بقلم باتريك وينتور

(صحيفة “ذي جارديان” البريطانية- ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ, مارك لوكوك, إن الوزراء قرروا “موازنة الميزانية العامة على حساب الشعب اليمني الجائع”, مشيراً إلى أن هذا العمل سيشهد مقتل عشرات الآلاف وإلحاق الضرر بالتأثير العالمي لسمعة المملكة المتحدة.

تحدث بصراحة نادرة بعد أن خفضت المملكة المتحدة حصتها من المساعدات المالية لليمن إلى النصف، حيث قال: “إنه صُدم من القرار”, ومن الواضح أنه لم يُمنح أي فرصة لمناشدة المملكة المتحدة لإعادة التفكير في قرارها.

ووصف قرار المملكة المتحدة بأنه “عمل من أعمال إيذاء الذات على المدى المتوسط والطويل، وكل ذلك من أجل توفير ما هو في الواقع – من أجل الخطة الكبيرة في الوقت الحالي – قدراً ضئيل نسبياً من المال”.

وأضاف : “رغم إن هذا القرار يستهدف اليمنيين بالوقت الراهن, إلا أن له عواقب ليس فقط على اليمنيين، ولكن على العالم على المدى الطويل”.

أعلنت المملكة المتحدة أنها ستمنح اليمن حوالي 87 مليون جنيه إسترليني كمساعدات هذا العام، أي اقل بـ 164 مليون جنيه إسترليني عن ما قدمته في عام 2020.

ومن جانبه, قال بوريس جونسون أن القرار يرجع إلى “الظروف المضطربة الحالية” الناجمة عن الوباء وأصر على أن الشعب سيرجح أن الحكومة حددت “أولوياتها بالطريقة الصحيحة”.

الصراع في اليمن هو أسوأ أزمة إنسانية في العالم، والتي حذر مسؤولو الأمم المتحدة من أنها تتحول بسرعة إلى أخطر مجاعة شهدها العالم منذ عقود.

تشارك حكومة المملكة المتحدة بشكل أساسي في الصراع، كمورد رئيسي وداعم للتحالف الذي تقوده السعودية والإمارات في الحرب.

من المرجح أن تشجّع ضراوة التدخل عدداً من النواب المحافظين الغاضبين من خفض المساعدات، والذين يأملون في عرض التداعيات على السكان في اليمن ومقاطعات مثل سوريا لإقناع الزملاء بالتراجع عن هذه السياسة.

تم الإعلان عن قرار خفض ميزانية المساعدة مؤقتاً من 0.7٪ إلى 0.5٪ من الدخل القومي في مراجعة الإنفاق في نوفمبر, كما هو منصوص عليه في القانون، حيث ستحتاج الحكومة إلى تصويت برلماني لتغييره، على الرغم من عدم الإعلان عن موعد لذلك حتى الآن.

قال لوكوك إن قطع المساعدات عن اليمن بنسبة 50٪ من شأنه أن يتسبب في “ضرر مباشر” ومن الواضح أنه سيكون هناك “تقليص كبير آخر للبرامج في دول أخرى “لا مفر من حقيقة أنه سيكون له تأثير على نطاق واسع من الخسائر في الأرواح وانتشار الفقر في الكثير من الأماكن”.

كشف تقرير وزارة الخارجية الذي تم تسريبه يوم السبت أن المسئولين يفكرون في تقليص برنامج المساعدات للصومال بنسبة 60٪ و لجنوب السودان بنسبة 59٪، سوريا 67٪، لليبيا 63٪ ونيجيريا 58٪.

قال لوكوك: “أعتقد أنه لا جدال في أن المملكة المتحدة لديها مسؤوليات معينة في اليمن, إنها صاحبة قرار في مجلس الأمن، كما تعتبر كمزود كبير للمساعدات الإنسانية في الماضي ولها مسؤوليات تاريخية, لذلك أعتقد أنه من المثير للصدمة أن يكون هناك مثل هذا التقليص الضخم في مجال المساعدات الإنسانية.”

من النادر أن يتم انتقاد بريطانيا من قبل مسؤول في الأمم المتحدة بهذه الطريقة، خاصة من قبل موظف بريطاني حكومي سابق.

وهو آخر من أعرب عن استيائه من قرار الحكومة, حيث وصفته منظمات الإغاثة بأنه “حكم بالإعدام” ووصفه وزير التنمية الدولية السابق في حزب المحافظين أندرو ميتشل بأنه “قرار لا يمكن تصوره”.

حذر لوكوك من الأضرار طويلة المدى التي لحقت بالمكانة الدولية للمملكة المتحدة: “تتمتع المملكة المتحدة بسمعة قوية لكونها جهة مانحة رائدة ولاعباً رئيسياً في التنمية الدولية”.

كان لتلك السمعة فوائد أوسع للمملكة المتحدة ومن الواضح أن هذا لم يعد هو الحال بعد الآن.

هناك تأثير كبير جداً على سمعتها، لاسيما لأن هذا التزام تم التعهد به في الأمم المتحدة.

“يمكن للجميع أن يرى أن ميزانية المساعدة قد تم تحديدها على وجه الخصوص, ولا تزال الحكومة تقترض بشكل غير مسبوق، لكنها خصصت ميزانية المساعدة لتقليصها”.

“إن خفض المساعدات سيكون له آثار وتداعيات على قدرة المملكة المتحدة في التأثير على دول أخرى، وأنه – على الرغم من عدم وجود دليل على ذلك- فإن هذه الخطوة قد تدفع بعض الدول إلى أن يحذوا حذوها”.

“ستكون النتيجة المزيد من الخسائر في الأرواح والفقر، والمزيد من عدم الاستقرار والتشضي، والمزيد من المشاكل الجوهرية في هذه البلدان الغير مستقرة”.

كانت الأمم المتحدة تأمل في جمع 3.85 مليار دولار (2.76 مليار جنيه إسترليني) لليمن من أكثر من 100 حكومة ومانح في مؤتمر تعهدات افتراضي عقد يوم الاثنين الماضي، لكنها تلقت 1.7 مليار دولار فقط.

قال لوكوك: “هذا يعني أن الكثير من الناس سيظلون يعيشون في حالة مجاعة بطيئة, لذلك ستكون هناك خسائر كبيرة في الأرواح, كنا سنتجنب الكثير من تلك المآسي لو تم تمويلنا بشكل أفضل”.

يخشى لوكوك أن يكون هناك تأثير غير مباشر على جهود الأمم المتحدة لجمع الأموال للاجئين السوريين في مؤتمر لجمع التبرعات سيعقد في وقت لاحق من هذا الشهر، وبشكل مباشر أكثر على جهود الأمم المتحدة لجمع الأموال لتمويل التخفيف من آثار تغير المناخ، وهي قضية تهتم بها المملكة المتحدة, حيث تسعى لتولي دور قيادي كرئيس لمؤتمر “Cop26” للأمم المتحدة في جلاسكو في نوفمبر.

وقال: “ستكون إحدى القضايا الكبرى بالنسبة ” “Cop26هي الوعد بتقديم 100 مليار جنيه إسترليني سنوياً للدول الفقيرة للتخفيف من تغير المناخ والتكيف معه، وهو وعد لم يتم الوفاء به”.

وحث جميع الأطراف للتوصل إلى تسوية دبلوماسية في اليمن، وحث الحوثيين على عدم المضي قدماً في هجومهم الدموي الحالي على مأرب، أخر معقل للحكومة اليمنية في شمال اليمن, “هناك نقاش حيوي يدور داخل حركة الحوثيين حول ما إذا كان عليهم الاستمرار في الهجوم على مأرب أو التوقف والموافقة على الصفقة المتاحة أمامهم, يمكنهم الحصول على الكثير الآن – سيتم رفع الحصار عن الموانئ البحرية والمطارات، وسيكون هناك وقف لإطلاق النار، وهناك اعتراف واضح بأن الحوثيين سيكون لهم دور بارز في حكومة تقاسم السلطة”.

ومن المقرر أن يتقاعد لوكوك قريباً وأن يعود إلى المملكة المتحدة لقضاء المزيد من الوقت مع أسرته.

ونادراً ما يدين قرارات مساعدة الدول الفردية، وقد أوضح نقطة انه بعد الآن لن يعلق على سياسة المملكة المتحدة.

قال متحدث باسم الحكومة: “لقد أجبرنا التأثير الزلزالي للوباء على اقتصاد المملكة المتحدة على اتخاذ قرارات صعبة ولكنها ضرورية، بما في ذلك التخفيض المؤقت للمبلغ الإجمالي الذي ننفقه على المساعدات, ما زلنا نعمل من خلال ما يعنيه هذا بالنسبة للبرامج الفردية ولم يتم اتخاذ القرارات بعد.

“مازلنا مانحاً رائداً للمساعدات على مستوى العالم وسننفق أكثر من 10 مليارات جنيه إسترليني هذا العام لمكافحة الفقر ومعالجة تغير المناخ وتحسين الصحة العالمية”.

*      المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع