خسر بن سلمان الحرب في اليمن و حان الوقت لإنهاء الكارثة الإنسانية
بعد مرور ست سنوات على بدء الحرب في اليمن، تُرك ولي العهد السعودي الذي فشل في تحقيق نصر سريع, بمفرده يتوسل الحوثيين لقبول اقتراح السلام الخاص به.
بقلم: مضاوي الرشيد
(موقع ” ميدل إيست آي” البريطاني- ترجمة: نجاة نور،الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)
أعلنت السعودية هذا الأسبوع عن مبادرة لإنهاء حرب اليمن وتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلد.
قوبلت هذه الخطوة بالرفض من قبل جماعة أنصار الله، المعروفة باسم الحوثيين، الأبطال الرئيسيين على الجانب الآخر من هذا الصراع المستمر منذ ست سنوات.
المبادرة، بحسب الحوثيين لم تعد برفع كامل للحصار الذي فرضه السعوديون على مطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، اللذين يعتمد عليهما مع ميناء الصليف نحو 80 % من واردات اليمن بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية والوقود.
الحوثيون الآن في موقع الهجوم ومن غير المرجح أن يتراجعوا أو يستسلموا, ومن المرجح أنهم سيواصلون هجومهم على مأرب واكتساح الأراضي المتقلصة والسلطة الهشة للرئيس المنفي في الرياض عبد ربه منصور هادي.
قال وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إن إيران تدعم خطة سلام من شأنها إنهاء الحصار والعنف.
موقف ضعيف:
جاء إعلان السعودية بسبب ضعف موقفها بعد انهيار التحالف العربي الذي دعم حملتها وتلاشي الموافقة الدولية على هذه الحرب الغادرة على حدودها الجنوبية.
دولياً، منذ عام 2015، أعطت الولايات المتحدة تحت إدارة أوباما السعوديين الضوء الأخضر لبدء الضربات الجوية ضد الحوثيين الذين اجتاحوا العاصمة في سبتمبر 2014, ثم بسطوا سيطرتهم لاحقاً على معظم الأراضي اليمنية.
وبحجة مواجهة التوسع الإيراني في هذا الجزء الاستراتيجي من شبه الجزيرة العربية، شنت السعودية حرب اليمن في 25 مارس 2015.
في وقت لاحق، واصل الرئيس السابق دونالد ترامب دعم السعوديين دون تشجيعهم على البحث عن حل دبلوماسي لحل النزاع.
ومع وجود إدارة بايدن الجديدة في السلطة، يجد السعوديون أنفسهم بدون هذا الغطاء الدولي, حيث أوضحت الأصوات في واشنطن أن أحد ركائز سياسة الإدارة الجديدة في الشرق الأوسط هو إنهاء الحرب في اليمن وإعادة إطلاق المفاوضات مع إيران على برنامجها النووي.
إقليمياً، انسحبت الإمارات، الحليف الرئيسي للسعودية، من الحرب لكنها ما زالت تحتفظ بمعقل على الساحل يضمن توسعها البحري على طول الطريق إلى القرن الأفريقي.
كانت رعايتها لليمنيين الجنوبيين قد أحيت مشروعاً قديماً لفصل المنطقة الساحلية الجنوبية عن اليمن الموحد.
نتج عن التدخل الإماراتي ترسيخ استقلال إقليم موالٍ لها, واعتمدت السعودية على مصر وباكستان، لكن كلاهما ترددت في الانخراط على الأرض، تاركاً السعوديين لخوض حرب بدون قدرات حقيقية على الرغم من قوتها الجوية المتقدمة، وذلك بفضل الإمداد المستمر من الحكومات الغربية وخاصة الولايات المتحدة وبريطانيا.
يتناقض هذا الموقف السعودي الضعيف مع موقف الحوثيين المتمكنين، الذين لم يعد يُصنفون كمنظمة إرهابية في واشنطن.
كثف الحوثيون هجماتهم بطائرات مسيرة على قلب المنشآت الاقتصادية السعودية خلال الأشهر الماضية، مستهدفة المنشآت النفطية والمطارات, حيث كانوا سريعين في فهم الموقف السعودي الضعيف والإستراتيجية الهجومية السعودية في سعيها لتأمين حدودها الجنوبية ودفع النفوذ الإيراني.
عقيدة سلمان:
تعثرت في اليمن ما يسمى مبدأ سلمان لعام 2015، وهي استعراض للعضلات تستهدف الجماهير المحلية السعودية التي تشكك في صعود نجل الملك سلمان، محمد، إلى أعلى المناصب في الحكومة.
احتاج ولي العهد ووزير الدفاع السعودي آنذاك إلى نصر سريع في اليمن يمنحه شرعية جديدة باعتباره المنقذ والقائد العسكري, بيد أنه فشل في تحقيق ذلك.
وبدلاً من ذلك، ها هو الآن بمفرده يستجدي الحوثيين لقبول مقترحه للسلام، والذي لا يرقى إلى التخفيف من محنة اليمنيين وتطلعهم إلى إنهاء الحرب الأهلية.
لم تكن هذه الحرب الأهلية حتمية، لكن التدخل العسكري الأجنبي من قبل كل من السعودية والإمارات لم يعيد إحياء مشروع اليمن الموحد والديمقراطي، ولم يعزز آفاق كيانين يمنيين مستقرين: أحدهما في الشمال والآخر في الجنوب.
أدى التدخل الأجنبي والضربات الجوية إلى ظهور العديد من الأقاليم والميليشيات التي تسيطر على مناطق شاسعة، وتتنافس وتتعاون في نفس الوقت لجعل واقع أي يمن موحد شبه مستحيل، ناهيك عن مستقبل هادف من التعايش تحت مظلة حكومة ديمقراطية.
كارثة إنسانية:
تاريخياً، فضلت السعودية الحفاظ على شبكات المحسوبية مع القبائل اليمنية الشمالية التي كان شيوخها يتلقون بانتظام الإعانات والمنح لإبقائهم موالين للعائلة المالكة السعودية.
في صنعاء، دعم السعوديون الرئيس علي عبد الله صالح لكنه انقلب عليهم وأقام تحالفاً جديداً مع الحوثيين، أعداءه اللدودين.
أوقف محمد بن سلمان شبكة المحسوبية القديمة واختار الحرب الصريحة، معتقداً أنه سيصبح سيد اليمن وتنوع سكانه.
وبالتالي، بالإضافة إلى صالح، حولت معظم القبائل الشمالية ولاءها للحوثيين.
يواجه اليمن اليوم أزمة إنسانية واقتصادية لم تشهدها العقود السابقة, ووفقاً للأمم المتحدة، يعيش ما يقرب من 16 مليون يمني في ظروف مجاعة ويعاني 2.5 مليون طفل من سوء التغذية.
تم تدمير البنية التحتية السيئة بالفعل في اليمن إلى حد جعل أي إعادة إعمار محتملة طويلة ومكلفة للغاية.
سوف يسجل التاريخ الملك سلمان ونجله على أنهما مدمران بلد وشعب وموارد. بدون بذل جهود جادة للمساهمة في إعادة إعمار اليمن، ستنجر البلد إلى عدة عقود من الاضطرابات والبؤس.
كما هو الحال في جميع الحروب الأهلية التي ترعاها جهات أجنبية والتي تؤدي إلى مصاعب اقتصادية شديدة، حمل اليمنيون السلاح وحصلوا على مكافآت مالية مقابل متابعة أجندات قد لا تتوافق مع مصالحهم الوطنية.
عندما تختفي جميع الأنشطة الاقتصادية وفرص العمل، فلن يكون إطعام أطفالك ممكناً إلا إذا أصبح المرء مقاتلاً يعمل لصالح جهة أجنبية.
أنهوا الحرب
إذا توقفت الحرب دون برنامج إعادة إعمار مفصل، فهناك خطر أن يفقد الكثيرون مصدر رزقهم ودخلهم.
قد لا يرى الفاعلون المحليون فائدة فورية من وقف إطلاق النار في غياب بدائل حقيقية تسمح لهم بالبقاء على قيد الحياة في بلد مدمر.
فشل العرض السعودي في توضيح كيفية استئناف السلام وإعادة الإعمار الاقتصادي بمجرد توقف الضربات الجوية.
اليوم، ولّدت حرب اليمن قوى جديدة يبدو أنها تتجاوز قدرة السعودية، مما ساهم في هذا التدمير أو احتوائه أو عكس اتجاهه.
مع قيام المجتمع الدولي بقطع مساعداته الخارجية وبرامج التنمية – والحكومة البريطانية واحدة منها- فإن احتمالات السلام في اليمن لا تبدو وشيكة.
ينبغي منح الأمم المتحدة تفويضا دوليا لإطلاق مبادرة سلام جديدة ينبغي أن تكون أهدافها الرئيسية سياسية واقتصادية.
سياسياً، يجب تشجيع اليمنيين على إحياء تلك اللحظة التاريخية في عام 2011 عندما سعت جميع الفصائل والجماعات إلى الديمقراطية في “ساحات التغيير” في معظم المدن اليمنية.
ومن الناحية الاقتصادية، يجب على المجتمع الدولي، بما في ذلك السعودية، أن يتعهد بالمساهمة في صندوق يبدأ رحلة طويلة وشاقة نحو التعافي.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع