بقلم: جهاد جيلون

(صحيفة “جون أفريك- jeune afrique” الفرنسية – ترجمة: أسماء بجاش, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

“القصة السرية لصعود محمد بن سلمان”, أدرك الأمير محمد في وقت مبكر جدا أنه من أجل الموازنة السياسية في المملكة العربية السعودية، فإن المرء يحتاج إلى الكثير من المال, ولتحقيق هذا, عمل على الدخول عالم الأعمال التجارية, من خلال أسلوبه: الجريء والخشن.

خمسة عشر عاماً، وفقاً للشهادات، هذا هو السن الذي لم يعد فيه محمد بن سلمان مراهقاً يهتم في المقام الأول بألعاب الفيديو ومدمناً على الوجبات السريعة على الطريقة الأمريكية.

وفي حديث مع أحد أبناء عمومته، أدرك الأمير الشاب فجأة أن والده الأمير سلمان، أبعد ما يكون عن الثراء ــ على الأقل وفقاً لمعايير الأسرة المالكة السعودية ــ والأسوأ من ذلك أنه أصبح مديناً لأفراد آخرين من الأسرة المالكة والعديد من رجال الأعمال.

سجن خاص صغير:

فمنذ أن علم الأمير محمد بهذا الأمر, أصبح بمثابة مصدر قلق عميق يراوده, حيث رأى في ذلك سبب لتهميش “عشيرة سلمان”.

قرر الأمير المراهق أن يخبر والده بنيته في فتح مشروع تجاري وهو طموح غير عادي بالنسبة لأحد أفراد العائلة المالكة, ولكنه لم يتمكن سوى من أخذ أكثر من ابتسامة من والده.

اشتهر عن الأمير سلمان انه شخصية صارمة تتحلى بالاستقامة, ففي أحد المرات أجرأ معه الكاتب البريطاني روبرت ليسي مقابلة, حيث تفاخر من خلالها بأنه : “يوجد لدي داخل سجني الآن عدد من الأمراء”, وذلك نظراً لكونه على علم ودراية بكل أسرار الأسرة المالكة “آل سعود” الكبيرة والصغيرة, كما يملك العديد من سجلات التجريم والمساومة للعديد من أفراد هذه القبيلة العائلية.

وعلى غرار أي أمير سعودي، يملك سلمان فيلا في ماربيا في إسبانيا، وأرمدة من الخدم وأسطول من السيارات, تجعل كل من يراها شاحباً يملأه الحقد والحسد الشديد.

“اغنى من الوليد بن طلال”

لم تكن استثماراته القليلة في الأعمال التجارية وفي قطاع العقارات كافية للحفاظ على نمط الحياة هذا، حيث كثيراً ما اضطر إلى الاعتماد على إعانات الملك لدفع أجور موظفيه.

وبعد ذلك لم يبقى في الأنظار سوى أمير صغير، يرى بنظرة من الغيرة, لابن عمه الأمير الوليد بن طلال الذي كان آنذاك أغنى رجل في المملكة, وهو يتباهى بسيارة لامبورغيني في الرياض.

قال لمسؤول كويتي عندما طلب منه استيراد مادة البيتومين – مادة موجودة بشكل طبيعي في البيئة أو يمكن تصنيعها بشكلٍ صناعي بعد تقطير بعض الزيوت الخام- من الإمارة الصغيرة، وهي فكرة تجارية جديدة ظهرت بعد مشروعه التجاري :”هدفي هو أن أكون أغنى من الوليد بن طلال في غضون عامين”.

مشروع أخر لم يكتب له النجاح,حيث لا يستطيع الكويتيون إلا أن يقدموا 40% من الحجم المخطط له.

وبعد ذلك أختار محمد بن سلمان خوض غمار المضاربة المالية, ففي سن 16, كان يملك في جيبه ما يقرب من 100 ألف دولار، حيث حصل على هذا المبلغ بعد أن باع ساعاته وبعض القطع الذهبية الذي حصل عليها من والده وعمه الملك فهد في الأعياد الدينية.

ومن هنا كان أساس رأس ماله في بادى الأمر وارتفعت قيمة محفظته من الأسهم, ولكن سرعان ما ساءت التكهنات, حيث رأى محمد بن سلمان نفسه مدمراً, كما سيقول لاحقاً.

وبطبيعة الحال، فإن الأمير سلمان هو الذي كان آنذاك “فقط” أحد أكثر أفراد الأسرة نفوذاً, حيث كان لحاكم الرياض، سجن خاص صغير به, مصمم لمعاقبة الأقارب الذين أساءوا التصرف: السكر على الطريق العام، الفواتير غير المدفوعة في باريس والقيادة الخطرة…..

ومن أجل أن لا تثبط عزيمته بسبب الأحداث السلبية التي حصلت له, طلب من رجال الأعمال البارزين في العاصمة السعودية إقراضه المال, وبدلاً من المخاطرة بإغضاب ابن حاكم الرياض، تم الانصياع لما طلبه منهم.

ومع ما يقرب من 800  ألف دولار، ضاعف محمد بن سلمان من استثماراته، حيث عمل على شراء أسهم في الولايات المتحدة، وبدءا من العام 2008، في التعامل مع سوق الرياض “تداول” للأوراق المالية وهو السوق الرئيسي لتداول الأسهم في المملكة.

وبما أن الشركات القليلة المسجلة في تداول تعتمد إلى حد كبير على قرارات الحكومة, أصبح من السهل إلى حد كبير على أي أحد على دارية أن يكسب المال.

وبعد بضع سنوات، تم استجواب محمد بن سلمان حول عمولة التداول الداخلي المحتمل.

محمد بن سلمان “أبو الرصاص”

عمل الأمير محمد على الاستثمار مع إخوته (من نفس الأم) في كل مكان ــ وعادة ما يكون باسمه الخاص ــ وهي حقيقة نادرة نسبياً بالنسبة لأمير سعودي, حيث استثمار في العديد من القطاعات, في شركة جمع النفايات، وفي المزارع السمكية، وفي التجارة وحتى في مستشفى في لويزيانا المتخصصة في زراعة الأعضاء.

واحدة من أكثر الشركات ربحية في المملكة العربية السعودية هي المضاربة العقارية في جميع أنحاء الرياض, حيث عمل الأمير محمد بن سلمان مع شركاؤه من مالكي الأراضي في البناء على الأراضي التي لم يتم استغلالها بعد، حيث كان الاتفاق يمثل حصوله على نسبة مئوية من الإيرادات في المستقبل, وهكذا بدأ الأمير في جمع ثروة صغيرة.

تنتشر شائعة, أن الأمير محمد, أرسل في أحد الأيام رسالة إلى أحد المالكين الذي رفض التنازل عن قطعة أرض، حيث قام بإرفاق رصاصة ضمن المغلف.

صحيح أم لا، ولكن هذه الرؤية قد أكسبت الأمير محمد بن سلمان لقب (“أبو الرصاص”) داخل العائلة المالكة.

هذه الطريقة، تشبه غوغاء مافيا نيويورك، حيث تعطي بالفعل نظرة ثاقبة في بالرغم من قلة الحالات عن الطريقة التي يتعامل بها الأمير مع أولئك الذين يقفون في طريقه.

جاء العام 2008, حاملاً في طياته اخبار سارة للأمير الشاب, حيث تمكن من أقنع شركة “فيرزيون – “Verizon عملاق الاتصالات الأمريكية, من خلال وسطاء بجلب البنية التحتية للألياف الضوئية إلى المملكة.

وعلى الرغم من أن هذه الشراكة لم تحقق أي نتائج ملموسة، إلا أنها أسهمت في تعزيز سمعة محمد بن سلمان الناشئة.

تباهى سلمان أمام أحد الزائرين بعد إتمام الصفقة قائلاً: “جنى نجلي الملايين للعائلة”.

والآن, فبعد أن أصبح وزيراً للدفاع في العام 2015، ثم ولي للعهد في العام 2017، فإن محمد بن سلمان سوف يستفيد من منصبه لكسب ليس الملايين فقط، بل المليارات.

*    المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع

 

8-2: محمد بن سلمان، أمير سعودي واحد من بين آخرين كثيرين