لفتة بايدن عديمة الفائدة
الحوثيون لم يعدوا "إرهابيين" لكن معاناة اليمن تزداد
بقلم: أحمد عبد الكريم
(موقع- mintpressnews “منتبرس نيوز” الانجليزي- ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
حذرت جماعات حقوق الإنسان من أن مستويات المجاعة في اليمن هي الآن من بين أعلى المستويات المسجلة منذ عام 2015، مما يشير إلى أن المعاناة في البلد قد ازدادت سوءا في ظل إدارة بايدن.
صعدة، اليمن – في شرحه لهذه الخطوة التي نالت استحسانا كبيرا، قال الرئيس جو بايدن إن سبب قيام الولايات المتحدة بإزالة اسم حركة أنصار الله اليمنية من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية, هو تجنب تفاقم الوضع الإنساني في الدولة التي مزقتها الحرب والسماح للمساعدات التي تمس الحاجة إليها للوصول إلى السكان المحليين.
ومع ذلك، لا يزال من الممكن العثور على صور الأطفال الذين يعانون من بروز أضلاعهم وبطونهم منتفخة وجلدهم المترهل والتي أصبحت ترمز إلى الحرب على مدى السنوات الست الماضية في جميع أنحاء اليمن.
تقف غرام شعيب البالغة من العمر أربع سنوات على سرير مغطى بملاءات زرقاء في مستشفى حيدان الريفي في محافظة صعدة الشمالية, عارية وعيناها مفتوحتان, حيث تظهر الخطوط العريضة لأضلاعها بوضوح من خلال جلدها.
وصلت الفتاة التي تعاني من سوء التغذية إلى المستشفى هذا الأسبوع من قرية الصمّيق غربي صعدة، وهي منطقة بعيدة عن موجات المجاعة التي اجتاحت اليمن في السنوات الست الماضية.
روت والدة غرام، التي كانت تخفي وجهها المتعب والجسد الهزيل, مرتدية عباءة سوداء ضخمة وحجاب، قصتها لـ موقع يمنتبرس، بينما كانت ذراعها تلتف حول جسد ابنتها الرقيق:
“لا يوجد طعام كاف، لا مساعدات منتظمة أو شخص لمساعدتنا, فقط 50 ألف ريال يمني (85 دولارا أمريكيا) التي تلقيناها هي التي أنقذت طفلتي”.
تكافح زوجة المزارع لإطعام أطفالها وسط ارتفاع أسعار المواد الغذائية والوقود والأدوية.
قالت إن حياتها تحولت إلى جحيم منذ بداية العام, أنا الآن في الثلاثينيات من عمري, لم أواجه ظروفا أسوأ من الآن, ماذا فعلنا لأمريكا والسعودية لنستحق هذا! قالت وهي تبكي: أسأل الله ألا يغفر لمن تسبب في هذا.
غرام كانت محظوظة، إذ اكتشفها أحد العاملين الصحيين، ثم نُقلت إلى المستشفى على نفقة الإدارة بمساعدة أطباء بلا حدود.
صلاح رضوان، مدير مكتب الصحة في حيدان، قال لمينتبرس إنه بسبب الحصار ينتشر سوء التغذية في صعدة, وأن هناك مئات الأطفال في المنطقة يعانون من سوء التغذية الحاد، لكنهم غير قادرين على الوصول إلى المستشفى بسبب ارتفاع تكلفة النقل”.
الوضع اكثر سوء في عهد بايدن
تشمل أعراض سوء التغذية الحاد – وهو أكثر أشكال نقص التغذية خطورة – بروز الضلوع والجلد المترهل مع هزال واضح في أنسجة الجسم.
ومن الأعراض الأخرى التورم في الكاحلين والقدمين والبطن، نتيجة تسرب السوائل من الأوعية الدموية تحت الجلد.
خلال ست سنوات من الحرب، ظهرت هذه الأعراض على آلاف الأطفال اليمنيين, لكن منذ أن وعد بايدن بإنهاء الحرب على أسس إنسانية عند توليه السلطة في (يناير)، تم تسجيل مشاهد مؤلمة لآلاف الأطفال الذين ظهرت عليهم أعراض سوء التغذية الحاد في مناطق جديدة لم تسجل فيها حالات من قبل، و بمعدل أعلى مما كان عليه خلال الفترة الماضية,
في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، بحسب مصادر صحية محلية يمنية.
وقال المصدر نفسه، في بيان قدمه للمينتبرس، إن العديد من مديريات محافظات صعدة وعمران وحجة والحديدة وعدن ولحج شهدت قفزات قياسية في عدد الأطفال المصابين بسوء التغذية هذا العام ، مع ما لا يقل عن 100000 حالة من سوء التغذية الحاد الشديد في الأشهر الثلاثة الأولى من رئاسة بايدن وحدها.
يمثل هذا الرقم زيادة هائلة عن الفترة نفسها في بداية رئاسة ترامب، عندما تم تسجيل 5000 حالة.
ويرجع السبب في ذلك إلى استمرار الحصار القاتل، بحسب المسؤولين.
في الواقع، يبلغ متوسط السعرات الحرارية اليومية لليمنيين 800 سعرة حرارية فقط.
وهذا غير كاف حتى بالنسبة للأطفال الصغار، مما يؤدي إلى عدد كبير من الاضطرابات المتعلقة بسوء التغذية – الإسقربوط، السل، الدوسنتاريا، الكساح، والمارسموس، بالإضافة إلى الهزال والتقزم في جميع أنحاء اليمن.
وتعزو الإحصاءات الرسمية ما يقرب من 70٪ من الوفيات في البلد إلى الجوع الناجم عن الحصار.
تفتح المجاعة أيضا نافذة جديدة لفيروس كورونا الذي يتسبب حتما في معاناة غير متناسبة بين أولئك الذين أضعفهم بالفعل سوء التغذية والأمراض ذات الصلة.
قالت وزارة الصحة في صنعاء، في مارس، إن “أكثر من 2.6 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من سوء التغذية الحاد، و 500 ألف طفل آخرين مهددون بسوء التغذية الحاد بسبب الحصار”.
كما أكدت الوزارة أن الحصار السعودي تسبب في ارتفاع معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة إلى 300 طفل يوميا.
وبينما يموت منه أكثر من 8000 امرأة سنويا، تعاني 1.8 مليون امرأة من سوء التغذية ومليون أخرى من مضاعفات آثار الحصار.
لا راحة في ظل الحصار الخانق
في فبراير، قالت أربع وكالات تابعة للأمم المتحدة – بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) ، واليونيسيف (منظمة الأمم المتحدة للطفولة)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، إنه من المتوقع أن يعاني ما يقرب من 2.3 مليون طفل دون سن الخامسة في اليمن من سوء التغذية الحاد في عام 2021.
ومن المتوقع أن يعاني 400000 من هؤلاء من حالات شديدة لدرجة قد تؤدي إلى الوفاة.
وحذرت المجموعات من أن هذه كانت من بين أعلى مستويات سوء التغذية الحاد والوخيم المسجلة في اليمن منذ تصاعد الصراع في عام 2015.
قال الدكتور علي عسكر، مدير مستشفى حيدان الريفي بإحباط “هذا بالضبط ما يحدث بفضل الحصار المدعوم من قبل إدارة بايدن”
في مارس 2015، عندما بدأت الحرب، تحركت السعودية، بدعم من الولايات المتحدة، على الفور لخنق إمدادات المواد الخام والمواد الغذائية إلى اليمن.
لا تزال السفن البحرية السعودية، بدعم من البحرية الأمريكية تقوم بدوريات في البحار في جميع أنحاء اليمن، وتعترض وتحتجز آلاف السفن التجارية التي تحمل الغذاء والوقود والأسمدة التي تعتبر حيوية للزراعة، تحت ستار وقف تهريب الأسلحة إلى البلد.
في بعض الأحيان يتم الإفراج عن السفن بعد شهور من الاحتجاز، وهي تحمل بضائع تالفة.
لا يُظهر الحصار البحري المستمر أي بوادر للتراجع، على الرغم من الحديث الأخير عن إنهاء الولايات المتحدة دعمها للحرب ومعاناة 30 مليونا في الدولة التي مزقتها الحرب.
القيود المفروضة على اليمن لا تستهدف البحر فقط, إذ يهيمن التحالف الذي تقوده السعودية على المجال الجوي للبلد والذي يمنع آلاف المدنيين اليمنيين المرضى من الحصول على الرعاية الطبية العاجلة خارج البلد.
وتوفي آلاف المرضى قبل الأوان لأنهم لم يتمكنوا من السفر للخارج لتلقي العلاج.
الكثير من المعدات الطبية في اليمن، بما في ذلك في المدن الكبرى، عفا عليها الزمن وبحاجة ماسة إلى الاستبدال.
علاوة على ذلك، أدى الحصار شبه الكامل لشحن الأدوية التجارية عبر المطار، إلى جانب القيود المفروضة على الواردات عبر ميناء الحديدة، إلى ارتفاع الأسعار إلى أكثر من الضعف، مما يجعل الأدوية الأساسية غير ميسورة التكلفة بالنسبة لمعظم السكان.
لماذا الحصار؟
نزل مئات العمال النقابيين، أمام مقر الأمم المتحدة للتنديد بالحصار، مطالبين الولايات المتحدة وحلفائها برفع الحصار المفروض على مطار صنعاء الدولي والسماح للسفن التي تحمل الوقود بالوصول إلى البلد.
قال مطهر علي زمال، وهو يمني أب لأربعة أطفال شارك في الاحتجاج: “أنا بحاجة للسفر إلى الخارج لعلاج أطفالي”. يعاني أطفاله جميعا من جفاف في الجلد، وهو مرض جلدي ناتج عن نقص الترطيب المناسب.
قال الدكتور عبد الله ثوابة، مدير عام مستشفى السرطان بصنعاء، إن المرض أدى إلى الإصابة بسرطان الجلد لدى الأطفال بسبب وجود مواد كيميائية موجودة في الذخائر المحظورة دولياً.
بل أشهر، ألقت طائرات حربية سعودية قنبلة أمريكية الصنع بالقرب من منزلهم في كتاف شمال صعدة، بينما كان الأطفال يلعبون في مكان قريب.
وفي أعقاب الغارة الجوية، بدأت تظهر بقع بنية كبيرة مع بقع داكنة على وجوههم، وفقا لوالدهم.
وأكد د. عبدالله أن المستشفى لا يستطيع التعامل مع الحالة بسبب نقص الأدوية والمعدات اللازمة بسبب الحصار، مضيفا أنه يجب إجلاء الأطفال للخارج فورا.
وقال متسائلا “قالت أمريكا إنها أزالت الحوثيين من قائمتها الإرهابية, إذا كان هذا صحيحا، فلماذا لم يُسمح للطعام والوقود والدواء بالوصول إلينا؟”.
قال الرئيس التنفيذي لشركة النفط اليمنية، عمار العذري، للمينتبرس إنه تم احتجاز ما لا يقل عن 10 ناقلات نفط.
وأضاف عمار ان الناقلات محتجزة على الرغم من فحصها وإجازتها وإصدار تصاريح لها من قبل التحالف بقيادة السعودية والأمم المتحدة.
وأكد أن السفن محملة بالمشتقات النفطية اللازمة لتشغيل المولدات في المستشفيات ومحطات ضخ المياه ومحطات الصرف الصحي.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع