السياسية:

ما زالت تطورات الأوضاع في غزة والضفة الغربية تحتل مساحة واسعة من تغطية الصحف البريطانية التي تناولت مستقبل العلاقات بين الطرفين.

البداية من صحيفة الغارديان ومقال لجوناثان فريدلاند يقول فيه إنّ الوضع لن يعود إلى ما كان عليه سابقاً بعد انتهاء العنف الحالي.

ويوضح الكاتب “إنّ الوضع قد يكون مختلفاً بعض الشيء هذه المرة، وعلى الرغم من أن هناك علامة على ذلك، لكنها بعيدة كل البعد عن أن تكون مشجعة”. ويقول: “إذا كان هناك أي شيء، فإنه يشير إلى أن هذه الحلقة الحالية قد تكون أسوأ”.

ويعني فريدلاند بذلك اندلاع “عنف طائفي في المدن المختلطة في الكيان الإسرائيلي، ووضع المواطنين اليهود والعرب في كيان إسرائيل ضد بعضهم البعض في الشوارع حيث عاشوا جنباً إلى جنب على مدى عقود”.

ويقول: “هذا العنف مقلق، الجار ضد جاره. الأمر يتعلق بمحاولة قتل رجل عربي في بات يام، تم جره من داخل سيارة ليتم ضربه وركله؛ إنه يتعلق بإحراق ما لا يقل عن خمسة معابد يهودية في اللد”.

وأشار الى ان تلك المشاهد “صدمت العديد من الإسرائيليين اليهود الذين قالوا لأنفسهم منذ فترة طويلة أن مواطنيهم العرب ليسوا مثل الفلسطينيين الآخرين، وأنهم لا يتمتعون بنفس الإحساس العميق بالهوية الوطنية”.

ويسأل فريدلاند: “كيف توقع اليهود الإسرائيليون بالضبط أن يتفاعل العرب، ومعظمهم من المسلمين، على التحركات في القدس وأماكنها المقدسة؟ وما الذي اعتقدوا أنه سيحدث، بالنظر إلى إقرار بنيامين نتنياهو في عام 2018 في ما يتعلق بقانون الدولة القومية، والذي نص على أن اليهود فقط هم من لهم الحق في تقرير المصير في إسرائيل، والذي جرد اللغة العربية من مكانتها الرسمية؟”.

وقال إنه “من السهل نسيان الضفة الغربية بنظاميها القانونيين – أحدهما لليهود والآخر للفلسطينيين. ومن السهل نسيان غزة، بعد 14 عاماً من الاختناق بالإغلاق والحصار الإسرائيلي المصري المشترك، أو حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، حيث يمكن لليهود استعادة الممتلكات التي كانت مملوكة قبل عام 1948 لكن الفلسطينيين محرومون من نفس الحق. من السهل نسيان 54 عاماً من الاحتلال”.

إلا أنّ الأشخاص الوحيدين الذين لا يستطيعون النسيان بحسب الكاتب فهم “أولئك الذين يعيشون مع كل هذا كل يوم، أي الفلسطينيين”.

ويقول: “إذا تم عكس الأدوار، فلن يستطيع اليهود الإسرائيليون التحمل أيضاً. لهذا السبب تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود باراك عن حقيقة عميقة عندما قال إنه لو ولد فلسطينياً، لم يكن يشك في أنه كان سيصبح مقاتلاً”.

وأنهى فريدلاند مقاله قائلاً: “أريد بشدة أن ينتهي العنف الحالي. أتوق إلى كلمة لوقف إطلاق النار. لكن لا يمكنني أن أتمنى أن تعود الأمور إلى طبيعتها. لأن الطبيعي هو ما أوصلنا إلى هنا – وهو ما يستمر في إعادتنا إلى هنا مرة تلو الأخرى”.

* حبل نجاة

ننتقل إلى التلغراف ومقال تحليلي لرولاند أوليفانت بعنوان: “أعمال الشغب الإسرائيلية بين اليهود والعرب تمنح نتنياهو حبل نجاة سياسي”.

ويقول أوليفانت إن الأحداث الأخيرة هي “أكبر أزمة أمنية لإسرائيل منذ سنوات ومأساة للمدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين حصدت عشرات الأرواح وتهدد بتدمير ما تبقى من عملية السلام في الشرق الأوسط”.

لكن “بالنسبة لرجل واحد، فإن الأزمة في غزة والمدن المختلطة بين العرب واليهود داخل كيان إسرائيل لها جانب إيجابي لا يمكن إنكاره”.

إذ ارتفع مستوى تأييد نتنياهو في بداية الأسبوع أخيراً بعد تعثره ومواجهته لاحتمال نهاية فترة 12 عاماً قضاها كرئيس للوزراء، بعد أن كانت أحزاب المعارضة – بما في ذلك تجمع العرب – على وشك حشد الأغلبية في الكنيست والتغلب في النهاية على الهيمنة السياسية لزعيم الليكود.

أما الآن، فقد أصبح إجراء تحالف بين الأحزاب العربية والأحزاب اليهودية اليمينية مستحيلاً.

وانسحب نفتالي بينيت، زعيم حزب يمينا اليميني ورئيس الوزراء المحتمل لـ “حكومة التغيير”، يوم الخميس من محادثات الائتلاف.

ونقلت الصحيفة عن وسائل الإعلام الإسرائيلية، معلومات مفادها إنه يتحدث الآن مع نتنياهو حول دخول حكومة بقيادة الليكود بدلاً من ذلك.

وقال أنشل بفيفر، مؤلف كتاب “بيبي: الحياة والمراحل المضطربة لبنيامين نتنياهو” للتلغراف إن نتنياهو “يتعرض لقدر هائل من الانتقادات في اسرائيل خاصة بسبب انهيار القانون والنظام داخل اسرائيل في البلدات المختلطة بين اليهود والعرب”. “ومع ذلك، هناك جانب مضيء بالنسبة له هنا”.

ويشير أوليفانت إلى أن “لا أحد يقول إن نتنياهو دبر الأزمة الحالية لمصلحته الخاصة. فالأزمة أبعد ما تكون عن كونها نعمة لا تشوبها شائبة”.

وذلك يعود الى أنّ العديد من الإسرائيليين غاضبون منه بسبب سوء تعامله مع الأزمة حتى الآن. كما أنّ يائير لابيد، زعيم حزب يش عتيد الوسطي قال إنّ بينيت كان مخطئاً في ترك المحادثات ووعد بمواصلة محاولة بناء حكومة بديلة – رغم أنه من غير الواضح كيف يمكنه القيام بذلك الآن”.

بالإضافة الى استمرار محاكمته التي بدأت قبل عام بتهم الفساد.

* “إسرائيل تواجه أسئلة وجودية مع انتفاضة المواطنين العرب”

ننتقل إلى الفاينانشال تايمز ومقال لديفيد غاردنر يقول فيه إنّ “تصاعد العنف الطائفي بين العرب واليهود في سلسلة من المدن المختلطة في جميع أنحاء الكيان الإسرائيلي كان بمثابة مفاجأة قبيحة للعديد من الإسرائيليين”.

واعتبر أنّ نتنياهو نفسه أطلق العديد من الشرارات التي أشعلت المواجهات الحالية عبر اتباعه لتكتيكات تساعده على البقاء في السلطة.

ويقول الكاتب انه وعند محاكمته بتهمة الفساد في مايو/أيار الماضي، اعتنق علانية ايديولوجية “اليمين الديني والوصولي الراديكالي ووعد بضم الأراضي الفلسطينية التي استوطنها اليهود”.

ويذكر انه استخدم وسائل التواصل الاجتماعي في انتخابات عام 2015 لدق ناقوس الخطر من أن “العرب” كانوا “يصوتون بأعداد كبيرة”.

وأضاف: “استمر نتنياهو في ذلك من خلال تمرير ما يسمى بقانون الدولة القومية من خلال الكنيست في يوليو/تموز 2018، معلناً أن اليهود وحدهم لديهم الحق الحصري في تقرير المصير في إسرائيل”.

ويقول غاردنر إن “هذا القانون واحتضان نتنياهو الانتهازي للجماعات العنصرية المعادية للعرب مثل بن غفير، أقنع العديد من المواطنين العرب بضرورة الكفاح من أجل حقوق متساوية مع اليهود الإسرائيليين”. كما توصل “الفلسطينيون تحت الاحتلال والذين ليس لديهم أمل بدولة مستقلة قابلة للحياة إلى استنتاجات مماثلة”.

واعتبر أنّ العرب الإسرائيليين “تأثروا أيضاً بالاقتراح الموجود في صفقة القرن للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والذي مفاده أن حوالي 350 ألفا منهم قد يتم نقلهم إلى السلطة الفلسطينية كجزء من مبادلة الأراضي – مما يحرمهم من الجنسية الإسرائيلية”.

وختم مقاله بالتذكير بأنه وخلال 73 عاماً من قيام دولة إسرائيل، لم تضم أي حكومة إسرائيلية حزباً عربياً.

وقال: “قد تشعر الآن الحكومات العربية التي قامت بتطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي في ما بدا أنه موجة جديدة من الانفراج الإقليمي، بأنّ الوقت قد حان لكي يبدأ القادة الإسرائيليون في التطبيع في الداخل”.

بي بي سي