مواقف أمريكية وغربية منحازة.. والمقامة الفلسطينية تفرض واقعاً جديداً
السياسية – وكالات :
اتسمت السياسة الأمريكية خصوصا والسياسة الغربية عموما بالانحياز الكامل للكيان الصهيوني على مختلف المراحل إلا فيما لا ينفع وذلك في خطوة تعكس انسجاما كاملا بين تلك المواقف مع الصالح للكيان الغاصب وضد الحقوق المشروعة للفلسطينيين في إقامة دولتهم على أرضهم وعاصمتها القدس.
ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة اليوم من تصعيد صهيوني في القدس وقطاع غزة ، وعدة مناطق فلسطينية أخرى، وإجلاء عدد من العائلات الفلسطينية قسرا، من حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، من مساكنها لصالح مجموعة من المستوطنين، والعدوان الصهيوني على القطاع ماهو إلا مؤشرا جديدا على دعم واشنطن للكيان الصهيوني في عدوانه على الشعب الفلسطيني.
وارتفع عدد ضحايا العدوان الصهيوني المتواصل على قطاع غزة لليوم العاشر إلى 219 شهيداً بينهم 63 طفلاً وإصابة نحو 1530 بجروح مختلفة بينهم 450 طفلاً إضافة إلى أضرار جسيمة في الممتلكات والبنى التحتية في مختلف مناطق القطاع حسب مصادر طبية فلسطينية.
وردا على جرائم الاحتلال الصهيوني المتواصلة بحق الفلسطينيين قصفت المقاومة الفلسطينية اليوم موقعاً عسكرياً ومستوطناته في محيط قطاع غزة المحاصر وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
وذكرت وسائل إعلام فلسطينية أن المقاومة أطلقت من قطاع غزة رشقة من الصواريخ مستهدفة مستوطنات الاحتلال في محيط القطاع وقصفت بقذائف الهاون موقعاً عسكرياً للاحتلال جنوب القطاع كما استهدفت برشقة صواريخ مستوطنات الاحتلال في النقب بالأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
موقف الدول الغربية
جاءت ردود فعل عدة أطراف غربية ، بينها الولايات المتحدة ،منسجمة ومنحازة مع التصعيد الصهيوني في غزة ، إذ أنه وفي تصريحات علنية، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، ووزير خارجيته أنتوني بلينكن، بقوةٍ موقف واشنطن الداعم لحق الكيان الصهيوني في الدفاع عن النفس في مواجهة إطلاق الصواريخ الفلسطينية.
وبينما أعرب بلينكن عن قلقه إزاء العدد المتزايد من الفلسطينيين الذين قٌتلوا في الضربات الجوية الإسرائيلية، إلا أنه قد وضع “تمييزا واضحا ومطلقا” بين “منظمة إرهابية تستهدف المدنيين، وإسرائيل التي تستهدف الإرهابيين” /على حد تعبيره/ .
لكن مع ذلك كله فقد فرضت المقاومة وصمود الفلسطينيين واقعا جديدا على دول المنطقة ، إذ وجد الكثيرون أنفسهم مجبرين على إدانة سلوك الكيان الصهيوني.
وبدأت غالبية الدول تتخذ مواقف رافضة للعدوان الصهيوني على قطاع غزة ، فيما بدأت تحركات غربية وعربية واسعة لمنع اندلاع حرب أوسع بعد فشل الكيان الصهيوني في صد صواريخ المقاومة.
وفي الداخل الفلسطيني بدأ كافة الفلسطينيين مواجهة مع دولة الاحتلال، الأمر الذي أعاد القضية إلى صدارة المشهد السياسي العالمي.
وبالرغم من الاستخدام المفرط للقوة والسلاح وقصف الأحياء السكانية إلا أن إدارة بيدن منعت الى حد ما وقف اطلاق النار ، وهو ما اعتبره بعض المحللين بمثابة ضوء أخضر ضمني لاستمرار العدوان الصهيوني على القطاع على الرغم من الدعوات الأمريكية للتهدئة.
وقد منعت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة هذا الأسبوع من اتخاذ إجراء بحجة أن إصدار بيان أو عقد اجتماع عام سيعيق الدبلوماسية التي تنشط وراء الكواليس. وغالبا ما تقف الولايات المتحدة بمفردها في الدفاع عن الكيان الصهيوني ضد الانتقادات الموجهة لها.
ويقول دانيال كيرتزر، سفير الولايات المتحدة السابق لدى الكيان الصهيوني ،وفق ما أورده موقع الـ” بي بي سي” ،: “كان من الممكن التدليل على موقف أكثر حزما في دبلوماسية وراء الكواليس عبر إرسال شخص أعلى رتبة…وإن إدارة بايدن يجب أن تضع خطوطاً حمراء، وعليها أن تقول للحكومة الإسرائيلية “توقفي” عندما يتعلق الأمر بالخطوات الاستفزازية في القدس الشرقية.
ولكي تظهر إدارة بيدن وكأنها في تعاملها مع القضية الفلسطينية على غير سابقتها ( إدارة ترامب) تعود بتصريحاتها في السياسة الخارجية الى الكيفية الأخرى القائمة على “القيم والمبادئ” الأمريكية فيما ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة بين الفلسطينيين أصحاب الأرض والصهاينة الغاصبين، حيث أكد بلينكن، في تصريحات أدلى بها مؤخراً، على أن الفلسطينيين والإسرائيليين “يستحقون القدر نفسه من الحرية والكرامة والأمن والازدهار”.
ويصف خالد الجندي، من معهد بروكينغز، تلك الصيغة بأنها “جديدة ومهمة”، لكنها أيضا غامضة ومحيرة، ويتساءل الجندي قائلا: “هل تنطبق على الحاضر أم أنها طموحة تستهدف ترتيب الوضع النهائي؟ لم تُفعّل حتى الآن لذلك لا نعرف ماذا يعني ذلك على أرض الواقع، أعتقد حتى هم لا يعرفون”.
مواقف الدول العربية
معظم الدول العربية نددت بالتصعيد الصهيوني في القدس وفي عدة مناطق فلسطينية أخرى ، وكررت بعض الدعوات الى عقد اجتماع للجامعة العربية على مستوى المندوبين، لمناقشة التطورات الأخيرة حتى تلك الدول التي هرولت للتطبيع مع الكيان الصهيوني أواخر العام الماضي وبينها الإمارات والبحرين، ، دانتا ممارسات الكيان، وأعربتا عن رفضهما ، وبالمثل فعلت السعودية وسلطنة عمان.
حتى جامعة الدول العربية، التي كان أمينها العام أحمد أبو الغيط يتحدث قبل شهور عن فوائد التطبيع للقضية الفلسطينية، سارعت لعقد اجتماع طارئ دانت خلاله سلوك الكيان الإسرائيلي، وقررت التحرك دولياً لإثبات حق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة على حدود 1967.
ومع رفض رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو وقف العدوان ، ومصادقة المجلس الوزاري المصغر على قرار توسيع رقعته، صعدت المقاومة من قصفها، واستخدمت صواريخ ومسيرات جديدة، أربكت الاحتلال، وأثبتت عجز منظومة القبة الحديدية للكيان الصهيوني.
وتمثلت الرؤية الأساسية للقوى الاستعمارية الفاعلة في ذلك الوقت، في إيجاد كيان دولي في فلسطين، وذلك ضمن مشروع تقسم تركة (الرجل المريض) الدولة العثمانية ، كما نصت معاهدة “سايكس بيكو” الموقعة عام 1916 بين بريطانيا وفرنسا باطلاع روسيا، ولما أفشت روسيا سر تلك المعاهدة بعد ثورتها عام 1917، تم إصدار “وعد بلفور” عام 1917 من قِبَل بريطانيا لطمأنة اليهود، وأقّرته فرنسا وإيطاليا عام 1918، ثم أمريكا عام 1919.
ومع انتهاء الحرب العالمية الأولى عام 1918، احتلت بريطانيا فلسطين حتى تسهّل لليهود هجرتهم إليها ، وذلك كي تتخلص أوروبا منهم ومن مشاكلهم وإفسادهم، ولتجعلهم بريطانيا أداة متقدمة في يدها، ولتشغل المنطقة بصراع مرير مع اليهود.