بقلم : آن – بينيديكت هوفر

(صحيفة “لا كروا- “La Croix الفرنسية – ترجمة: وائل حزام, الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ” )

بعيدا عن اليد الممدودة من واشنطن، فقد قرر الحوثيين تعزيز تواجدهم في شمال اليمن واستئناف الهجوم على مأرب.

بعد ست سنوات من بدء الصراع، الحركة العسكرية والدينية ليس لديها أية مصلحة في التفاوض من أجل تقاسم السلطة في المستقبل, مرة أخرى، تدق الأمم المتحدة ناقوس الخطر في اليمن.

استأنفت المعارك في اليمن بعدما كان قد أثار انتخاب جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة الأميركية الآمال في خفض التصعيد العسكري في الابلد، وربما حتى المفاوضات الرسمية بين الحكومة اليمنية المدعومة من المملكة العربية السعودية، وبين الحوثيين.

في الـ 8 من فبراير الجاري، حذر المبعوث الأممي الخاص لليمن، مارتن غريفيث، خلال مؤتمر عبر الفيديو مجلس الأمن من أن الهجوم على مدينة مأرب “يعرض الملايين من المدنيين للخطر، وبشكل خاص مع وصول القتال إلى مخيمات النازحين”.

ومرة أخرى مع هذا الصراع الرهيب، تتلاشى الاعتبارات الإنسانية خلف الضرورات الاستراتيجية.

هذه المدينة، مدينة مأرب الصغيرة التي نزح اليها نحو مليوني شخص من صنعاء وغيرها من المدن الأخرى، افلتت من قبضة الحوثيين منذ بدء الحرب الاهلية التي اجتاحت البلد في العام 2015 بسبب الدعم العسكري السعودي.

المخيمات بقدر ما تراه العين:

يقول الباحث في مركز كاريغني للشرق الأوسط في بيروت، أحمد ناجي، الذي زار في العام 2019، الخيام الممتدة على مد البصر في الصحراء، أنه “في غضون أربع سنوات فقط، زاد عدد السكان خمسين ضعفا، مما حول مأرب إلى مدينة كبيرة تديرها حكومة مدعومة من المملكة العربية السعودية، وزعماء القبائل ونخب سياسية وعسكرية”.

ولسوء حظ النازحين في المخيمات، فإن العاصمة السابقة لمملكة سبأ، الواقعة في منطقة غنية بالرواسب النفطية، هي نقطة انطلاق لخط انابيب رئيسية تمتد مباشرة إلى خليج عدن في الجنوب.

ويقول المتخصص في الشؤون اليمنية في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، فرانسوا فريسون روش: “من يسيطر على المدينة يتحكم في استخراج النفط اليمني”.

ويضيف الباحث، لماذا عندما أعلنت واشنطن انسحابها من التحالف الذي تقوده السعودية، اعطى الحوثيين انطباعا أنهم “لا يلعبون اللعبة؟.

إن هذا السؤال هو ما يطرحه المراقبون لهذا الصراع الطويل والوحشي مع تداعياته السياسية والدينية والقبلية والإقليمية المتعددة.

الاقتراب من المفاوضات من موقع القوة:

بالنسبة للباحث فرانسوا فريسون روش، يقول إن أنصار الله – الحوثيين – يرون في هذا الهجوم على مأرب وسيلة للاقتراب من مفاوضات ممكنة “من موقع قوة”.

ومع ذلك، لا يستبعد روش أن يكون قرار “الاستفادة من الضعف السعودي” قد اتخذ محليا، ويذكرون، أيضا، بأن السعودية “لم توقف قصفها”.

وبحسب ناجي فإن “أولوية الحوثيين، اليوم هي تحقيق المزيد من المكاسب، وليس الانخراط في اتفاقيات تقاسم السلطة”.

وأضاف “كيف يمكن للولايات المتحدة الأميركية أو مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن من “دفع أنصار الله إلى إبرام اتفاق سلام”.

وفي مقال كتبه ونشره مركز كارنيجي في بيروت، قال فيه إن الحوثيين “يسيطرون على معظم المناطق في شمال اليمن (…) وهم لا يريدون الانخراط في عملية من شأنها أن تحرمهم من دور مهيمن في الشؤون الداخلية لليمن”.

الولاء المطلق للقادة:

في المقابل، تقول الباحثة اليمنية ميساء شجاع الدين، عضو مركز صنعاء، إن أداء انصار الله في حد ذاته يترك بعض الباحثين يشككون بشأن إمكانية اجراء مفاوضات مع القوى السياسية اليمنية الأخرى.

وهي تلم حولها مشروع ديني – إعادة تأسيس الامامة الزيدية (فرع الشيعة) التي حلت محلها الجمهورية في العام 1962, وتتميز هذه الحركة أيضا بـ”الولاء المطلق لقادتها والإيمان التام بضرورة تحقيق أهدافها”.

يعتقد الباحث أحمد ناجي، أنه على المدى القصير “لا يعني أن الحوثيين لن يشاركون في محادثات سلام, بل على العكس من ذلك، يمكنهم مواصلة المفاوضات مع الحفاظ على زخم عملياتهم العسكرية على الأرض”.

*  المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا تعبر عن رأي الموقع