجليزية والألمانية, حيث تم تحليل أكثر من مليون مصدر على الإنترنت, وفي النهاية توصلت إلى الأزمات التي تؤثر على ما لا يقل عن مليون شخص.
الأزمات التي تم تجاهلها من قبل الصحافة في أفريقيا:
ومن بين الأزمات التي تجاهلتها الصحافة، توجد ست أزمات في القارة الأفريقية, حيث تعاني جمهورية أفريقيا الوسطى منذ 5 سنوات متتالية من صراعات مسلحة, ونتيجة لهذا العنف، يصارع 2.9 مليون شخص وهو ما يمثل 60% من السكان, شبح الموت جوعاً.
وهناك مثال آخر يتجسد في مدغشقر, حيث ترتبط المشكلة هناك ارتباطا مباشرا بتغير المناخ, ويجب على هذا البلد، الذي هو بالفعل أحد أفقر البلدان في العالم، أن يكافح ضد تأثير ظاهرة النينيو أو التردد الجنوبي – وهي ظاهرة مناخية عالمية، يؤثر تغير الحرارة في أحد المحيطات على الجو بمنطقة أخرى بعيدة- الذي يخل بالمناخ وخاصة في جنوب الجزيرة, ونتيجة لذلك, فإن ما مجموعه 1.3 مليون شخص يعانون من الجوع بسبب تلف المحاصيل الزراعية.
كما تعتبر الأزمات التي تعصف أيضا بملاوي وزامبيا من بين الأزمات التي لم تلقى حيزاً يذكر في وسائل الإعلام العالمية في العام 2020, وفي بوروندي مع 429 مقالة فقط, حيث يعاني البلد غير الساحلي الواقع في قلب القارة الأفريقية العديد من المشاكل: صراع داخلي وفقر وانتهاكات حقوق الإنسان وانتشار الملاريا والجفاف.
ومن جانبها, تسلط المنظمة غير الحكومية الضوء على قضايا الغذاء, حيث يكافح 15% من السكان من أجل تناول الطعام بينما يعاني 5% من الأطفال من سوء التغذية.
الأزمات المنسية خارج الفضاء الإفريقي:
لم تكن الأزمات حكراً على القارة الأفريقية, حيث توجد أزمات أخرى حددتها المنظمة غير الحكومية: في أوكرانيا (702 مقال)، وباكستان (1515 مقال)، وبابوا غينيا الجديدة (2014 مقال)، وأيضاً في غواتيمالا.
ففي غواتيمالا، يثير تقرير “أعلام اليأس”, وضع الناس راية بيضاء أمام منزلهم, وعندما تم فعل ذلك، كان ذلك للإشارة إلى أن هناك مشكلة بالنسبة للسلطات المحلية في العثور على المنازل.
ولكن الآن هناك قرى بأكملها ترفع الأعلام البيضاء, حيث تشهد على يأس الناس, وذلك نتيجة حتمية لعدة عوامل: وباء الفيروس التاجي وتداعياته الاقتصادية، انتشار الفقر، ارتفاع معدل المواليد، العصابات، العنف والمغادرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
الأزمة في غواتيمالا موضوع هام جداً، ولكن وسائل الإعلام تتحدث عنه قليلا, وبالرغم من ثقل هذه الأزمة, إلا أنها ثاني أقل الأزمات التي تم الحديث عنها بمعدل 542 مقالة فقط.
وفي المجمل، لم تشمل هذه الأزمات الإنسانية العشر المنسية سوى 12719 مقال.
وبالمقارنة مع ذلك، تم نشر:
– 39,900 مقالة عن ترشيح المغني كاني ويست للرئاسة الأمريكية.
– 50300 مقالات عن مسابقة الأغنية الأوروبية للعام 2020 .
– 334000 مقال عن ألعاب البلاي ستيشن 5.
فهذه الإحصائيات والأرقام تعطي منظورا حقيقيا لأولويات مجتمعاتنا.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع