الجزء الثاني

بقلم: باتريك مارتن( موقع الويب الاشتراكي العالمي- wsws ” النسخة الفرنسية- ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

بدأ التدخل الأمريكي في أفغانستان، ليس في عام 2001, ولكن في يوليو من العام 1979, عندما قررت حكومة الرئيس كارتر مساعدة القوات التي تحارب الحكومة المدعومة من الاتحاد السوفياتي في حرب فيتنام، كما قال مستشاره للأمن القومي، زبيجينيو برزينسكي.

بعد الغزو السوفياتي في ديسمبر 1979, تعاونت وكالة المخابرات المركزية مع كلاً من باكستان والمملكة العربية السعودية لتجنيد الأصوليين الإسلاميين وإرسالهم إلى أفغانستان لقيادة المقالتين، وهي العملية التي نتج عنها ذهاب أسامة بن لادن إلى أفغانستان وإنشاء تنظيم القاعدة.

ناهيك عن كون طالبان كانت نتيجة للتسليح والتدريب الباكستاني والتمويل السعودي والدعم السياسي الأميركي.

وعلى الرغم من أن المجموعة الأصولية خرجت من مخيمات اللاجئين في باكستان باعتبارها نوعا من “الفاشية الدينية” وهي نتيجة ثانوية لعقود من الحرب والقمع.

وفي المقابل, وافقت إدارة الرئيس بيل كلينتون على بسط سيطرتها في الفترة  1995-1996 باعتبارها أفضل فرصة لاستعادة “الاستقرار”.

من سنة 1996 إلى سنة 2001, تمحورت علاقات الولايات المتحدة مع أفغانستان حول مشاريع خطوط الأنابيب لتوصيل النفط والغاز من حوض بحر قزوين على طريق الذي من شأنه أن يتجاوز كلاً من روسيا وإيران والصين.

كان زلماي خليل زاد المبعوث الأميركي الأبدي إلى المنطقة وحامد كرزاي أول رئيس أفغاني تدعمه الولايات المتحدة الأمريكية، يعملان لصالح شركة أونوكال العملاقة للنفط.

وقد هددت إدارة الرئيس بوش بالعمل العسكري ضد حركة الطالبان في عدة مناسبات في العام 2001, وقد تسببت الهجمات الإرهابية التي وقعت في 11 سبتمبر، وهي أبعد ما تكون عن الأحداث التي “غيرت كل شيء”، في هجوم خطط له لفترة طويلة.

هناك أدلة كافية على أن وكالات الاستخبارات الأمريكية سمحت لهجمات 11 سبتمبر أن تحدث من أجل توفير الذريعة اللازمة التي تحتاجها الإدارة الأمريكية.

ومن جانبه, عمل موقع “”WSWS على تحليل الغزو السريع لأفغانستان وانهيار نظام طالبان باعتباره حدثاً كشف عن مدى الشراسة الإجرامية للإمبريالية الأميركية، حيث قتل خلال هذا الغزو الآلاف جراء القصف الأميركي والمذابح  التي أسفرت عن مقتل الآلاف على أيدي الميليشيات التي تدعمها الولايات المتحدة.

كان النظام الذي يتخذ من كابول مقرا له, قد عمل على نسج تحالفا غير مستقر مع قادة طالبان السابقين مثل حامد كرزاي، زعيم قبيلة من البشتون، والتحالف الشمالي، القائم على الأقليات الطاجيكية والأوزبكية والهزاره.

كان للغزو الأمريكي تأثير مزعزع للاستقرار بنفس القدر على الجغرافيا السياسية, ولأن كل الدول المجاورة، بما في ذلك إيران وروسيا والصين وباكستان، رأت في القوة الاستطلاعية الأميركية الهائلة ــ التي كان من المقرر أن تصل إلى 100 ألف رجل في أوقات مختلفة في ظل إدارتي بوش وأوباما ــ كانت تُعَد بمثابة تهديد دائم عبر حدودها مباشرة.

ومن ثم فإن إدارة الرئيس بوش سوف ترتكب عملاً من أعمال الهمجية الإمبريالية مع غزو العراق في العام 2003, وهو ما أوجد الظروف الملائمة لزعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط برمتها والذي دمرته الآن الحروب الأهلية والتدخلات الإمبريالية في سوريا وليبيا واليمن.

فقد جمعت حكومتا بوش وأوباما بين الميزانيات العسكرية القياسية والتدابير المحلية التي تتخذها دولة الشرطة، وزيادة مراقبة الدولة والتقشف الاقتصادي وخفض الميزانية، وتخفيض الأجور وتدهور مستوى معيشة غالبية العمال.

أوضح موقع” “WSWS أن الحرب في أفغانستان كانت جزءا من اندلاع الإمبريالية الأمريكية، بدءا من حرب الخليج في العام 1991, التي كانت تهدف إلى تعويض التدهور الاقتصادي للولايات المتحدة بالوسائل العسكرية.

كما كتب ديفيد نورث في العام 2016 في مقدمة كتابه ربع قرن من الحرب: “إن ربع القرن الأخير من الحروب التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية, يجب أن ينظر إليه على أنه سلسلة من الأحداث المترابطة, إن المنطق الاستراتيجي للرغبة الأميركية في الهيمنة العالمية يمتد إلى ما هو أبعد من العمليات الاستعمارية الجديدة في الشرق الأوسط وأفريقيا, إن الحروب الإقليمية الجارية تشكل تصعيد سريع لمواجهة الولايات المتحدة مع روسيا والصين”.

وقد تم تأكيد هذا التكهن, حيث إن أحد الأسباب الرئيسية وراء خطط بايدن لانسحاب القوات العسكرية الأميركية من أفغانستان يتلخص في إعادة توجيه الموارد العسكرية الأميركية إلى الصراع الجاري مع روسيا وخاصة الصين.

في الأسابيع الأخيرة، أشرفت إدارة بايدن على سلسلة من الأعمال الاستفزازية في شرق آسيا وكرس الجيش الأمريكي في مذهبه الرسمي الحاجة إلى الاستعداد لـ “صراع بين القوى العظمى”.

إن التسوية الحقيقية للحسابات على مدى عقدين من الجرائم الدموية في أفغانستان ، وتطوير حركة ضد الهمجية الإمبريالية، يتطلبان بناء حركة اشتراكية دولية في الطبقة العاملة, وهذه هي المهمة التي اضطلعت بها WSWS واللجنة الدولية.

* هو الهيئة الإخبارية والتحليلية للجنة الدولية للأممية الرابعة (ICFI)

*  المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع