دون جدوى: فشلت المحاولة السعودية التي استمرت عقداً من الزمن لإشعال ثورة الشباب اليمني
"لقد سحقت المملكة العربية السعودية ثورتنا و حولت حياتنا إلى جحيم لأن العائلة الحاكمة فسرت انتفاضتنا على أنها تهديد لنفوذهم وبسبب خوفهم من انتشار الثورة إلى السعودية" عائشة علي سعيد.
بقلم: أحمد عبد الكريم
(موقع – mintpressnews” منتبرس نيوز” الانجليزي- ترجمة: نجاة نور, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي سبأ)
صنعاء، اليمن- مر عقد من الزمان على اندلاع انتفاضة شعبية واسعة النطاق في اليمن وذلك بتزامن مع موجة الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية التي اندلعت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا والمعروفة باسم “الربيع العربي”.
دعت الاحتجاجات إلى الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية وسعت إلى الديمقراطية والسيادة والقضاء على الفقر والبطالة.
يرى رضوان علي الحيمي، شاب يمني وأحد قادة الانتفاضة، إن الأمل في عهد جديد من الحرية والديمقراطية لا يمكن أن تسحقه السعودية و سيتحقق مع مرور الوقت.
في أوائل عام 2011 – في ساحة بصنعاء خارج جامعة صنعاء مباشرة، في منطقة يطلق عليها اسم ساحة التغيير- تجمع آلاف الأشخاص للمطالبة بالإطاحة بالرئيس القوي المدعوم من السعودية علي عبد الله صالح، الذي بنى قوة لأكثر من ثلاثة عقود.
تحول الميدان إلى بحر من الخيام والأعلام واللافتات, وعلى الرغم من الاختلاف في انتماءاتهم فإن جميع المتظاهرين ناموا وأكلوا وتحدثوا وهتفوا معاً، بينما كانوا ينادون سلمياً بإنهاء نظام اعتبروه فاسداً وقمعياً ومرتهناً للسعودية.
قال رضوان الذي أصبح صوت الثورة لمينتبرس “نادرا ما شوهد حجم الاحتجاجات في اليمن قبل الانتفاضة, استهدفت انتفاضتنا الإطاحة بالنظام الفاسد, كنا نتطلع إلى إقامة دولة مدنية حديثة، المساواة، جيش وطني، سيادة، وتحرير وطننا من الوصاية السعودية”.
عقد من القهر والدمار:
على مدى عقد من الزمان، عملت السعودية على ضمان تفكك اليمن وتحويله من دولة تأمل في الانتقال إلى الديمقراطية خلال الربيع العربي إلى دولة مجزأة بسبب الحرب والتدخل العسكري: أرض الدويلات المتحاربة والمعاناة الجماعية واليأس.
اليوم، يعيش اليمنيون في ظروف أسوأ مما كانت عليه قبل عام 2011، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى ثروات السعودية النفطية.
بينما انتهى المطاف ببعض قادة الثورة اليمنية التي يقودها الشباب كلاجئين أو في صفوف القاعدة أو داعش، أو كمرتزقة متحالفين مع السعودية لكسب لقمة العيش، واصل معظمهم نضالهم من أجل الاستقلال.
قال العديد من الشباب الذين شاركوا في الانتفاضة لموقع مينتبرس إنهم يلومون بعض القوى السياسية اليمنية على فشل حركتهم، لكن الجزء الاكبر من غضبهم تجاه للسعودية.
قالت عائشة: “لقد سحقت السعودية ثورتنا، و حولت حياتنا إلى جحيم لأن العائلة الحاكمة فسرت انتفاضتنا على أنها تهديد لنفوذهم وبسبب خوفهم من انتشار الثورة إلى السعودية”.
انضمت عائشة إلى ثورة الشباب أملاً في حياة كريمة, ولكن بدلاً من ذلك، تكافح الآن لتأمين وجبتها التالية.
تعبئة الانتفاضة
بعد أن أطاحت ثورات الربيع العربي في مصر وتونس بزعمائهم الأقوياء المدعومين من السعودية، كرست الرياض نفسها لتطويق ثورة الشباب اليمني والحفاظ على دورها وتأثيرها المسيطر على جارتها الجنوبية.
في الواقع، بعد أشهر قليلة من اندلاع الانتفاضة (التي حملت شعار الاستقلال والسيادة كأحد أهدافها)، نقلت السعودية الرئيس صالح وأعضاء المعارضة التي يقودها الشباب إلى الرياض.
تم التوقيع على تسوية سياسية لتقاسم السلطة في نوفمبر 2011 أطلق عليها اسم المبادرة الخليجية.
لم تمنح المبادرة صالح حصانة غير مشروطة فحسب، بل استبدلته أيضاً بنائبه في ذلك الوقت عبد ربه منصور هادي، الذي كان أكثر ولاءً للسعودية.
تم تعيين هادي، وهو قائد عسكري جنوبي، من قبل صالح في أعقاب حرب 1994 كمكافأة على خيانته للجنوب وعلى الأرجح لأن عدم كفاءته وضعف شخصيته لم يشكل تهديداً كبيراً على صالح.
ولهذه الغاية، تضمنت مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي عدداً من الآليات المناهضة للديمقراطية، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية مع هادي باعتباره الاسم الوحيد المرشح للرئاسة.
ادعاء السعودية بالشرعية لرئاسة هادي ضعيفة في أحسن الأحوال, ففي أعقاب انتخابات عام 2012, تجاوز هادي مدة ولايته التي كان من المفترض أن تستمر عامين فقط.
تم تمديد فترة ولايته التي استمرت عامين لمدة عام واحد, وفي عام 2014، وبعد احتجاجات حاشدة في أعقاب ارتفاع أسعار الوقود، فر هادي من العاصمة جنوباً إلى عدن ثم في النهاية إلى الرياض بعد تقديم استقالته إلى مجلس النواب.
تم استخدام تلك الاستقالة كذريعة للدعوة إلى التدخل الأجنبي في مارس 2015, والآن، أصبحت ولاية هادي كرئيس مدعوم إلى أجل غير مسمى.
تحالف الشباب والحوثي:
بالنسبة للعديد من المشاركين في حركة الشباب اليمني، كان من الواضح أن مطالبهم قد تم تجاهلها, ليس فقط من قبل الأحزاب السياسية المعروفة باسم “أحزاب اللقاء المشترك” – بقيادة حزب الإصلاح، فرع الإخوان المسلمين في اليمن – ولكن أيضاً من قبل الولايات المتحدة والسعودية، اللتين كانتا تتابعان أجندتها الخاصة في اليمن وأعطت هادي الشرعية الدولية.
من دون حليف أو حركة، لم يقف الكثير من المشاركين في ثورة الشباب مكتوفي الأيدي فيما تلاشت أحلامهم.
وبدلاً من ذلك، قرروا توحيد الصفوف خلف أنصار الله (الحوثيين)، الشريك الذي رفض مبادرة دول مجلس التعاون الخليجي واعتبرها أكثر من مجرد محاولة لسحق الربيع العربي في اليمن.
التزم الحوثيون بمبادئ الثورة التي أطلقت شرارة الانتفاضة الأولى في عام 2011، وأحبطوا معاً مبادرة الخليج واستمروا في تنظيم المسيرات والمظاهرات حتى مؤتمر الحوار الوطني الذي رعته الأمم المتحدة في عام 2013.
ضم المؤتمر ممثلين محرومين من حقوقهم, ومن حركة الشباب والحوثيين والحراك الجنوبي, كل الأطراف المستبعدة من المبادرة الخليجية.
الدمار السعودي والغارات الجوية تفشل في إخماد عزم اليمنيين:
بدلاً من الدخول في المحادثات المستوحاة من النوايا الحسنة، واحترام سيادة اليمن ووجهات النظر بين مختلف الأطراف، زادت السعودية من استقطاب ونسف مؤتمر الحوار الوطني الذي استمر قرابة العام، والذي كان يهدف إلى جلب مختلف الفصائل اليمنية إلى توافق حول كيفية معالجة القضايا الأكثر إلحاحاً في البلد. وحاولت المملكة فرض اتحاد فيدرالي من ستة أقاليم في اليمن، وهو ما رفضته أطراف المؤتمر الأخرى، واعتبرته مشروعاً لتفتيت البلد.
ومع ذلك، كانت الأطراف اليمنية على وشك التوقيع على تسوية برعاية الأمم المتحدة عندما فاجأت السعودية العالم بإطلاقها عاصفة الحزم في مارس 2015.
جمال بن عمر- مبعوث الأمم المتحدة السابق إلى اليمن والذي عمل مع الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر بشأن قضايا حقوق الإنسان – أكد أن صفقة سياسية كانت قريبة من التوقيع قبل بدء الضربات الجوية السعودية.
لم تكن هتافات الاستقلال والوطنية العامل الوحيد للسعودية, فقد كانت المملكة مدفوعة بمخاوف من أنه في حالة تمكين أشخاص جدد والذين لم تكن الرياض من ذوي الخبرة في التعامل معهم، فقد تؤدي النتيجة إلى تطورات غير متوقعة ولا يمكن السيطرة عليها في اليمن.
ومن هنا جاءت الدوافع الأولى لحربهم الشرسة ضد البلد في عام 2015, إلا أن هذا النهج السعودي فشل في أن يأخذ في الاعتبار كيف اندمجت ثورة الشباب مع أنصار الله وبرزت بشكل يختلف اختلافاً جوهرياً عما كان يتوقعه السعوديون سابقاً.
مثل العديد من أفراد جيله، نزل رضوان إلى الشارع في باب اليمن بالعاصمة صنعاء للمطالبة بتحرير المناطق التي لا تزال تحت سيطرة قوات التحالف السعودي وخاصة محافظة مأرب الغنية بالنفط والتي تشهد حشدا غير مسبوق للمتطوعين الشباب والقبائل والجيش اليمني لتحريرها من السعوديين.
صرح رضوان: “نحن مصممون على تحقيق أهداف ثورتنا، ونعتقد أن النصر أصبح أقرب من أي وقت مضى”.
* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع