بقلم: أليستير ليون

(موقع “دي كوردر نيوز- “News Decoder الإنجليزي- ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

قبل عقد من الزمان، خرج شباب يمنيون متفائلون إلى شوارع صنعاء للمطالبة بالعدالة الاجتماعية وإنهاء عقود من الديكتاتورية الفاسدة، حيث هزت موجات الاحتجاج العالم العربي.

وبدلاً من ذلك، اندلعت حرب أهلية وتدخل أجنبي ودُمرت البلد.

حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح اليمن لمدة 33 عاماً، أدار واستغل خلالها صراعاته الداخلية التي لا تعد ولا تحصى للبقاء في السلطة كرئيس.

رتبت دول الخليج التي انتابها القلق من أي نفحة ديمقراطية، تنازل لطيفاً لصالح، مما دفعه إلى التنحي في عام 2012 بحصانة من الملاحقة القضائية ودور سياسي مستمر.

وتم استبداله بنائبه في ذلك الوقت عبد ربه منصور هادي, كجزء من عملية انتقال سياسي تدعمها الأمم المتحدة تهيمن عليها أحزاب قائمة.

بعد عامين، قطع الحوثيون، وهم حركة شيعية زيدية ساخطة على النظام في الشمال، المرحلة الانتقالية المتوقفة من خلال السيطرة على صنعاء وسير باتجاه مدينة عدن الجنوبية في محاولة فاشلة للسيطرة على اليمن بالكامل.

أصبح الحوثيون في المعارك والمتحالفون بشكل غير مثبت مع إيران، اليد العليا الآن ضد حكومة هادي المدعومة من السعودية، وهو تحالف من الفصائل غالباً ما يركز اعضاءه على قتال بعضهم البعض بدلاً من عدوهم المشترك.

ربما تكون حرب اليمن بمثابة نهاية فوضوية للعبة

تدخلت السعودية والإمارات منذ ست سنوات، بأسلحة غربية وأنواع أخرى من الدعم في الصراع الذي أدى إلى إغراق ملايين اليمنيين في هاوية لا مثيل لها في العالم من صنع الإنسان من الجوع والضيق.

ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي “على الرغم من المساعدات الإنسانية المستمرة، يعاني 16.2 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي”.

وهذا يمثل أكثر من نصف سكان البلد في الطرف الجنوبي لشبه الجزيرة العربية.

ربما استطاع الرجال المسلحين بالبنادق والطائرات بدون طيار والصواريخ والقنابل من اسكات الشباب والنساء وجماعات المجتمع المدني الذين طالبوا بالتغيير في البداية, ولكن بشكل مؤقت.

قال بيتر سالزبري، كبير محللي شؤون اليمن في مجموعة الأزمات الدولية، أن “اليمن يعاني من رد فعل عنيف، من ثورة مضادة صممت في البداية لمنع الشباب من أن يكون لهم رأي في كيفية إدارة البلد”.

قد تكون الحرب الآن تتجه نحو نهاية لعبة فوضوية، حيث يسعى السعوديون إلى الخروج من الحرب مع حفظ ماء الوجه من محاولتهم الفاشلة لسحق حركة حسبما يعتقدون أنها وكيل لإيران.

لقد ساعدت إيران الحوثيين بالفعل من خلال تكنولوجيا الطائرات بدون طيار والصواريخ وغيرها من أشكال الدعم، لكن طهران لم تثبت قدرتها على إصدار الأوامر للجماعة التي لم تنشئها والتي ليست مرتبطة أيديولوجياً بها.

قال سالزبوري: “يلعب الإيرانيون دوراً مهماً ومتزايداً في اليمن، لكن لا يستطيعون تحريك الحوثيون عبر جهاز التحكم عن بعد، كما قد يضن البعض”.

الولايات المتحدة توقف دعم الحرب:

الولايات المتحدة التي دعمت مع بريطانيا وفرنسا التحالف الذي تقوده السعودية أثناء قصفها وحصارها لجزء كبير من اليمن على مدار السنوات الست الماضية، تنهي الآن دعمها لجهودهم الحربية.

علقت مبيعات الأسلحة “الهجومية” وعينت مبعوثاً لليمن، تيم ليندركينغ، لدعم جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة.

نفض السعوديون، تحت ضغط من الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن، الغبار عن مقترحات لهدنة على مستوى البلد، وإعادة فتح جزئي لمطار صنعاء والموانئ التي يسيطر عليها الحوثيون، وتقاسم الإيرادات الجمركية.

الحوثي لم تكن هذه المبادرة مرضية بالنسبة له، و طالب بإنهاء غير مشروط لما يسمونه حصاراً سعودياً قبل التفكير في وقف إطلاق النار.

ضاعفت قوات الحوثي، مدعومة بالضعف السعودي الملحوظ والخلافات بين اليمنيين المواليين لهم، هجمات الطائرات المسيرة والصواريخ على منشآت النفط السعودية وأهداف أخرى في الأسابيع الأخيرة, حيث هاجموا مأرب، آخر المعاقل التي تسيطر عليها حكومة هادي في الشمال.

ان الاستيلاء على مأرب وهي منطقة غنية بالغاز والنفط وعدد سكانها المتضخم بشكل كبير من قبل اليمنيين النازحين من شأنه ان يعزز بشكل كبير كفة الحوثيين في أي محادثات سلام .

ربما يعاني الحوثيون من انتكاسات على الأرض، لكنهم أثبتوا أن التحالف الذي تقوده السعودية وحلفاؤه المحليون لا يمكنهم تدميرهم.

انعدام الثقة:

قد يضطر السعوديون للتخلي عن العديد من أهدافهم الحربية وعقد صفقة مباشرة مع الحوثيين لمحاولة تأمين أراضيهم من الهجوم.

يسيطر الحوثيون على أراض يعيش فيها 70٪ على الأقل من سكان اليمن ويقيم خصومهم في المحافظة الجنوبية عدن، حيث يتم تقييد هادي في تحالف غير مستقر مع الانفصاليين الجنوبيين المدعومين من الإمارات.

يتمتع الرئيس باعتراف دولي، لكن إدارته تتمتع بقدر ضئيل من المصداقية والاحترام داخل اليمن أو خارجه, لذا, سيكون تحقيق وقف إطلاق النار، ناهيك عن سلام دائم، أمراً صعباً.

لا يثق الحوثيون بالولايات المتحدة، التي لا تزال حليفاً للسعودية على الرغم من إعادة تعيين بايدن للعلاقات مع المملكة ونفوره الواضح من ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي والمخطط للحرب.

ينظر الحوثيون أيضاً بارتياب إلى الأمم المتحدة، التي يقود مبعوثها مفاوضات يفترض أنها تستند إلى قرار من جانب واحد من مجلس الأمن تم تبنيه عندما بدأت الحرب يطالب بإعادة هادي وكذلك انسحاب الحوثيين ونزع سلاحهم.

ذلك القرار، الذي يعكس موقف السعودية، الطرف الرئيسي في الحرب، لا يزال سارياً، متحدياً ميزان القوى على الأرض.

الدول الغنية تخفض المساعدات الإنسانية لليمن:

حتى لو تم الاتفاق على هدنة في نهاية المطاف، فسوف يأتي بعد فوات الأوان بالنسبة للكثيرين.

يحتاج 80٪ من اليمنيين إلى المساعدة، وتحذر الأمم المتحدة من المجاعة في بلد ممزق حيث لا يستطيع الكثيرون شراء الطعام.

يؤدي تفشي الكوليرا وفيروس كورونا إلى تفاقم البؤس, كما يعطل نقص الوقود إمدادات المياه والمستشفيات وتوصيل المساعدات.

ووفقاً لبرنامج الغذاء العالمي، تسببت الحرب في نزوح ما يقرب من أربعة ملايين شخص من ديارهم.

ومع ذلك، فإن الدول الغنية التي تصرف مبالغ طائلة في الداخل للتخفيف من تأثير جائحة فيروس كورونا العالمي قد اختارت خفض المساعدات الإنسانية لليمن.

هذا الشهر، وعد المانحون الذين حصد بعضهم مليارات الدولارات من مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، بأقل من نصف مبلغ 3.85 مليار دولار الذي طلبته الأمم المتحدة.

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، إن قطع المساعدات كان “حكماً بالإعدام”.

وبنفس القسوة، أصبح القادة اليمنيون والسياسيون والمستفيدون من جميع الأطراف أثرياء من “اقتصاد الحرب” من خلال الابتزاز والنهب وتحويل الرواتب العامة وعائدات الضرائب والمساعدات الخارجية، بينما يتضور مواطنون جوعاً.

العقبات التي أمامنا:

لن يؤدي وقف الصراع الرئيسي بالضرورة إلى استقرار اليمن، حيث ستؤدي مجموعة مذهلة من الخلافات السياسية والقبلية والإقليمية إلى تعقيد جهود السلام.

قال سالزبوري: “يمكننا أن نرى نهاية للحرب الطويلة، الجزء الذي يجذب كل الاهتمام الدولي من خلال الضربات الجوية السعودية، ولكننا سنظل نرى مجموعة من الحروب الصغيرة تخوضها مجموعات مختلفة بينما يتقاتلون بعضهم البعض من أجل الهيمنة”.

وطالب بنهج أوسع من قبل الأمم المتحدة لمعالجة المظالم، وجلب المزيد من الأطراف والعمل مع مجموعات المجتمع المدني غير المشاركة في القتال.

تصف نسمة منصور، الناشطة اليمنية التي عملت سابقاً مع مجموعة تقدم المشورة لمبعوث الأمم المتحدة تجربتها بأنها “محبطة”.

وقالت: “كانوا (مسؤولو الأمم المتحدة والدبلوماسيون الأجانب) يستمعون فقط إلى الأطراف المتحاربة والحوثيين والحكومة، ويتجاهلون أي أصوات أخرى لها أفكار من أجل السلام، مثل المجموعات النسائية التي تعمل على بناء السلام المحلي”.

وأضافت نسمة “نظام مكافأة مرتكبي الحرب لم ينجح خلال السنوات السبع الماضية، ونحن بحاجة إلى عملية سلام أكثر شمولاً وخضوعاً للمساءلة”، مشيرة إلى تزايد الحرمان وانعدام الأمن والجوع الذي يطارد بلدها, إنه لأمر مروع أن نرى كيف يتضرر النسيج الاجتماعي سنة بعد سنة، تصبح المصالحة أكثر صعوبة.

*   المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع