8-4 : كيف أطاح محمد بن سلمان بإبن عمه محمد بن نايف

بقلم: اميليا زكور

(صحيفة “جون أفريك- jeune afrique” الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

تم تسمية محمد بن نايف الحاصل على درجة الماجستير في مجال مكافحة الإرهاب في المملكة العربية السعودية وليا للعهد في العام 2015.

ومن ثم تم وضع ابن عمه الشاب، محمد بن سلمان، استراتيجية لأخذ اللقب منه وإبعاده عن اعتلاء العرش.

قصة السقوط المتوقع:

ومع إحساسه بالخطر، عمل بن نايف على مد رحلته السنوية للصيد في الجزائر لعدة أسابيع، في حين لم يعد يستجيب لإستمالات شركائه الأمريكيين.

ومن جانبه, أستغل الأمير بن سلمان هذا الغياب المطول لتعزيز رؤيته لمستقبل المملكة طوال العام 2016.

“إسرائيل ليست عدو المملكة العربية السعودية”

بدأت الوفود الأمريكية في تعاقب بعضها البعض إلى الرياض، وفي أغلب الأحيان كانت بدعوة من الملك وابنه, حيث كان ذلك بمثابة فرصة لهم لمقابلة الشخصيتين السعوديتين  ذات النفوذ.

وبالتالي فإن السيناتور عن الحزب الجمهوري ليندسي غراهام وقع تحت تعويذة الأمير الشاب, حيث أشاد بوضوحه الذي ينظر به في المشاكل الاقتصادية والمجتمعية للمملكة.

 

الأمير محمد بن نايف في مكة المكرمة، 5 سبتمبر2016/ تصوير: أحمد جاد الله/ رويترز

وصل أحد هذه الوفود الذي يضم في طياته عدداً من الأكاديميين والسفراء السابقين والمساعدين البرلمانيين وغيرهم من المستشارين السياسيين ذوي النفوذ في واشنطن إلى الرياض في أغسطس 2016.

وبعد اجتماع قصير مع الملك سلمان، قابلوا الأمير محمد بن نايف, ويبدو أنه قد استنفد كل طاقته ولم يجد أي إجابة على تساؤلاتهم بشأن الإصلاحات الاقتصادية أو الحرب في اليمن أو الصراع السوري, حتى أنه لم يتمكن من الرد أو ماطل في الرد على قضايا الأمن مجال اختصاصه وبهذا, انتهاء الاجتماع بعد  مرور أقل من ساعة على بدءه.

ثم التقى الوفد بعد ذلك  بالأمير محمد بن سلمان وفريقه, ومنذ البداية، يصر الأمير النشط على أهمية العلاقات الأمريكية – السعودية، وركز على الأجندة التي تشمل الصراع الدائر في سوريا واليمن والعراق, بالإضافة إلى الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني والسياسة النفطية والإصلاحات الدينية.

سلط الأمير بن سلمان الضوء على أن المملكة العربية السعودية تعاني من مشكلة تعتيم صورتها بشكل عام لدى المجتمع الغربي، ولكنه أصر على أن الإصلاحات التي اقترح تنفيذها سوف تكلل بالنجاح.

ثم فاجأ جميع ضيوفه بالقول “إن إسرائيل ليست عدو المملكة العربية السعودية”, واستمر الاجتماع لمدة ساعتين, بالإضافة إلى أن جميع زواره خرجوا من الاجتماع وقد خطوا عنه  فكرة  القائد المستقبلي.

اعتلاء دونالد ترامب سدة الحكم في الولايات المتحدة الأمريكية بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية, وسرعان ما نسج صهره ومستشاره الخاص جاريد كوشنر علاقات متينة مع الأمير محمد بن سلمان ومحمد بن زايد رجل الإمارات الأوحد.

وبعد أشهر طويلة من الجمود، قرر محمد بن نايف التحرك وبدفع من عملاء المخابرات الأمريكية الذين عملوا معه وكانوا قلقين بشأن تجريده من مهامه، قام بتجنيد روبرت ستريك، وهو من جماعات الضغط في الحزب الجمهوري.

كانت مهمته تتركز على تذكير الإدارة الأميركية الجديدة بأن بن نايف حليف أساسي ولا مفر منه, ولكن فقد فات الأوان بالفعل, فبعد فترة وجيزة، ذهب الرئيس ترامب إلى الرياض دون التخطيط لاجتماع رسمي مع بن نايف.

في نهاية نفس الشهر، سافر مبعوث من الأمير بن سلمان سراً إلى واشنطن, حيث أخبر المسؤولين في إدارة ترامب أن رئيسه على وشك الإطاحة بابن عمه.

 

الأمير محمد بن نايف (إلى اليسار)، ولي العهد آنذاك، يحضر مناورات عسكرية إلى جانب  ابن عمه محمد بن سلمان، وزير الدفاع، في شمال المملكة العربية السعودية، 16 مارس 2016.

الضربة القاصمة:

في مساء يوم 20 يونيو 2017, تلقى الأمير محمد بن نايف ولي العهد في منتصف الليل تقريباً اتصالاً هاتفياً من قصر الصفاء الملكي يطلب منه الحضور, وبمجرد وصوله إلى هناك، تم تجريده من حراسته الأمنية ونزع سلاحها, حيث قيل أن الملك أراد أن يرى بن نايف لوحده.

أنتظر الضيف في غرفة المعيشة مدركاً أنه تعرض لعملية احتجاز.

وفي هذه الأثناء، اتصال فريق  بن سلمان بأعضاء مجلس البيعة “الملك يريد أن يصبح ابنه وليا للعهد”, كما قيل لهم, ما هو خيارك؟

إن مصير كل من يجرؤ على معارضة قرار الملك يجعل العديد يعيدون التفكير, وهكذا تم تعيين الأمير محمد بن سلمان  ولي العهد، بالأغلبية, حيث صوت له 31 صوتاً من أصل 34 صوتاً.

تم إعلام  بن نايف بالقرار وتم تسليمه أوراق استقالته لتوقيع عليها, ففي تلك الأثناء خيم عليه الرعب والخوف بحسب ما أشار إليه أحد أقاربه.

رفض محمد بن نايف التوقيع على تلك الوثائق, ولساعات طويلة، عمل مؤيدو بن سلمان في غرفة المعيشة على مضايقة ولي العهد, فبعضهم, هدده بالكشف عن إدمانه للعقاقير المسكنة للرأي العام السعودي، أو جعله يستمع إلى تسجيلات أمراء آخرين يدعمون محمد بن سلمان, لدرجة أن أحدهم سأله ما إذا كان يخطط لمغادرة القصر وهو على قيد الحياة.

قاوم الأمير بن نايف طوال الليل، بيد أن صحته الهشة خانته مع مرور الوقت.

ومع ساعات الصباح الأولى, كان الأمير بن نايف منهكاً وقد خارت قواه, حينها قبل بالتسوية: ولكنه لم يوقع الخطاب وستقال بشكلٍ شفوي, حيث فكر في إضفاء الطابع الرسمي على هذا الاتفاق الشفوي خلال النهار، ومن ثم هم بالخروج.

مع أن دقت الساعة 7 صباحا, فجأة، الباب يفتح, حيث وجد نفسه أمام أضواء الكاميرات مع تحية من قبل الأمير محمد بن سلمان وتم نقل السلطة بشكلٍ فوري, حيث قال الأمير محمد بن نايف “الآن أن ذاهباً لأرتاح، وأنت، ليوفقك الله “، وهكذا ترجل الأمير المهزوم وذهب وهو يجر أذيال الهزيمة.

وبهذا, تم تعيين محمد بن سلمان، البالغ من العمر 31 عاماً، ولياً للعهد بموجب مرسوم من الملك سلمان, كما أصبح بذلك نائبا لرئيس الوزراء واحتفظ بحقيبة الدفاع.

وكنتيجة حتمية لذلك، أُقيل بن نايف من منصب وزارة الداخلية ومن جميع مهامه.

وبهذا شاهد، وهو في السابعة والخمسين من عمره، في قصره، نهاية حياته السياسية, وجاء الانقلاب في مارس 2020، عندما اتُهم بالتآمر ضد الملك وولي العهد ثم ألقي القبض عليه, وحتى يومنا هذا، لا يزال مصيره بمثابة  لغزا.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع

8-4 : كيف أطاح محمد بن سلمان بإبن عمه محمد بن نايف