بقلم: جوليان بورغر وباتريك وينتور

( صحيفة “الجارديان” البريطانية- ترجمة: نجاة نور، الإدارة العامة للترجمة والتحرير الأجنبي “سبأ”)

أعلن جو بايدن عن إنهاء الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية التي تقودها السعودية في اليمن، كجزء من إعادة تشكيل واسعة للسياسة الخارجية الأمريكية.

وفي أول خطاب له عن السياسة الخارجية كرئيس، أشار بايدن إلى أن الولايات المتحدة لن تكون حليفاً بعد الآن لممالك الخليج.

كما أعلن عن زيادة بأكثر من ثمانية أضعاف في عدد اللاجئين الذين ستقبلهم البلد، وأن أيام تراجع الولايات المتحدة أمام التصرفات العدوانية لروسيا وتدخلاتها انتهت.

أعلن بايدن في تصريحات ألقاها في وزارة الخارجية “عادت أمريكا”، متوجاً أسبوعين من التغييرات الدراماتيكية في السياسة الخارجية منذ تنصيبه في 20 يناير “عادت الدبلوماسية إلى قلب سياستنا الخارجية”.

وقال بايدن إن الصراع في اليمن الذي أودى بحياة أكثر من 100 ألف شخص وشرد 8 ملايين “خلق كارثة إنسانية وإستراتيجية, هذه الحرب يجب أن تنتهي”.

ولتأكيد التزامنا، فإننا ننهي كل الدعم الأمريكي للعمليات الهجومية في الحرب على اليمن، بما في ذلك مبيعات الأسلحة ذات الصلة.

ومع ذلك، قال أن الولايات المتحدة ستواصل تقديم الدعم الدفاعي للسعودية ضد الهجمات الصاروخية والطائرات المسيرة من القوات المدعومة من إيران.

كما ستواصل القوات الأمريكية عملياتها ضد القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

ومن أجل إعادة بناء “القيادة الأخلاقية” الأمريكية، قال بايدن إنه سيعيد أيضاً برنامج اللاجئين الأمريكي، وأعلن عن أمر تنفيذي من شأنه أن يرفع عدد اللاجئين المقبولين في الولايات المتحدة في السنة المالية الأولى لإدارة بايدن -هاريس إلى 125000.

هذا أعلى من 110 آلاف قبلت في العام الماضي لإدارة أوباما والتي تضاءلت إلى أقل من 15000 في إدارة ترامب.

بينما كان بايدن يتحدث، أعلنت وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية أنها ألغت رحلة ترحيل إلى الكاميرون وجمهورية الكونغو الديمقراطية، بينما أجرت تحقيقاً في مزاعم الانتهاكات من قبل عملاء وكالة الهجرة والجمارك الأمريكية ضد المرحلين.

كان هذا الإعلان بمثابة تغيير كبير في النهج منذ تأكيد مجلس الشيوخ لوزير جديد للأمن الداخلي، أليخاندرو مايوركاس.

قال بايدن: “كانت القيادة الأخلاقية للولايات المتحدة بشأن قضايا اللاجئين نقطة إجماع بين الحزبين لعقود عديدة عندما وصلت إلى هنا لأول مرة, نضيء نور مصباح الحرية على المظلومين, نحن نقدم ملاذ آمن لأولئك الفارين من العنف أو الاضطهاد، ونكون مثال للدول الأخرى لفتح أبوابها على مصراعيها امامهم أيضاً”.

يعد إبعاد واشنطن عن الرياض أحد أبرز الانتكاسات في أجندة دونالد ترامب، لكنه يمثل أيضاً قطيعة مع السياسات التي اتبعها باراك أوباما، الذي دعم الهجوم السعودي في اليمن، رغم أنه سعى لاحقاً إلى فرض قيود على حرب جوية.

وسبق أن صوت الأغلبية من الحزبين في الكونجرس على قطع الدعم عن الحملة السعودية، مستشهدة بعدد القتلى المدنيين وقتل الكاتب في صحيفة واشنطن بوست، جمال خاشقجي, لكن ترامب استخدم حق النقض لعرقلة هذه الخطوة.

ستجمد الولايات المتحدة أيضاً مبيعات الأسلحة إلى السعودية، وتعين مبعوثاً خاصاً إلى اليمن، لممارسة مزيد من الضغط على السعوديين والإماراتيين والقوات الحوثية التي يقاتلونها، للتوصل إلى اتفاق سلام دائم.

قال مستشار الأمن القومي، جيك سوليفان، قبل خطاب بايدن: “لقد تحدثنا مع كبار المسؤولين في الإمارات والسعودية, نحن نتبع سياسة عدم حدوث مفاجآت عندما يتعلق الأمر بهذه الأنواع من الإجراءات.”

تعامل ترامب ووزير خارجيته، مايك بومبيو، مع السعودية وولي عهدها، محمد بن سلمان، كحليف رئيسي في حملتهما لشل إيران.

وتحقيقا لهذه الغاية، استخدم بومبيو سلطات الطوارئ لتفادي قرارات الكونجرس للحفاظ على تدفق إمدادات الأسلحة إلى الخليج.

على النقيض من ذلك، تحدث خليفة بومبيو، توني بلينكين، بصراحة عن ذنب السعودية في حرب اليمن.

لقد أجرى حتى الآن أكثر من 25 مكالمة تمهيدية مع نظرائه في جميع أنحاء العالم، ولم يكن وزير الخارجية السعودي من بينهم.

تعهد مدير المخابرات الوطنية في ادارة بايدن، أفريل هينز، بتقديم تقرير بكل شفافية وبدون سرية عن مقتل الصحفي خاشقجي والذي من المتوقع أن يدين ولي العهد السعودي.

ورحب ويليام هارتونج، مدير برنامج الأسلحة والأمن في مركز السياسة الدولية، بخطوة بايدن, لكنه أضاف: “الشيطان يكمن في التفاصيل”, ويقصد أن تنفيذها سيكون ليس بالسهولة التي يتوقعها البعض.

لكي تكون فعالة، يجب أن توقف السياسة الجديدة لجميع مبيعات الأسلحة إلى السعودية والإمارات، سواء المقترحة أو قيد الإعداد، بما في ذلك الصيانة والدعم اللوجستي؛ زيادة المساعدات الإنسانية لليمن وإلغاء تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، الأمر الذي يقوض بشدة قدرة جماعات الإغاثة؛ والضغط على السعودية والإمارات لبدء وقف إطلاق النار والتفاوض بحسن نية من أجل اتفاق سلام شامل”.

قال بلينكين إن التصنيف الاخير للحوثيين، الذي فرضه بومبيو في الأيام الأخيرة من إدارة ترامب، ستتم مراجعته على وجه السرعة.

إن القرار الأمريكي، في حالة تنفيذه بالكامل، سيزيد من الضغط على المملكة المتحدة لتعليق مبيعات الأسلحة إلى السعودية.

قامت شركة تصنيع الأسلحة راثيون بالفعل بإزالة بعض الطلبات من سجلاتها، وفقاً للأدلة المقدمة إلى لجنة تحديد الأسلحة البريطانية هذا الأسبوع.

وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة ليست جزءاً رسمياً من التحالف السعودي في اليمن، إلا أنها تقدم المساعدة الفنية للقوات الجوية السعودية، والتي تقول وزارة الدفاع إنها مصممة لمساعدة قدرة السعودية على تلبية معايير القانون الإنساني.

قالت آنا ستافرياناكيس، أستاذة العلاقات الدولية في جامعة “Sussex”: تخاطر المملكة المتحدة الآن بالبحث عن خطوات أبعد مع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وربما مع الولايات المتحدة الأمريكية، مما يجعلها تبدو معزولة للغاية.

بالنسبة لدولة تستثمر بشكل كبير في أن يُنظر إليها على أنها في طليعة سيادة القانون والترتيبات المتعددة الأطراف، أعتقد أن هذا موقف خطير للغاية بالنسبة لحكومة المملكة المتحدة لكي تدخل فيه .

لكن المملكة المتحدة ستتردد بشدة في أن تحذو حذو الولايات المتحدة لأنها قد رخصت ما لا يقل عن 5.4 مليار جنيه إسترليني من الطائرات المقاتلة وخاصة الطائرات من طراز تايفون والصواريخ، منذ بدء الحملة الجوية ضد اليمن عام 2015.

كما أعلنت إدارة بايدن عزمها على العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، وهو الأمر الذي عارضته الرياض بشدة.

لكن مسؤولي بايدن أشاروا إلى أن إعادة الدخول قد تكون بطيئة ومعقدة، ولم يذكرها الرئيس في خطابه.

وأشار بايدن إلى أنه سيتخذ موقفا أكثر صرامة ضد موسكو من ترامب، الذي تجنب باستمرار انتقاد بوتين.

بينما تحركت الإدارة بسرعة لتمديد معاهدة البداية الجديدة للحد من الأسلحة مع روسيا، أوضح الرئيس أن ذلك لن يمنع واشنطن من صد التهديدات الروسية وانتهاكات حقوق الإنسان.

“لقد أوضحت للرئيس بوتين أنني مختلف تماماً عن سلفي، أيام تراجع الولايات المتحدة أمام التصرفات العدوانية لروسيا وتدخلاتها في انتخاباتنا وهجماتها السيبرانية وتسميمها للمواطنين انتهت, لن نتردد في رفع الثمن الذي ستدفعه روسيا، وسندافع عن مصالحنا الحيوية وعن شعبنا”.

تم إلقاء الخطاب الأول لبايدن في وزارة الخارجية، في بادرة تقدير للدبلوماسيين الأمريكيين الذين صورهم دونالد ترامب في كثير من الأحيان على أنهم “دولة مرتشيه” معادية.

قال بايدن لدبلوماسيين أميركيين وموظفي الخدمة المدنية “أنتم الان مركز كل ما أنوي القيام به.. وفي إدارتنا، سيتم الوثوق بكم وتمكينكم للقيام بمهامكم”.

* المادة الصحفية تم ترجمتها حرفياً من المصدر وبالضرورة لا يعبر عن رأي الموقع.