بعد ست سنوات، اليمن يغرق أكثر وأكثر في مستنقع الحرب
السياسية – وكالات :
اليمن غارق في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، قبل ستة أعوام بالضبط، أطلقت المملكة العربية السعودية حملة عسكرية لصد التمدد الحوثي القادم من المناطق الشمالية، الأمر الذي هدد النظام الذي انبثق عن موجة الربيع العربي التي جابت المنطقة, بيد أن الرياض التي اقترحت مؤخرا وقف إطلاق النار, منيت بفشل عسكري.
بقلم: إيف بورديلون
(صحيفة “ليزيكو – les Echos” الفرنسية– ترجمة: أسماء بجاش، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
دخلت الرياض لعبة البوكر المأساوية في اليمن الذي يعتبر اليوم موطن لأسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان على كوكب الأرض, فقد دخلت الحرب في اليمن عامها السابع في 26 مارس, إذ أطلق الأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع تدخلاً عسكرياً في اليمن المجاور لإنقاذ نظام الربيع العربي المهدد من قبل الحوثيين الذين يتلقون الدعم من قبل إيران.
بيد أن التحالف العربي الذي دعا إلى تشكيليه الأمير محمد بن سلمان, بدأ في التقلص بعد مرور عامين تقريباً, وبهذا وجدت المملكة العربية السعودية نفسها وحيدة في هذا المستنقع, حيث تراكم عليها العديد من الانتكاسات العسكرية.
تمكنت الحركة الحوثية التي تنتمي للتيار الزيدي القريب من المذهب الشيعي السائد في طهران, من بسط سيطرتها على معظم المناطق الشمالية من البلد, باستثناء محافظة مأرب الغنية بالنفط.
توالت المحاولات العسكرية لانتزاع المحافظة من قبضة القوات الموالية للحكومة, كان أخرها في فبراير, حيث شهدت المنطقة قتال عنيف.
تعتبر مأرب أخر معقل للحكومة اليمنية بعد أن فقد النظام السيطرة على العاصمة صنعاء, في أواخر سبتمبر من العام 2014, حيث جعلت من مدينة عدن الجنوبية عاصمة مؤقتة له.
حرب بالوكالة:
تعتبر اليمن الدولة الأكثر فقراً في منطقة الشرق الأوسط, وبالرغم من ذلك, فقد وجدت نفسها مسرح لمواجهة بالوكالة بين القوتين المتنافستين في منطقة الخليج الفارسي: الرياض الحليف الرئيسي لواشنطن في المنطقة وطهران, والنتيجة كانت فظيعة.
أشارت كارولين داوبر من منظمة هانديكاب الدولية في صنعاء إلى ” سقوط 233 ألف شخص, حصد فيهم المدنيين السواد الأعظم, ما يعادل 80 %, ناهيك عن نزوح الملايين من السكان داخليا، بالإضافة إلى أن ثلث المدارس ونصف المراكز الصحية أصبحت خارج نطاق الخدمة، وذلك بالتزامن مع انتشار حمى الضنك والكوليرا والملاريا وشيكونغونيا ووباء الفيروس التاجي والتلوث الناجم عن القذائف غير المنفجرة التي سوف يستغرق تنظيفها عقوداً”.
ومن جانبها, أشارت الأمم المتحدة إلى أن ثلثي السكان البالغ عددهم 29 مليون نسمة يعتمدون على شكل من أشكال المساعدات للبقاء على قيد الحياة.
وبالنسبة للعام 2021, مرة أخرى، اعتُبرت التعهدات بتقديم منح غير كافية لتأمين المساعدات الضرورية لليمن، حيث لم تتمكن الأمم المتحدة من جمع سوى 1.7 مليار دولار فقط من المبلغ المطلوب البالغ 3.85 مليار دولار.
يبدو أن السلام أبعد من أي وقت مضى، على الرغم من كون إدارة بايدن قد علقت مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية في محاولة لإقناع إيران بالتفاوض على اتفاقية نووية جديدة وتعيين مبعوث خاص لليمن.
وقد كان القرار متوقعاً منذ سنوات من قبل المنظمات غير الحكومية، التي تقوم الرياض وفقاً لها بقصف عشوائي لمواقع مدنية.
ومن جانبه, التقى تيموثي ليرنكينغ، مبعوث جو بايدن لليمن، بقيادات من الحركة الحوثية في فبراير في سلطنة عُمان.
اقتراح هدنة معقد:
اقترحت الإدارة السعودية وقف لإطلاق النار تحت إشراف الأمم المتحدة وتقاسم العائدات الشحيحة والهزيلة بالفعل من عائدات النفط والغاز وإعادة فتح جزئي لمطار صنعاء الدولي.
بيد أن هذا الاقتراح قد رفض من قبل الحوثيين جملة وتفصيلاً على الفور، لأنهم طالبون قبل أي استئناف للعملية السياسية برفع كامل للحصار الجوي والبحري الذي فرضته الرياض, حيث أنها ترى في هذا الحصار ضرورة لمنع واردات الأسلحة القادمة من إيران.
قال توماس جونو من جامعة أوتاوا في وكالة الأنباء الفرنسية :” إن السعودية تخسر الحرب, وأنها تسعى للخروج منها, كما إن الحوثيين يسيطرون الآن على الميدان، لذا لا يتوقعون أي انعطاف منهم “.
الرياض التي بمبادرة من محمد بن سلمان ولي العهد، ضاعفت من التدخلات الخارجية غير الحاسمة نظراً لما تمتلكه من أسلحة متطورة، ولكن المقاتلين الحوثيين يتمتعون بحنكة عسكرية بشكل خاص نظراً لخوضهم معارك عسكرية ضمن تضاريس جبلية في الصراعات التي مزقت اليمن منذ نصف قرن.
تكنولوجيا متقدمة:
يمتلك الحوثيون اليوم السلاح الحرج الجديد للصراع، والمتمثل في الطائرات المقاتلة بدون طيار, حيث تبنت الهجوم الذي استهدف منشآت أرامكو في رأس التنورة وربيع وينبع وجيزان، بالإضافة إلى مواقع عسكرية سعودية في الدمام ونجران وعسير, بالرغم من كون المملكة العربية السعودية تمتلك أنظمة أمريكية مضادة للصواريخ باهظة الثمن، إلا أنها دائما ما تقع فريسة لهذا الطائرات.
وإلى جانب المعسكرين الرئيسيين، تشارك حركات أخرى في حيثيات هذا الصراع, بما في ذلك تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وتنظيم الدولة الإسلامية المعروف ايضاً باسم تنظيم داعش الجهادي.
كما استغلت الحركة الانفصالية للمجلس الانتقالي الجنوبي، المتحالفة من حيث المبدأ مع الحكومة ضد الحوثيين، فرصة الفوضى للانقلاب ضد القوى الموالية والمطالبة بعودة الحكم الذاتي من الجنوب الموحد مع الشمال, حيث تعود أصول اليمن الموحد إلى مايو من العام 1990.
ومن جانبهم، شارك الحوثيون في ثورة “الربيع العربي” التي جابت اليمن في العام 2011, والتي أسفرت عن سقوط نظام الرئيس علي عبد الله صالح، وذلك قبل التحالف معه, ومن ثم اغتيالة مطلع ديسمبر العام 2017.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع