دور نصر الله في “محور المقاومة”
بقلم سكارليت حداد
(صحيفة ” لوريون لوجور- lorientlejour” اللبنانية, الناطقة باللغة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
بينما يكافح لبنان أكثر من أي وقت مضى مشاكله وانقساماته الداخلية، تظل عيون الدبلوماسيين الغربيين المتواجدين في بيروت العاصمة ثابتة على التطورات بين الإسرائيليين والفلسطينيين, والتي يتعين علينا الآن أن نضيف إليها قضية العرب الإسرائيليين – المعروفين أيضا باسم عرب 48- من قطاع غزة إلى الضفة الغربية عن طريق إسرائيل.
فمن جانبهم, يولي هؤلاء الدبلوماسيون اهتماماً خاصاً لحزب الله، حيث يتم تحليل أدنى بيانات أو تصريحات يدلي بها قادته, فيما يخص الملف الفلسطيني الإسرائيلي باهتمام كبير وبالغ.
وفي الغالب, فإن السؤال الذي لطالما يطرح في اجتماعات هؤلاء الدبلوماسيين مع محاوريهم اللبنانيين هو: متى ينوي حزب الله التدخل في الحرب الوحشية التي تقع على مقربة منه؟
من جانبه, صحيح أن حزب الله، يحاول بوضوح الحفاظ على بعض الغموض, حيث لم يتحدث الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله منذ بدأ المواجهة الأخيرة، وقبل أكثر من أسبوع بقليل وربما لن يفعل ذلك قبل 25 مايو, الذي يصادف يوم التحرير, في إشارة إلى انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في 25 مايو 2000.
لذلك, اكتفى الدبلوماسيين الغربيين, بتصريحات المقربين من حزب الله والبيان الذي أدلى به رئيس المكتب التنفيذي لحزب الله، هاشم صفي الدين، كجزء من اجتماع لدعم القضية الفلسطينية والذي جمع ممثلين عن مختلف الأطياف والشخصيات التي تدعم ما يسمى “محور المقاومة”.
ولكن هنا أيضا، لم تكن المؤشرات دقيقة، لأن رئيس المكتب التنفيذي لحزب الله, كرر تأكيد دعم حزب الله الكامل للفلسطينيين, إلى حد تقدير أن المعركة الجارية اليوم هي معركة “الأمة بأسرها”.
كما أشار إلى التنسيق بين المقاتلين الفلسطينيين وحزب الله، في حين أكد على دور الرئيس السابق لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الجنرال قاسم سليماني الذي اغتيل مطلع يناير من العام 2021, ودور عماد مغنية, القائد العسكري السابق لحزب الله الذي اغتيل في الأراضي السورية في فبراير 2008, حيث عمل كلاهما على تطوير القدرات الحربية الفلسطينية.
كما أشار صفي الدين إلى إمكانية مشاركة حزب الله في هذه المعركة، بيد أنه لم يكن وضوح البتة بشأن توقيت هذه المشاركة أو الشكل الذي يمكن أن تتخذه.
ولذلك، لا يملك اليوم سوى عدد قليل جداً من الناس أدلة ملموسة لإعطاء الدبلوماسيين الغربيين ما يعتزم حزب الله القيام به, ولكن جميع الذين يجتمعون بمسؤولي هذا التنظيم معجبون بمدى هدوئهم وثقتهم في قدرات ما يسمونه المقاومة الفلسطينية.
يتابع مسؤولي حزب الله عن كثب ما يجري بين إسرائيل وغزة, لدرجة أنهم يعرفون كل تفاصيل القصف وطبيعة القذائف التي تستخدمها فصائل المقاومة الفلسطينية، فضلا عن أدنى تطور على أرض الواقع.
وذلك على غرار الحاصل في الحرب في اليمن وتطورها على الأرض، أو في القتال الدائر في العراق، وخاصة ضد تنظيم داعش أو ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية والجماعات الجهادية الأخرى.
يرى أحد الخبراء المختصين في شؤون حزب الله أن دور الحزب سيكون في الواقع ذا أهمية قصوى في بناء ما يسمى “محور المقاومة”, ولاسيما الدور الذي سوف يلعبه حسن نصر الله، الأمين العام للحزب, حيث أشار إلى أن مختلف الأطراف اللبنانية تميل إلى التقليل من شأن الدور القيادي لحزب الله في إيران، مفضلاً اعتباره منفذاً, في حين أنه صانع قرار.
وفي الواقع، عندما بدأوا في إمعان النظر في بناء “محور المقاومة”، عمل القادة الإيرانيون على اختيار عن علم مسبق, الدخول في الصراع العربي الإسرائيلي وجعل الحالة في القدس قضية مشتركة مع المسلمين العرب وغير العرب.
وفي نفس الوقت, تم تكليف حسن نصر الله بمهمة الاتصال بمختلف الأطراف العربية التي يحتمل أن تكون جزءا من هذا المحور، نظراً لكونه أكثر قدرة على فهمها ومعرفة كيفية التعامل معها، في حين أن لديه هالة كبيرة بين السكان العرب خاصة بعد حرب العام 2006.
من سوريا إلى العراق إلى اليمن وغزة، عكف الأمين العام للحزب على إرسال المتخصصين إلى أرض الميدان, كما التقى هو نفسه في عدة مناسبات بمختلف قادة الجماعات العاملة في الحركة الإيرانية.
وهكذا قام المسؤولون التنفيذيون في حزب الله بتدريب المقاتلين على الأرض, في حين تولى حسن نصر الله مسؤولية الإطار الأيديولوجي، وبالتالي نجح في توحيد مختلف الفصائل الفلسطينية وما يسمى بالفلسطيني الداخل في نفس المعركة.
هذه هي الحداثة الكبرى في المواجهات الجارية اليوم, وعلاوة على ذلك، وفي كل هذه الأرض التي تبدأ من إيران وتنتهي في غزة عن طريق صنعاء، فإن قادة الفصائل المختلفة يحملون الآن نفس الخطاب ولديهم نفس الإشارات الإيديولوجية, حيث رأى فيهم الخبير المختص في شؤون حزب الله بأنهم “تلاميذ نصر الله”.
وبكل صبر ودون أن يترك نفسه متأثرا بالتطورات التي تعتبر ثانوية، حافظ الأمين العام حسن نصر الله على علاقات ممتازة مع حركة حماس، بينما كان أعضاء هذه المنظمة يقاتلون ضد النظام السوري وخاصة في مخيم اليرموك بالقرب من العاصمة دمشق.
ولم يغفل قط عن الهدف الاستراتيجي، بل وحتى عن شخصيات حماس التي كانت في وقت من الأوقات معادية للنظام السوري ومؤيدة لفصائل المعارضة، مثل خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي الخارجي لحركة حماس وإسماعيل هنيه رئيس المكتب السياسي للحركة في غزة الذي زار لبنان منذ فترة.
تم محو الخلافات وتوحيد الهدف, ونتيجة لذلك، يعمل النظام الآن بدون تكاليف ويقوم كل طرف بدوره المنوط به.
ومن جانبه, يتابع حزب الله عن كثب أصغر تفاصيل التطورات, حيث سوف يتدخل عندما يرى ذلك مناسبا, لكن تلك اللحظة لم تحن بعد.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع